المحافظون الفائزون بالانتخابات المحلية.. ضربة قاسية تقلق الأحزاب التقليدية

22-12-2023
مجاشع التميمي
الكلمات الدالة الانتخابات المحلية
A+ A-
ربما بات العيداني والمياحي والخطابي والجبوري حديث الساعة بما حققوه من منجز خدمي في محافظاتهم بالانتخابات المحلية العراقية الاخيرة لكن اعتقد أن اسباب النجاح لا يمكن ان يعصب بحسن الاداء لوحده بل بوجود عوامل اخرى، بادئ بَدْء اعتقد أن غياب مجالس المحافظات منذ أن صوت مجلس النواب العراقي في تشرين الأول عام 2019 على حلها قد سهل عمل بعض المحافظين الجادين والطامحين للنجاح لأنهم تخلصوا من الروتين والبيروقراطية والابتزاز الذي كانت تمارسه مجالس المحافظات منذ العام 2005 بشكل واضح وبعيد عن المسؤولية في المحافظات كافة.
 
في كربلاء من الإِجْحاف ربط المنجز بالمحافظ السيد نصيف الخطابي لوحده لان كربلاء ومن أول حكومة محلية فيها كان هناك منجز متحقق ولو بنسب مختلفة والسبب قدسية المحافظة ووجود العتبتين الحسينية والعباسية المرتبطتين بالمرجعية الدينية العليا واللذّين كان لهما الدور الكبير في الحد من التدخلات السياسية والحزبية بعمل الحكومة المحلية فضلاً عن العديد من الاستثمارات الناجحة التي نفذتهما العتبتين، رغم محاولة الأحزاب الشيعية الكبيرة التدخل من خلال رفع شعارات مذهبية القصد منها هو السيطرة والنفوذ، لكن السيد الخطابي كان ذكيا لدرجة أنه شارك العتبتين في الكثير من الامور للمساعدة للحد من هذه التدخلات لذلك نلاحظ أن كربلاء كانت مميزة بنسب الإنجاز في المشاريع الخدمية، لكن لغاية اليوم كربلاء لم تصل لمستوى الطموح في قضايا كثيرة، ومنها تحريك العجلة الانتاجية واقتصر العمل على الطرق والبناء وهذا منجز كبير. 
 
اما البصرة فالقضية ربما فيها منجز أكبر لان المحافظ اسعد العيداني حقق نجاحا كبيرا بوجود احزاب سياسية تقليدية وغالبيتها مسلحة وفي مشهد عشائري معقد، لكن ما سهل عليه توفر الموارد المالية فيها اكثر من المحافظات الاخرى كون 95% من الصادرات النفطية تستخرج من البصرة، مما جعلها في استهداف مباشر من قبل القوى السياسية وفي مقدمتها ائتلاف دولة القانون بزعامة السيد نوري المالكي وعصائب اهل الحق بزعامة الشيخ قيس الخزعلي اللذّين وضعا البصرة في اولى اهتماماتهما الانتخابية لكنهما لم يحققا الهدف، كما أن العيداني نجح في قضية استقلالية المحافظة عن نفوذ وتأثير الحكومة الاتحادية ومؤسساتها، لذلك فالتحديات والضغوط كانت كبيرة لكن العيداني وبما يمتلكه من كاريزما قوية وجهة سياسية ساندة له قد حقق منجزا مستثمرا غياب مجلس المحافظة، كما لا يخفى على الجميع موقع البصرة الجيوسياسي والمحاولات الاقليمية في اجهاض نمو وعود البصرة كمدينة اقتصادية خليجية. 
 
اما واسط وما حققه محافظها محمد جميل المياحي فهو ليس بالمميز لكن الرجل حاول وعمل في محافظة تراجع فيها الخدمات والقطاعات الانتاجية منذ 2003، لكن المياحي أيضا استفاد من غياب مجلس المحافظة وكذلك من الثقل السياسي لزعيمه السياسي السيد عمار الحكيم في توفير الحماية والاستقلالية من التدخلات الحزبية لقوى الاطار التنسيقي في المحافظة لان الجميع يعرف ان المياحي لا يمكن ان يغادر تيار الحكمة وما حصل في تشكيل قائمة انتخابية (واسط أجمل) ما هو الا مناورة انتخابية، فضلا عن الدعم الكبير لقبيلة السيد محمد جميل المياحي له باعتبارها الأكبر عددا وتأثيرا في المحافظة.
 
وإلى الشمال فيمكن القول إن السيد نجم الجبوري محافظ نينوى السابق هو النموذج الاكثر نجاحا فقد حقق تقدما في ملف الخدمات واستقرارا في محافظة يمكن وصفها بالمنكوبة والنموذج الذي قدمه الجبوري أعتقد أنه يستحق الثناء، فالمحافظة خرجت من حرب وقد دُمرت اغلب مناطقها خاصة الجانب الايمن منها، كما انها محافظة معقدة اجتماعيا على مستوى المكونات والصراعات الحزبية.
 
عموماً علينا أن ندرك أن التغيير في الواقع السياسي هو المتغير الوحيد في العملية السياسية في العراق رغم أن التغيير بطيء جدا لكن المواطن بدأ يضغط على عدم ترسيخ الفشل والاستحواذ السياسي، لذلك بدأت الاحزاب التقليدية بالشعور بالخطر لصحوة نسبية لجمهور المحافظات كما أن الانتخابات البرلمانية المقبلة ستشهد تغييرا واضحا في الخارطة الانتخابية فالسيد محمد شياع السوداني والسيد اسعد العيداني والسيد نصيف الخطابي وغيرهم سيكون لهم دورا كبيرا في الانتخابات البرلمانية، وهؤلاء سيصبحون زعامات جديدة على حساب جمهور قوى الاطار التنسيقي الشيعي.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

أنور الجاف

العيد الذي فرّقنا

في زمنٍ تُعد فيه الثواني بالأقمار الصناعية، وتُرصد فيه المجرات بمراصد من فوق سبع سماوات وتقرّب ناساً آلاف السنين الضوئية في لمح البصر، لاتزال أمة الإسلام تختلف على ميلاد هلال في واحدة من أكثر المفارقات إيلاماً وسخرية، وليس الخلاف إذاً على الهلال ذاته، بل على منْ يُعلن رؤيته وعلى أية منبر تُعلَن ومن الذي يُقدّم البلاغ وأيّ سلطان يُبارك النداء.