اختناقات حكومية

31-03-2024
كاظم المقدادي
A+ A-

لست من الذين يعانون من غواية الاسقاط السياسي على حياتنا الاجتماعية، فلكل مرحلة سياسية، ظروفها، وملابساتها واحزابها، وحكامها، وكل ما  ينتج عنها من ممارسات ورسم سياسيات، ومن حروب و جرائم واخطاء وهفوات وهنات. 

ما يشغل البال، مع حكومات الحرام والحلال، هذا التسيًد السياسي  والعبث التراكمي، حتى بات موروثاً جاهزاً يمارسه الحزب الواحد والقائد الواحد والنظام السائد .

وحده السياسي المغفل الذي لايقرأ انتفاضات وثورات الشعوب ولا ينتبه إلى كواليس حكمه اللعوب، فمثل هذا السياسي (الاثول)، كثيراً ما يعتمد على تقارير مخابراته، واعجاب حاشيته واطراءات وزرائه  ولا يهمه سوى نعته بالزعيم الاسطورة والقائد الضرورة .

هذه النماذج من الزعماء تراهم يتباهون ويتفاخرون ببقاء الانظمة الدكتاتورية الشمولية التي ظلت محاصرة بفعل الانتفاضات الشعبية .
العراق،  القلق على مستقبله، منذ سقوط بابل سنة 559 قبل الميلاد  على يد القائد الاخميني كورش الاول، ثم سقوط  بغداد سنة 1258 على يد هولاكو، كان ومايزال يئن من صخب الكينونة، واغتيال الهوية بفعل الازمات وكثرة الاحتلالات والوصايات.
 
ولا يغرنك تبجح بعض الزعماء بالشعارات الوطنية والمظاهر الديمقراطية، طالما ان السيادة الوطنية ظلت منقوصة، واليد باتت مغلولة، والارادة امست مشلولة .

الاجراءات الحكومية الاخيرة لفك الاختناقات المرورية بتشيًد المجسرات نافعة ومطلوبة، لكنها بدأت بداية خاطئة فوقعت بالفخ، في لحظة البدء بمشاريعها في الرصافة والكرخ، فزادت الاختناق اختناقاً وكان يفترض ان تقوم بإجراءات مؤقتة منها تطبيق نظام الزوجي والفردي، او منع السيارات التي تحمل ارقاماً غير ارقام  العاصمة بغداد، ولو بشكل مؤقت الى ان ننتهي من بناء المجسرات، لكن وكما يبدو وفي معظم الحالات، فأن سوء التخطيط لا يفارق مناهجنا في جميع المناسبات، فالحلول الناقصة، هي التي تتجاهل الزيادة في حجم استيراد السيارات، وتتغافل عن الهجرة الى العاصمة من الارياف والمحافظات . 
لاشك ان التوقيتات المتفاوتة لدوام الموظفين لجميع الوزارات والدوائر والهيئات، والعودة الى النقل الجماعي، ستكون مجدية  ومفيدة، شرط ان لا تكون هناك استثناءات وخروقات، وقرارات  لاتنفذ من قبل بعض الاحزاب والشخصيات .

اذكركم بسدة الناظمية وطريقها المحاذي لنهر دجلة والموازي لشارع الجادرية الذي يوصلنا الى نادي الفروسية، فجامعة بغداد، في هذا الشارع  تقع قصور رئيس الجمهورية، ومجمع تيار الحكمة، وتسكن فيه مجموعة من رؤساء الوزراء السابقين، ومسؤولين لاحقين استولوا على قصور النظام السابق، حتى أمسى كل شيء في هذا الشارع  بحكم الواقع.

وطالما ما زلت في موضوع الاختناقات المرورية، والاختناقات الحكومية، فأن أخطر القرارات التي لم تدرس جيداً كان قرار رفع أسعار البنزين المحسن والسوبر، للحد من استخدام سيارات (الكشخة) وأصحاب (الكفخة)، من الذين لا يتأثرون أصلا لا  بأسعار شقق بوابة العراق، ولا بارتفاع أسعار بنزين السوبر الخلاق. 

من الاخطاء السياسية القاتلة ان نلعب بقوت الشعب و بأسعار وقود الشعب، وبكهرباء الشعب، والبنزين مادة احرقت انظمة وزعزعة حكاما، منهم الباشا الراسخ، ومنهم الزعيم الشامخ، ومنهم الوزير الكاشخ، الذي شهد عهده حرق عدد من  محطات البنزين الحكومية  لانه تجرأ وزاد من سعر البنزين بعد أن استولت عليه فكرة عبثية .

احد وعاظ السلاطين يقول ان قرار حكومة السوداني برفع  سعر البنزين لا يؤثر على دخل اصحاب السيارات الفارهة، التي  يتجاوز سعرها مائة الف دولار، ونسي ان ارتفاع سعر البنزين  ضريبة جديدة تدفع من جيوب الفقراء، بسبب زيادة اسعار نقل المواد الغذائية وغير الغذائية، وفرصة جديدة لوضع تسعيرات لكل ما يتعلق بحياة الناس اليومية .

ختم الكلام، قد تأخذ بعض القرارات التجريبية طريقها الى التطبيق، وتتجاوز الثلاثة اشهر شمسية، لكني غير واثق  من مرور قرار رفع اسعار البنزين بسلام ووئام بشهورها القمرية .

الخيار الصح  ان تتراجع حكومة السوداني عن هذا القرار، لانها  اصلاً حكومة خدمات وليست حكومة اختبارات، سوف تربك الشارع  وتزيد من تفاقم الازمات. 

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طلال الصميدعي

بين بغداد ودمشق.. حوار الدوحة يرسم ملامح مرحلة جديدة

في مشهد يعكس تغيراً نوعياً في مسار العلاقات الإقليمية، احتضنت العاصمة القطرية الدوحة يوم الثلاثاء 15 نيسان، لقاءً جمع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع، بوساطة من أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارة سريعة لم يعلن عنها، اللقاء الذي جاء بعيداً عن الأضواء الإعلامية، يحمل مؤشرات واضحة على أن المنطقة تسير نحو مرحلة جديدة، تُبنى على الحوار وتصفير المشاكل.