لم تكن التضحيات الإنسانية الكبيرة التي قدمها الشعب الكوردي في المعركة ضد داعش كافية لترامب ليقف إلى جانبهم في العديد من القضايا الجوهرية.
قبل عامين، عندما تولى ترامب منصبه، كان الكورد ينتظرون مثل بقية العالم من سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة، وكانوا يراقبون بقلق مواقف وسياسات الإدارة الجديدة وهم الذين قدموا تضحيات إنسانية كبيرة في قتالهم ضد الدولة الإسلامية "داعش".
كانت القضية الكوردية في ذلك الوقت تمر بمرحلة مهمة في ضوء التغييرات الضخمة التي ضربت منطقة الشرق الأوسط بسبب الحرب ضد داعش والربيع العربي. يتذكر الشعب الكوردي على الدوام كيف أن القوى العظمى كانت غير عادلة بحقهم في عشرينيات القرن الماضي عندما تم تقسيم كوردستان وتم التخلي عن المطالب الكوردية تلبية لرغبة تركيا، ومنذ ذلك الحين، وبعد قرن من القمع والظلم، لم تتوقف الانتفاضات الكوردية لتحقيق تطلعات الأمة الكوردية في جميع أنحاء كوردستان.
آمال كوردية:
في الأشهر الأولى من رئاسة ترامب، ومع وصول الإدارة الجديدة، كانت هناك آمال كوردية وشعور بالتفاؤل في الشارع الكوردي، حيث كان الشعب الكوردي يأمل بأن يصحح الرئيس ترامب الخطأ التاريخي الذي ارتكبه الغرب، والذي منع تشكيل دولة كوردية في القرن العشرين والاعتراف بخارطة الدولة الكوردية. كانوا يمنون الأنفس بأن تضع إدارة ترامب حداً لفصلٍ من الإهمال وخيبة الأمل في تاريخ العلاقات بين الكورد والأمريكيين. كان الحلم كبيراً بأن تختفي هذه الذكريات المريرة إلى الأبد، ليتمكنوا بنهاية الأمر من تقرير مصيرهم ومستقبلهم، وكدليل على حبهم للرئيس الجديد، أُطلق اسمه على بعض الأطفال الكورد، كما افتُتحت مطاعم تحمل اسمه.
كنتُ من بين هؤلاء الأشخاص الذين كانوا متفائلين بقدوم ترامب، وكانت نقاشات العديد من المثقفين الكورد والنشطاء إيجابية حول هذه الإدارة، وقد كتبت في مقال قبل عامين أنه قد يكون عراباً للدولة الكوردية.
خيبات الأمل الكوردية:
بعد عامين من رئاسة ترامب، يشعر الكورد بخيبة أمل مجدداً، ويواجهون خيانة كاملة في جميع أنحاء كوردستان، حيث لم تكن التضحيات الإنسانية العظيمة التي قدمها الشعب الكوردي في المعركة ضد داعش كافية لترامب ليقف إلى جانبهم في العديد من القضايا الجوهرية.
تتعرض المناطق الكوردية بسوريا في الآونة الأخيرة لهجمات قوات الظلام، حيث توجد حرب تطهير عرقي وتغييرات ديموغرافية من قبل الجيش التركي ووكلائه، وتم تهميش كورد سوريا في أي خطط لمستقبل سوريا.
في ظل إدارة ترامب خسر الكورد مدينتين كورديتين هما كركوك وعفرين، حيث يعاني المدنيون هناك من التغييرات الديموغرافية والنزوح بعد أن عاشوا في استقرار وسلام تحت الإدارة الكوردية.
لم يدعم ترامب أكبر حلم كوردي بالاستقلال، وهو استفتاء إقليم كوردستان العراق، الذي كان ناجحاً للغاية مع نسبة عالية جداً من الأصوات الكوردية.
في المناطق الكوردية بتركيا، يقبع الساسة الكورد والبرلمانيون في سجون الطاغية أردوغان، وفي إيران، لا يزال المواطنون الكورد يخضعون لعمليات الإعدام والاعتقالات، وليس لديهم أي حقوق قومية أو ثقافية.
وعلى الرغم من كل خيبات الأمل هذه، لم تكن هناك أي حالات انتقام أو اعتداء على القوات الأمريكية، حيث لم تُلقَ حتى حجرة واحدة على الجنود الأمريكيين، ولم يُحرق العلم الأمريكي في أي مكان بالمناطق الكوردية.
الشعب الكوردي مسالم ويحترم شرف الصداقة، لكنهم ضحايا للجغرافيا التي وضعتهم بين الذئاب والمتعطشين للدماء، والوعود الأمريكية التي لا يتم الوفاء بها في كل مرة.
بالنسبة للمدنيين الكورد الذين يتم استهدافهم من قبل الغزو التركي بسبب القرارات والسياسات الخاطئة للرئيس ترامب، سوف يتذكرون ترامب كرجل تركهم ليذبحوا، وكانت فترة حكمه خيانة كاملة. بالنسبة لهم ترامب خائن، كما أن أفضل رسالة كوردية يمكن أن يتلقاها ترامب هي كلمات القائد الكوردي مسعود بارزاني حين قال: "دماء الكورد أكثر قيمة من المال والأسلحة".
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له أي علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً