أزمة شحة الدينار العراقي وتأثيرها على إطلاق الموازنة

30-09-2023
مجاشع التميمي
الكلمات الدالة البنك المركزي
A+ A-
 
بات واضحاً ان الحكومة العراقية دخلت في ازمة جديدة هي غياب الدينار العراقي اضافة الى شحة الدولار، واسباب هذا الغياب للدينار هي ان الدينار الموجود في المصارف العراقية أقل من تسعة ترليونات دينار وهو يكفي لتغطية متطلبات الإنفاق الحكومي البالغ 8.5 ترليون دينار، حسب بيانات وزارة المالية للأشهر السبعة الماضية.
 
لكن المشكلة هي إطلاق أموال إضافية نتيجة الموازنة زيادة في التخصيصات كما حصل مع القرض الخاص بموظفي اقليم كوردستان الذي تسبب بحصول شحة في السيولة المالية من الدينار العراقي لذلك فوزارة المالية لم ترسل لإقليم كوردستان الا (250) مليار دينار رغم ان القرض الخاص بالدفعة الاولى هو 700 مليار دينار.
 
المشكلة حددها أستاذ الاقتصاد الدكتور نبيل المرسومي في أن قدرة المصارف المحلية على الإقراض أصبحت محدودة، لأنها أقرضت الحكومة والبنك المركزي والمصارف، كما انها اقرضت الحكومة 70 ترليون دينار، وهذا ما ادى إلى تقليل النقد المتوفر لديها، ما تسبب بعجز الحكومة اليوم في تسديد أقساط خدمة الدين الداخلي المفروض، حيث كان من المفترض ان تسدد الحكومة في عام 2023،(19) ترليون دينار، بينما المسدد فقط ثلاثة ترليونات وتسعمئة مليار دينار خدمة الدين الخارجي وليس الداخلي، ولذلك مشكلة اليوم هي الدينار العراقي، إضافة إلى الدولار الأميركي، فأصبحت المشكلة اليوم بالعراق معقدة، وأعتقد هذا سوف يكون حاجزا أمام تنفيذ الموازنة العامة، لأنها تتطلب إنفاق مال كبير (14) ترليون دينار شهرياً.
 
النقد المتوفر بالمصارف العراقية يكفي فقط لتغطية الانفاق التشغيلي والاستثمار وفق قانون الادارة المالية 1/12 إلى العام الماضي، واي توسع في الإنفاق سواء كان التشغيلي أو الاستثماري سوف يصطدم بمشكلة عدم توفر الدينار.
 
والمشكلة أن الانفاق على الرواتب كبير جدا حيث وصل إلى أكثر من (60) ترليون دينار وهذه نسبة كبيرة، والمشكلة أن موازنة 2023 فيها اقتراض أيضا يصل إلى (41) ترليون دينار، (31) ترليون منها هو اقتراض داخلي، في حين المصارف تعاني من مشكلة بالسيولة النقدية من الدينار العراقي، إضافة إلى مشكلة الاقتراض الخارجي، فأصبحت مشكلة كبيرة في العراق يمكن أن تبدأ تداعياتها خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، إضافة إلى أزمة سوق الصرف المعروفة اليوم، هناك أيضا شحة بالدولار الأميركي.
 
اما محددات الإصدار النقدية هو ليس فقط الاحتياطي النقدي للبنك المركزي وإنما أيضا الاحتياطي النقدي في البنوك التجارية، ومدى قدرة الحكومة على الاقتراض، وحجم القوة الاقتصادية معبر عنها بالناتج المحلي الإجمالي، وحجم الطلب، والقوة الشرائية الكلية، ومعبر عن هذا الطلب الفعلي ومستوى التضخم والمعاملات المالية، ومدى التوسع في المعاملات المالية، لذا أنا أتصور ان البنك المركزي في الفترة القادمة سوف يلجأ مضطراً إلى إصدار نقدي جديد وهذا سوف يكون له أثار تضخمية تراكمية كبيرة على الاقتصاد العراقي يتأثر منها بمستوى معيشة المواطنين وبالتحديد أصحاب الدخول الثابتة والفقراء منهم تحديداً.
 
الواضح إنه سوف تتوقف معظم المشاريع الاستثمارية في العراق وجزء كبير من الانفاق التشغيلي، لأن حسب مستويات الانفاق التي تنشرها وزارة المالية، انه (8.5) ترليون هو معدل الإنفاق الشهري، في حين الموازنة 2023 تطلب إنفاق (16) ترليون دينار شهرياً، والمرجح إن الانفاق في عام 2023 سوف يكون على مستوى 2022، أو على مستوى 2021 بسبب الضائقة المالية أو الضائقة المتعلقة بشحة السيولة النقدية بالدينار العراقي.
 
مشكلة اخرى أن المواطنين عندما تظهر فجوة كبيرة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار تضعف الثقة بالعملة المحلية لأن القوة الشرائية تتآكل، فالناس بدت تفضل الاستثمار في الأراضي وفي العقارات او تحويل الدينار العراقي إلى دولار وإلى الذهب، ولذلك نرى إن حجم التداول النقدي اليوم في العراق أكثر تسع مرات تقريباً من حجم النقد الموجود بالمصارف؛ بمعنى إن الناس ما عادت تثق بالمصارف، لأن ايداع الدينار العراقي اليوم بالمصرف سيتآكل بفعل التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار وانخفاض سعر صرف الدينار العراقي.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

أنور الجاف

العيد الذي فرّقنا

في زمنٍ تُعد فيه الثواني بالأقمار الصناعية، وتُرصد فيه المجرات بمراصد من فوق سبع سماوات وتقرّب ناساً آلاف السنين الضوئية في لمح البصر، لاتزال أمة الإسلام تختلف على ميلاد هلال في واحدة من أكثر المفارقات إيلاماً وسخرية، وليس الخلاف إذاً على الهلال ذاته، بل على منْ يُعلن رؤيته وعلى أية منبر تُعلَن ومن الذي يُقدّم البلاغ وأيّ سلطان يُبارك النداء.