جولات مكوكية لزعيم ائتلاف فتح، هادي العامري، بين الحنانة في النجف، وصلاح الدين في اربيل، للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وزعيم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني.
اجتماعات ماراثونية تمتد حتى ساعات الفجر في قصور قادة الاطار التنسيقي ببغداد، فجأة يظهر قاآني، خليفة سليماني في قيادة فيلق القدس الايراني، وكوثراني القيادي في حزب الله اللبناني في النجف، ووساطات سرية هنا وهناك مصحوبة برسائل ارهابية، منسوبة لتنظيم داعش الارهابي وتفجيرات تمتد من اقليم كوردستان والعظيم وحتى الحسكة السورية.
كل هذا من أجل ما يطلقون عليه الحفاظ على وحدة البيت الشيعي، والذي يعني مشاركة الاطار التنسيقي في الحكومة القادمة التي يريدونها "حكومة توافقية"، يعني ان يشارك الجميع، الذين ربحوا اصوات الناخبين والذين خسروا هذه الاصوات، وحسب اصرار نوري المالكي، زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الاطار التنسيقي، الذي قال في تغريدة له قبل يومين "الاطار التنسيقي قوي ومتماسك وموقفه موحد وافكاره العملية تشكيل الحكومة وادارة الدولة تقوم على اساس الشراكة وتكامل المكونات فيها جميعا"، مشددا على "التمسك بموقف واحد في (المشاركة أو عدمها) وهو (الاطار التنسيقي) حريص على ان تجتمع الاطراف جميعها في تشكيلات ائتلافية توافقية لمنع اي حالة تداع للعملية السياسية"، ونفهم من المقطع الاخير من تغريدة المالكي "لمنع اي حالة تداع للعملية السياسية" تهديدا واضحا لجميع القوى السياسية المصرة على تشكيل حكومة "أغلبية وطنية"، وخاصة التيار الصدري وحلفائه، وهذا يعني بالضبط، أما اشراك الاطار التنسيقي في الحكومة القادمة او انهم سيعملون على تهديم كل شيء.
جولات وتهديدات ووساطات الاطار التنسيقي التي تضغط وتتوسل من اجل اشراكها في الحكومة تاتي بعد اعترافات كان قد ادلى بها المالكي والعامري، يضاف اليهم اياد علاوي زعيم ائتلاف الوطنية وهو خارج الاطار التنسيقي لكنه من المصرين، أيضا، على المشاركة في الحكومة رغم خسارته الفادحة، بانهم فشلوا فشلا ذريعا في ادارة الحكم، وقالوا عبر الفضائيات وامام الملأ بانهم تسببوا بالمصائب للعراق والشعب العراقي وبانهم لا يصلحون للعمل السياسي، فلماذا الاصرار إذن على المشاركة في الحكومة وتوسل المناصب؟. بالتاكيد الرد سيكون بانهم حريصون على مواقعهم وامتيازاتهم وفسادهم والحصانة التي يتسترون بها خشية تقديمهم للقضاء نتيجة ممارساتهم غير القانونية التي اقترفوها على مدى أكثر من 18 عاماً واحالوا البلد الى خراب.
ثم ان الحديث عن حرص الاطار التنسيقي على وحدة وقوة البيت الشيعي ابعد ما يكون عن الروح الوطنية وشعاراتها التي تشدقوا بها ورفعوها قبل الانتخابات المبكرة الاخيرة وعناوين ائلافاتهم بالحفاظ على االدولة التي نخروا سفينتها وعرضوها لاعاصير الازمات وسمحوا لدول الجوار بالتدخل للاسهام بتدميرها؟، لماذا لا يتم الحديث عن وحدة وقوة البيت العراقي الذي كان الاطار التنسيقي المساهم الاكبر بتهديمه وقيادته نحو الهاوية؟ وخسارتهم في الانتخابات كانت الرد الوافي من قبل جمهورهم وعموم المصوتين برفضهم ورفض بقائهم في السلطة .
لن نكون هنا منحازين لأية جهة عندما نعتمد على نتائج الانتخابات وإرادة المصوتين، ونقول بأن التيار الصدري والسنة والكورد الذين يمثلهم الحزب الديمقراطي الكوردستاني، هم من عبروا باخلاص وبصورة عملية عن حرصهم الاكيد على بقاء وقوة ومتانة البيت العراقي بعيدا عن تخرصات الحفاظ على هذا البيت او ذاك، وترجموا برامجهم الوطنية بوضوح وبلا شعارات رنانة.
السؤال هنا هل سينهدم الجدار بين الاطار التنسيقي والتيار الصدري؟ وهل ستدفع ايران بنفوذها لاقناع مقتدى الصدر للتراجع عن قراره بتشكيل حكومة أغلبية وطنية؟ ام ان الاطار التنسيقي سيعترف بخساراته ويكف عن تهديداته ويتراجع عن المشاركة في الحكومة بشروطه التعجيزية ويقبل بموقع المعارضة؟ معارضة وطنية لا تخريبية؟.
هذا ما ستكشفه الايام القليلة القادمة، خاصة وان العملية السياسية في انتظار معركتين انتخابيتين قادمتين ساخنتين، الاولى اختيار رئيس للجمهورية، حيث يتنافس كل من مرشح الحزب الديمقراطي الكوردستاني هوشيار زيباري، ومرشح الاتحاد الوطني الكوردستاني برهم صالح، على منصب رئيس الجمهورية، إذ يعتبر الديمقراطي هذا المنصب من ضمن استحقاقاته الانتخابية، بينما يعد الاتحاد الوطني رئاسة الجمهورية استحقاقا طبيعيا له اعتمادا على اتفاقات سابقة مع الديمقراطي.
اما المعركة الاكثر جدلا فسوف تدور حول منصب رئاسة الحكومة، إذ يعتقد البعض من المراقبين بقاء مصطفى الكاظمي لولاية ثانية كونه في الاقل هو لم يتسبب بصناعة الازمات كما فعل كل من سبقه الى هذا المنصب، او ستدفع الاحداث والاتفاقات بوجوه جديدة الى المقدمة، وفي جميع الاحوال يتمنى الشعب العراقي عدم تكرار ترشيح اي اسم سابق ساهم بصناعة الازمات.. ونحن في الانتظار.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً