رووداو ديجيتال
بعد نحو خمسين عاماً على إرسال موسكو أول مهمة إلى القمر، تحطم المسبار "لونا-25" على سطح القمر، مسلّطاً الضوء على المشكلات التي يعاني منها قطاع الفضاء الروسي نتيجة تفشّي الفساد والافتقار إلى الابتكار والحرمان من الشراكات مع الغرب وسط سباق دولي لغزو الفضاء.
تأتي هذه الكارثة بعد نحو عام ونصف عام من بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا الذي أدى إلى عزل موسكو مع فرض عقوبات قاسية أثرت على قطاعها الفضائي.
ويُسجل فشل هذه المهمة في وقت دخلت فيه عدة شركات ودول سباقا نحو القمر، كما يسلط الضوء على المشكلات التي يعاني منها قطاع الفضاء الروسي.
وأعلنت وكالة الفضاء الروسية "روسكوزموس" الأحد (20 آب 2023) أنّ "لونا-25"، أول مسبار تطلقه روسيا إلى القمر منذ 1976، تحطّم السبت على سطح القمر إثر حادث لم تحدد طبيعته طرأ خلال مناورة تمهيدية لعملية هبوطه التي كانت مقرّرة الإثنين.
وقالت الوكالة في بيان إنّه بعد "إعطاء دفع للانتقال إلى مداره الإهليلجيّ استعداداً للهبوط على القمر، انقطع الاتصال مع لونا-25 قرابة الساعة 14:57 (11:57 بتوقيت غرينيتش)".
أعربت "روسكوزموس" في عن أسفها لأنّ "الإجراءات التي تمّ اتّخاذها يومي 19 و20 آب للبحث عن المسبار والاتصال به لم تسفر عن أي نتائج"، مضيفة أنه "وفقاً للنتائج الأوّلية" للتحقيق فإنّ المسبار "لم يعد له أثر بعد أن اصطدم بسطح القمر".
يأتي هذا الفشل في وقت تعهّد فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواصلة برنامج الفضاء الروسي على الرّغم من مشاكل التمويل وفضائح الفساد التي يعاني منها بالإضافة إلى العزلة التي تواجهها روسيا منذ غزوها أوكرانيا.
وأوضحت وكالة الفضاء أن "لجنة وزارية" ستكلف إلقاء الضوء على "أسباب" الحادث الذي تسبب في "فقدان" المسبار، من غير أن تذكر أي أسباب محتملة للمشكلة الفنية.
وكانت الوكالة أعلنت السبت أنّ "وضعاً طارئاً وقع على متن المحطة الآلية، ما حال دون القيام بالمناورة بالمعطيات المحدّدة".
ولم تكشف روسكوزموس المزيد من التفاصيل حول ظروف الحادث، ما حمل على توقع الأسوأ للمسبار البالغة زنته حوالى 800 كلغ.
قال فاليري إيغوروف، الباحث السابق في برنامج الفضاء الروسي الذي يعيش حاليا في المنفى، إن الحادث سيؤثر بشدة على مهام روسكوزموس المستقبلية، مع عدم التخطيط للمهمة التالية حتى عام 2028 أو "حتى وقت لاحق".
وأشار إلى أن فشل المسبار مرتبط بمشاكل إلكترونية ربما تكون ناجمة عن العقوبات الغربية على موسكو، لافتاً الى أن إطلاق لونا-25 تأجل عدة مرات في السنوات الخمس الماضية "بسبب العقوبات المفروضة على روسيا ردًا على ضم شبه جزيرة القرم".
وضع المسبار بنجاح في مداره حول القمر الأربعاء بعد إطلاقه ليل 10 إلى 11 من أقصى الشمال الروسي، في أول مهمة فضائية لموسكو منذ 1976، حين كان الاتحاد السوفياتي رائداً في استكشاف الفضاء.
وكان مقرّراً أن تدور المركبة الفضائية على ارتفاع 100 كيلومتر فوق سطح القمر، قبل أن تهبط الإثنين شمال "فوهة بوغوسلافسكي" على القطب الجنوبي للقمر، ما كان سيشكل سابقة إذ تهبط كل المهمات حتى الآن في المنطقة الاستوائية منه.
مهمّة المركبة التي كان من المفترض أن تستمرّ عاماً، كانت تقضي بأخذ عيّنات من تربة القمر وتحليلها.
ويأتي فشل المهمّة بعد تراكم المشكلات أمام قطاع الفضاء الروسي في السنوات الأخيرة، ما بين الفساد المعمم ومشكلات التمويل المزمنة ونقص الابتكار واستخدام تقنيات يعود تصميمها إلى الحقبة السوفياتية. ومع الغزو الروسي لأوكرانيا، تفاقمت المشكلات.
فبعد شنّ روسيا هجومها على جارتها في شباط 2022، أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية وقف تعاونها مع موسكو لإطلاق لونا-25 والمهمتين التاليتين 26 و27.
غير أنّ بوتين وعد بمواصلة برنامج الفضاء على الرغم من العقوبات الغربية، مستذكرا أن الاتحاد السوفياتي أرسل أول رجل إلى الفضاء في عام 1961، وسط تصاعد التوتر بين الشرق والغرب.
وتشهد السنوات الأخيرة سباقاً جديداً إلى القمر، مع إبداء الولايات المتحدة والصين وكذلك الهند وكوريا الجنوبية طموحات كبيرة بهذا الصدد، فضلاً عن عدد من الشركات الخاصة.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً