دي ميستورا والكورد ومستقبل سوريا

12-07-2017
حسين عمر
A+ A-

في غضون أقلّ من أربع وعشرين ساعة، أكّد ستافان دي ميستورد مبعوث الأمم المتّحدة إلى سوريا، لمرّتين متتاليتين، على ضرورة إشراك الكورد السوريين في مستقبل سوريا وعدم تجاهلهم أو إنكار دورهم. كما أشار دي ميستورا صراحة إلى وجود التمثيل الكوردي في المعارضة السورية.

 ففي مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط العربية، نُشِرت يوم الأربعاء 12/07/2017، وفي معرض ردّه على سؤالٍ حول إن كان قد حان الوقت لضم الكورد إلى العملية السياسية سيما وأنّ الحديث بات يتناول مستقبل سوريا ودستورها الجديد، أجاب ديمستورا قائلاً :" دعني أكون محدداً جداً حالياً حول هذه النقطة. عندما أشرت إلى هذا الموضوع في الحديث إلى وكالة «سبوتنيك» الروسية، في الواقع أجبت ما إذا كان الأكراد يجب أن يكونوا جزءاً من العملية التفاوضية المستقبلية حول دستور سوريا الجديد. كنت أشير إلى المكون الكردي (المجموعة الكردية). هناك سوريون أكراد موجودون في سوريا، لم أكن أشير بالضرورة إلى أي مجموعة سياسية أو عسكرية. أظن، أنه لا يمكن لأحد أن ينكر أنه عندما، لم يحن الوقت بعد لأننا لا نزال في مرحلة ما قبل المفاوضات، عندما تكون هناك محادثات حول الدستور، فإن المكون الكردي في سوريا وهم سوريون، يجب أن تكون لهم الفرصة مثل أي مجموعة أخرى، للتعبير عن رأيهم ".

وكان ديمستورا قد أكّد لوكالة (سبوتنيك) الروسية، في مقابلة نُشِرتْ يوم الثلاثاء 11/07/2017، على ضرورة أن يكون للكورد كلمة بما سيكون عليه الدستور في المستقبل، قائلاً : " الأكراد جزء أساسي من المجتمع السوري، وبرأيي يجب أن يكون لديهم كلمة بما سيكون عليه الدستور في المستقبل إن كان دستوراً جديداً أم إن كانت إصلاحات للدستور الحالي. في الوقت الحالي تجري نقاشات حول جدول وعملية وضع الدستور الجديد وليس عن الدستور بحد ذاته. عندما يحين الوقت سيكون من الصعب جداً تجاهل الصوت والرأي الكردي السوري. وبقولي هذا، أذكر أن هناك تمثيل كردي في المعارضة ".

أيّاً كانت خلفيات تصريحات المبعوث الدولي هذه، هي تعكس في الحقيقة أهمية الدور الكوردي في الأزمة السورية الراهنة وكذلك في مستقبل سوريا الجديدة. فالكورد السوريون الذين حملوا السلاح وسيطروا على الأرض، لم يمارسوا في الواقع عمليات قتل وانتقام بدوافع عرقية أو طائفية ضدّ المكونات المُختَلِفة، بل وعلى العكس من ذلك، أدمجوا الفعاليات العسكرية لتلك المكونات في مؤسسات عسكرية مشتركة وأمّنوا بنية مؤسسية مجتمعية إدارية لتلك المكونات في مناطقهم. وكذلك الكورد السوريون الذين انضموا إلى صفوف المعارضة السورية السياسية، اتّخذوا المواقف الأكثر اعتدالاً وانفتاحاً على حلّ سياسي سوري يضمن العدالة والتكافؤ في الحقوق لجميع السوريين بعيداً عن نزعات الانتقام والكراهية.

وإذا كان هذا الدور البنّاء الذي أدّاه جناحا الحركة السياسية المنقسمة على ذاتها في غرب كوردستان قد يلقى صدى إيجابياً على مستوى العامل الخارجي، إلاّ أنّه، للأسف، ليس له أيّ أثر على مستوى العامل الداخلي الكوردي. فقد قُلنا مراراً لو أنّ طرفي المعادلة السياسية الكوردية (الإدارة الذاتية-المجلس الوطني) أجادا اللعبة السياسية في اللوحة السورية المعقّدة، لكان الوجود العسكري الفعّال والإداري على الأرض عاملاً إيجابياً في دور الحضور السياسي الكوردي في مسار جنيف التفاوضي، وفي المقابل، لكان هذا الحضور السياسي عاملاً إيجابياً في دور الوجود العسكري والإداري. لكن واقع الانقسام الحادّ وجعل التناقض بين الطرفين تناقضاً أساسياً، قلب المعادلة وأفسح المجال لخصوم الحركة الكوردية ولأعداء حقوق الكورد أن يستغلّوا هذا التناقض ويستثمروا في الحضور السياسي في جنيف ضدّ الوجود العسكري والإداري على الأرض مثلما استثمروا الوجود العسكري والإداري على الأرض ضدّ الحضور السياسي في مسار جنيف.

الآن، وبعد تصريحات دي ميستورا التي تُعدّ إشارة واضحة لإمكانية تمثيل الكورد بوفد مشترك في مباحثات صياغة دستور سوريا، أي شكل ومضمون الدولة السورية وبالتالي، في الجوهر، سوريا المستقبل، هل ستلتقط أطراف الحركة الكوردية في سوريا هذه الإشارة وتحاول إعادة ترتيب أوراقها انطلاقاً من تصحيح الوضع السياسي الشاذّ في غرب كوردستان وانهاء هذا الانقسام الحادّ، أم أنّ هذه الأطراف سوف تنشغل بتفسير تصريحات المبعوث الدولي وما إذا كان يقصد بالكورد السوريين هذا الطرف أم ذاك؟
   
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الإعلامية


تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب