رووداو ديجيتال
يعتبر ITER، المشروع الأكثر طموحاً في تاريخ إنتاج الطاقة النظيفة - وهو مشروع ضخم جداً يمكن أن يغير مسار البشرية إلى الأبد. بتكلفة تبلغ 20 مليار دولار، ويهدف المشروع الذي يشارك فيه علماء من 35 دولة، إلى إنشاء آلة أكثر سخونة بعشر مرات من قلب الشمس. هذا المسعى الجريء الذي يقع مقره في فرنسا، يهدف إلى إنتاج طاقة نظيفة لا نهاية لها تقريباً عن طريق محاكاة العملية التي تغذي شمسنا ونجومنا.
في منطقة خلابة بجنوب فرنسا، هناك مساحة كبيرة تبلغ حوالي 180 هكتاراً، مخصصة لمشروع يمكن أن يعيد تشكيل مستقبلنا. لإعطائك فكرة، هذا المكان أكبر من 400 ملعب كرة قدم. يضم هذا المشروع الضخم 39 مبنى ويعج بالمئات من الأشخاص المجتهدين. يُعرف المشروع باسم ITER، وهو اختصار للمفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي. لقد أتيحت لي فرصة نادرة لزيارة هذه المنشأة الضخمة في كاداراش والاطلاع على كيفية بناء الآلة الثورية.
ITER ، هو اختصار للمفاعل التجريبي النووي الحراري الدولي. الكلمة الأساس هنا هي "النووي الحراري". تتضمن العملية، التي تسمى الاندماج النووي، دمج شكلين من الهيدروجين لإنتاج الهيليوم، تسخين الذرات إلى 150 مليون درجة مئوية، وهي 10 أضعاف حرارة قلب الشمس.
لا يجب الخلط بين الاندماج النووي والانشطار النووي. فالأخير يتضمن تفتيت اليورانيوم، وهي طريقة مكلفة وخطيرة لإنتاج الطاقة تستخدمها حاليا العديد من البلدان. والأول هو موضوع هذا البرنامج.
يمكن إنشاء الصندوق الافتراضي باستخدام مغانيط قوية، كما اكتشفه الفيزيائيان السوفييتغشى أندريه ساخاروف وإيغور تام في خمسينيات القرن الماضي. نعلم جميعاً أن المغناطيس يمكنه جذب الأشياء وصدها. أطلق العالمان الروسيان على هذا الجهاز اسم توكاماك، وهو هيكل ضخم على شكل كعكة الدونات مجهز بمغناطيس فائق التوصيل لاحتجاز تفاعل الاندماج، الموجود في حالة المادة المعروفة باسم البلازما. فكر في البلازما كحساء ناري من الجسيمات المشحونة. يقوم المغناطيس بإبعاد البلازما عن جدران التوكاماك لأنها ساخنة للغاية لدرجة أنها قد تذوب أي شيء تلمسه. سيكون ITER tokamak أعجوبة عملاقة بعرض 30 متراً ووزن 23 ألف طن لاستكشاف أسرار الكون هنا على الأرض.
أثار التقدم العلمي الأخير تفاؤلاً جديداً بتحقيق الاندماج النووي هنا على الأرض. حدث هذا الاكتشاف في مرفق الإشعال الوطني (NIF)، وهو مختبر عملاق في كاليفورنيا يحتوي على 192 ليزراً قوياً. قام العلماء بتركيز أشعة الليزر هذه على كبسولة معدنية صغيرة تحتوي على حبيبة صغيرة من وقود الهيدروجين. يقوم الليزر بتسخين الوقود وضغطه إلى حد أنه يبدأ في دمج وإطلاق الطاقة. استغرقت العملية برمتها 20 مليار جزء من الثانية. ولكن لأول مرة، كان إنتاج الطاقة أكبر من مدخلات الطاقة: حوالي 50% أكثر. وهذا يعني أن العلماء حققوا ما يسمى الاشتعال أو اكتساب الطاقة، وهو معلم رئيس في أبحاث الاندماج النووي. تم إجراء التجربة لأول مرة في كانون الأول 2022، ثم تكررت في آب 2023.
لا يقوم ITER بإنتاج الكهرباء مباشرة. بل ينتج حرارة كبيرة تحول الماء إلى بخار. ثم يقوم هذا البخار بتدوير شفرات التوربينات لتولد الكهرباء. لكن ما هي التحديات الرئيسة التي تواجه ITER اليوم ومتى يمكننا أن نرى نتائج حقيقية؟
ITER حالياً في مرحلة التجميع. وهذا يعني أن جميع المكونات التي تم تصنيعها من قبل الدول الأعضاء المختلفة، يتم إحضارها إلى الموقع ثم يتم تجميع الآلة.
الجواب القصير، ليس منذ وقت طويل. في العام 1920، كان الفيزيائي البريطاني آرثر إدينغتون أول من اكتشف أن النجوم تستمد طاقتها من اندماج الهيدروجين في الهيليوم. في العام 1938، أثبت الفيزيائي الأميركي هانز بيث أن الاندماج النووي هو نفس العملية التي تزود النجوم بالطاقة، مما أكسبه جائزة نوبل في العام 1967. وترجع فكرة إنشاء ITER، وهي منظمة تعاونية دولية، إلى اجتماع بين زعيم الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف. والرئيس الأمريكي رونالد ريغان في جنيف خلال السنوات الأخيرة من الحرب الباردة.
ويرى بعض النقاد أن المشروع التجريبي الدولي للطاقة الذرية هو حلم بعيد المنال يستنزف الموارد من مجالات بحثية حيوية أخرى.
ويعترف العاملون في ITER بأن ITER هو مشروع طويل المدى يهدف إلى تحقيق طاقة الاندماج بحلول النصف الثاني من هذا القرن. وهم يعتقدون أن مشروع ITER يستحق الاستثمار لأنه يمتلك القدرة على توفير مصدر نظيف وآمن ووفير للطاقة للبشرية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً