غياب الرقابية البرلمانية بقضايا الفساد.. قانون الإدارة المالية نموذجاً

13-07-2023
مجاشع التميمي
الكلمات الدالة الفساد في العراق مجلس النواب العراقي
A+ A-
 
في عام 2020 أقر مجلس النواب قانون الإدارة المالية الإتحادية رقم (6) لسنة 2019‏ الذي خصص ثلاث مواد هي (50-51-52) لمكافحة الفساد، لكن للأسف البرلمان لم يقدم شيئاً في قضايا مكافحة الفساد وقد اخفق كثيراً، ولم يفعّل هذا القانون، وحتى الآن لم يحاسب أي جهة أو أي مؤسسة حكومية على عدم تنفيذها لهذا القانون وبالأخص المواد التي ذكرت آنفاً والتي تلزم مؤسسات الدولة كافة بنشر بياناتها المالية.
 
الفساد المستشري في العراق بات مقرفاً ورائحته تزكم الأنوف، لأنه يستغل حاجة الناس؛ ومثال على ذلك فقر الخدمات الطبية على الرغم من التخصيصات الكبيرة للجانب الصحي. ففي احدى المحافظات الفقيرة جنوبي العراق يُخصص مبلغ ضخم يقدر بـ(18) مليار دينار شهرياً للقطاع الطبي لكن من دون أي خدمة يتلمسها المواطن هناك، وبالتالي لو كشف هذا الهدر بالأموال وأين تذهب بحسب قانون الإدارة المالية لظهرت العجائب؟.
 
وبرأيي هذه الجهة الفاسدة في هذه المحافظة الفقيرة وغيرها هي ذاتها التي أشار إلها السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بقوله "إن هنالك مجموعة من الفاسدين تنتظر الانقضاض على الموازنة الإتحادية" وبالتأكيد هذه الجهات لديها مديرون عامون في مؤسسات وقطاعات مهمة لم يتم تغييرهم منذ أكثر من عشر سنوات وهذا مؤشر كبير على الفساد، لأن وجود هؤلاء بمناصبهم لفترة طويلة هو دليل على ذلك.
 
وبالعودة إلى تطبيق قانون الإدارة المالية رقم (6) لسنة 2019، حتى الآن لم تحاسب أي مؤسسة أو موظف مخالف لهذا القانون، إضافة إلى أن الحسابات الختامية الموجودة حتى الآن لم تنجز، وقضية النهب الممنهج أصبح السائد عند الكتل السياسية.
 
وربما يُخفى على الجميع أن الإحتيال على المال العام يتم من خلال  التأخر في إقرار الموازنة بغية صرف المستحقات لموازنات الدولة بنسبة 1\12 بشكل شهري ومن ثم عدم تقديم حسابات ختامية وغيرها وهو مخالفة لقانون الإدارة المالية، لذلك أصبح تركيز أو استغلال النفوذ السياسي بمؤسسات قطاع الصحة وقطاع التربية وغيرها مصدراً للنهب بشكل كبير من خلال الموازنات المخصصة لها.
 
لكن يبدو أن المنهاج الحكومي للسوداني وضع أولوية لمكافحة الفساد بشكل مقبول كذلك أن هيئة النزاهة بدأت باعتماد المعايير الدولية ودراسة آليات بناء نظام نزاهة وطني لأجل مكافحة الفساد في العراق، لأن الفساد للأسف أصبح سياسيا بالدرجة الأولى ومن بعده يأتي الفساد المجتمعي، والفساد الأقل هو الإداري والمالي، لذلك شاعت سمة الفساد في جميع مؤسسات الدولة، وأيضا في المجتمع وفي الاقتصاد، وحتى في القطاع الخاص لذا نرى اليوم جهود مكافحة الفساد بدأت تظهر، في الذي تتبناه الحكومة حاليا، وهي جهود محاربة الفساد الوسطي يعني ليست ملفات الفساد الكبيرة أو قضايا الفساد الكبيرة وإنما تأخذ بعين الاعتبار ملفات الفساد التي تمس حياة المواطن اليومية، حيث نرى أن النزاهة بدأت في قضية توفير الكهرباء والمولدات الأهلية، ومن ثم أصبح التوجه الى قطاع الصحة وقطاع التربية.
 
لذلك نرى إن الحكومة تتوجه لمحاربة الفساد في القطاعات الخدمية بشكل أولي، ومن ثم تتبنى محاربة الفساد في الملفات الأكبر التي بحاجة إلى دعم دولي وإلى توافق سياسي حولها، لكن الآن نرى أن هذه الجهود مستمرة، لكن حقيقة أن جهود مكافحة الفساد هي ليست محاربة فاسد وإنما تتم من خلال السلطة التشريعية، حيث يجب تعديل الأنظمة والتعليمات التي توجد فيها ثغرات ويتم استغلالها من قبل الفاسدين لنهب للمال العام، يعني ما الداعي أن نحاكم فاسداً ونحيله إلى القضاء برغم إن القانون ليس رادعا، والعقوبات ليست رادعا، لأن هناك أفعال فساد كثيرة غير مُجرمة وبالتالي الإجراءات تذهب سدىً، وكل العقوبات الرادعة تتم من خلال الحبس البسيط كأقصى حد في قضايا الفساد، لكن المهم هو غلق ثغرات الفساد الموجودة التي يستغلها هؤلاء الفاسدون ومحاسبة من تورطوا و استغلوا نفوذهم في نهب المال العام.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

أنور الجاف

العيد الذي فرّقنا

في زمنٍ تُعد فيه الثواني بالأقمار الصناعية، وتُرصد فيه المجرات بمراصد من فوق سبع سماوات وتقرّب ناساً آلاف السنين الضوئية في لمح البصر، لاتزال أمة الإسلام تختلف على ميلاد هلال في واحدة من أكثر المفارقات إيلاماً وسخرية، وليس الخلاف إذاً على الهلال ذاته، بل على منْ يُعلن رؤيته وعلى أية منبر تُعلَن ومن الذي يُقدّم البلاغ وأيّ سلطان يُبارك النداء.