القضاء العراقي بين الضغط السياسي والتحديات القادمة

17-11-2023
محمد حسن الساعدي
A+ A-

رغم تعدد السلطات واستقلالها عن بعضها في العراق، لكن الواقع يثبت أن المحكمة الاتحادية والتي تشكلت بموجب قانون المحكمة الاتحادية رقم (3) لسنة 2005 اعلى سلطة في البلاد تقوم بمهام قانونية وسياسية، وبالتالي هي لا تبت بالقضايا بغض النظر عن التبعات، ما يجعلها تأخذ بعين الاعتبار "المصلحة العامة للبلاد" وتعمل على تحقيق التوازن حفاظاً على الاستقرار.

مرة أخرى ينطق القانون العراقي ويعلن موقفه وبصمته من القضايا التي مدار بحثه واهتمامه، فقد اعلن مسبقاً موقفه الرافض لاتفاقية خور عبدالله الموقعة مع الجانب الكويتي وعدّها مخالفة للدستور العراقي، فيما هو اليوم يعلن موقفه من السيد محمد ريكان الحلبوسي المتهم بقضايا عدة أهمها قضية تزوير استقالة النائب ليث الدليمي، وعد هذا القرار باتاً وقطعياً ولا يمكن الرجوع فيه أو التمييز.

ربما هناك من يتساءل ان مثل هذه القرارات التي أصدرتها المحكمة الاتحادية العليا تقف خلفها نوايا سياسية تريد النيل من هذا الطرف أو ذاك.

للإجابة على هذا التساؤل ينبغي الرجوع إلى خلفية هذه المحكمة وهؤلاء القضاة الذين يقفون خلف هذا القرار، فالغالب هم من القضاة القدماء المخضرمين الذين لهم باع طويل في توضيح بنود الدستور، وحل الخلافات والقضايا القانونية ليس الآن بل منذ تأسيس السلطة القضائية في العراق، فهم أصحاب خبرة ودراية بهذا الشأن، ولا يمكن النظر إلى قراراتهم بعين الشبهة أو الاستهداف السياسي من هذه الجهة أو تلك.

نعم.. هناك ضغوط تمارس على السلطة القضائية، ولكنها لا تخضع لمثل هذه الضغوط، وتعلن موقفها بكل صراحة وبدون مقدمات، بل وتسعى إلى حل القضايا المختلف عليها بين مختلف السلطات في البلاد، كما هو دورها الدستوري في حل الخلافات بين إقليم كوردستان والمركز.

كما أن للبرلمان الدور الرئيسي في تنظيم حركة الدستور العراقي، ومساندته في الوقوف بوجه أي محاولة لتخطيه، لتحل محله القرارات الارتجالية المهزوزة والانفعالية التي أدخلت البلاد في أتون صراع سياسي لأكثر من مرة، وأن يمارس دوره التشريعي وتفعيل قوانينه التي لم تر النور لحد الآن، وأن يكون هو الراعي الحقيقي للدستور وللقوانين في البلاد.

أعتقد وكما يرى الكثير من المراقبين للمشهد السياسي أن البلاد بدأت تأخذ طريقها وخطواتها نحو الاستقرار السياسي، والنهوض بواقعه الاقتصادي وبدء عملية تنمية شاملة لكل القطاعات والمؤسسات الحكومية، وأن تسعى حكومة السيد السوداني بجدية من أجل أتمتة وحوكمة القطاع العام وبمشاركة جادة ورصينة مع القطاع الخاص للنهوض فعلاً وإيجاد الاستقرار بكافة ألوانه.

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

طالب محمد كريم

"مبروك عليك سوريا".. حين تُنتهك السيادة تحت غطاء الواقعية السياسية

قالها ترمب لأردوغان كمن يمنح هبةً لا يعنيه مصيرها: “مبروك عليك سوريا”. كأن سوريا ليست دولة ذات سيادة، عضواً في الأمم المتحدة، موقعة على ميثاقها، بل مجرّد جغرافيا سائبة يتداولها الكبار، بلا شعبٍ، بلا حقوق، بلا تاريخ.