رووداو - سوريا
على مدى أكثر من أربعة أعوام تابع فيها الباحث شي لي تطور الحرب الأهلية السورية عن طريق صور الأقمار الصناعية ليلا وهو يرى ومضات الضوء التي كانت تظهر متراصة في شمال البلاد وشرقها تختفي تدريجيا، فيما يغرق ساحل البلاد على البحر المتوسط في ظلام دامس بعد أن انطفأت 83 في المئة من الأضواء في سوريا.
ومن زاوية لا يراها سوى قليل من الناس العاديين، أنتج لي مقياسا تقشعر له الأبدان للأزمة التي لا تظهر علامة تذكر على نهايتها.
وبينما تدخل الحرب الأهلية عامها الخامس، نشر تحالف دولي من منظمات حقوق الإنسان والمنظمات الإنسانية تحليل لي في وقت متأخر من مساء أمس الأربعاء مطالبين بجهد شامل لتوصيل المساعدات إلى ملايين السوريين.
وقال لي المولود في الصين والباحث الزائر بقسم العلوم الجغرافية بجامعة ماريلاند الأمريكية "بيانات الأقمار الصناعية لا تكذب. صور الليل لا يمكن تصديقها. الشعب السوري بحاجة إلى المساعدة."
وقاس مستويات الضوء أثناء الليل في أنحاء سوريا منذ بدء في الصراع في مارس/آذار 2011. ونشرت النتائج التي توصل إليها العام الماضي في الدورية الدولية للاستشعار عن بعد وحظيت بالاهتمام بعدما قام زميل ينجز عملا مماثلا في جامعة كولومبيا بربطهما معا.
ولأن صورة واحدة يمكن أن تتأثر بغطاء السحاب أو عوامل أخرى، فقد خرج لي بمتوسط شهري لصور الأضواء أثناء الليل كي يتسنى له مقارنتها على مدار الصراع السوري.
وقال لي إن 97 في المئة من الأضواء في حلب، أكبر مدينة سورية، انطفأت منذ بدء الصراع.
وفي الصور التي صدرت في وقت متأخر الأربعاء، وخفت ضوء حلب الذي كان ساطعا في سمائها في مارس/ آذار 2011، بشكل كبير بحلول فبراير/ شباط هذا العام. حتى العاصمة دمشق التي تسيطر عليها الحكومة باتت معتمة بنسبة 35 في المائة.
كما أن الرقة، التي أعلنت عاصمة لتنظيم الدولة الإسلامية، باتت تغرق بشكل كامل في ظلام دامس مع 96 في المائة من أضوائها خارج نطاق الخدمة، بحسب لي.
وأرجع لي الظلام في جزء كبير منه إلى تشريد الأهالي، حيث أن 3.8 مليون شخص فروا من البلاد. وأرجع ذلك أيضا إلى النقص في الطاقة ودمار البنية التحتية.
وكان لي يراقب نزاعات أخرى تكشفت خلال الليل؛ فخلال الإبادة الجماعية في رواندا قبل عقدين من الزمان، حيث قتل أكثر من 800 ألف شخص، فقدت البلاد نحو 80 في المائة من أضوائها الليلية. وفي سوريا، تقول الأمم المتحدة إن أكثر من 220 ألف شخص قتلوا.
وكتب لي رسالة بالبريد الإلكتروني هذا الأسبوع، "الاختلاف الوحيد هو أن ضوء الليل في الإبادة الجماعية في رواند وصل إلى ذلك العمل في غضون عدة أشهر". أما التأثير في سوريا فاتضح خلال أربعة سنوات، "غير أنه يعكس أن الآلام التي يعانيها الشعب السوري أطول بكثير".
وفي مؤتمر عبر الهاتف يوم الأربعاء الذي ضم رئيس لجنة الإنقاذ الدولية ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبريت، قال لي إن الصور الليلية التي التقطتها الأقمار الاصطناعية فرصة نادرة لنرى الصورة الكاملة للأزمة ولو مرة.
وقال إنه الآن ينظر إلى النزاع الحالي في العراق من خلال تحليل مماثل للضوء الليلي.
وضمت اتصال الأربعاء طبيب أسنان سوري كان يقيم حتى الصيف الماضي في ضاحية محاصرة في دمشق، والتي ظلت بدون كهرباء لنحو ثلاثة سنوات. وتحدث الطبيب تحت اسم مستعار حرصا على سلامته.
وقال "إنه عاش بدون كهرباء طيلة 900 يوم". مضيفا "تخيل أن تقضي يومك، بدون كوب القهوة الخاص بك.. وتخيل محاولة الحفاظ على المدارس والمستشفيات تعمل".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً