الفيدرالية أنسب حل لسوريا

30-01-2025
ادريس عمر
الكلمات الدالة سوريا
A+ A-
 
الشعب الكوردي له وجود تاريخي عريق في المنطقة، لكنه تعرض للتقسيم والاضطهاد نتيجة لاتفاقيات دولية، مما أدى إلى حرمانه من دولة مستقلة والعيش تحت أنظمة سياسية مختلفة في الدول التي تم تقسيمه بينها.
 
ومن حقه أن يقرر مصيره كسائر شعوب العالم وفقاً للمواثيق الدولية، فإن حق تقرير المصير هو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي، وقد تم التأكيد عليه في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 1، الفقرة 2) وفي العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966. هذا الحق يتيح لكل شعب اختيار نظامه السياسي وتحديد مستقبله بحرية، سواء عبر الاستقلال، أو الحكم الذاتي، أو أشكال أخرى من الإدارة السياسية.
 
لكن في الواقع، ممارسة هذا الحق تخضع لعوامل سياسية معقدة، خاصة في المناطق التي تعيش فيها شعوب مقسمة بين عدة دول مثل الكورد. القوى الإقليمية والدولية غالباً ما تعيق تطبيق هذا الحق بالكامل بسبب مصالحها الاستراتيجية. لذلك فإن تحقيق أي تقدم في مسألة تقرير المصير للكورد، سواء في سوريا أو في أي جزء آخر من كوردستان، يتطلب توافقاً داخلياً قوياً، ودعماً دولياً، وحواراً مستمراً مع القوى الفاعلة في المنطقة.
 
في الحالة السورية، هناك اختلاف بالرؤى السياسية بين الأحزاب الكوردية حول شكل الحكم الأنسب، وهذا يعكس التحديات التي تواجهها في تحديد موقف موحد تجاه مستقبل البلاد. تعدد الطروحات بين الادارة الذاتية، واللامركزية، والفيدرالية يدل على اختلاف الأولويات والتقديرات لكل طرف، لكن غياب اتفاق واضح قد يضعف الموقف الكوردي في أي مفاوضات مستقبلية بشأن شكل الحكم في سوريا.
 
لذا المطلوب من القوى السياسية الكوردية في سوريا إنهاء حالة التشتت في المطالب، وتوحيد خطابها والاتفاق على رؤية واضحة لشكل الحكم الذي يضمن حقوق الكورد ضمن سوريا ديمقراطية.
 
وأرى أن الشكل الأنسب للحكم، بناءً على التجارب العالمية والواقع السوري، هو النظام الفيدرالي الديمقراطي، حيث يتمتع الكورد بحقوقهم القومية والإدارية ضمن وحدة سوريا، مع ضمان العدالة لكل المكونات.
 
الفيدرالية تتيح إدارة ذاتية حقيقية للكورد، ضمن نظام يوزع السلطة بشكل عادل بين المركز والمناطق، ما يعزز الاستقرار والتنمية.
 
هذا النموذج معمول به في دول متعددة مثل ألمانيا، وكندا، وسويسرا، وحتى الهند التي تبلغ عدد سكانها ملياراً وثلاثمائة مليون، وتتألف من عدة قوميات وأقوام وأديان ولغات لا تعد ولا تحصى، لها ثمانية وعشرون فيدرالية وثمانية مقاطعات بالرغم من ذلك يعيشون بسلام وبدولة واحدة، حيث هناك توازن بين الحكم المحلي والمركزي.
 
لكن لتحقيق هذا الهدف، يجب أن تتفق القوى الكوردية على مشروع موحد، يكون مقبولاً كوردياً وسورياً ودولياً، ويعتمد على الحوار مع باقي المكونات السورية للوصول إلى حل توافقي يضمن حقوق الجميع، ويؤسس لسوريا جديدة قائمة على الديمقراطية والتعددية.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

خيري بوزاني

جراحٌ تَنزفُ ذاكرةً.. وشبابٌ يَحملون الألم لِيَصنعوا وَطناً

لقد مرت أكثر من عقد على تلك اللحظات والأيام المظلمة التي دمرت الجسد المادي للمجتمع الإيزدي، وقد حملت هذه السنوات مأساة يصعب على أي شخص وصفها.. عقد من الألم والجروح التي لا يمكن شفاءها، ولكن أيضا عقد من المقاومة الصامتة.