قرار الحرب والسلم

09-11-2023
شاكر الجبوري
الكلمات الدالة العراق الكورد العرب
A+ A-
 
لم تتعود مسامع العراقيين على مصطلحات كثيرة، من قبيل الأقلية والمكون والطائفية المناطقية، بغض النظر عن طبيعة نظام الحكم، ومستوى الظلم الموزع على الجميع بنسب متساوية، فلم يكن حكم العراق شيعياً ولا سنياً أو مسيحياً حتى مع وجود رئيس كوردي للجمهورية منذ العام الفين وخمسة.
 
الأنظمة تستنسخ مواقفها، فقد تأنفل الكورد في الجبل وعلى الحدود، مثلما جف الهور والماء العذب عن الشيعة، وضاقت الأرض على السنة في مرحلتين كلاهما مؤلمة، والهولوكوست الإيزيدي أكمل مشاهد  الأعدام التي توزعت على الجميع، ولا نعرف اذا سلمت من جثثهم الكنائس.
 
صحيح أن القضية الكوردية ظلت في واجهة الحدث بحكم نوعية الصراع وأهداف عواصم الجوار، لكن تجربة المعارضة لم تحدد بوصلة جديدة لتفكير السياسيين بمختلف مستوياتهم، مع إنصاف للتاريخ أن صداقات الكورد أكثر ديمومة من غيرها، لذلك حافظوا على توازن مع الجميع رغم خارطة أهداف أكثر تعقيدا من عناد الجبل.
 
واستذكر هنا حكمة لصديقة الشعب الكوردي الأمازيغية المعروفة مليكة مزان، تقول فيها: "حين يبكي الآخرون يبكي الكوردي معهم، وحين يبكي الكوردي يبكي وحده!"، ورغم عمق هذه المعاني، فان الكاتبة أغفلت خصوصية العلاقة بين عرب العراق وكورده، والتي لو سلمت من قسوة صانع القرار لكانت نموذجاً مثالياً في التسامح والأخوة والتكامل، فهناك صلة قربى في الأرض والنسب، منعت الاقتتال بينهم في كركوك أو غيرها.
 
يرسم البعض سيناريوهات ظلم للتاريخ على رمال متحركة انطلاقا من ثقب في ذاكرة زمانهم، فيقولون ان الكورد لم تستفزهم حرب غزة، وكأن جيوش العرب أوطاني قد غيرت مجرى الأحداث، مثلما ينسى هؤلاء البعض لحاجات في نفوس شاخت على التضليل، أن صلاح الدين الأيوبي كان كوردياً.
 
قرار الحرب ليس بالسهولة التي يتصورها هذا البعض من المارين بجانب الزمن، مقابل معادلة واقعية عن الكوارث التي يتسبب بها أي تحالف دولي رافض لخيار الأمر الواقع بالمنطقة، وكأن عقارب الساعة تعود الى الوراء 22 عاماً، لكن بخيارات أشد قسوة من حرب الخليج الثانية. أنها المرة الأولى التي لا تصنع فيها غالبية حكومات المنطقة قرار الحرب والسلم.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

جليل إبراهيم المندلاوي

العراق بين الحياد والتصعيد.. تداعيات حرب اليمن

مع تصاعد التوترات العسكرية في المنطقة نتيجة للعمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين في اليمن، يطرح تساؤل جوهري هام حول احتمالية امتداد هذه التداعيات إلى العراق الذي يشكل نقطة التقاء للعديد من المصالح الإقليمية والدولية، والذي يواجه تحديات متزايدة في ظل التعقيدات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، كما يثار السؤال عن مدى قدرته على الحفاظ على استقراره في ظل العلاقات المعقدة بين الفصائل المسلحة في العراق وإيران، والتي يمكن أن تتسبب في زعزعة الأمن الداخلي للبلاد، ومن الممكن أيضا أن تؤدي التفاعلات الإقليمية المعقدة في الشرق الأوسط إلى انخراطه في هذا الصراع، مما قد يعرضه لتهديدات مباشرة من القوى الكبرى.