أزمات وهمية

07-08-2024
معد فياض
الكلمات الدالة الأزمات صدام حسين
A+ A-
كانت ما تسمى باحزاب المعارضة العراقية في الخارج، قبل 2003، تتحدث ضد نظام صدام حسين باعتباره يجيد صناعة الازمات، وانه يحل الازمة بصناعة أزمة أخرى حتى يشغل الشعب عن التفكير والعمل على اشعال الثورة ضده.. ارجو ان لا يُفهم من كلامي هذا واللاحق باني ادافع عن النظام السابق، فالانظمة الدكتاتورية والشمولية كلها تبدع في صناعة الازمات، وفن صناعة الازمة ليس سهلا، بل يحتاج الى عقول مبدعة وتفكير عميق في ما يجري داخليا وخارجيا، وفي اختيار اية ازمة في الوقت المناسب لها.
 
بعد تغيير النظام في 2003، من قبل احتلال القوات الاميركية للعراق، وهنا ارجو ان لا يتبجح اي شخص او حزب بالقول بانه او بانهم حرروا العراق من النظام الصدامي بفضل نظالهم، نقول بعد رحيل النظام السابق صارت الاحزاب التي اطلقت على نفسها وصف المعارضة، احزاب حاكمة ومسيطرة على الاوضاع ومقدرات الشعب وامتلكت مفاتيح خزائن المال وخنقت الاصوات بالكواتم والميلشيات المسلحة، واتبعت ما كانت تعتبره اعتداءا على الحريات، باساليب صناعة الازمات، لكن هذه الاحزاب التي رفعت شعار"ما ننطيها" نست او انها حتى لم تفكر بالتغييرات الزمنية التي حدثت منذ اكثر من 20 سنة، فالنظام العراقي السابق كان قد اغلق البلد وفضائه اعلاميا وسياسيا وحرم اي اتصالات فضائية او ارضية، ولم يكن هناك ستلايت وانترنيت وفيس بووك وغيرها من عشرات وسائل الاتصال والتواصل، على عكس اليوم تماما، فما يحدث الان وفي هذه اللحظة، مثلا، سوف ينتشر بعد اجزاء من الثانية الى جميع انحاء العالم، والازمات الساذجة التي تُختلق في العراق والتي تعكس طريقة التفكير المتخلفة لصانعيها تولد مفضوحة ولا تتيح حتى للمحللين السياسيين المرتزقين على باب الله وابواب الفضائيات اية فرصة بالحديث عن عقدها او خفاياها كونها، مثلما ذكرت آنفا، ساذجة.
 
لم يتركوا قادة الاحزاب السياسية وابواقهم، اية وسيلة للترويج عن الازمات التي يختلقونها الا وجربوها، بل طرقوا ابواب كل الازمات ليس لاشغال الشعب فحسب بل لاسكاته من اجل الايغال بسرقته واضعافه، وما ان تُلد الازمة حتى يكتشفها الناس وتتحول الى مادة للسخرية من صانعيها، انها في الحقيقة سخرية مرة وسوداء تشبه افعال وممارسات الاحزاب التي تحكم العراق.
 
المشكلة الكبيرة تكمن في طريقة تفكير قادة هذه الاحزاب التي تنتمي للاسلام السياسي، فهم يعتقدون بان العراقيين مقتنعين باساليب حكمهم، وبذلك هم يستغفلون الشعب الذي انتبه منذ وقت مبكر لاكاذيبهم وفسادهم ولالازمات الكاذبة التي يختلقونها، والا مذا نسمي التظاهرات والاحتجاجات وانتفاضة تشرين ضد هذه الاحزاب، والتي جوبهت بالنار حيث تحولت ساحات الاحتجاجات الى ميادين قتال من طرف واحد ضد الشباب العزل.
 
المجال هنا لا يتسع لتعداد الازمات الكاذبة التي صنعتها الاحزاب الحاكمة، لكننا نستطيع ان نحصي ابرزها: ازمة الكهرباء، وهذه الازمة طالما تبجحت هذه الاحزاب قبل 2003 بانها من صناعة النظام لاذلال الشعب، هذه الازمة قائمة لسبب بسيط هو ان ايران لا تريد حلها كي تبقى تحلب العراق مليارات الدولارات، أزمة الرواتب، ازمات البرلمان والصراعات المسرحية بين الاحزاب الشيعية والسنية، الازمات المختلقة مع حكومة اقليم كوردستان، أزمات الفساد الكبرى وعدم وضع الحلول الحاسمة لها، وراهنا ازمة تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 لتحويل الانثى منذ ان تبلغ التاسعة من عمرها الى جارية وحرمان المرأة من حقوقها وتدمير مفهوم الاسرة بحجة اتباع الدين والمذهب، تمهيدا لتحويل العراق الى قندهار.
 
الانظمة الدكتاتورية والعاجزة عن تحقيق الرفاهية لشعوبها، والتي لا تؤمن بالشفافية في التعامل مع القضايا الراهنة، وغير القادرة على تطوير بلدانها تقنيا واقتصاديا وثقافيا، والعاجزة عن الدفاع عن حدود البلد وحياة واستقرار الناس، والتي تؤمن بشعارات الدولة العميقة على طراز"ما ننطيها"، وغير القادرة على الحفاظ على وحدة الشعب والبلد وبناء علاقات متوازنة مع مكوناتها الرئيسة، تلك الانظمة هي التي تلجأ الى الاجتهاد بصناعة واختراع الازمات الوهمية من اجل ابقاء عجلة التقدم متوقفة تماما، هذه الانظمة التي لا تؤمن بقدرة وكفاءة شعبها وقوته في ان يبلغ درجة الغليان لينفجر مثل بركان يكتسح الفاسدين والمخربين الذين تلاعبوا في حاضر ومستقبل الناس.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

أنور الجاف

العيد الذي فرّقنا

في زمنٍ تُعد فيه الثواني بالأقمار الصناعية، وتُرصد فيه المجرات بمراصد من فوق سبع سماوات وتقرّب ناساً آلاف السنين الضوئية في لمح البصر، لاتزال أمة الإسلام تختلف على ميلاد هلال في واحدة من أكثر المفارقات إيلاماً وسخرية، وليس الخلاف إذاً على الهلال ذاته، بل على منْ يُعلن رؤيته وعلى أية منبر تُعلَن ومن الذي يُقدّم البلاغ وأيّ سلطان يُبارك النداء.