الصناعات النحاسية في الموصل تتحدى الحداثة منذ 800 سنة

24-01-2024
سوق النحاس في الموصل
سوق النحاس في الموصل
الكلمات الدالة الموصل النحاس
A+ A-

رووداو ديجيتال

يعدّ سوق النحّاسين أحد أقدم أسواق مدينة الموصل، حيث تأسس السوق مع بناء المدينة، وعمل النحاسون فيها على مدى تاريخها، لكن ظهور السلع البلاستيكية والمستوردة في العقود الأخيرة أبقى من النحاسين واحداً فقط.
 
النحّاس نور الدين عباس الذي ورث المهنة عن آبائه وأجداده، يمثل الجيل الخامس من النحاسين في العائلة، ويقول لشبكة رووداو الاعلامية، إن "جدي الخامس كان يعمل في هذا السوق وصناعة النحاسيات، وتوارثنا هذه المهنة أباً عن جد".
 
ويضيف النحّاس نور الدين عباس أنه "ولغاية اليوم أنا متمسك بهذه المهنة كي لا تندثر"، مردفاً أن "المواد التي نستعملها هي النحاس الأحمر والنحاس الأصفر، حيث تتم من النحاس الأحمر صناعة الاواني والصواني والدلال وغيرها من مستلزمات البيت التي يحتاجونها الاهالي في المطبخ".
 
عندما تتجول في السوق لا تسمع غير صوت مطرقة نور الدين الذي يصنع القدور والصواني والمعالق ودلال القهوة والأباريق النحاسية.
 
جد نور الدين عباس، كان يعمل في السوق في القرن الثامن عشر، وتوفي في سبعينيات القرن العشرين بعد أن تجاوز عمره 100 سنة.
 
ويذكر نور الدين عباس أنه "عندما كان العثمانيون والأرمن هنا في الموصل كانوا يعملون سوية، وكانوا مختلطين في أي مكان في الأسواق، ولم تختص مهنة بفئة معينة من المجتمع".
 
النحّاس نور الدين عباس، يوضح أن "الحركة في السوق سابقاً كانت جيدة، وبقينا محافظين على محالنا، ورغم دخول تنظيم داعش الى المدينة، لكننا بقينا على مهنتنا كي لا يندثر اسمنا، وبعد فترة داعش جئنا الى سوق باب الساري ليستعيد السوق نشاطه مجدداً".
 
توجد في محل نور الدين عباس المئات من القطع النحاسية التي يتجاوز عمر بعضها 200 سنة، كل القطع صنعت يديوياً من قبل والد نور الدين أو جده، وفي محله تم الحفاظ على التاريخ التراثي لجميع مكونات الموصل.
 
"منذ 2018 جئت هنا وكانت الانقاض منتشرة والمحال مغلقة، لكن عادت الحياة الى السوق، وأنا أشعر بسعادة وراحة نفسية في هذا السوق الذي تربينا فيه، ورزقنا الله منه، ونحن نكسب قوت يومنا ورزقنا والباقي على الله"، حسب تعبيره.
 
النحّاس نور الدين عباس، دعا الجهات المختصة الى أن "ينظروا الينا لأننا ضحينا كثيراً كي لا تندثر هذه المهنة التي تعد هوية المدينة".
 
لم ينقطع صوت طرق المطرقة للنحاس عن السوق منذ 800 سنة، وقد عمل النحاسون باستمرار، وعندما تغيب الشمس يعيد نور الدين عباس كل بضاعته ومواده إلى داخل المحل ويقفل عائداً إلى منزله، ليأتي في اليوم التالي إلى عمله بنفس الحماسة.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب