مرة أخرى يعود اللاعب الرئيسي في الملعب، ليتحكم بالحركة الاقتصادية للعراق، وتعود واشنطن لتفرض نفسها هي (الكابتن) وتقود المباراة، خصوصاً وان الشعب يعلم جيداً، من يقود هذه اللعبة ويتحكم بأشواط المباراة.
مرة نراها راضٍية عن الآداء الحكومي، وطريقة تعاطيها الاقتصادي مع البنك الفيدرالي الأميركي، أو مع متطلبات البنك الدولي، واخرى نراها تخرج لنا بضوابط جديدة، لتحكم حركة الدولار وتعلن عن ضوابط عقابية جديدة، لمصارف أهلية عراقية، تخالف عمليات البيع والشراء، في السوق المحلية للعملة.
الذريعة التي مازالت واشنطن متمسكة بها، هي أن العراق غير ملتزم بالضوابط، التي وضعها البنك الفيدرالي، في الحد من تهريب الدولار الى الخارج، وخصوصاً إيران الخاضعة لعقوبات أميركية شديدة، وتعتقد ان بغداد لازالت لم تعمل ما هو مطلوب منها، في إيقاف التهريب للعملة سواءً من تقليم كوردستان او منافذ اخرى، ترتبط بالجارة إيران.
العراق من جهته، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها حكومة السوداني، في منع تهريب الدولار إلى الخارج، وملاحقة التجار والمهربين، ومسك السوق الداخلية، والتأكيد على إستخدام الدينار بدل الدولار، في التعاملات التجارية اليومية، الا ان هذه الجهود مازالت قاصرة، في كبح جماح هذا التهريب، لذلك سعى لإيجاد خطط بديلة من خلال التعامل بعملة أخرى غير الدولار، من أجل تخفيف الطلب عليه، وفتح المجال للتداول بعملات أخرى، وتقديم الدعم لتمويل التعامل الخارجي للبلد، باستخدام عملات مثل (اليورو، اليوان الصيني، الدرهم الإماراتي).
بالرغم من كل الإجراءات، التي يقوم بها البنك المركزي العراقي، الا انه مازال يفتقر الى آلية التحكم بحركة الدولار في السوق، وجميع خطواته الاصلاحية فشلت، في السيطرة على سعر الصرف، ولم تؤدي إلا الى تفاقم الازمة، وتراجع الثقة بين العراق والبنك الدولي، ما دعا الأخير ليقوم بخطوات تصعيدية وصارمة، تجاه طلبات المعاملات الدولية الواردة من العراق، حيث تم رفض كثير منها، بحجة عدم مطابقتها مع معايير التعامل الاقتصادي الدولي، بالاضافة الى إدراج عدد من المصارف في القائمة السوداء، والتي يشتبه بقيامها بتعاملات نقدية غير مرخصة.
السياسة النقدية الخاطئة، التي يمارسها البنك المركزي العراقي، من شأنها أن تعكس الواقع المالي السلبي، وبدائية الجهاز المالي وفقره لأبسط الوسائل الحديثة في التعامل المالي اليومي، بالاضافة الى سيطرة مافيات الجريمة، على السوق العراقية الداخلية، وتحكمها بحركة الدولار في داخل السوق، كما أن الحكومة الحالية تخطط للسيطرة على الدولار، في سبيل تحقيق التنمية الاقتصادية، وترصين وتثبيت قيمة الدينار، عبر توسيع نطاق استخداماته التجارية، إضافة إلى منع تهريب الدولار إلى الخارج، أو تخزينه أو التلاعب بأسعاره.
الجانب الإيجابي هو محاولة إبعاد تأثير الدولار على السوق العراقية الداخلية، ومنع تداوله في محاولة لإعادة هيبة الدينار، وأن يكون هو المسيطر على السوق الداخلية على الأقل، ما يعني أن هناك فرصة مهمة لإعادة هيبة الدينار، كسابق عهده واقتصار الدولار على التعاملات الخارجية مع العالم، كما أن الإيجابي في هذه القرارات، هو ان دعم الدينار سينهي سيطرة التجار على السوق الداخلية، والتلاعب بمقدرات وأرزاق المواطن البسيط.
العراق يتطلع للانضمام إلى كتلة البريكس، في خطوة لإنهاء الاعتماد على الدولار الأميركي، خصوصاً وأن هناك مقبولية لدى المواطن، بالاعتماد على الدينار العراقي في تعاملاته، ومن المؤمل أن تعقد قمة بريكس اجتماعها في كيب تاون بجنوب أفريقيا في آب 2023، وقدمت 19 طلباً رسمياً للانضمام للتحالف، ما قد يؤدي إلى الإضرار بقيمة الدولار وآفاقه المستقبلية، أمام قوة عملة البريكس، التي أشر عنها وإن لم يتم إصدارها بعد، لكنها تدق ناقوس الموت السريري للدولار الأميركي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً