المدنيون وتجربة الانتخابات المحلية في العراق

13-08-2023
مجاشع التميمي
الكلمات الدالة انتخابات مجالس المحافظات
A+ A-
 
مكانة المدنيين في العهد السياسي الديمقراطي في العراق بعد 2003 تكشف الكثير من المسائل السلبية والإيجابية، والموضوع لا ينحصر في الانتخابات، فالظاهرة السياسية الديمقراطية بعد عام 2003 بدأت اساساً من فكرة المكونات، ومن ثم وصلت لاحتقانات عرقية ومذهبية وطائفية وقومية وليست ‏سياسية.
 
ولكن في عموم ظاهرة الاحتقانات السياسية المذهبية الطائفية كانت هناك اصوات مدنية، لكنها ضعيفة، بسبب أن التيار السائد آنذاك يقوم على فكرة المكونات، ومن ثم التيارات الإسلامية الدينية التقليدية، وحتى غير الإسلامية لم تكن لتتمظهر بالمدنية، لأن المناخ العام لا يسمح بذلك.
 
‏التغيرات التي حصلت في الوعي السياسي العراقي الاجتماعي رغم أن هناك مجهودات مدنية قوية على مستوى منظمات المجتمع المدني الحقيقية حيث ظهرت طروحات مدنية، لكنها كانت متفرقة، وتم توحيدها بشكل مباشر وغير مباشر في تظاهرات 2019 ولكن بعد انتخابات 2021 ظهرت شخصيات مدنية متعددة وحتى الأعداد التي فازت في الانتخابات لم تكن بالمستوى، ‏وللسؤال هنا إلى أي مدى هذا الصوت النيابي الحقيقي يمثل الصوت المدني الاجتماعي والثقافي؟.
 
‏أما في مكانة المدنيين في الانتخابات المحلية المقبلة إذا ما تم اجراؤها باعتبار أنها ربما يكون هناك اضطرار لتأجيلها، فإنه يجب التمييز بين الانتخابات البرلمانية والمحلية، وربما الفرصة تكون أكثر وليس في المطلق للصوت المدني على مستوى مجلس النواب، لكن هذا لا يعني إيجابية مطلقة في المقارنة مع مجالس المحافظات التي ستجري في 15 محافظة في معظمها تمثل اتجاهات سياسية تقليدية مذهبية عرقية قبلية عشائرية أكثر مما هي مدنية والاصوات المدنية ستكون متفرقة.
 
‏اما الجانب القانوني وبالتحديد فيما يتعلق بتسجيل التحالفات التي اغلق بابها فإن هناك خيارين، الأول هو الخيار الشخصي المدني في المحافظات الـ 15 إذا رشح على مستوى الفرد ربما بصعوبة الفوز، لكن الأهم الحديث على مستوى مجلس المحافظة فإذا كان عدد أعضاء مجلس المحافظة يتكون من 30 عضواً يقابلهم من المدنيين عضو واحد فماذا يستطيع أن يفعل هذا المدني في ظل موجة تقليدية؟.
 
‏اعتقد أن الانتخابات في العراق هي قدرات وإمكانيات وقابليات وليست قابلية فقط لنوعية الثقافة، وهي ليست سجلات وأصوات ثقافية لأنه اذا ما تم اعتبارها حوارات فستكون الغلبة للتيارات المدنية على مستوى الشارع، لكن على مستوى الانتخابات هناك مال سياسي وسيطرة وهيمنة، لذا فاننا نقول إن عدم المشاركة في مجالس المحافظات بالنسبة للمدنيين ربما يكون أفضل للإعداد للانتخابات البرلمانية التي ستجري العام المقبل .
 
‏أعتقد أن الفرص غير متكافئة وليست حرة ولا نزيهة ولا عادلة، والتكافؤ منعدم، وقانون الأحزاب يتيح لهيمنة مالية للأحزاب التقليدية وآلية المفوضية لتسجيل التحالفات يدعم الكتل الكبيرة والقانون الانتخابي بعد تعديله يدعم الكتل الكبيرة ايضا.
 
‏وحتى إذا تمكن المدنيون من السيطرة على إحدى المحافظات اعتقد انه ستتم محاربتهم من السلطة في بغداد من خلال الرقابة والتمويل.
 
فقد كان عدد من القوى السياسية المدنية العراقية قد انضوت في عدة تحالفات ومنها حراك "البيت العراقي" وحزب "وطن" وائتلاف "الوطنية" بزعامة أياد علاوي، بتحالف انتخابي جديد، فيما اتفق "الحزب الشيوعي" و"الحركة المدنية الوطنية" و"البيت الوطني" و"نازل آخذ حقي" وحزب "وعد العراقي" في تحالف انتخابي، لكن المفاجأة أن بعض الحركات المدنية انضوت مع جهات سياسية تقليدية ومنها حركة "بداية" التي تحالفت مع "ائتلاف دولة القانون" التي يتزعمها رئيس الحكومة الاسبق نوري المالكي، فيما تحالف حزب "أمارجي" الذي يتزعمه قصي محبوبة مع حزب "واثقون"، ولا تزال بعض الأحزاب المدنية غير معروفة الوجهة، مثل "شروع" وحزب "طموح".

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

أنور الجاف

العيد الذي فرّقنا

في زمنٍ تُعد فيه الثواني بالأقمار الصناعية، وتُرصد فيه المجرات بمراصد من فوق سبع سماوات وتقرّب ناساً آلاف السنين الضوئية في لمح البصر، لاتزال أمة الإسلام تختلف على ميلاد هلال في واحدة من أكثر المفارقات إيلاماً وسخرية، وليس الخلاف إذاً على الهلال ذاته، بل على منْ يُعلن رؤيته وعلى أية منبر تُعلَن ومن الذي يُقدّم البلاغ وأيّ سلطان يُبارك النداء.