العراق.. منع استهلاك الكحول يكلّف المسيحيين والإيزديين 15 مليار دينار شهرياً

23-12-2024
رووداو
مشروبات كحولية ومطعم يخلو من الزبائن
مشروبات كحولية ومطعم يخلو من الزبائن
الكلمات الدالة العراق بغداد
A+ A-

رووداو ديجيتال

كشف النائب محما خليل أن إغلاق النواد الاجتماعية ومنع استيراد وتصنيع وبيع الكحول يلحق خسائر بقيمة 15 مليار دينار شهرياً بالمسيحيين والإيزديين العاملين في هذا المجال.
 
يُعدّ استهلاك الكحول موضوعاً جدلياً في العراق الذي يبلغ تعداد سكانه أكثر من 45 مليون شخص، وهم من مختلف الطوائف والإثنيات. ولطالما أثار حظره استنكاراً، خصوصاً من قبل المسيحيين والإيزديين في بلد يُعتبر مجتمعه محافظاً، لكن شرائح كبيرة منه تشرب الكحول وتشتريها من متاجر محددة.
 
وتقدم محما خليل مع ثلاثة أشخاص آخرين بشكوى ضدّ دستورية المادة 14 في قانون واردات البلديات، غير أن القضاء أصدر حكماً أولياً بردّ الدعوى.
 
ويقول عضو مجلس النواب العراقي لفرانس برس، إن القانون "سبّب إرباكاً اقتصادياً" إذ أثّر على ما "بين 150 ألفاً و200 ألف عراقي يمارسون حرفهم المتعلقة" باستيراد وتصنيع وبيع الكحول.
 
وأشار إلى أن "كبار أصحاب رؤوس الأموال من الإيزديين والمسيحيين المستقرين في بغداد منذ الستينات.. يفكرون الآن بالمغادرة بسبب تعطّل مصالحهم.. وبالهجرة إلى الخارج أو إلى إقليم كوردستان."
 
"لنا كإيزديين مع المسيحيين الحق الدستوري.. بممارسة عاداتنا وبيع واستيراد المشروب وتناوله" أردف النائب الإيزدي.
 

"كنا نستقبل 300 زبون كل ليلة"
 
في منتصف تشرين الثاني، تبلّغت نوادٍ اجتماعية تعمل منذ عقود في بغداد بكتاب رسمي يحظر تقديم الكحول للزبائن، بحجة أنها مسجلة كمنظمات غير حكومية.
 
الإجراء جاء ضمن سلسلة قرارات اتخذتها السلطات في العامين الأخيرين، تثير مخاوف من التضييق باسم صون الأخلاق في العراق، حيث الأغلبية البرلمانية تميل إلى سياسات محافظة.
 
وفي شباط، أُغلق نادٍ كان يستضيف جولات لعبة البينغو وأمسيات غنائية "فقط لأننا نقدم الكحول"، حسبما يقول مستثمر مسيحي فيه طلب عدم الكشف عن هويته.
 
كما أُغلقت عشرات القاعات المماثلة، ما دفع بأصحابها بعضهم من الإيزديين إلى التظاهر بانتظام في وسط بغداد.
 
الرجل الأربعيني يرى أن هذه الإجراءات "قاسية على الأقليات الموجودة في العراق"، مضيفاً "تواصلنا مع كل الجهات في الدولة لكن لم يسمعنا أحد."
 
ويشير إلى أن ناديه كان يستقبل نحو 300 زبون كل ليلة و"لم يكن يتسبب بأي إزعاج لأي كان" في محيطه المكتظ اليوم بالقوات الأمنية.
 
وبعدما هجر الزبائن هذا النادي تاركين وراءهم ورق لعب وطاولات طعام وأكواباً جفّت محتوياتها، بقي موظف واحد فقط من أصل عشرات آخرين ليحرس المكان، أما الباقون "فمنهم من باع بيته أو سيارته لسداد ديونه."
 
"لعبة القط والفأر"
 
في 2016، صوت البرلمان العراقي على قانون واردات البلديات الذي ينصّ بمادته 14 على "حظر استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها"، لكنه لم يدخل حيز التنفيذ إلا مطلع 2023.
 
مذاك، زادت السلطات الرسوم الكمركية على الكحول المستوردة، ويرى بعض معارضي الحظر أن هذا الإجراء سيساهم في زيادة استهلاك المخدرات.
 
ورغم دخول القانون حيز التنفيذ، لا يزال شراء الكحول بحرية ممكناً في إقليم كوردستان وكذلك في السوق الحرة في مطار بغداد الدولي، فيما يشيع في العاصمة البيع عبر خدمات التوصيل وعبر نوافذ متاجر أرغمتها السلطات على الإغلاق بالكامل.
 

"المجتمع منافق"
 
في متجر يبيع الكحول عبر نافذة صغيرة، يقول موظف طلب عدم تسميته "إنّنا نلعب لعبة القط والفأر مع السلطات."
 
فمنذ فتح المحل ظهراً حتى إغلاقه قرابة منتصف الليل، يفتح أحد الموظفين الثلاثة نافذة تطلّ على الشارع لكي يعلم المارة أن البيع ممكن. لكن الشرط الأساسي لنجاح العملية هو أن يبقى الموظف المسؤول عن النافذة متيقظاً لكي يغلقها عند مرور دورية أمنية.
 
ويتابع الشاب الإيزدي إن "المجتمع منافق لأن المسؤولين الحكوميين يغلقون متاجرنا لكنهم نفسهم يأتون لشراء الكحول مرتدين لباس مدنية."

"عدم فاعلية"
 
على مسافة أمتار قليلة، يوجد نادٍ اجتماعي كان يعتمد على عشرات آلاف المنتسبين للاستمرار وكثر منهم "أجانب ومسيحيون وإيزديون انتموا إلى النادي لأنه يضمّ حانة" بحسب مسؤول فيه.
 
ويقول من مكتبه المطلّ على مطاعم النادي المقفرة "غداة صدور قرار (الحظر) وانتشار النبأ على وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد لدينا أي زبون."
 
ويعتبر أن هذا القرار "سببُه سياسي" وهدفه "صرف انتباه الناس عن القضايا المهمة مثل قضايا الفساد" المستشري في العراق.
 
هذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها ملف الكحول جدلاً في العراق. ففي السنوات المنصرمة، قامت مجموعات مسلحة بمهاجمة وتفجير متاجر لبيع الكحول وهي محلات يديرها عادة مسيحيون وإيزديون.
 
في أيلول الماضي، أوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري في مقابلة تلفزيونية أن السلطات تقوم بغلق "حانات وصالات قمار" تراها "بؤراً للجريمة.. وللعصابات والمجرمين وتجار الأعضاء البشرية والقتلة."
 
وترى الباحثة في شؤون العراق في منظمة العفو الدولية رازاو صالحي أن "سياسات الحظر لطالما أثبتت عدم فاعلية في دول عدة في حماية الناس من أضرار المخدرات والكحول أو الحدّ من آثارها المجتمعية" لا بل "غالباً ما تغذي العنف والأسواق غير المشروعة والانتهاكات الحقوقية."
 
وتضيف "من غير الواضح كيف يمكن لحظر الكحول بمفرده أن يعالج مشكلة الاتجار بالبشر الخطيرة إذا لم تتخذ السلطات خطوات ملموسة لمنعها."
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

نيجيرفنيجيرفان بارزاني، محمد شياع السوداني ومحمود المشهداني في اجتماع ائتلاف إدارة الدولة

مثمناً دور السوداني.. نيجيرفان بارزاني يؤكد على الاستحقاقات الدستورية لإقليم كوردستان

أكد رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، خلال مشاركته في اجتماع ائتلاف إدارة الدولة، على الحقوق والاستحقاقات القانونية والدستورية لإقليم كوردستان، مثنياً على دور رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي عمل خلال العام الماضي على التفاهم بين أربيل وبغداد، وفق بيان لرئاسة إقليم كوردستان.