نيجيرفان بارزاني قائد دولة من طراز متميز

 

نيجيرفان بارزاني.. الرئيس الطموح والدبلوماسي المتألق والمتميز بنجاحه، والباني، الذي عمر اقليما وجعله بحجم دولة وسلحه بالعلم والقوانين والتسامح والمحبة فتحولت مدن اقليم كوردستان من قرى باهتة الى مدن حضارية يشار لها بالبنان.. بل ان الاقليم باجمعه قفز الى مصاف الحواضر المتقدمة في اطالس جغرافيا الدنيا.

 

بعد تغيير النظام العراقي، كنت في الصف الاول من الصحفيين الذين حضروا المؤتمر الصحفي لنيجيرفان بارزاني، وكان رئيسا لحكومة اقليم كوردستان، وتوني بلير يوم كان رئيسا لحكومة بريطانيا العظمى، في الصالة الرئيسية في 10 داوننغ ستريت، مقر رئاسة الحكومة البريطانية.. لم اكن اعرف الرجل جيدا، اعني الرئيس بارزاني، سوى ما قرأته وسمعته عنه، كما لم يكن هو يعرفني، رفعت يدي طالبا الاذن بالسؤال مع عشرات الايدي التي رفعها زملائي الصحفيين البريطانيين، ولحسن حظي اختارني وسألته عن طموحاته في بناء اقليم كوردستان، جاء جوابه واضحا ومختصرا وينم عن ثقة القائد المسؤول عن شعبه وتحقيق احلامهم، وقال: "سنبني اقليما قويا حضاريا يحفظ كرامة شعبنا وسيكون له شأنه الكبير بين بقية الدول المتقدمة".. وعندما سألت بلير عن رأيه بكورد العراق، قال: "ننظر لهم ونتعامل معهم باحترام كبير كشعب ضحى كثيرا وآن الوقت لينال مكانته ونحن مطمئنون عليه كونه بقيادة صديقنا نيجرفان بارزاني".

 

وقتذاك شعرت بالفخر الكبير.. قلت بالفخر؟ لا.. بل شعرت بالانتماء لهذا الشعب.. للكورد وبأنني كنت محقا جدا بدفاعي عن قضيتهم او قضيتنا وبكتاباتي عنهم وهذا كان وما يزال جزءا من الواجب الذي نتحمله إزاء شعبنا الكوردي المناضل والطيب والمتطلع للتقدم. وشعرت بالفخر بالقائد الشاب الواثق من خطواته وهو يُستقبل بحفاوة من قبل رئيس حكومة اقوى مملكة في اوربا والعالم، حفاوة تليق بالرؤساء والقادة الذين تتباهى شعوبهم بهم.. وسرعان ما بدأت ابواب القصور الملكية والرئاسية تُشرع امام الفارس الكوردي نيجيرفان بارزاني القادم من فوق قمم الجبال مجتازا سهولها ووديانها وشلالاتها وانهارها والمنحدر من اشرف العوائل التي ضحت وتزعمت وقادت الثورة الكوردية وحفيد الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني والمؤمن بالعقيدة البارزانية وبمبادئ الكورد المتجذرة اصولهم بارض كوردستان.

 

ذات يوم سألني احد أمراء الصف الاول للاسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية وكان في زيارة الى لندن، قائلا: "لا افهم كيف يكون في العراق رجلا سياسيا ذكيا وطموحا وباني من الطراز المتقدم ودبلوماسي رفيع المستوى مثل نيجيرفان بارزاني ولا يقود البلد نحو النجاح بدلا مما يحدث من خراب في العراق". اجبت باختصار: "يا سيدي وكأنك لا تعرف المحاصصات الطائفية والمذهبية والتدخلات الاقليمية في الشأن العراقي والتي مزقت المجتمع والبلد.. نعم نتمنى ان يقود العراق شخصا مثل نيجيرفان بارزاني، كونه كوردي عراقي.. لكن ليس كل ما يتمنى الشعب يدركه". تطلع بوجهي بأسف وردد قائلا: "حرام.. حرام هذا الذي يحدث للعراق وللعراقيين".

 

في أحدى لقاءاتي الصحفية مع الرئيس نيجيرفان بارزاني، وكان يومذاك رئيسا لحكومة أقليم كوردستان، استقبلني بلغة عربية عراقية سليمة، قلت له تتعلم اللغة العربية لتكون رئيسا للعراق؟ اجاب قائلا: "هذا من حقي ككوردي عراقي وحسب الدستور". قلت: "دولة الرئيس بل من حق وسعادة حظ العراقيين ان يكون لهم رئيسا وقائدا وطموحا وشجاعا مثلك.. ومن حقك ان تتبوأ منصبا يليق بالعراق وبالعراقيين وبكم، وأن تتسلم مسؤولية وطنية كبيرة لقيادة العراق". حسب الدستور واستنادا للانجازات الكبيرة التي حققها لاقليم كوردستان. هذا في حالة تم احترام الدستور والسير وفق بنوده ومواده، وفي حال سحبت الدول الاقليمية يدها من الشأن العراقي، وفي حال ان العراق لا تمزقه الفوارق الطائفية والمذهبية والقومية.

 

الذي يتعرف على الرئيس نيجيرفان بارزاني من خلال انجازاته الكبيرة، او عن قرب، سيدرك ان هذا الرجل يتحمل اعباء جسام.. أعباء حماية منجزات الثورة الكوردية وتضحيات مقاتليها وتاريخهم وتطلعاتهم نحو المستقبل والحفاظ على وحدة الكورد والعراقيين في آن وواحد والمضي بسفينتهم بسلام وسط بحر متلاطم الامواج والاعاصير نحو بر الآمان.

 

الرئيس نيجيرفان بارزاني عندما يمضي في لقاءاته مع ملوك ورؤساء وقادة العالم، بضمنها لقاءه اليوم بالرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، يبحث كل ما يتعلق بالشأن العراقي وليس الشأن الكوردي فقط، حفاظا على وحدة العراق والعراقيين، لانه يؤمن ان عراقا اتحاديا ديمقراطيا آمنا وقويا سيحفظ أمن وقوة واستقرار اقليم كوردستان.. نعم سيبحث بالدرجة الاولى حقوق الكورد، فهذه مسؤوليته باعتباره قائدا كورديا ورئيسا لاقليم كوردستان والمدافع بحكم انتمائه لشعبه، عن امنهم واقتصادهم وكرامتهم، وهذا يتطلب بناء علاقات صحيحة مع المركز ببغداد وفق الدستور العراقي الذي يجب ان يحفظ حقوق الكورد باعتبارهم جزء مهم ومهم جدا من الشعب العراقي.