مستشار قانوني لرووداو: مجلس النواب لن يصادق على قانون العفو العام بهذه الدورة

29-10-2024
معد فياض
الكلمات الدالة قانون العفو العام
A+ A-
رووداو ديجيتال

رأى المستشار القانوني هيمن باجلان، العضو السابق لمجلس المفوضية العليا لحقوق الانسان في العراق أن قانون العفو العام "لن يرى النور" في هذه الدورة لمجلس النواب العراقي، "وإذا كتب له الولادة فستكون ولادة عقيمة ولا يستفيد منه الا عدد قليل من المعتقلين".
 
للمرة الثالثة اخفق مجلس النواب العراقي اليوم الثلاثاء (29 تشرين الاول 2024) بالمصادقة على مشاريع القوانين التي وضعت على جدوله ورفع جلسته، بعد عدم اتفاق الاطراف السياسية على التصويت على ثلاثة قوانين مثيرة للجدل، وهي التصويت على مشروع قانون إعادة الدور والأراضي التي صودرت بموجب قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل إلى مالكيها الأصليين، وهو قرار يصر المكونان الكوردي والتركماني على إقراره. 
 
كذلك التصويت على مشروع قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي، وهو مطلب رئيس للمكون الشيعي. اما الفقرة الثالثة تتضمن التصويت على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام، وهو أحد مطالب السنة وقد أُدرج في المنهاج الوزاري للحكومة الاتحادية العراقية عند تشكيلها.
 
المستشار القانوني هيمن باجلان، قال لشبكة رووداو اليوم الثلاثاء (29 تشرين الاول 2024) أن "قانون العفو العام كان قد صدر عام 2016 بالرقم (27) ولم يُعمل به، وما يتم مناقشته في مجلس النواب حالياً هو تعديل للقانون السابق الذي كان قد صدر قبل 8 سنوات".
 
وكان العدد (4417) من جريدة الوقائع العراقية قد نشر قانون العفو العام والذي اوضح ان "المادة (1) من القانون تنص على ان العفو العام يشمل العراقيين المحكومين بالإعدام او بإحدى العقوبات او بالتدابير السالبة للحرية سواء كان الحكم وجاهياً ام غيابياً، اكتسب درجة البتات ام لم يكتسب، ودون الاخلال بالمسؤولية المدنية او التأديبية او الانضباطية، وتسري احكام هذه المادة على المتهمين كافة بإستثناء من ارتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة (4) من هذا القانون".
 
وقال باجلان إن "أبرز أسباب طرح مناقشة تعديل قانون العفو العام في مجلس النواب هو اكتضاض السجون بأعداد كبيرة من النزلاء الذين يُطلق عليهم وصف (سجناء الارهاب) اي المتهمين بقضايا الارهاب"، مشيرا الى ان "الطاقة الاستيعابية لسجن الحوت في الناصرية، مثلاً، تبلغ  2500 نزيل، ثم صارت 4 الاف نزيل، واليوم يضم اكثر من 12 الف نزيل، اضافة الى ضغط الكتل السنية التي تؤكد أن غالبية المعتقلين مظلومين ومحكومين او احيلوا الى الاعتقال تحت طائلة المادة 4 ارهاب، وهم من العرب السنة وضحايا وشايات المخبر السري واتهامات كيدية".
 
وأضاف باجلان أنه "وبعد تحرير المحافظات السنية التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي صار هناك رأي عام وكذلك نقاشات تحت قبة البرلمان بالعمل على تشريع قانون جديد للعفو العام، وقد ذهب اكثر من مشروع قانون الى مجلس الوزراء، باعتبار ان البرنامج الحكومي الذي أوصل محمد شياع السوداني الى منصب رئاسة الحكومة كان أحد فقراته تشريع قانون العفو العام، وبموجب هذا الوعد صوتت الكتل والاحزاب السنية على تنصيب السوداني". 
 
وأوضح أن "مجلس الوزراء أجرى تعديلاً لتعريف من يشملهم قانون العفو العام السابق وارسله الى مجلس النواب العراقي، لكن هذا التعديل اصطدم برفض الكتل السنية في البرلمان، كونه لا يتناسب ومصلحة المعتقلين او ينطبق على اعداد قليلة منهم، وهذا لا يأتي بما اتفقت حوله الكتل السنية، وتشكلت اكثر من لجنة وصاغت اكثر من تعديل وقدم اكثر من مشروع قانون، ثم جمعوا عدة مسودات وعرضت على الدائرة القانونية وتمت عرقلته لأكثر من مرة".
 
وبيّن أن "مشروع قراءته توقف، بسبب اقالة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، واليوم انتهى اعضاء المجلس من القراءة الثانية لمشروع القانون وتبقت مسألة اقراره".
 
حول أسباب تأخير أو تأجيل اقرار قانون العفو العام، قال المستشار القانوني هيمن باجلان: "قبل سنة قلت أن قانون العفو العام سوف يدخل في مزاد الصفقات والمساومات او مقايضة بين الكتل السياسية لتمرير هذا القانون مقابل تمرير قانون من قبل كتلة اخرى، وهذا ما يحدث اليوم حيث تساوم الكتل الشيعية مع الكتل السنية على تمرير تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 مقابل موافقتها (الكتل الشيعية) على قانون العفو العام".
 
واستدرك أن "هذا القانون لن يرى النور في هذه الدورة لمجلس النواب"، مردفاً أن "هناك الكثير من القوانين جرت لها قراءات اولى وثانية ولم يتم التصويت عليها واقرارها من قبل مجلس النواب"، مستشهداً بـ"قانون الاخفاء القسري وقانون مناهضة التعذيب التي جرت لها قراءات اولى وثانية، واليوم نائمة في ادراج مجلس النواب. هذا القانون يحتاج الى تجديد وتطوير لأنه يهم حياة مواطنين عراقيين".
 
ونبّه باجلان الى أن "مجلس النواب العراقي اخفق بهذه الدورة بسن وتشريع قوانين حقوق الانسان والعراق ملزم دولياً باصدار أكثر من قانون في مجال حقوق الانسان، لأنه صادق على الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص، مثل مناهضة التعذيب والاخفاء القسري وغيرها من الاتفاقيات الدولية".
 
وذكر أن "الدستور العراقي يلزم العراق باصدار قانون وطني لأي اتفاقية دولية يصادق عليها العراق، لهذا يقولون إن طبيعة الدستور العراقي هي طبيعة ازدواجية ما بين الموافقة على الاتفاقيات الدولية واصدار القوانين الوطنية. مثلاً الدستور الفرنسي يحول اي اتفاقية دولية تصادق عليها فرنسا الى قانون بعمل به، بينما العراق يجب ان يصدر برلمانه قانوناً خاصاً لجعل هذه الاتفاقية قانوناً وطنياً".
 
ولفت باجلان الى ان "مجلس النواب العراقي اخفق وعلى مدى ثلاث سنوات في اختيار رئيس ونائب رئيس واعضاء لمجلس المفوضية العليا لحقوق الانسان، التي اقر تشكيلها الدستور العراقي حسب المادة 102، كمؤسسة وطنية مستقلة مثلها مثل المفوضية العليا للانتخابات، وهذا الموضوع يقع على عاتق مجلس النواب، وهذا ممنهج من قبل الدولة العراقية. اعني خلو المفوضية من اعضائها وان لا ترى هذه المؤسسة النور بسبب دورها الفاعل في تظاهرات تشرين ودعمها لموضوع حقوق الانسان ورصدها بمهنية عالية للخروقات التي حصلت".
 
وأضاف أن "هذه المؤسسة حصلت على درجة A (أ) من قبل لجنة الاعتماد العالمي لمراقبة المجالس الوطنية لحقوق الانسان في العالم وكان على الدولة العراقية ان تفتخر بذلك، لكن بدلاً من هذا تم تغييب دور المفوضية من قبل مجلس النواب، والعراق سوف يخسر هذا التقييم للاسف".
 
ونوّه باجلان الى "حالات كثيرة لسجناء ومعتقلين مغيبين واهلهم لا يعرفون اية معلومات عنهم لسنوات طويلة، حيث قدموا لنا شكاوى وقمنا بالبحث عنهم في السجون والمعتقلات، وحصلنا على معلومات صحيحة وابلغنا السلطات المختصة واهالي المعتقلين"، موضحا أن "روتين التحقيقات مع المعتقلين، خاصة المتهمين بقضايا المادة 4 ارهاب الذين غالبيتهم من السنة، تأخذ وقتاً طويلاً يتجاوز السنة، لهذا تطالب الاطراف السنية باعادة التحقيق معهم ومحاكمة من اصدرت بحقهم عقوبات سابقة، واغلبهم ضحايا وشايات المخبر السري والقضايا الكيدية".
 
وخلص المستشار القانوني الى أن "غالبية هؤلاء المعتقلين هم ضحايا المساومات والمقايضة بين الكتل السياسية حسب الاسلوب الشائع (مرر لي هذا القانون وانا أمرر لك ذاك القانون)، وبرأيي ان قانون العفو العام اذا تمت المصادقة عليه في هذه الدورة فلن يستفيد منه الا عدد قليل من المعتقلين، او لا تتم المصادقة عليه، ما يعني اما انه سيولد عقيماً، او لن يولد".
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب