ترويض العقل الجمعي للانقياد الى التأثير الاجتماعي الطبيعي في المجتمعات الحرجة بحاجة الى ارادة وقوة داخلية سليمة وتلقيح معلوماتي فعال ومتحضر للمتأثرين بتفسير البعض المؤثر لمعلومات متطرفة أو فوضوية لوضعها على المسار الصحيح الذي ينتج عنه الاستقرار والسلام ونبذ الفرقة، وهذه العملية ليست سهلة كما يتصورها البعض وهي بحاجة الى وجود فعاليات نشطة على ارض الواقع، هي بحاجة الى تغيير منظومة التلقين المعرفي الذي تنتهجه الدول الشرق أوسطية والنظريات المنتهية المفعول التي لازالت مؤسسات التعليم تعتمدها في فروعها التعليمية ابتداءً من الأساسيات الى المراحل المتقدمة فيها، كما أن للعجلة الاعلامية دورها الكبير في قيادة الافكار المتخبطة التي تساهم بشكل أو بآخر في خلق الأجواء العشوائية لدى المجاميع المنقادة الى الامتثال لهذه الظاهرة المنتشرة في مجتمعاتنا، لذا فمن الضروري علينا مراجعة الوسائل التلقينية التي تعتمدها مؤسساتنا المجتمعية في هذا الشأن.
هنا يظهر أننا لم نضع في الحسبان كيف يمكننا تحديث آليات التثقيف السليم ولم نعتمد الطرق الناجعة التي تغير من الفكر الانقيادي المجتمعي وبالتالي وقعنا في شرك العودة الى الوراء بدلاً من السير الى الأمام، اذاً علينا أن نجد منافذ تلقينية أخرى مختلفة من التي كنا نعتمدها، أو على الأقل علينا منح المؤسسات والمنظمات الأنسانية التي تعمل على هذا الأمر فرصة أكبر ونمدّها بالمستلزمات اللازمة لتتوسع وتعمل بشكل أفضل.
علينا أن نبحث عن الأخطاء والمسببات الموضوعية التي أحدثت كل هذه الفوضى في منطقتنا ونعالجها معالجة سليمة وأن نراجع أنفسنا ونفكر بشكل مغاير ولا ننقاد الى الآراء الضيّقة المتطرفة التي ألقت بنا في هاوية الصراعات وابعدتنا عن التطور العلمي الذي وصلت اليه المجتمعات المتقدمة ونحن نعلم جيداً بأن مجتمعاتنا ولاّدة ولا تخلو من قدرات وطاقات وكفاءات تعيدنا الى المسار الصحيح الذي ينقذنا من براثن التطرف والجهل والتخبط.
ان الابتعاد عن مشاعر الغضب والكراهية والنرجسية سيأخذنا الى معالم رحبة بعيدة كل البعد عن الصراعات الفاشلة التي يقع ضحيتها الانسان البسيط ويدفع ثمنها الابرياء، ومن اهم العوامل المساعدة على ذلك هي مراجعة طبيعة علاقة الفرد مع المجتمع وعدم الانسياق الى التأثيرات السلبية للجماعات المتطرفة مهما كانت مسمياتها، والتركيز على بناء الذات وتسخير القدرات للتعايش السلمي البنّاء الذي يخلق بيئة آمنة وسليمة وصحية والرؤية السليمة لتصور دور الفرد مع الجماعة من اجل البناء لا الهدم وعوامل اخرى كثيرة.
علينا جميعاً ايجاد منافذ آمنة وحضارية وفعالة لتغيير العقل الجمعي السلبي الى العقل الجمعي الايجابي لئلا يصاب بالشلل ونبقى نراوح في دوامة الصراعات والحروب والجهل، وأن لا نحارب العقل الناقد الذي يرمي الى تصحيح المسارات، ويجب ان نصغي اليه لنعالج الأخطاء ونعبر جميعا الى ضفة الخلاص ونقف على ارض صلبة تعيش فيه المكونات المجتمعية بسلام ورخاء وتطور مستمر، وبالتالي خلق عملية توازن لاتؤثر سلباً على الانتماءات، مع حماية الذات من الانجراف الى طرائق شائكة قد لاتؤدي الا نهايات آمنة.
هذا المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر شبكة رووداو الاعلامية
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً