ماذا بعد الانتخابات؟

21-10-2024
خالد الدبوني
الكلمات الدالة انتخابات برلمان كوردستان الحزب الديمقراطي الكوردستاني الاتحاد الوطني الكوردستاني الجيل الجديد
A+ A-
أخيراً إنتهت انتخابات برلمان كوردستان بعد طول إنتظار وسجال وجدال  حول موعدها وتفاصيل قانونها ورهان بين الخصوم والأصدقاء بأنها ستغّير المعادلة لتضُعف القوي وتُقوي الضعيف، بحسب الحجوم الإنتخابية والتي كان من المؤمل تغيّرها رأساً على عقب مثلما كان يحلم به الآخرون.
 
يوم التصويت ظهر أن الشعب الكوردي في أربيل ودهوك لم تتغّير قناعاته وأعاد الثقة بزعاماته الكُوردية، أما في السليمانية فقد أخذ الجيل الجديد حصة كبيرة من جمهور الإتحاد، وبالتالي التغيير في المعادلة السياسية جاء على حساب الإتحاد الوطني بينما بقيت الاحزاب الإسلامية على حالها .
 
اللافت للنظر هو سلاسة سير يوم التصويت ونزاهته، حيث لم نرى البطانيات تتوزع على السائل والمحروم ولا كارتات الموبايل او ظرف الخمسين الف دينار يلعب لعبته بين الناخبين.
 
ما يحسب للديمقراطي الكوردستاني هو هدوء حملته الإنتخابية وإعتماده على جمهوره الثابت، بينما ذهب الاتحاد الى عرض العضلات والدعاية الانتخابية المعتاده إقليمياً.
 
على العموم إنتهى يوم التصويت بسلام وبنسبة مشاركة تعتبر (خُرافية) مقارنةً  بإنتخابات بغداد، ولا أعلم متى يصل أهالي باقي محافظات العراق الى قناعة بأهمية الإنتخابات ودورها في الإصلاح وتغيير العملية السياسية ليصلوا الى هكذا نسبة في الإستحقاق الانتخابيّ مستقبلاً؟.
 
وبالعودة الى أربيل فمن اليوم سيبدأ  التمهيد والتخطيط للمفاوضات القادمة والتي لابد منها بعد ان أظهرت الحجوم الإنتخابية بأنه لا يمكن لأي حزب المضي بتشكيل الحكومة الجديدة منفرداً، وبالتالي سيلجأ الجميع الى اللقاءات وجلسات التفاوض السياسي للوصول إلى حكومة وحدة وطنية، وبالطبع ستكون المحاصصة حاضرة بقوة وبحسب عدد المقاعد التي حصل عليها كل حزب .
 
ربما سيكون للفائز الثالث (الجيل الجديد) دور في هذه المفاوضات، ولكن برأيي لن يمنحه أي من الحزبين الرئيسيين الفرصة لتقوية موقعه في السلطة التنفيذية، وسيّشكل بإعتقادي الحزبان الرئيسيان في كوردستان الحكومة الجديدة مع منح الاحزاب الصغيرة بعض الحقائب الوزارية مثلما حدث في الحكومات السابقة تماماً .
 
أخيرا وبعيداً عن أحلام (العصافير) أحلام من كان ينتظر  فقدان الديمقراطي الكوردستاني للزعامة السياسية يبدو إنهم سيضطرون للتعامل مع الأمر الواقع وسيبقى (الپارتي) متزعّما للعملية السياسية الكوردية، وحاملاً لمسؤولية إدارة إقليم كوردستان وسيبقى (اليكيتي) منافساً له، ولكن من الدرجة الثانية بعد أن خرج من هذه الإنتخابات بتراجع في جمهوره وعدد مقاعده .
 
اللافت للنظر اليوم هو عدد الأصوات التي حصل عليها الجيل الجديد، وبالرغم من ان أصواته أرتفعت عن آخر إنتخابات، إلا إنه حصل عليها من جرف حزب  الإتحاد بعينه وفي معاقله، وبالتالي أصبح يهدده أكثر من باقي الأحزاب التي حافظت تقريباً على مقاعدها السابقة مع ملاحظة ان الجيل الجديد أعرب عن مشروعه في الذهاب الى المعارضة البرلمانية والإبتعاد عن السلطة التنفيذية .
 
الآن سيكون للديمقراطي مساحة مريحة في التفاوض بعدد مقاعده الأربعين، إضافة الى الكوتا، بينما على الآخرين ان يقدموا التنازلات المناسبة في سبيل الحصول على الشراكة المطلوبة لتشكيل الحكومة الجديدة، والمتوقع ان يعود الاتحاد الى تحالفه القديم مع البارتي بشخص السيد قوباد طالباني الى نائب للرئيس مع عدد من الحقائب الوزارية في الكابينة، بينما تكون رئاسة البرلمان من حصة الإسلاميين، مع الأخذ بعين الإعتبار تقلبات الظروف الحالية .
 
أهل إقليم كوردستان ومعهم باقي العراقيين يتمنون بالطبع تشكيل الحكومة بأقرب وقت ممكن، وأن لا يتكرر  في أربيل ما حدث في بغداد من سيناريو مخيّب لآمال الشعب العراقي امتدّ لأكثر من عام بعد الانتخابات التشريعية.
 
التحديات السياسية والأمنية المحيطة بكوردستان تحتاج وبسرعة لعقد البرلمان الجديد وصولاً لتشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وسط ظروف إقليمية ودولية قابلة للإنفجار في أي لحظة، وعلى الأحزاب الفائزة أن تفّكر بمصلحة اقليم كوردستان والعراق أولاً بعيداً عن مكاسب حزبية ضيقة أو تنفيذ أجندات خارجية لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طلال محمد

أهمية مشاركة الكورد في إدارة سوريا الجديدة

في ظل ما مرت به سوريا من حرب مدمرة منذ عام 2011، برزت الحاجة الملحة إلى إعادة بناء الدولة السورية على أسس جديدة قائمة على العدالة، المواطنة، والتعددية. وفي هذا السياق، تبرز قضية مشاركة الكورد في إدارة البلاد كأحد أبرز التحديات والفرص على حد سواء. فالكورد، بوصفهم ثاني أكبر قومية في سوريا، ليسوا مجرد مكوّن ديمغرافي، بل شريك أصيل في التاريخ والجغرافية والسياسة، ولا يمكن الحديث عن مستقبل سوريا دون مشاركتهم الفاعلة في بنائه.