عبّارة العراق

26-03-2019
عمر المنصوري
عمر المنصوري
A+ A-

منذ ذلك اليوم المشؤوم؛ وقاطع التذاكر يحصدُ مئات الأرواح وملايين الأموال، فيما المواطن العراقي مجبراً على قطع تذكرته مراهناً بوصوله إلى الضفة الاخرى عبر عبّارة العراق محاولاً رسم الفرحة بقلب حزين على وجه أطفاله الذين خُلقوا تُعساء في بلادِ القهرِ والفقرِ والعوزِ والجوعِ والقتلِ والخطفِ والتهجيرِ.

منذ ذلك اليوم المشؤوم؛ وقطاع التذاكر يوهموننا بأن الرحلة ستحط رحالها في " الجزيرة السياحية " حيث السعادة في بلاد العجائب، وعيش الأمراء، والوداع للمدن المدمرة، والأحياء الخربة، وطوابير اليتامى والأرامل والمعتقلين والمغيبين والمحرومين. منذ ذلك اليوم المشؤوم؛ وهم " يضحكون علينا بأسم الدين " ، لَبِسوا العمامة السوداء والبيضاء؛ والبسوا الشعب العراقي ثياب الحزن السوداء والأكفان البيضاء.

منذ ذلك اليوم المشؤوم؛ لم نرى غير المفخخات والمعتقلات والمليشيات والانتهاكات والفواجع ( 3 تموز 2016، ومجزرة سبايكر 12 حزيران 2014 ، وسقوط الموصل بيد داعش 10 حزيران 2014، نزوح 3 مليون ونصف عراقي منذ مطلع 2014، ومجزرة جامع سارية في ديالى بتاريخ 17 آيار 2013، ومجزرة الحويجة 23 نيسان 2013، وفاجعة عبارة الموصل 21 آذار 2019) وهناك العشرات من المجازر اليومية بالمفخخات وكواتم الصوت والسجون العلنية والسرية.

منذ ذلك اليوم المشؤوم؛ وقاطع التذاكر قد سَلَّ سَيْفَه المزعوم بالحرية والديمقراطية والنهضة العمرانية، وأن البصرة الطافية على بحر من النفط ستكون شبيهة بمدن سويسرا التي لا تمتلك كدولة أي بئر نفطي، وأن بغداد العاصمة ستكون أجمل من دبي ونيويورك كما قال عنها أمينها السابق نعيم عبعوب، قبل أن تتحول إلى مدينة "التكتك والستوتة وبيوت التنك " من معالم دار السلام.

منذ ذلك اليوم المشؤوم؛ أصبح العراق أسيراً لمصطلحات وشعارات طوقت أسواره وهدمت جدرانه حتى أصبحت ( خيام العزاء وخيام المعتصمين وخيام النازحين والخطوط الحمراء والرايات السوداء [ القاعدة وداعش] ) دلالات وعلامات وشعارات سنجدها في قادم الأيام في المناهج التربوية العراقية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب