نظرة على ايران

15-01-2017
عارف قورباني
الكلمات الدالة عارف قورباني نظرة ايران
A+ A-

تمتلك ايران نفوذاً كبيراً في هذه المنطقة، وتلعب دوراً رئيسياً وحاسماً في تسوية الصراعات الإقليمية والمشاكل الداخلية للدول، مثلها مثل الولايات المتحدة الامريكية، فهي تعطي الشرعية للتدخل في الصراعات (سواء عن طريق البر او البحر او الجو) الداخلية للدول الاقليمية والمشاكل العابرة لحدودها.

فهي تتعارض حاليا (براً) مع القضايا في باكستان، وافغانستان، وتركمانستان، واذربيجان، وارمينيا، وتركيا, والعراق, وايضاً إقليم كوردستان، أما عن طريق البحر فقد تمكنت من الوصول الى سلطنة عمان وقطر والبحرين والكويت، وأيضا الوصول إلى سوريا واليمن ولبنان، ولا نستطيع ان نتناسى بأن لديها اقتصاد قوي، وقد تمكنت من توسيع شبكة تجارتها مع روسيا والصين وكذلك الهند.
 
اما من الناحية العسكرية، فقد تمكنت ايران من تطوير التكنلوجيا العسكرية والقوى العاملة لديها في هذا المجال، واصبح لديها جيوش مستعدة لتضحي بنفسها لتعزيز المكانة العسكرية لإيران في المنطقة، فيتواحجد حاليا داخل الجيش الإيراني في سوريا كل من الافغاني والعراقي والسوري واللبناني، وجميعهم يقاتلون معاً.

لم تعد ايران تلك الدولة الضعيفة التي تتأثر بالحصار المفروض عليها، فقد اصبحت من البلاد التي تؤثر على الأمن والسلام في دول العالم، وهي في نزاع كبير لتقاسم السلطة في العالم، وتريد الانفتاح على اوروبا والولايات المتحدة الامريكية، ودول العالم ايضا تريد فتح ابوابها امام الاسواق الايرانية بدلا من تشديد العقوبات عليها.

السؤال الذي يتم طرحه في المرحلة الحالية هو كالآتي: كيف لنا ان نتصرف ونحن إقليم صغير مع هذا البلد القوي الذي يحدنا جغرافياً، وايضاً بالنسبة للمسألة الكوردية؟ في الماضي، كنا اكثر التزاما مع ايران بسبب مشاكلها مع العراق والدعم الذي كانت تقدمه لنا لتعزيز الثورات في العراق، أما في الوقت الحاضر نجد انفسنا امام واقع لا نستطيع تخليص انفسنا منه، بسبب التدخلات الايرانية في شؤوننا وتخوفهم من ان يصبح إقليم كوردستان منبراً لخصومه.

السياسة الصحيحة تكمن في التعامل مع هذا الامر الواقعي، بحيث لا نعيد الخطأ الذي ارتكبه العرب الذين لم يكونوا على استعداد للتعامل مع واقع وجود اسرائيل في المنطقة، فقد كان هذا سببا في استمرار مشاكلهم ليومنا هذا، فإذا كنا نطمح بأن تمر هذه المرحلة الحساسة بسلام فعلينا ان نعترف بأن ايران تمتلك المفتاح لهذه المشاكل الإقليمية. وهذا يعني بأننا بحاجة الى علاقة ودية وجيدة مع ايران.

ان تكوين علاقات ودية جيدة لا يعني الإستسلام والانصياع لأوامر ايران، كما يصوره بعض السياسيين والمحللين، انه يمثل الحفاظ على التوازن بين ايران والمنطقة، فإقليم كوردستان إذا ما لم ينضم الى خصوم ايران فهو لن يشكل اي خطر على هذه الدولة، ولن يصبح في يوم من الايام جزءا من مشاكلها، فلإقليم كوردستان اهمية كبيرة لإيران وحتى قبل ظهور داعش في المنطقة، فعين ايران كان عليها دائماً لتكون ممراً لعبورها الى دول سوريا ولبنان.

إيران لا تريد ان يكون هناك صراعا مع إقليم كوردستان بقدر رغبتها بتغيير الهوية العراقية الى شيعية، وطوال السنوات الأربعة عشر الماضية، عملت ايران على تشييع هذا البلد، وظهور داعش ادى الى الإسراع من هذا الامر، ولم يعد السنة يشكلون عائقا امام هذا المشروع، العائق الوحيد الحالي هو وجود الكورد من ضمن العراق، وسيكون تحقيق اهدافهم اكثر صعوبة ببقائهم (الكورد) كجزء من العراق الموحد، وبالتالي فأن استقلال اقليم كوردستان سيصب في مصلحة ايران، إذا ما ايقنت بأن كوردستان لن تتحول الى خصم وتصبح جزءاً من الصراع على السلطة في المنطقة، عندئذ سيكون استقلال إقليم كوردستان موازياً لتحويل الهوية العراقية الى هوية شيعية.

إلا ان ايران مستاءة الآن من إقليم كوردستان، ولديها شكوك من ان يتمكن الكورد من ان يكونوا محايدين، وتعتقد بأن كوردستان على وشك ان تصبح جزءاً من التيارات التي تتحرك ضد إيران، ان إقليم كوردستان لن تستفيد شيئاً من صراعات القوى الاقليمية في المنطقة، يجب ان تحاول وبكل جهودها ان تكون محايدة، لا ينبغي ان تكون مع جهتين، سواء كانت مع ايران او مع خصومها، على الرغم من ان الحفاظ على هذا التوازن يعتبر من الامور الصعبة جداً، ولكن نستطيع ان نحقق ذلك من خلال اتباع السياسة الصحيحة، علينا ان نضع في اعتبارنا بأن اكثر البلدان التي تعلن عداوتها لإيران هي على استعداد تام للتعامل مع ايران وبأي شكل من الاشكال، واعتقد  بأن هذا السبب كافٍ لكي لا نجعل ايران عدوةً للكورد من اجل هذه البلاد.

يوجد عدم توازن سياسي في الوقت الحاضر، الكورد على وشك ان يكونوا جزءاً من المشاكل، ومن الناحية الاقتصادية فقد تحول إقليم كوردستان الى لوحة ذهبية لتركيا، وبالتأكيد ايران لا تحبذ هذا الامر، على إقليم كوردستان ان تأخذ بعين الاعتبار المصالح المتبادلة بين الطرفين، وهذا ليس امراً مستحيلاً، فقد كانت هناك احاديث كثيرة مؤخهراً حول مد انابيب النفط الكوردية الى ايران، تماما مثل التي تمر الى تركيا، ويكون اتمام هذه الخطوة مهماً لتحقيق التوازن وطمأنة إيران، ومن الأفضل لإقليم كوردستان ان لا يضع جميع البيوض في سلة دولة واحدة. 

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية‬‬‬.

 


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب