رووداو ديجيتال
عادت الى الواجهة السياسية في العراق قضية إقامة الاقليم العربي أو "إقليم الغربية" الذي يضم المحافظات ذات الغالبية السنية، ويشمل ديالى والأنبار وصلاح الدين ونينوى وأطراف بغداد، في رغبة من سكان هذه المناطق باللجوء لادارة مدنهم بأنفسهم بعيداً عن المركزية.
فكرة الإقليم العربي في العراق أو "الاقليم السني" ليست جديدة، فقد بدأت تنمو داخل الأوساط السنية بعد سنوات الطائفية بين عامي 2006 و2010 والتي شهدت تناحراً طائفياً بين الشيعة والسنّة في العراق، كما تم تداولها أميركياً في مراحل مختلفة، وشهدت تأييداً عربياً غير معلن، لمواجهة هيمنة الأحزاب الدينية الشيعية على المشهد السياسي والأمني والاقتصادي في العراق.
ومما زاد في رغبة المكون السنّي في العراق اقامة اقليم لهم، ما لمسوه خلال فترة نزوحهم الى اقليم كوردستان من استقرار سياسي وأمني واقتصادي، مقرون باشادة دولية بهذه التجربة في هذا الجزء من العراق، والذي يكاد يكون الأفضل من حيث تنفيذ القانون وتقديم الخدمات.
عقب الانتهاء من اجراء انتخابات مجالس المحافظات، عادت فكرة الاقليم العربي الى الواجهة، في ظل مشاركة لا بأس بها من أبناء هذه المحافظات في الانتخابات، رغبة منهم في تغيير واقعهم وإضافة المزيد من التقدم والتنمية لمناطقهم التي عانت الأمرين بعد عام 2003 ولحد الان، من حيث الحروب الطائفية واحتلال داعش لهم ونزوح الملايين منهم الى اقليم كوردستان والى خارج العراق.
مليون مهجر و600 ألف سنّي مطلوب
بهذا الصدد، يقول أمين عام جبهة الخلاص العراقي للحرية والسلام، ثائر البياتي، لشبكة رووداو الاعلامية إن "المطالبة باقامة اقليم لم يأت من فراغ، بل من خلال ما موجود في الدستور وما نص عليه الدستور، وبعد يأسنا من ايجاد حلول من الحكومة المركزية الطائفية التي تتعامل مع الشعب العراقي بمنطق طائفي واقصائي وتهميش واستهداف".
ويوضح ثائر البياتي أنه "وخلال عشر سنوات هنالك أكثر من مليون مهجر، ومناطقهم محتلة لا دخل لهم بتنظيم داعش ولا بأي ارتباط بالارهاب، وهنالك أكثر من 600 ألف مطلوب في الحاسبات الأمنية، كما أن هنالك 4 – 5 ملايين لاجئ الى خارج العراق بسبب سياسيات الحكومات الموجودة في المركز".
الاقليم مطلب متفق عليه بين السنّة
"لم نجد خياراً الا طرح موضوع الاقليم الذي هو من الأساس موجود في الدستور ومتبنى من قبل الادارة الأميركية والرئيس جو بايدن تحديداً حينما كان نائباً في الكونغرس، وقتها طرح الموضوع سنة 2007"، وفقاً لثائر البياتي، الذي أشار الى أنه "في حال عملنا استفتاء في المناطق السنية سنجد 99.99% منهم يؤيدون موضوع اقامة اقليم، لأن الناس يريدون الخلاص من الميليشات التي احتلت مناطقهم وتخطف وتقتل وتسرق وتفرض أجندات طائفية في هذه المناطق".
أمين عام جبهة الخلاص العراقي للحرية والسلام، يرى أن "المشكلة الأكبر انه حصل تهديد وجود، والانسان في هذه المناطق مهدد بالوجود ومهدد حتى في عقيدته، بعد ان فتحوا مدارس تابعة للخميني ولولاية الفقيه الايرانية في الموصل وفي صلاح الدين وفي كركوك وفي ديالى، والتي غالبية سكانها من المذهب السنّي، علماً أننا لم نطرح مشروع اقليم طائفي، بل طرحنا مشروع اقليم اداري، والذي نص عليه الدستور العراقي".
نظام الأقاليم هو الأصلح للعراق
أما بشأن طرح هذا الموضوع مع الأطراف المعنية، ينوّه ثائر البياتي الى أنهم تحاوروا بهذا المطلب مع اصحاب القرار ومع الفاعل الدولي ومع الامم المتحدة وتمت مناقشة هذا الموضوع مع كل هذه الاطراف، مؤكداً أنه "لا خيار للعراق واستقراره الا بتطبيق نظام الاقاليم".
ويضيف: "عانينا من النظام المركزي منذ تأسيس الدولة العراقية الى الان، ومنذ الحكم المركزي يعيش العراق في مشاكل وحروب، لذا دعونا الى أن نذهب الى نظام آخر جديد ونبتعد عن السيطرة من المركز وقدرة المركز على فرض أجندات على الآخرين".
مطالب دستورية رفضتها بغداد
ويلفت ثائر البياتي الى أنه "في أعوام 2011 و2012 و2013 قدمنا مطالب باقامة اقليم، حيث قدمنا عبر مجلس محافظة صلاح الدين ما مطلوب منا من خلال الدستور، والذي هو ثلثي أعضاء مجلس المحافظة و10% من عدد الناخبين، وقدمنا ذلك باستمارات وأوصلناها الى بغداد، لكن رئيس الوزراء وقتها نوري المالكي قام بتسويفها، لكون لديه مشروع لاحتلال هذه المناطق، وهو بذلك خالف الدستور بشكل صريح، كما قدمنا ذات المطلب في ديالى وأيضاً قام المالكي بتسويفها"، حسب قوله.
ويشير الى أنه "في عام 2013 عملنا على هذا الشيء في نينوى، لذا قاموا بادخال تنظيم داعش"، متسائلاً: "كيف نتعامل مع حكومة ضربت الدستور عرض الحائط؟ ونحن نتعامل مع حكومة لا تتعامل بالدستور ولا تعترف بحقوق بقية المكونات العراقية الاخرى، ولم يبق مكون في العراق لم يتم استهدافه من قبلهم".
ويضيف أنه "حصل استفتاء غير معلن، وتم التوقيع عليه من قبل الكثير من ابناء المحافظات"، مشدداً على ضرورة أن "يكون العراق مؤلفاً من ثلاثة اقاليم مثلما كان سابقاً، حيث كانت ولاية الموصل وولاية بغداد وولاية البصرة".
استثناء كركوك من الاقليم العربي
أمين عام جبهة الخلاص العراقي للحرية والسلام، يقول أيضاً: "نحن لم نطلب غير استحقاق الكثافة السكانية في مناطقنا، التي فيها أغلبية سنية من جرف الصخر الى ربيعة ومنذ المنذرية الى القائم، والتي هي محتلة من قبل الميليشيات"، مردفاً: "استثنينا كركوك من هذا الاقليم، لأنه وفقاً للحوار الذي جرى مع الكورد فإن كركوك تحكم من قبل أهلها مثلما صرح القائد مسعود بارزاني، والمحافظة تتألف من ثلاثة مكونات، لذلك ابتعدنا عن خلق مشاكل مع أي طرف ولاسيما مع الكورد الذين هم مستهدفون من قبل الأطراف في بغداد".
بخصوص المناطق التي يشملها الاقليم العربي، يوضح ثائر البياتي، أن "الاقليم العربي يشمل مناطق نينوى وصلاح الدين والأنبار وديالى وحزام بغداد"، مردفاً أنه "في ديالى، غالبيتها سنّية بنحو 65%، ومع الكورد السنّة في تلك المناطق فإن تعدادهم سيكون أكثر من 75%، أما الـ 25% فهم الذين حاولوا الترويج لاعتبار ديالى شيعية، من خلال الميليشيات الموجودة في المناطق أو العشائر".
عشائر صلاح الدين الشيعية يطالبون بالاقليم
أما بشأن موقف العشائر والمكونات الأخرى، بيّن ثائر البياتي: "جاءت الينا في أربيل وفود من العشائر الشيعية في محافظة صلاح الدين، وطالبوا بتخليصهم من أوضاعهم في مناطق الدجيل وبلد"، لافتاً الى أن "أغلبية التركمان يتواجدون في كركوك، ونحن استثنينا كركوك من هذا الموضوع".
ويشير الى أن "عدد نفوس العرب والتركمان السنّة في طوزخورماتو أكثر من 90-95 ألف نسمة، بينما عدد التركمان الشيعة لا يتجاوز الـ 15 الف نسمة، في حين عدد الكورد السنّة في طوزخورماتو يبلغ أكثر من 20 الف نسمة، لذا الأغلبية هي من تحكم"، مؤكداً: "لسنا اقليماً طائفياً نذهب الى الانتقام، بل تأمين الارض لإعادة ملايين النازحين والمهجرين الى مناطقهم".
"جرف الصخر محتلة"
بخصوص ملف جرف النصر، (جرف الصخر سابقاً)، يرى ثائر البياتي أن "جرف الصخر منطقة محتلة من قبل حزب الله والحرس الثوري الايراني، والأميركان يدركون ذلك جيداً، والساسة العراقيين اعترفوا بذلك أمثال اياد علاوي وصالح المطلك وغيرهم، وقالوا ان جرف الصخر أمرها بيد ايران".
ويشدد ثائر البياتي أن "على الادارة الأميركية، باعتبارها شريكة دائمية للعراق وهنالك اتفاقية بينهما لحفظ أمن العراق، أن تتعامل مع هذا الملف وتطهّر العراق من هذه الميليشيات الارهابية المسيطرة على هذه المناطق، ليس فقط في جرف الصخر بل في العوجة ويثرب وأطراف طوزخورماتو التي تضم 40 قرية تسيطر عليها الميليشيات ولديهم فيها معسكرات، وكذلك في الموصل ايضاً، ومناطق سهل نينوى التي أصبحت قاعدة للميليشيات الارهابية وفي مناطق الشبك ايضاً".
ويضيف أن "كل الاستهدافات التي تطال مطار اربيل الدولي عبر الطائرات المسيرة تنطلق من مناطق برطلة وبعشيقة، لذا فالادارة الأميركية مجبورة أن تتعامل مع الميليشيات الارهابية وأن تضغط على الحكومة العراقية"، منوهاً الى أن "الضغط على الحكومة العراقية كبير لبيان موقفها الحقيقي مما يجري على الأرض".
تلويح السياسيين السنّة بورقة الإقليم العربي، على غرار تجربة اقليم كوردستان، والذي يضمن لهم الدستور ذلك، قد يجعلهم ينجحون في توحيد جمهورهم في نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وحزام بغداد، وهو ما سيدّق أجراس الإنذار لدى الأطراف الشيعية، خصوصاً بعد بدء التشغيل التجريبي لحقل عكاز الغازي العملاق في صحراء الأنبار، وقرب تحولها إلى مركز لإنتاج تراقبه طهران وموسكو أيضاً، ضمن حرب الطاقة وخطوط نقل الغاز، المستعرة بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
كما ان مناطق السنّة في العراق توجد فيها ممرات نهري دجلة والفرات، فضلاً عن وجود معادن بكميات هائلة، ولاسيما الكبريت والفوسفات.
كما أن تبني فكرة الإقليم داخل المحافظات ذات الأغلبية السنية، سيشجع البصرة ذات الأغلبية الشيعية، على إعادة طرح مشروع إقليم البصرة الذي فشل عامي 2008 و2013، باعتبارها ميناء العراق الوحيد وطريقه التجاري الأبرز، وامتلاكها لنحو 80 في المائة من احتياطي النفط في العراق.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً