تأريخ سنجار والاختلافات حول تسميتها

23-10-2022
سجاد شنكالي
الكلمات الدالة شنكال اقليم كوردستان العراق
A+ A-
 
تعتبر شنگال (سنجار) من المدن الكوردية القديمة من حيث النشوء، حيث تعتبر مدينة تأريخية يمتد عمرها الى اكثر من ستة آلاف سنة، وتأتي في مقدمة اقدم المدن في الشرق الاوسط، حيث تثبت الدلائل والمستندات ذلك من خلال المنحوتات الحجرية مثل الأواني الحجرية وآلات الحفر وغيرها من المستلزمات الحياتية التي تم العثور عليها في الجبل وكانت تستخدم من قبل الانسان في تلك الفترة؛ وكانت حضارتها متطورة في مجالات الزراعة والصناعة والطرق والفلكلور الكوردي من حيث الاصالة والتراث الغني.
 
مرت على هذه المنطقة مجتمعات وثقافات قديمة، وتشهد آثار إمبراطوريات كالفارسية واليونانية والرومانية على ذلك المرور، ووصلها الفتح الإسلامي مع أبي موسى الأشعري في سنة عشرين من الهجرة على يد القائد عياض بن غنم في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وكانت سنجار انذاك بيد الفرس، وتعرضت في فترات متباينة لحملات عسكرية، ومنها ما عرف بموقعة سنجار عام 1057م، حيث قتل عدد كبير من أهلها بعد حصار وتجويع السلاجقة لها، الذي استمر شهوراً في عهد العقيليين.
 
مدينة سنجار تعتبر المدينة الوحيدة في العراق التي تحتوي على الجبل والسهل والصحراء والوديان، وعرفت سنجار بهذا الاسم نسبة الى الجبل؛ مدينة سنجار التي تأسست كقضاء تابع لمحافظة نينوى عام 1928 لا تبتعد عن الحدود السورية اكثر من (50) كم؛ وتقع في اقصى غرب كوردستان العراق؛ وتبعد حوالي (120) كم غرب مدينة الموصل.
 
الجبل في اعلى ارتفاعه يصل الى 1463 قدماً عن مستوى سطح البحر عند منطقة سن الكلوب وطول جبل سنجار 76 كم وعرضه 13 كم؛ وتقع مدينة سنجار ضمن الحدود الادارية لمحافظة نينوى؛ وحدود سنجار من الشمال وادي قلاجكي (قلاشكي) ومن الشرق قرية تبة، ومن الغرب قنبر علي وامام هارون، ومن الجنوب قرية النسيرية.
 
المؤرخون لم يكشفوا او لم يذكروا لحد يومنا هذا في المصادر عن الاقوام الاولى التي بنت هذه المدينة العريقة، ولكن توجد مصادر ذكرت فيها تأريخ الذين سكنوا هذه المدينة في الالف الثاني قبل الميلاد وهم الميتان ومن ثم الحيثيين؛ ومن ثم تمكن الآشوريون من السيطرة وانتزاع هذه المدينة من الحيثيين والذين كانوا على نزاع دائم معهم واستمرت حربهم وقتا طويلا، وبعدها وفي عام (538 ق.م) اصبحت سنجار تحت سيطر الفرس. وكان عماد الدين الزنكي الاتابكي هو اول من حكم هذه المدينة وجعل منها امارة مزدهرة وضربت بها العملة. 
 
سيطر الاتابكة على هذه المدينة عام (1229) ومن ثم بدأت سيطرة القائد الكوردي صلاح الدين الايوبي على هذه المدينة، وسيطر الايوبيون على المدينة بعد حكم الاتابكة وثم سيطر المماليك والذي انتهت سيطرتهم وسقوط حكمهم على يد المغول عام (660 هجرية) اي (1261 ميلادية) ودمر المدينة تدميرا كاملا وقتل اهلها بالكامل.
 
وفي الحملة المغولية الثالثة سيطر عليها تيمورلنك في عام (796 هـ - 1393 م) وقد شهدت مدينة سنجار قيام مستوطنات بشرية قبل آلاف السنين كما تجاوز عدد بيوتها (35) الف بيت، ولم يبق تيمورلنك في سنجار بيتا واحدا؛ وبعد سقوط سنجار بيد الامبراطورية العثمانية في حدود عام 1516 شهدت المدينة العشرات من الحروب (الفرمانات) التي كانت تشنها القوات ضد المدينة .
 
اصل التسمية
 
بعد تعرض سنجار لهجمات تنظيم داعش اصبح اسم سنجار (شنگال) على لسان كل فرد وشخص حول العالم وتصدرت أخبار تعامل التنظيم مع السنجاريين عناوين الصحف ونشرات الأخبار العالمية، لذا من المهم معرفة معنى اسم سنجار (شنگال)، حيث هناك آراء ومعتقدات وروايات مختلفة فهناك من يقول بأن تسمية (سنجار) جاءت من تسميات ذات اصول كوردية او عربية او تركية او فارسية او آرامية.
 
الكورد
 
الكورد يعتقدون أن أصل اسم سنجار يعود للتسمية الكوردية "شنگال"، وهي مركبة من كلمتين "شنگ" أي الجميل، و"آل" التي تعني "الجهة"، أي الجهة الجميلة.
 
وشنكار او "شنكاري" باللغة الكوردية تعني الزراعة و"كار" تعني العمل اي العمل الزراعي، وهناك رأي يقول ان اصل الاسم "زنگار" والتي تعني باللغة الكوردية الزنجار نسبة الى جبلها الذي يتلألأ عندما تضربها اشعة الشمس وذلك بسبب المعادن الكثيرة التي توجد في الجبل وخاصة عنصر (مادة) الحديد.
 
العرب "قبيلة شمر"
 
تعتقد قبيلة الشمر ان أصل التسمية تعود إلى أحد فروع قبيلتهم "سنجارة"، ويسكنون جوار المنطقة منذ زمن.
 
القاموس الفارسي
 
كلمة سنجار كلمة فارسية وفق اعتقاد الفرس، ويقصد بها طير من الطيور الجارحة وهو النسر (الصقر) وهذا الطير قوي ويحدث صوتا عندما ينقض على فريسته؛ وان اهل سنجار لديهم صفات الشجاعة واجسامهم قوية وهم اذكياء ويعتقد بأنه جاءت التسمية من هذا الطير الجارح القوي.
 
الروايات والآراء في التاريخ
 
هناك من يقول ان اسم المدينة اقترن بأسم احد احفاد نبي الله ابراهيم (عليه السلام) وكان اسمه (سنجار بن مالك) الذي وطأ ارضها وانشأ عليها المدينة.
 
اما في بعض الروايات جاء ذكر شخصا باسم "ابي مخزم السنجاري" كان يقود الجيوش من سنجار لصالح العلويين عندما قتلهم الاسماعيلية بجبال الساحل السوري والامير ابي مخزوم السنجاري قاد الجيوش من سنجار اكثر من الف عام، والاسم ليس له علاقة بسنجارة قبيلة شمر التي سكنت بجوار سنجار من 200 عام.
 
ومن هذه الآراء حيث وجد (سنكار) في المدونات المصرية وهو الاسم الذي كان يستخدمه قدماء اليونانيين والرومان وهناك رأي يظهر فيه ان الاسم يعود الى السلطان سنجر بن ميكائيل بن سلجوق الذي ولد في سنجار سنة 477 هجرية ويعتقد بأن هذا الرأي خاطئ الى درجة كبيرة ولا صحة فيه.
 
وذكر في رواية أنّ السلطان سنجرين ملك شاه بن ألب، أرسل ولده ليكون ملكاً عليها بعد سلطان خراسان، ويعود تاريخ سنجار إلى الألف الثالث (ق.م)، وزنج تعني أسود أو الصدئ نسبة الى قمة الجبل وهذا تفسير آخر لمعنى الاسم.
 
وذكر في رواية اخرى ان أصل التسمية يرجع لقصة سفينة نوح عليه السلام والطوفان، وتشير القصة إلى أن السفينة عندما مرت بالمنطقة اصطدمت في الجبل، فقيل "هذا سن جبل جار علينا"، ومنها جاءت تسمية الجبل "سنجار".
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

عبد القادر هوري

لماذا تقع قوات سوريا الديمقراطية في مرمى هدف حكومة الجولاني؟

عندما كان النظام السوري البائد يتربع على عرش السلطة في دمشق، قبل الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، كان الهجوم على قسد يأتي من جانبين متناحرين، هما النظام من طرف، والقوى المعارضة المسلحة من طرف آخر. أما العلاقات بين هيئة تحرير الشام وقوات قسد، فيمكن وصفها بأنها كانت علاقات باردة، تتخللها أحيانًا حرب إعلامية تستند إلى الجانب الأيديولوجي لكل منهما، وكان يترافق ذلك وجود علاقات تجارية بينهما.