رووداو ديجيتال
كشف رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر عن مواقف صريحة إزاء مجموعة من القضايا، من الخلاف مع محمد الحلبوسي الذي عده "مسألة منهج وطريق" إلى انتخاب محمود المشهداني لرئاسة البرلمان الذي جاء لـ "حل خلاف شيعي داخل الإطار"، نافياً أن تكون هناك نية لـ "حراك أو تظاهر" في المحافظات الغربية في ضوء الأحداث في سوريا.
كشف رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر عن مواقف صريحة إزاء مجموعة من القضايا، من الخلاف مع محمد الحلبوسي الذي عده "مسألة منهج وطريق" إلى انتخاب محمود المشهداني لرئاسة البرلمان الذي جاء لـ "حل خلاف شيعي داخل الإطار"، نافياً أن تكون هناك نية لـ "حراك أو تظاهر" في المحافظات الغربية في ضوء الأحداث في سوريا.
وقال خلال مشاركته في الحلقة التاسعة من برنامج "بيستون توك" على رووداو، اليوم الخميس (19 كانون الأول 2024)، رداً على سؤال عن إمكانية انطلاق حراك في المحافظات الغربية في ضوء التطورات في سوريا: لا أعتقد أن هناك أي شيء، ولا توجد أي تظاهرات، ولا توجد أي نية أو حراك. ولكن يوجد سخط بسبب عدم رفع الظلم عن الناس، وبسبب التأخير في إطلاق سراح السجناء الأبرياء، والتأخير في مسألة عودة النازحين إلى مدنهم وقراهم".
وحذر من أن السّنة "سيتجهون إلى جهات أخرى لا تريد الخير للعراق، ولا تسعى لحل الإشكالات بيننا بالتفاوض والتفاهم والسياسة والنقاش" إذا لم يجدوا من يدافع عنهم، مشدداً على أن أكبر سلاح يمتلكه العراقيون في مواجهة "المخططات الإقليمية والخطيرة" هو "تقوية الجبهة الداخلية".
في رده على سؤال بشأن ما إذا كانت لديه اتصالات مع رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، قال إن "القصة ليست قصة اتصالات، الاتصالات بسيطة. المسألة أكبر. المسألة هي منهج وطريق".
ورأى أن ترشيح واختيار محمود المشهداني لمنصب رئيس مجلس النواب كان الهدف منه "إنهاء خلاف شيعي داخل الإطار حول الأسماء".
أما عن اعتراف تحالف السيادة بريبوار طه محافظاً، فقد اعتبر أن "القصة ليست أن نعترف أو لا نعترف"، مشيراً إلى أنهم كانوا "في أكثر من محطة على تشكيل حكومة بمفردنا بعيداً عن الأطراف الأخرى".
ونوّه إلى أنهم بانتظار قرار المحكمة الإدارية بشأن قانونية جلسة انتخاب المحافظ، وسيقررون في حينه ما إذا كنا يتوجهون نحو المعارضة داخل مجلس المحافظة أو يشاركون في إدارته، بناء على ما يخدم مصالح جمهورهم ويعزز أمن واستقرار كركوك.
الخنجر معاقبة الموظفين بسبب خلافات مع حكومة إقليم كوردستان، داعياً بغداد إلى "حل الإشكاليات مع إقليم كوردستان، ومعالجة هواجس ومخاوف الشعب الكوردي، بحيث يشعر بالتمسك ببغداد ووحدة العراق".
وأعرب عن تضامنه مع الإيزديين لما "تعرضوا له من ظلم على يد تنظيم داعش الإرهابي"، مشيراً إلى المساعي التي يبذلها لـ "حل الإشكاليات بينهم وبين العشائر المجاورة".
أدناه نص الحوار:
بيستون عثمان: تشرفنا.. أهلا بكم في كوردستان وفي أربيل، بيتكم الثاني. اعتقد بأنكم ترون كوردستان بيتكم الثاني؟
خميس الخنجر: أكيد كوردستان وأربيل نعتبرها بيتنا وبيت كل العراقي إن شاء الله.
بيستون عثمان: اليوم، يجتمع الشباب من كافة أنحاء كوردستان والعراق، من جبال كوردستان إلى شط العرب. نرجوا تأكيدكم على ضمان حريتهم الكاملة في التعبير، وأن يعودوا إلى بيوتهم سالمين وآمنين بعد انتهاء اللقاء. الشباب هم عماد المستقبل، ويجب أن يعكس الشباب حالة مختلفة عن المناكفات التي تحدث بين السياسيين، وأن تكون الأسئلة جادة وحتى النقد بناءً من أجل بناء العراق الذي نطمح له جميعاً، العراق الذي يتساوى فيه العراقيون في الحقوق والواجبات.
"أتضامن مع كل من اغتصب بيته"
بيستون عثمان: كان حديثكم رائعاً جداً. الآن، بما أننا جميعاً حاضرين، دعونا نبدأ بأول سؤال. من لديه السؤال الأصعب؟
هفين هه لو (هەڵو) من كركوك: أنا هفين هه لو من كركوك. منذ 16 أكتوبر (2017) اضطررت إلى الانتقال بشكل كامل إلى أربيل. سؤالي لحضرتكم يتعلق بموقفكم من المادة 140 من الدستور العراقي وما يرتبط بها. لماذا تبدون استعداداً للتوافق مع الأطراف الشيعية ضد الكرد؟ ولماذا تستفيدون من أراضي كركوك ونواحيها؟
برأيكم، ما الفرق بين الجيش العراقي الحالي وجيش زمن صدام حسين؟ لأنني أرى أنه لا يوجد فرق يُذكر. القوات العراقية احتلت منزلي وأحرقته منذ سبع سنوات عقب أحداث 16 أكتوبر، وذلك بأمر من راكان الجبوري، الذي هو أحد أعضاء كتلتكم، وعلى ما أعتقد صديقكم المقرب. بعد ذلك، احتل منزلي مرة أخرى والذي أصبح الآن مقراً للجيش العراقي؟
خميس الخنجر: واضح أن هناك تعاطفاً كبيراً معك بخصوص هذا السؤال. طبعاً، نحن مع تنفيذ كل الاتفاقات التي اتفق عليها الفرقاء السياسيون من أجل تحقيق الاستقرار وإشاعة العدالة الاجتماعية. وحقيقةً، في هذا الملف نحن لا نقبل أن يُحتل أي منزل أو يُنتهك أي بيت من بيوت العراقيين من جميع الأطراف. ونعتقد أن تطبيق هذه المواد يجب أن يكون بعدالة؛ فالمنطقة التي بها أغلبية من هذا المكون تأخذ دورها بشكل طبيعي وتمارس حريتها بشكل طبيعي، والمنطقة التي بها مكون آخر أيضاً تأخذ حريتها في اتخاذ قرارها بما تريد، وأين تريد، وإلى أي جهة تريد أن تنتمي.
هذه المسألة، في اعتقادي، تحتاج إلى حوار حقيقي وجاد، كما تحتاج إلى تطبيق الاتفاقات السياسية بشكل عادل وبدون انتقائية. وأنا مؤمن أنه لا يوجد عربي، سواء كان شيعياً أو سنياً، يريد أن يرى كوردي قد سُلب منزله من قبل قوى أمنية أو جهة مكوناتية. وبالتالي، أنا أتضامن معك ومع كل من اغتُصب بيته أو تم التجاوز عليه، ويجب إرجاع الحقوق إلى أهلها.
بيستون عثمان: بخصوص هذا الموضوع، القانون ينص على إلغاء جميع قرارات محكمة الثورة السابقة لحل آلاف المشاكل التي تعرض لها أهالي كركوك، مثل حالتنا هنا. فهناك أراضٍ وأملاك تابعة لهم قانونياً، ولكن بسبب القرارات التي صدرت في زمن صدام حسين، أصبح الآخرون القادمون من خارج المنطقة مستولين على أراضيهم. الأطراف الكوردستانية في البرلمان العراقي حاولت معالجة هذه المشكلة، ولكن الأطراف العربية من السنة والشيعة لا يمنحون المجال. فما هو موقفكم من هذا الموضوع؟
خميس الخنجر: أولاً، نحن كشخص وكجهة سياسية معروفون بدعمنا لكوردستان ولشعب كوردستان في كل القرارات التي تُطرح في البرلمان والحكومة. وثانياً، هذا القانون الآن معروض على البرلمان، وأعتقد أنه كان هناك نقاش بين كل الأطراف، وتم التوصل إلى صيغة قد يتم التصويت عليها في الفترة القادمة.
بيستون عثمان: هل ستصوت كتلكم على هذا القانون؟
خميس الخنجر: نعم، ونصوت مع الأطراف بناءً على اتفاق توصلنا إليه بشأن ثلاث قوانين، وهي قانون العفو، وتعديل قانون العفو، وهذا القانون (إعادة العقارات إلى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة)، وقانون الأحوال الشخصية. وأعتقد أنه في الفترة القادمة سيتم التصويت عليها جميعاً، ونحن ككتلة سياسية بالتأكيد سنصوت على هذه القوانين.
الاعتراف بمحافظ كركوك
بيستون عثمان: فيما يتعلق بكركوك، الموضوع الأهم هو إدارة كركوك. أحد أعضاء مجلس المحافظة يتبع لحزبكم، وكما ذكرت الأخت، راكان الجبوري، يُعتبر قريباً منكم. ما الذي ستفعلونه؟ أعتقد أنكم تنتظرون قرار المحكمة الذي سيصدر في 24 من هذا الشهر، صحيح؟ لكن ما هو موقفكم؟ ألا ترون أن الأخ ريبوار (محافظ كركوك ريبوار طه) هو الأنسب ليكون محافظ كركوك؟
خميس الخنجر: المشكلة الآن في كركوك ليست مشكلة مع مكون واحد، المشكلة في كركوك هي أن الكتلة الأكبر من العرب، نحن ككتلة السيادة، لدينا المركز الأول بين العرب، حيث نمتلك أربعة مقاعد من أصل ستة مقاعد للعرب، بينما كتلة الحزب الديمقراطي تمتلك مقعدين، وكتلة التركمان تمتلك مقعدين أيضاً. هؤلاء جميعاً لم يشاركوا في حكومة كركوك. وكنا قادرين في أكثر من محطة على تشكيل حكومة بمفردنا بعيداً عن الأطراف الأخرى، لكننا، احتراماً لمبادرة دولة رئيس الوزراء والتزاماً بخارطة الطريق التي وضعها، قمنا بإلغاء الاجتماع مرتين للسماح لجميع الأطراف بالمشاركة. المسألة الآن هي أنه تم إبعاد نصف المكون الكوردي وهو الحزب الديمقراطي، وتم إبعاد ثلثي العرب وهم كتلة السيادة، كما تم إبعاد مكون كامل وهو التركمان من إدارة المحافظة. فالخلل الموجود هو خلل في إدارة المحافظة وهو، في الحقيقة، مرتبط بالقانون الخاص بكركوك.
وبالتالي، نعتقد أن ما حدث هو في الحقيقة غير قانوني. وكان الأولى أن نحترم مبادرة دولة رئيس الوزراء. وحتى الأخ الرئيس بارزاني، في محطتين، أكد على أنه يجب ألا نصوت على تشكيل حكومة محلية إلا بعد أن ننتظر ما يقرره الأخ رئيس الوزراء بناءً على اتفاقنا جميعاً وجلساتنا المتواصلة مع دولة الرئيس. وهذا، في اعتقادي، ليس مسألة تخص مكوناً واحداً أو فئة سياسية واحدة، وإنما تشمل جميع الأطراف.
بيستون عثمان: هل يمكننا أن نفهم من حديثكم أنكم حتى الآن لا تعترفون بالأخ ريبوار كمحافظ لكركوك؟
خميس الخنجر: القصة ليست أن نعترف أو لا نعترف القصة هي مخالفة لاتفاقات سياسية ومخالفة للقانون.
بيستون عثمان: المحكمة الاتحادية لم تنظر في هذه الدعوى وصرحت بأنها ليست من اختصاصها، والموضوع الآن بيد المحكمة الإدارية.
خميس الخنجر: المحكمة الاتحادية أجابت بأنها ليست مختصة، وأكدت أن هذا الاختصاص يعود إلى المحكمة الإدارية. فالمحكمة الإدارية هي التي تنظر في الأمر. ومن الناحية القانونية، أؤكد لك أن الجلسة هي غير قانونية حسب رؤيتنا وحسب رؤية المستشارين لدينا. وبالتالي، فإن إبعاد مكون كامل، مثل التركمان، وإبعاد جزء كبير من المكونات الأخرى لا يجلب الاستقرار لكركوك.
بيستون عثمان: إذا أصدرت المحكمة قراراً يؤيد الجلسة وإدارة كركوك، هل أنتم مستعدون للتعامل مع هذا القرار؟
خميس الخنجر: سنحترم القانون.
بيستون عثمان: هل أنتم مستعدون للمشاركة في إدارة كركوك وتولي المناصب التي لا تزال شاغرة؟ وهل ستشاركون على الأقل في اجتماعات مجلس المحافظة؟
خميس الخنجر: المشكلة في كركوك مشكلة معقدة، وتعرفون تعقيد مسألة كركوك في الفترة الماضية كلها، منذ 2003 وحتى الآن وما قبلها. وبالتالي، أعتقد أن الرؤية التي وضعها الرئيس الوزراء كانت صالحة لإدارة هذه المحافظة بالتدوير بين المكونات. نحن نعتقد أن ما جرى هو غير قانوني، وقدمنا أوراقنا كلها للمحكمة، وننتظر قرار المحكمة، وما تقرره المحكمة سنحترمه.
بيستون عثمان: هل ستشاركون في الاجتماعات؟
خميس الخنجر: سنقرر في حينه ما إذا كنا سنتجه نحو المعارضة داخل مجلس المحافظة أو نشارك في إدارته، وذلك بناءً على ما يخدم مصالح جمهورنا ويعزز أمن واستقرار كركوك.
أحمد عادل من البصرة: أنا من عاصمة العراق الاقتصادية، البصرة الفيحاء. سؤالي لحضرتك، السيد خميس الخنجر: إذا كان العراق يشبه سفينة، والمكونان السني والشيعي هما من يتوليان قيادتها، فما هو دور كل منهما؟ ومن سيكون الموجه الذي يقود هذه السفينة نحو بر الأمان؟
خميس الخنجر: طبعاً، البصرة، اسمح لي قليلاً، هي أول مدينة بُنيت في الإسلام بعد مكة والمدينة. وكل المؤرخين، من الطبري إلى المؤرخين الكبار الذهبيين، يجمعون على أن المجتمع المدني العربي الإسلامي لم يتكون قبل البصرة. فكان المجتمع في مكة والمدينة، حواضر الأمة في تلك الفترة، إما في البادية أو في المدن. في الحواضر أو في البادية، كان المجتمع قبلياً بمعنى أنه في البادية هذه أراضٍ مخصصة لهذه القبيلة أو تلك، وداخل المدن هذا حي بني خزاعة وهذا حي بني تميم، وهذه أحياء للقبائل.
لأول مرة، تُبنى مدينة للجند، لأبطال العرب، لشجعان العرب، لأهل العقيدة السليمة والقوية، يأتون من كل القبائل ويجلسون في مدينة واحدة. ويكون هناك حي فيه أفراد من كل القبائل. فأول ما تكوّن المجتمع المدني العربي الإسلامي كان في البصرة. لذلك، المؤرخون يقولون إن العربي كان يُسأل: من أين أنت؟ فإذا قال من اليمن، يُسأل: من أي مدينة؟ من حضرموت؟ من أي قبيلة؟ من أي فخذ؟ إلا إذا قال: أنا من العراق، فذلك يكفيه شرفاً، لأن البصرة في العراق.
بيستون عثمان: طبعاً، وعلى ذكر هذا الموضوع، نحن أيضاً لدينا السليمانية. السليمانية، التي تأسست قبل حوالي 200 عام، لم يعتمد تأسيسها على القبائل والعشائر. على العكس، كل الناس الذين جاؤوا من نواحي السليمانية، مثل شهرزور وشاربازير وقرداغ، كانوا في الأصل يأتون إلى السليمانية بسبب نجاحهم في مجالات أعمالهم. داخل السليمانية، كان الجميع يعيشون معاً، رغم أنهم قدموا من مناطق مختلفة. كانوا يتعايشون في أحياء مثل ملكندي وصابون كران، وألقابهم كانت تُنسب إلى مهنهم وليس إلى قبائلهم أو عشائرهم. على سبيل المثال، فلان الخياط، فلان القزاز، أو فلان البزاز. وبالتالي، كل هؤلاء الذين حملوا ألقاب السليمانية كان ارتباطهم بمهنهم وليس بالقبائل.
خميس الخنجر: في البلدان المتنوعة تستطيع قيادة البلد إما أن تجعل هذا التنوع ثراءً أو يكون وبالاً على البلد. إدارة هذا التنوع هي التي ستجعل المكونات تنصهر في بوتقة وطنية تسحب البلد إلى الأمام وتطمئن الآخرين بشأن المستقبل. العراق الحديث تأسس في عام 1921، وخلال المئة عام الماضية، أو لثمانين عاماً، هل وافق الكورد على طريقة حكم العراق؟ لم يوافقوا. هل كان الشيعة، أخواننا الشيعة، مطمئنين لطريقة الحكم في العراق؟ لم يكونوا مطمئنين. وبعد 2003، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، أُدير البلد من قبل مكون واحد، وحتى وجود الآخرين كان شكلياً. هل استقر البلد؟ هل تقدم البلد؟ هل اطمأنت جميع المكونات إلى طريقة الحكم؟ أنا أعتقد لا، ومؤمن بذلك. لذلك، ما نحتاجه لهذه السفينة هو أن ندير هذا التنوع والثراء كما أداره الرسول (ص) في المدينة. الرسول (ص)، عندما دخل المدينة، أول شيء فعله هو وثيقة المدينة. وثيقة المدينة كانت أشبه بالدستور.
بيستون عثمان: الأ يعدّ دستورنا الحالي وثيقة؟
خميس الخنجر: نعم، لكن انظر إلى ذكاء الرسول صلى الله عليه وسلم وفلسفته. هناك جدل بين المفكرين حول ما إذا كان الرسول أسس في هذه الوثيقة دولة المواطنة أم دولة المكونات. على ما أعتقد وأفهم من كثير من المفكرين الكبار، هو أنه أعطى حقوق المكونات التي تؤدي إلى دولة المواطنة التي تسمح لكل الأطياف وكل المكونات وكل القوميات بأن يكونوا قادة في الأمة. بلال الحبشي وصهيب الرومي، كلهم كانوا قادة في الأمة، وغيرهم كثير، وحتى سيدنا صلاح الدين، كلهم قادة في الأمة.
لذلك، يجب أن نعطي حقوق المكونات التي تؤدي إلى دولة المواطنة التي يعيش في كنفها الجميع متساوين في الحقوق والواجبات. ما نحتاجه في هذه السفينة هو جزء مما عملنا عليه عندما جلسنا أكثر من شهر قبل تشكيل الحكومة الحالية، وبعد المخاض العسير الذي مرت به العملية السياسية ووصول الأمر إلى مواجهات داخل المنطقة الخضراء.
جلسنا وكنا صرحاء فيما بيننا، أن كل من لديه مشكلة من 2003 إلى الآن أو إشكالية يضعها على الطاولة من كل الأطراف، ونتفق على ما يمكن أن نعمله وما لا يمكننا العمل عليه. واتفقنا على ورقة الاتفاق السياسي، وهذه الورقة، أعتقد أنها تحتوي على علاج لكثير من مشاكل العراق التي تؤدي إلى أن يقود الجميع السفينة بقوة واحدة وباتجاه واحد. لكن مع الأسف الشديد، هناك أطراف سياسية وقّعت على الاتفاق ونكثت بالعهد ولم تفِ بما وقعنا عليه حتى الآن.
وأتمنى من القوى الأخرى التي لا تزال مصرة على تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي أن تواصل جهودها، لأنني أعتقد أن هناك فرصة للعراق لتحقيق العدالة الاجتماعية ورفع الظلم عن كل العراقيين. وبالتالي، رغم كل الصعوبات، أعتقد أن هناك فرصة كبيرة للعراق أن ينطلق بقيادة موحدة لهذه السفينة نحو بر الأمان.
بيستون عثمان: ألا تعتقد أن الكورد جزء من هذه السفينة؟ أم أننا خارج المعادلة؟
خميس الخنجر: باعتبار الكورد سُنة.
"ترشيح المشهداني كان لإنهاء خلاف شيعي"
بيستون عثمان: هل لا تزال مشاركة السُنّة في العراق حتى الآن مجرد مشاركة صورية؟ ذكرت أن مشاركة السُنّة بعد 2003 كانت شكلية وصورية، فهل ما زالت كذلك حتى اليوم؟
خميس الخنجر: بكل صدق، أقول إن الوقت الذي يكون فيه الجميع مشاركين في القرار الأمني والسياسي والاقتصادي لا يزال في بداياته.
بيستون عثمان: ألا يمثل محمود المشهداني السنة كرئيس لمجلس النواب؟
خميس الخنجر: هل يستطيع الكورد تسمية رئيس الوزراء؟ الجواب: لا. هل يستطيع السنة التدخل في من يكون رئيس الوزراء؟ الجواب: لا. طبعاً، أنا أطمح وأتمنى أن يأتي اليوم الذي يشارك فيه الجميع في كل شيء، ولكن الواقع هو أنهم يتفقون فيما بينهم كأطراف، ثم يعرضون الأمر على المكونات الأخرى بعد أن يكونوا قد اتخذوا قرارهم. أعتقد أن السنة لم تكن لديهم الحرية الكاملة في اختيار ممثليهم بشكل صحيح.
بيستون عثمان: هل تعتقد أن السيد محمود المشهداني لا يمثل السُنّة كرئيس للبرلمان؟
خميس الخنجر: الدكتور محمود المشهداني شخصية محترمة وله احترامه ومكانته. القصة ليست قصة شخص، أنا أتكلم عن منهج، أنا أتكلم عن عرف سياسي.
بيستون عثمان: هذا المنهج مقبول من قبلكم؟
خميس الخنجر: في أن الغالبية الكوردية هي التي تسمي رئيس الجمهورية و..، ولكن لم يُلتزم بذلك فعلياً. لذلك، نتمنى أن يأتي اليوم الذي نشارك فيه جميعاً كعراقيين، من كل الأطراف، في تسمية قادة البلد، رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس البرلمان، ونتفق سوياً عليهم. لا بأس، ولكن بشرط ألا تكون هناك انتقائية، بحيث أختار من أريد وأختار لك من أريد.
بيستون عثمان: مما فهمت، يبدو أن السيد محمود المشهداني تم اختياره بهذه الطريقة.
خميس الخنجر: أنا أقول إن السيد المشهداني رُشِّح قبل فترة، لكنه لم يحصل على الأصوات في إحدى الجولات. ولكن، في الحقيقة، كان الهدف إنهاء خلاف شيعي داخل الإطار حول الأسماء. قدّمنا أسماء وعرضناها على الإخوة في الإطار وعلى الإخوة في أربيل، وكان هناك اتفاق أو رأي واضح بأن الإطار يوافق على شخصيتين من بين ست شخصيات. الشخصية الأولى هي الشيخ شعلان الكريم، وهو شخصية محترمة وله مكانته، والشخصية الثانية هي الأستاذ سالم العيساوي. الأستاذ سالم أيضاً لديه تاريخ مشرف في العملية السياسية، ويحظى باحترام الكثير من النواب الذين يرونه الأصلح.
لكن ما حدث هو أنه عندما جرى عند انتخاب الشيخ شعلان الكريم، لم يوافق الإخوة على عقد الجولة الثانية. لم يحدث قط في رئاسة الجمهورية أو البرلمان، حتى عندما كان المرحوم جلال طالباني، وكان هناك اتفاق كامل عليه، كان المجال يُعطى لشخص لديه عدد من الأصوات ليُجرى جولة ثانية. نحن كنا نريد عقد الجولة الثانية. كانوا، في كل جولة، عندما يصل الشيخ شعلان إلى 153 أو 152 صوتاً، ويصل أخونا سالم إلى 155 أو أكثر، يرفضون عقد الجولة الثانية، التي من المفترض أن تُعقد بعد خمس أو عشر دقائق لنرى من يتفوق. لذلك، عارضوا جولة انتخاب الشيخ شعلان، وبعد ذلك أُثيرت ضجة كبيرة ضده، وهي ضجة ظالمة. الشيخ شعلان معروف بقتاله ضد الإرهاب وبعلاقاته مع كل مكونات الشعب العراقي، وهو من عائلة عريقة. ثم عندما تعلق الأمر بالأخ سالم، أيضاً رفضوا الجولة الثانية التي كان من الممكن أن ينتخبوه فيها، وهذا كان إجماعاً وطنياً عراقياً من الكورد والشيعة والسنة. إلى أن وصل الأمر إلى مرحلة المخاض الذي أدى إلى جلب أي رئيس للبرلمان لعبور هذه المرحلة. نحن وغيرنا لم نكن نريد أن يبقى هذا المنصب شاغراً، لذلك وافقنا على ما جرى. لكننا نعتقد أن هذا العرف لا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن يكون طرف من مكون آخر هو من يختار القيادة للمكون الآخر.
ندى من الأنبار: سؤالي هو، في ظل الدعاوى التي نسمعها ضد جنابك في الوقت الحالي، هل هي بداية النهاية لزعيم سني يُدعى الخنجر؟
خميس الخنجر: شكراً جزيلاً، لكن لماذا دائماً تميلون إلى المعادلة الصفرية؟ ألا يوجد لديكم حل وسط؟
بيستون عثمان: من أي منطقة من الأنبار؟
ندى: من هيت.
خميس الخنجر: طبعاً، أنا لا زلت أمارس دوري السياسي في قيادة تحالف السيادة، ولا يوجد أي قرار ضدي، ولم أرتكب أي مخالفة قانونية أو أي شيء. أنا جئت من بغداد وعقدنا اجتماعات كثيرة في قيادة تحالف السيادة وافتتحنا مكاتب جديدة للتحالف. هذه الاتهامات هي اتهامات سياسية، ونحن مؤمنون بعدالة القضاء، وذهبنا بكل قوة وبكل شجاعة، ولا يوجد أي مانع يحول دون أن ننطلق بقوة نحو المستقبل.
بيستون عثمان: في الأيام الماضية، تداولت أخبار صدور أمر قبض بحقك، وأخرى عن مثولك أمام القاضي وإطلاق سراحك بكفالة. هل هذه الأخبار صحيحة؟
خميس الخنجر: لا، الموضوع بيني وبين هيئة المساءلة والعدالة. وبالتالي، قدمت المساءلة والعدالة شكوى في القضاء بموجب مادة تتعلق بغرامة. تعرفون أننا لا نريد أن نصرف أموالاً. المساءلة والعدالة اشتكت بأننا نستهدفها، وقدمنا أمام القضاء رؤيتنا للمساءلة والعدالة واتفاقنا السياسي بشأن حل وإنهاء عملها.
المساءلة والعدالة هي هيئة انتقالية تُسمى هيئة العدالة الانتقالية، شُكّلت عام 2008، وكان هناك اتفاق سياسي أن تستمر لمدة عشر سنوات فقط. ونحن، في ورقة الاتفاق السياسي التي شُكّلت الحكومة على أساسها، وقعنا جميعاً، الكورد والشيعة والسنة، على بند كامل ينص على إنهاء عمل المساءلة والعدالة خلال عام، وتحويل هذا الملف إلى القضاء لأسباب عقلانية ومنطقية تتعلق باسم العراق وسمعته. لا يجوز أننا بعد 20 عاماً لا زلنا نملك هيئة تلاحق المتهمين من الإدارة السابقة، فالدول بعد خمس أو عشر سنوات تستقر وتتجاوز هذه المرحلة. ولذلك، هذه الهيئة هناك اتفاق سياسي بشأنها بين الأطراف. الهيئة اشتكت بما لديها، وأنا قدمت ما لدي، والأمور طبيعية. الأمر مسألة طبيعية، وأنا كقائد سياسي من حقي أن أطرح ما أؤمن به وما وعدت به جمهوري بكل جرأة وقوة وصدق. ولذلك، لا يوجد شيء نخاف منه.
أحمد حسام من مدينة الموصل: ما رأيك بأزمة المشتقات النفطية في محافظة نينوى مقارنة بباقي المحافظات؟ فعلى سبيل المثال، يصل طابور البنزين أحياناً إلى كيلومتر، ولا يستطيع الشخص تعبئة الوقود إلا كل ثلاثة أيام. ما رأيك بهذه الأزمة؟
خميس الخنجر: طبعاً، المشاكل موجودة في كل المحافظات. وأعتقد أن الإدارة الحالية في المحافظة بقيادة السيد المحافظ هي قيادة حقيقية وإبداعية، وتتابع كل المشاكل التي تخص محافظة نينوى. هناك مشكلة في نينوى وفي بقية المحافظات تتعلق بمسألة التهريب والتلاعب، وهي مسألة موجودة. ولذلك، أعتقد أن الإجراءات التي أمر بها رئيس الوزراء، وحسب ما لدي من المعلومات، أن دولة رئيس الوزراء عندما زار محافظة نينوى أمر بحل هذه المشكلة ومشاكل أخرى، وهي في طريقها إلى الحل في قادم الأيام.
بيستون عثمان: من معنا من النجف الأشرف؟
خلود راجح من النجف: شكراً لذكرك محافظة النجف كونها تمثل قوة القرار. سؤالي ما هو رأيك بالنظام السياسي الحالي؟ وهل ترى أنه يلبي طموحات المنطقة التي تمتد فيها نفوذك؟
خميس الخنجر: طبعاً لا شك أننا بشكل علني نجاهر بملاحظاتنا على ما يحتاجه النظام السياسي من اتفاق سياسي بين الفرقاء حول المشاكل في تفسير مواد الدستور. كما معلوم أن الإشكالية تكمن في الانتقائية في تطبيق الدستور والمشكلة في التأويلات التي تحدث بسبب ترك النهايات سائبة في عدد كبير من فقرات الدستور. وأعطي مثالاً لكم: قبل 2010، جرت الانتخابات مرتين، وفي المرتين لم تطل العملية وتم تشكيل حكومة ومضت الأمور باتفاق أن الفائزة الأولى هي التي تشكل الحكومة وتعرض على البرلمان، وإذا لم تحز على الثقة، يتم تكليف القائمة الثانية. وهكذا، في (فوز) القائمة العراقية، حدث التفاف على الدستور، حيث فُسرت فقرة في الدستور تفسيراً غريباً أدى إلى أغلب الأزمات التي حدثت في الانتخابات حتى الآن.
أنا قلت في لقاء دهوك إن لدينا أشياء غريبة في العملية السياسية وديمقراطيتنا الحديثة في بلدنا مقارنة بديمقراطيات العالم. في كل الديمقراطيات، عندما تحدث أزمة سياسية، أزمة اقتصادية، أزمة حدودية، أو أزمة اجتماعية، تذهب القوى إلى انتخابات لحل هذه المشكلة. إلا أننا في العراق، بعد كل انتخابات لدينا مشكلة نتميز بها بسبب تفسيرنا لهذه الفقرة. لدينا شيء آخر نتميز به، وهو أن كل التحالفات الحكومية التي تتشكل منها الحكومات تكون مهمتها في الأنظمة الأخرى نجاح الحكومة واستقرارها، إلا أننا في العراق، التحالفات الحكومية يكون لديها أكبر خوف من نجاح الحكومة، لأنها تعتقد أن رئيس الوزراء في هذه الحكومة سيأخذ جمهورها، وبالتالي تضع له العقبات.
لدينا غرائب في تطبيق النظم التي تسير عليها العملية السياسية. فُسرت في (حالة) القائمة العراقية للالتفاف على حصولها على المرتبة الأولى بإضافة فقرة أو تفسير. القائمة التي تشكل الحكومة هي ليست القائمة الأولى التي فاز في الانتخابات، بل هي القائمة الأكبر التي تتشكل في الجلسة الأولى للبرلمان. ولذلك أصبحت معضلة أدت إلى تعطيل الدولة العراقية لمدة عام، وأيضاً أدت إلى مشاكل كبيرة في 2014 عندما فازت دولة القانون برئاسة السيد المالكي. هذا التفسير عطل تشكيل الحكومة، وأيضاً في 2018 و2021.
هذه المشاكل نتجت بسبب التأويلات غير المنطقية والمصلحية. أنا أفسر فقرة الدستور حسب المصالح الفئوية أو المكوناتية، بعيداً عن التفسير الحقيقي. ما نحتاجه هو أن نشير إلى الخلل في هذا النظام السياسي. ونحن لدينا ورقة في هذا الاتجاه لمعالجة هذا الخلل فيما بيننا، حتى لا تبقى الأمور على هذا النحو.
"متمسكون بشعب كوردستان اعتزازاً وحباً"
بيتا من أربيل: بصفتكم شخصية سياسية، أود أن أسألكم عن دور الكورد في الشرق الأوسط بشكل عام، وخاصة فيما يتعلق ببعض الأزمات الراهنة في المنطقة. هل تعتقدون أن للكورد دوراً رئيسياً في هذه القضايا؟
خميس الخنجر: طبعاً، منطقة الشرق الأوسط ودول هذه المنطقة تشكلت باتفاقيات فرضها المحتل، ولم تكن لشعوب هذه المنطقة إرادة في وجود هذه الدول أو تحديد حدودها. يعني في أوروبا، بعد انهيار ألمانيا وتشكيل الدول القومية في أوروبا، كانت المسألة القومية وثقل القوة لكل بلد، بالإضافة إلى إرادة الشعوب واستفتاءاتها داخل الدول، هي التي حددت حدود وأسماء هذه الدول. أما في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، كان المحتل هو الذي وضع حدود الدول وعددها وتقسيماتها دون أي معايير. لا معايير للقوة، ولا للقومية، ولم يُؤخذ بعين الاعتبار ثقل الشعوب في هذه المنطقة أو إرادتها.
لو تُركت إرادة الشعوب، لكانت الأمة العربية أمة واحدة، والأمة الكوردية أمة واحدة. لكن إرادة الشعوب لم تُترك، بل فرضت عليها إرادات المحتل عبر ثلاث اتفاقيات: اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، ثم وعد بلفور الذي تسبب إلى الآن في معاناة الشعب الفلسطيني ومشاكله والظلم الذي يقع عليه، وأخيراً اتفاقية سان ريمو التي حدّدت حدود الدول وفرضت تقسيماتها. لذلك، نجد أن التاريخ يُظهر دوراً كبيراً للكورد في الأمة الإسلامية، كقادة حقيقيين قادوا الأمة الإسلامية كلها في فترات معينة. وبالتالي، كان لهم دور كبير في الدول التي يتواجدون فيها.
أعتقد الآن أن دور إقليم كوردستان متميز في الساحة العراقية. جميع القادة السياسيين العراقيين ينظرون إلى إقليم كوردستان باحترام وتقدير، ويؤمنون أن المشاكل لا يمكن حلها إلا باحترام رأي إقليم كوردستان. برأيي، الشعب الكوردي الآن في وضع أفضل بكثير من كل المراحل التي مر بها بعد عام 1921، وأتمنى له مزيداً من الازدهار في عراقنا الحبيب.
بيستون عثمان: بالطبع، لكن هذا السؤال ذكرني بشيء رأيته قبل يومين. شاهدت على مواقع التواصل الاجتماعي امرأة كوردية ورجلاً فلسطينياً يحتفلان بزفافهما. في الحفل، كانوا يرفعون علم كوردستان وعلم فلسطين، وبين هذين العلمين كان العروسان يعبران عن فرحتهما. بصراحة، عندما رأيت هذا المشهد شعرت بغصة في قلبي، لأن هذا الزواج جمع بين شخصين بلا وطن؛ أوطانهم محتلة. لكن عندما نرى تعاطف إخواننا من الأمة الإسلامية مع فلسطين، ونسمعهم يقولون إن فلسطين من حقها أن تعود لأهلها، فهذا موقف مشرف. ولكن في المقابل، عندما يتعلق الأمر بكوردستان، يقولون: لا، ليس من حقكم أن تكون لديكم دولة. وهذا تماماً ما رأيناه يحدث في 2017. لذلك، سؤالي على نطاق أوسع: هل تعتقدون أن من حق الكورد تقرير المصير تماماً كما للفلسطينيين؟
خميس الخنجر: طبعاً لا شك أن الأمة الكوردية والشعب الفلسطيني هما ضحايا اتفاقية سايكس بيكو والاتفاقيات التي جرت بعدها. لقد عانا ما عانا من مشاكل وصعاب واضطهاد وظلم في فترات كثيرة من التاريخ، بينما قبل ذلك كان الكورد منصهرين كجزء من الأمة الإسلامية، ولهم بصمة واضحة من خلال علماء كبار وقادة عظماء في الجيش، وفي الدولة، وفي الفكر، وفي السياسة، وفي العلم، وفي الطب. أنا أعتقد أن الظلم الذي يقع الآن على الشعب الفلسطيني من مصادرة أراضيه، والضغط عليه، وطرده من بلده، وسجنه، وقصفه، وقتله، هو ما يجعل الجميع يؤمن بأنه من حق الشعب الفلسطيني أن تكون له دولة. فالشعب الفلسطيني يتعرض للتهجير والظلم والقتل.
بالنسبة للكورد، فقد تم الاتفاق على أن يكون النظام فدرالياً لإقليم كوردستان، مع وضع خاص. وأنا أعتقد بأننا سنبقى متمسكين بشعب كوردستان اعتزازاً وحباً به، ونعتقد أن التنوع الذي لدينا بوجود الإخوة الكورد منح قوة للبلد ولنا جميعاً. اليوم، بدأت الدول تفكر في كيفية التعاون فيما بينها عبر منظومات اقتصادية أو سياسية لحماية نفسها. فالعولمة لم تعد كافية للكيانات الصغيرة والدول الصغيرة، التي باتت بحاجة إلى حيز أكبر لتشعر بالأمن والاستقرار. لذلك، وجود الكورد بين أكثر من دولة يجعل الوضع الأمثل لهم هو ما موجود في العراق.
وأنا أعتقد أن المطلوب من بغداد هو حل الإشكاليات مع إقليم كوردستان، ومعالجة هواجس ومخاوف الشعب الكوردي، بحيث يشعر بالتمسك ببغداد ووحدة العراق. ما هو مطلوب منا جميعاً هو رفع الحواجز فيما بيننا، والوفاء بالعهود والالتزامات، وتطبيق الدستور. كوردستان لا تريد إلا تطبيق الدستور والاتفاقيات. ونحن نؤمن بأن وجود كوردستان في العراق هو قوة لكوردستان وقوة للعراق.
الصورة الذهنية عن الحلبوسي
شاب من ديالى: لدي ثلاثة أسئلة، لكنني سأطرح سؤالاً واحداً لأنه في غاية الأهمية ويتعلق باختصاصي كوني أعمل في مجال العلاقات العامة. سيد خميس، حديثي هنا عن شخصيتين بارزتين سياسياً تمثلان المكون السني، وهما الأبرز بين منافسيهما: حضرتكم، السيد خميس الخنجر، والسيد الحلبوسي. فيما يتعلق بالصورة الذهنية، ألاحظ أن السيد الحلبوسي يتمتع بصورة ذهنية إيجابية جداً في جنوب العراق، بينما لا تحظون، سيد خميس، بنفس الصورة الذهنية التي يمتلكها الحلبوسي في تلك المنطقة. سؤالي هو: هل يعود ذلك إلى أنكم، سيد خميس، لا تتبعون نفس السياسات أو الأساليب التي يتبعها الحلبوسي في توجيه رسائلكم السياسية نحو جنوب العراق؟
خميس الخنجر: طبعاً، أولاً، أنا كعراقي أحب جميع العراقيين، من شمال العراق إلى جنوبه.
بيستون عثمان: لحظة، لا يوجد في العراق شيء يُسمى شمال، هل تعلمون ذلك؟
خميس الخنجر: من كوردستان إلى البصرة.
بيستون عثمان: لقد نشرت مقطع فيديو..
خميس الخنجر: من زاخو إلى الفاو.
بيستون عثمان: نشرت مقطع فيديو وقلت، يجب أن تُدرّس الاتجاهات الجغرافية في مدارسنا بشكل صحيح، فتكون الاتجاهات في العراق: شرق، غرب، جنوب، وكوردستان.
خميس الخنجر: طبعاً، هذه الصورة الذهنية التي تحدثت عنها حضرتك قد تكون موجودة لدى جهة أنت قريب منها وتعرفها، لكن هناك جهة أخرى تختلف تماماً عما تؤمن به. وهناك صورة ذهنية لدى جهة أخرى تُخطّئ هذا الاسم وترجّح الاسم الآخر. فربما قياسك للمسألة الذهنية يعتمد على الجهات التي أنت قريب منها.
لكن إذا نظرنا إلى الحملات التي تحدث من أي طرف سني، سواء من الأسماء التي ذكرتها أو الأسماء الأخرى، نرى أن أي حديث عن أي مسألة يُقابل بمعارضة شديدة وهجوم وعدم قبول، بسبب حالة الاختلاف الموجودة بين العراقيين. وحقيقةً، أنا أؤمن أن هؤلاء لا يمثلون الأغلبية من الشعب العراقي، لا من الشيعة، ولا من السنة، ولا من الكورد. الشيعة لا يريدون أن يروا عراقياً مظلوماً، لأنهم مسؤولون عن الحكم، وكذلك لا يوجد كوردي يريد إنهاء دور الشيعي أو دور السني، ولا يوجد سني الآن يفكر بطريقة تؤذي الشيعي. هذا التفكير موجود فقط في عقول بعض السياسيين المرضى، الذين يسعون لجمع جمهور لهم من خلال إثارة المسائل الطائفية وتكوين هذه الفكرة الذهنية.
وأنا أقول إنني أؤمن أن العراق بيت واحد، وإذا كان أي جزء من هذا البيت لا يشعر بالسعادة، أو الاطمئنان، أو العدالة، فإن البيت كله لن يستقر. ولذلك، أنا مؤتمن على الدفاع عن أهلي وناسي وجمهوري الذين يُظلمون. ولو وقع هذا الظلم على أي مكون آخر، لكنت بنفس الطريقة أدافع عنه كأهل بلدي. ومسؤوليتي التاريخية والوطنية والأخلاقية تحتم عليّ أن أدافع عن المظلومين، عن السجناء الأبرياء، عن المغيبين الذين لا تعرف عوائلهم مصيرهم، وعن المهجرين الذين يزيد عددهم عن مليون شخص، وبعد ست سنوات من التحرير لا يستطيعون العودة إلى مدنهم. هناك آخرون يتملقون وينافقون من أجل مصالح ومناصب، لكننا زهدنا بالمناصب وبالمصالح من أجل الدفاع عن الحقوق، وليس عن المصالح. ولذلك، نحن يُفهمنا العقلاء والمنصفون على أننا ندافع عن أهلنا بكل جرأة، وبكل حق، وبكل صراحة. لأنه إذا لم يجد هؤلاء من يدافع عنهم، سيتجهون إلى جهات أخرى لا تريد الخير للعراق، ولا تسعى لحل الإشكالات بيننا بالتفاوض والتفاهم والسياسة والنقاش. لذلك، مسؤوليتي الوطنية من أجل استقرار البلد، وقوة البلد، ومنعة البلد، هي أن أجعل الأولوية للمظلومين، وأن أسعى لإشاعة العدالة الاجتماعية بين الشعب العراقي، سواء رضي من رضي أو أبى من أبى.
جمال حسين من صلاح الدين: أتساءل عن جرف النصر، حيث موعد الصلاة تأخر كثيراً. أضف إلى ذلك مرور 11 سنة على المغيبين دون أن نعرف مصيرهم. أنا من مدينة العلم، وسبق لي زيارة هذه المنطقة، وهناك مغيبون تجاوز عددهم 150 شخصاً، بلا خبر أو أي دعم من الحكومة. ما هو ردكم على هذه الأسئلة؟
خميس الخنجر: طبعاً، كما تعلم ويعلم الكثير أننا الجهة التي رفعت لواء الدفاع عن كل هذه النقاط التي ذكرتها حضرتك، وتميزنا عن كل الأطراف الأخرى. وبالتالي، كانت لدينا اتفاقات سياسية مكتوبة بشأن هذه المناطق. وللعلم، في ورقة الاتفاق السياسي، أصررت على أن تُذكر جرف الصخر صراحة. قالوا: "عودة المهجرين"، قلت: "لا، نكتب جرف الصخر". فكتبنا جرف الصخر بين قوسين "عودة المهجرين إلى مدنهم وقراهم خلال عام"، وأدرجنا جرف الصخر بناءً على الاتفاق السياسي فيما بيننا. صار التلكؤ من الأطراف السياسية الأخرى المشاركة في العملية السياسية، والتي ذكرتها قبل قليل. هذه إشكالية كبيرة، لكنها جعلتنا نلجأ للحكومة العراقية ممثلة بدولة رئيس الوزراء الأخ محمد شياع السوداني. ونحن نثق بنوايا الأخ محمد شياع السوداني، وبعمله، وبنزاهته، وبصدقه، وبإصراره على تنفيذ ورقة الاتفاق السياسي. لكن لا زلنا في البدايات. بمعني تستطيع أن تقول إننا قطعنا شوطاً في ملف المغيبين، وتستطيع أن تقول إننا لا زلنا في المرحلة الأولى. طبعاً، شُكّلت لجان، وأُحصي المغيبون، وسُجلت أسماؤهم، وبدأت هذه الفرق تسأل عن مصيرهم ومن كانت القوى الموجودة هناك. هذه كلها إجراءات أخذت وقتاً طويلاً حتى تصبح إجراءات رسمية تُتيح للناس معرفة مصير أبنائها.
أنا أعتقد خلال الفترة القادمة، ونحن مصرون في كل لقاءاتنا السياسية وفي كل لقاءاتنا الدولية، أن نذكر هذه النقاط، ونذكر هذه المدن، وندافع عن السجناء الأبرياء. وهذه جزء من الصورة الذهنية التي تحدث عنها أخوك الذي سبقك، بسبب إصرارنا على هذه النقاط. هناك آخرون ينزعجون، خاصة أولئك الذين لديهم مصالح في هذه المدن، ولذلك هم لا يرضون عن الجميع. فحتى الصورة الذهنية عن السيد الحلبوسي لو جيدة لأبقوا عليه في البرلمان. المسألة ليست مسألة صورة ذهنية، ولكن حقيقة هي إجراءات يجب أن تُتخذ من الأطراف الموجودة في العملية. وكما تعلم، فإن العملية السياسية مرت أيضاً بمشاكل وصعاب خلال الفترة الماضية، وأزمات إقليمية فرضت تأجيل بعض الملفات. الآن، النقاش قوي في تجاوز أهم فقرة، وهي فقرة تعديل قانون العفو. وإن شاء الله، تسمعون ما يسركم، وما يحقق العدالة، ويُخرج الأبرياء في قادم الأيام من كل العراقيين.
بيستون عثمان: في ضوء هذا السؤال والسؤال السابق، ما طبيعة علاقتكم بالسيد محمد الحلبوسي؟ ومتى كان آخر اتصال بينكم؟
خميس الخنجر: القصة ليست قصة اتصالات، الاتصالات بسيطة. المسألة أكبر. المسألة هي منهج وطريق. ولذلك، نحن لم نختلف على المناصب، فليس لدي مشكلة مع المناصب. أنا أعتقد أننا اختلفنا على المنهج. رؤيتي للعلاقة مع إقليم كوردستان مختلفة تماماً عن رؤيته. رؤيتي لتنفيذ ورقة الاتفاق السياسي مختلفة عن رؤيته. طريقتي في التعامل مع هذه الملفات، ومسألة حقوق الناس، مختلفة عن طريقته. كيل الاتهامات للأطراف الأخرى ليس من أسلوبي، وأنا لا أريد أن أجرح أحداً. لا أستطيع أن أُجر إلى هذا المعترك.
أنا ابن عائلة تربيت على الأخلاق والقيم، ولدي محددات لا أستطيع أن أتجاوزها. ولذلك، ربما في بعض الأحيان، حتى المجموعة التي معي تريد مني أن أكون أكثر حزماً. لكن تربيتي العائلية والأخلاقية، وحسي الوطني، ورؤيتي للمستقبل تجعلني أتجاوز كثيراً من الأمور التي يصعب على أي جهة سياسية تجاوزها.
بيستون عثمان: هل تراه الآن كمنافس سياسي؟
خميس الخنجر: طبعاً، أكيد هناك تنافس سياسي موجود في ساحتنا، وهذا التنافس مشروع عندما يكون في حدود القانون والآداب والأخلاق التي يجب أن نلتزم بها جميعاً.
بيستون عثمان: لنأخذ سؤالاً من السليمانية. سمعت بأنك عشت فترة من حياتك هناك؟
خميس الخنجر: درست أول سنة جامعة في السليمانية، وجامعة الدين 1980-1981.
بيستون عثمان: قرأت عناك أنك تخرجت من جامعة صلاح الدين. سؤالي بعيد تماماً عن السياسة: خلال فترة دراستك في أربيل، ما هي أجمل ذكرى لديك في جامعة صلاح الدين؟ وهل حدث أن أحببت فتاة كوردية خلال سنوات دراستك الأربعة؟
خميس الخنجر: وقعت في الحب وأعترف بذلك، لكن حب كوردستان. هذه السنوات جعلتني أعشق كوردستان وأحب الشعب الكوردي وأحترم إرادته لما وجدته من كرم مميز وصدق في التعامل، فهم يعاملون الآخرين كعائلة. فحقيقةً، أحيي الشعب الكوردي وأحيي كل رجاله ونسائه، وأقول إنني لا زلت أعشق كوردستان.
بيستون عثمان: ذكرت أنك عشت في السليمانية سنة 1981، أليس كذلك؟ في ذلك الوقت، كانت الحياة صعبة جداً في السليمانية بسبب النضال والمقاومة القوية هناك. السليمانية تُعرف بأنها مدينة الثورة، وكنت عربياً وتعيش في السليمانية خلال تلك الفترة، التي كانت تشكل فيها القوات الأمنية خطراً كبيراً على سكان المدينة بسبب الأوضاع الأمنية. في الوقت نفسه، كانت هناك ثورة مستمرة، وكان البيشمركة يدخلون المدينة خلال الليل. حدثنا قليلاً عن ذكرياتك في السليمانية خلال تلك الفترة.
خميس الخنجر: طبعاً، في تلك الفترة أن تأتي من الفلوجة وتعيش في السليمانية، في البداية تشعر بالغربة. والدي - رحمه الله - كان مقاولاً ووضعه المادي مريحاً وثرياً، وكان لديه علاقات متميزة برجال في السليمانية. وحتى أنه لم يجعلني أكون في القسم الداخلي، بل وفر لي مكاناً في فندق يُدعى أعتقد "بيخال"، مقابل المحافظة بالقرب من البريد. اندمجت في مجتمع السليمانية على الفور، وحقيقةً بمحبتهم وتعاملهم الأخوي والعائلي، أشعروني أنني جزء من عائلتهم الثانية. لدرجة أنني صرت لا أحب العودة إلى الفلوجة وأفضل البقاء معهم. كنا نقضي الوقت كأصدقاء، وأغلبهم كانوا زملائي في الجامعة ومن مدينة حلبجة. في تلك الفترة، كانت ثانوية البنات أكثر مكان يشهد تظاهرات، وأذكر أن البنات كنّ متميزات وشجاعات بشكل استثنائي. أتذكر أيضاً المنشورات التي كانت عن السيد علي عسكري ومامه ريشة. وكان هناك ضابط يُدعى الملازم محسن، كان مجرماً وقاتلاً ورجلاً ميليشياوياً. أصدقائي الكورد كانوا دائماً يصرون على اصطحابي من الفندق ونقضي الوقت في منازلهم. كنا نسير في الطريق، نتسامر ونضحك معاً، وكنت أمزح معهم قائلاً: إذا أمسك بي محسن سأخبرهم أن هؤلاء الشباب الكورد اختطفوني، وإذا أمسك بي البيشمركة ستطلقون أنتم سراحي. عشت أياماً أعتز بها في تلك الفترة، وجعلتني أحب هذا الشعب العظيم وهذه الأمة الكبيرة برجالها ونسائها وتاريخها. وأقول بفخر إنني أتشرف بالانتماء إلى هذه التجربة.
سؤال: بعيداً عن السياسة، لدي سؤال يتعلق بمشاكل الطقس والمناخ التي نواجهها جميعاً. كما تعلم، العراق من أكثر المناطق تأثراً في الشرق الأوسط. فما الذي قمتم به لتحسين البيئة في العراق وحمايتها؟ وأخيراً، لدي طلب صغير منكم: قبل عودتكم إلى بغداد، بيتكم الأول، نتمنى منكم أن تزرعوا شجرة في كوردستان.
خميس الخنجر: طبعاً، بسبب المشاكل الكثيرة في البلد، حقيقةً نحن غائبون عن وضع استراتيجية مهمة تحمل رؤية للمستقبل في معالجة هذه المشاكل الخطيرة على المجتمع، وعلى صحة المجتمع، وعلى وجود المجتمع. لذلك، فإن التغييرات الكبيرة في المناخ جعلت العراق ضمن أهم عشر بلدان في العالم الأكثر تضرراً من التغيير المناخي مع الأسف الشديد. أستطيع أن أقول إننا لا زلنا في حالة تيهان فيما يتعلق بوضع رؤية وخطة لمجابهة هذه التحديات، سواء كانت مجابهة التصحر، أو النقص في المياه، أو مسألة التلوث، والمصافي، وكذلك المصانع التي تلوث البيئة. جزء من هذا الأمر يعود إلى وجود ميليشيات خارج سيطرة الدولة، تحمي هذه المصانع التي تلوث البيئة. وجزء آخر يرتبط بالمشاكل الإقليمية والداخلية والصراعات التي تمنع الحكومة العراقية من وضع رؤية واضحة لمعالجة هذا الملف. أنا أعتقد أن هذا الملف خطير جداً، وواجب علينا كمجتمع أن نتبع الخطوات التي يقوم بها العالم في مجابهة التغير المناخي.
"طلبنا تعريفاً واضحاً للانتماء إلى داعش"
شاب من الديوانية: أحيي إصرارك على دعم قانون العفو العام وتعديله، فأنا أعتقد أنك تطالب بتعديله منذ ست سنوات. لكن هناك خمس قوانين تُعرف بقوانين السلة الواحدة، بينما أنت تركز على نفس القانون. بصفتي محامياً من الديوانية، أود أن أثير نقطة حول قانون العفو، حيث توجد فقرة تخص المحكومين بقانون الإرهاب، لكن لم يثبت تورطهم المباشر في سفك الدماء. هذا يعني أنهم سيُطلق سراحهم، رغم أن المشكلة تكمن في الأساس بتوجيه الحملات الإرهابية ضد الشعب. ثانياً، أنت دائماً من المطالبين بهذا القانون بحجة وجود أبرياء في السجون. فهل هذا يعني أن هناك تشكيكاً بعدالة القضاء؟ أيضاً، أريد أن أعلق على نقطة أخرى ذكرتها قبل قليل، عندما قلت إن الحلبوسي أُبعد بقرار من المحكمة. لكنك لمحت إلى أن هذا القرار كان سياسياً. هل يمكنك توضيح هذا الأمر؟
خميس الخنجر: أنا لم أقل "قرار سياسي"، لا تقولني ما لم أقل. أنا قلت: إذا كانت الصورة الذهنية كما تقول، لماذا لم يُسمح له بالاستمرار في إدارة البرلمان؟ لماذا خرج؟ أنا أتحدث في هذا الإطار. لذلك، أقول إن التهم الموجهة للسيد الحلبوسي هي تهم أخلاقية مثل التزوير أو المجموعات المتهمة بالفساد. أما التهم الموجهة إلينا، فهي تهم سياسية فقط، مثل الانتماء مرة للبعث، ومرة أخرى لكذا. رغم أنني لم أنتمِ، وعندي الشجاعة لأصرح بما قمت به. أنا لم أنتمِ إلى حزب البعث في حياتي، لكنني أدافع عن المظلومين ولا أقبل الظلم على العراقيين بناءً على اتجاهاتهم السياسية.
فيما يتعلق بقانون العفو، أنا طبعاً أصررت على أننا لا نريد قانون عفو يُخرج المجرمين. ولذلك، طلبنا في أكثر من محطة، وكتبنا في ورقة الاتفاق السياسي، أننا نريد تعديل قانون العفو بما يتيح خروج الأبرياء فقط. بالنسبة للعمليات العسكرية التي حدثت في محافظاتنا، تعلم أن قوات الجيش والأمن انسحبت، مثلما حدث في كثير من مدن العراق. انسحابات مريبة في بعض المناطق. على سبيل المثال، دخل الموصل 400 شخص، بينما انسحبت فرق تحتوي على عشرات الآلاف. وعندما انسحبوا، تفاجأ الناس بظهور حكم جديد يسمى حكم داعش. هذا الحكم فجر مضائفهم ومدارسهم وبيوتهم، وقتل من بينهم النخب السياسية والفكرية والدينية. كان يقتل علماء الدين على المنبر لأنهم يرددون: "من قال لا إله إلا الله حرم علي ماله ودمه وعرضه".
عندما حررت القوات الأمنية والجيش هذه المناطق، وبعض القوى غير النظامية التي كانت مع الجيش، ظهرت مشكلة في الصورة الذهنية. فقد أصبح كل من وُجد في هذه المناطق يُعتبر داعشياً في نظر البعض، وهذه كارثة الآلاف تم اعتقالهم بسبب المخبر السري، وهو قانون سيئ السمعة. المخبر السري يسمح لشخص أن يقول مثلاً إن "السترة التي ترتديها تحتوي على قنبلة، ودخلت المطعم وتسببت في انفجاره"، وبذلك يصبح هو محمياً وأنت متهماً. هذا قانون ظالم. ثانياً، أردنا تعريف الانتماء. كل من وُجد في تلك المناطق اعتُبر منتمياً، ولم يُطبق المبدأ القائل بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. بل أصبح الجميع مدانين حتى تثبت براءتهم.
لذلك، طلبنا تعريفاً واضحاً للانتماء إلى داعش. كدولة، لدينا بيانات كاملة عن داعش سلمها الأمريكيون والفرنسيون للحكومة العراقية، تشمل أسماء المنتمين للتنظيم وعناوينهم، ولدينا صورة واضحة. أجهزتنا الأمنية أيضاً جمعت معلومات دقيقة عن داعش، تجعلنا نعرف من ينتمي للتنظيم ومن لا ينتمي. ما طلبناه في تعديل قانون العفو يتلخص في ثلاث نقاط فقط:
إلغاء المخبر السري. إعادة التحقيق وليس إعادة المحاكمة، لأن إعادة المحاكمة تشكك في القضاء. نحن لا نشكك في القضاء، بل نشكك في المحقق، والضابط، والشرطي الذين يتعاملون مع القضايا. تعريف واضح للانتماء إلى داعش. هذه النقاط الثلاث ستسمح بخروج الأبرياء فقط، ومعاقبة المجرمين الذين أجرموا بحق الشعب العراقي. وهذا سيحقق العدالة الاجتماعية، ويجعل هناك رضا من جميع العراقيين. وأعتقد أنه لا يوجد شخص في العراق يريد أن يظلم أحداً أو يعدم بريئاً لم يرتكب أي جريمة.
"منذ اللحظة الأولى ضد تنظيم داعش الإرهابي"
بيستون عثمان: في هذه الأيام شاهدت تقريراً على الإعلام العراقي يتضمن مقطع فيديو يعود إلى عام 2014، يظهر فيه أنك استخدمت كلمة "الثوار" للإشارة إلى داعش. هل بالفعل استخدمت هذه الكلمة؟ وإذا كان الأمر كذلك، هل كنت تعنيها حرفياً؟
خميس الخنجر: أنا منذ اللحظة الأولى ضد تنظيم داعش الإرهابي وضد تنظيم القاعدة الإرهابي، وأعتبر أن هذه التنظيمات كلها تنظيمات منحرفة عن الدين وعن الإسلام وعن القيم وعن الأخلاق. وبالتالي، هذا الموضوع أجاهر به نهاراً جهاراً. لكن في عام 2014، كان هناك استهداف للتظاهرات السلمية التي حدثت في محافظاتنا. وأنا أقول: لو أن أهل الحل والعقد استمعوا إلى مطالب المتظاهرين في تلك الفترة، وهي المطالب الـ14 التي كانت تُطرح في كل الساحات، وكانت تصب في بناء دولة العدالة، ولم تكن فيها أي مطالب طائفية. بمعنى، لا يوجد مطلب يطالب بأن يكون رئيس الوزراء سنياً أو القائد العام للقوات المسلحة سنياً أو رئيس الأركان سنياً.
المطالب كلها كانت تتعلق بما يتم الحديث عنه الآن: إطلاق سراح البريئات، إطلاق سراح السجناء، وقف الاعتقالات العشوائية، سحب القوى المسلحة من المحافظات، وعدم عسكرة المدن. كل هذه المطالب كانت تصب في بناء دولة العدالة ودولة المؤسسات. السُنة ليس لديهم مرجعية دينية، ولا يؤمنون بالمرجعية الدينية، بل يؤمنون بالدولة وبمؤسساتها. أكبر أمن لهم واطمئنان لهم وراحة لهم هو أن يروا مؤسسات وطنية حقيقية جامعة وقوية تمثل كل العراقيين.
لذلك، في ذلك الوقت، كنت مؤيداً للتظاهرات السلمية التي حدثت في محافظاتنا، والتي طالبت بالحقوق، بسبب الطائفية السياسية التي كانت سائدة في تلك الفترة، وبسبب الممارسات الطائفية التي أُشيعت في كثير من مؤسسات الدولة مع الأسف الشديد. في السيطرات والمدن، كما تعلمون، وأنتم في إقليم كوردستان، كيف كانت المعاملة لأهل نينوى. أهل نينوى يعرفون كيف كانت تسمع البنت شتم والدها وهما في سيارة واحدة عند سيطرة. هذا أدى إلى التحريض والحقد، وإلى ما وصلنا إليه لاحقاً.
نحن في تلك الفترة أيدنا التظاهرات وأيدنا أن تدافع العشائر عن هذه التظاهرات حتى لا يدخلها الغرباء، لأننا كنا نعتقد أن الفراغ الذي يحدث عندما تكون الدولة أو الجيش غير قادرين على ملئه سيؤدي إلى دخول الغرباء، وهذا ما حدث فعلاً. لذلك، لم أؤيد أبداً ما حدث، وأنا من أوائل من أدان جريمة سبايكر. وقلت إنني أضع نفسي مكان والد هذا الشاب أو والدته وأرى هؤلاء المجرمين يقتلون ابني أمامي. هؤلاء مجرمون وقتلة وكافرون، ليس لهم أي علاقة بالدين.
نحن من أدان كل الأعمال الإجرامية، مثل تفجير الكرادة وغيرها، لأننا نؤمن بأنه لا يجب أن نصل إلى الدم. نحن نؤمن بالمدرسة التي تقول: "لا زال المرء في سعة من أمره ما لم يصب دماً حراماً"، و"لزوال الكعبة أهون على الله من قتل روح بريئة". لذلك، نحن ضد القتل، وما طلبناه في ذلك الوقت هو أن يستمع أهل الحل والعقد إلى مطالب المتظاهرين العادلة، التي مع الأسف الشديد لم تُستمع لها. ولو تم الاستماع إليها لما تكررت التظاهرات في تشرين قبل سنوات، لأن المطالب تقريباً متشابهة، وهي بناء دولة المؤسسات ودولة العدالة الاجتماعية.
"القاعدة وداعش نتيجة"
بيستون عثمان: هل ترى أي خطورة في عودة تنظيم داعش أو ظهور تنظيم آخر مشابه له، خاصة بعد الأحداث الأخيرة في سوريا؟ وهل تعتقد أن هناك احتمالية لعودة هذه التنظيمات وتهديدها للعراق، لا سيما في مناطق مثل الأنبار والمناطق الحدودية الأخرى؟
خميس الخنجر: نحن، مع الشباب والشابات، يجب أن نتحدث بصراحة. كلنا نذكر تنظيم القاعدة الإرهابي. من الذي قضى على تنظيم القاعدة الإرهابي؟ هل جاء تحالف دولي؟ هل استُنزفت ميزانية الدولة؟ في ذلك الوقت، تم تشكيل الصحوات التي قاتلت تنظيم القاعدة واستطاعت القضاء عليه في فترة أقل من ستة أشهر، بدون تهجير، وبدون تفجير، وبدون تغيير سكاني للمدن. لكن انتهت القاعدة، وصارت وعود بحل الإشكاليات التي تسببت في وجود القاعدة.
أنا من مدرسة تؤمن بأن تنظيم القاعدة وتنظيم داعش هما نتيجة وليسا سبباً. هما نتيجة لسياسات خاطئة، ونتيجة للظلم والاضطهاد. هذه التنظيمات هي نتيجة لهذه السياسات. أكبر دعم يمكن أن نقدمه لهذه التنظيمات هو الظلم، أكبر دعم نقدمه هو الاضطهاد، وأكبر دعم نقدمه هو مصادرة الأراضي من قبل الميليشيات. لذلك، نحن نقول إن كل المعالجات لفكرة القاعدة وفكرة داعش هي معالجات أمنية فقط، ولا توجد معالجات سياسية. لم تجلس أي مجموعة للتفكير في كيفية تأسيس هذه التنظيمات وما هو السبب. فنحن نؤمن بأنه يجب معالجة الأسباب التي تؤدي إلى الإرهاب.
إذا أردنا، وأنا أيضاً صرحت بذلك في إدارة الدولة، فإن أكبر سلاح لدينا الآن لمواجهة الآخرين ولمواجهة المخططات الإقليمية والمخططات الخطيرة على المنطقة بأكملها، ولمواجهة هذه التنظيمات، هو تقوية الجبهة الداخلية. ذلك يتم من خلال رفع المظالم عن الناس، وإشاعة العدل، ووقف الانتهاكات، ووقف عسكرة المجتمع. لماذا نضع داخل المدن ميليشيات تأتي لتأخذ أراضي الناس وبيوتها؟ لماذا لا تذهب هذه القوات إلى الحدود لتحرسها من تسلل هذه التنظيمات إلى بلادنا؟
ما أريد قوله هو أن أكبر سلاح لدينا لمواجهة هذه التنظيمات هو أن نطبق الاتفاقات فيما بيننا، حتى نكون يداً واحدة ضد خصومنا. ما لم تجد هذه التنظيمات الإرهابية موطئ قدم أو حاضنة اجتماعية، فلن يكون لها وجود، وهذا مستحيل. لذلك، أنا أعتقد أن الوعي الموجود في محافظاتنا الآن لا يمكن أن يسمح لهؤلاء بأن يعبثوا بأرض العراق مرة أخرى. ولكن ما نحتاج إليه حقيقةً، حتى لا نسمح للمضطهدين أو المتضررين بالبحث عن حلول مؤلمة، هو أن نعالج هذه القضايا بروح أخوية ووطنية تمنع انحدار هؤلاء نحو الهاوية.
"لا يوجد أي حراك"
بيستون عثمان: هناك قوات عراقية كبيرة توجهت إلى الحدود مع سوريا، وأخشى أن يتسبب وجودها في اندلاع تظاهرات في مدن الأنبار؟ هل هناك احتمال لحدوث ذلك؟ ربما يقول البعض إن القوات لا تهدف إلى حماية الحدود بل منع تحرك داخلي لتلك المناطق.
خميس الخنجر: لا أعتقد أن هناك أي شيء، ولا توجد أي تظاهرات، ولا توجد أي نية أو حراك. ولكن يوجد سخط بسبب عدم رفع الظلم عن الناس، وبسبب التأخير في إطلاق سراح السجناء الأبرياء، والتأخير في مسألة عودة النازحين إلى مدنهم وقراهم. هناك سخط قوي ويتصاعد، ولذلك يجب أن نعالج هذه المشاكل بروح أخوية ووطنية حتى لا نسمح لهذه المخططات بالنجاح.
شاب مسيحي: سؤالي يتعلق بالأقليات، كوني من أبناء الأقليات. نحن لم نشعر يوماً أننا شركاء حقيقيون في هذا الوطن، لأننا لم نحظَ بتمثيل حقيقي في السلطة التشريعية، سواء في بغداد أو في أربيل. اليوم، نجد أنفسنا أقصينا منها. في الانتخابات السابقة في العراق، على سبيل المثال، حصل مرشح في دهوك على أكثر من عشرة آلاف صوت، لكنه لم يفز. بينما في النجف وكربلاء، حيث التواجد المسيحي محدود، فاز مرشحون بأقل من عشرة أصوات. كيف ترى هذا الوضع وأنت تقول إنك تقف مع المظلومين؟ ألا تعتقد أننا كمسيحيين مظلومون أيضاً؟
خميس الخنجر: الديمقراطية هي فكرة غربية بالكامل. الغرب كان تسيطر عليه الكنيسة التي كانت تحد من سلطات الشعب وخياراته. لذلك، عزلوا الكنيسة وذهبوا نحو الديمقراطية، معتقدين أنهم حلوا إشكالية اختيار الناس بعيداً عن تأثير الكنيسة، من خلال ترك القرار بيد الشعب. ولكنهم واجهوا مشكلة أخرى، وهي مشكلة التعامل مع الأقليات في هذه الدول..
بيستون عثمان: لنقل مكونات بدلاً من أقليات، لأن كلمة أقليات قد لا تكون ملائمة..
خميس الخنجر: لا، الأقليات وحُلت المشكلة بالليبرالية. الفكرة الليبرالية وُجدت من أجل حقوق المكونات حتى يتم تجاوز هذه الإشكالية. نحن، لأننا ديمقراطية وليدة، لا زلنا في بداياتها، ولا زال كثير منا لم يفهم الديمقراطية على حقيقتها، ولا يقبل منها إلا ما يخدم مصالحه. نظام الكوتا الذي تم العمل به في العراق وُضع من أجل هذه الحقوق. وبالتالي، أعتقد أن إخواننا المسيحيين لديهم اليوم مقاعد في البرلمان العراقي، وهذه المقاعد أعتقد أنها تمثل حجمهم. وما جرى في كوردستان ودفاع حكومة كوردستان عن حصة المكونات الأخرى أو الأقليات أدى إلى تصحيح الرقم ليصبح ثلاثة مقاعد بدل خمسة.
أعتقد أن هذا الأمر يمضي في الاتجاه الصحيح. وأخبرك بشيء: هناك انزعاج من بعض القوى التي تدعي تمثيل المسيحيين بسبب تمددها على الآخرين في نينوى وغيرها. ما نريده وما نطمح إليه هو ألا يشعر أحد بالغبن، ولكن في الوقت نفسه ألا نأخذ حقوق غيرنا، ولا نسمح لأحد أن يأخذ حقوقنا. إذا طبقنا هذا المبدأ، أعتقد أن الجميع سيعيشون باستقرار. وأعتقد أن إخواننا المسيحيين قدموا طلباً بهذا الاتجاه، والآن نظام الكوتا يحقق مصالحهم في الفترة القادمة.
نور بشير من بابل: يُقال إن التحالفات السياسية السنية غالباً ما تنشغل بالصراعات الداخلية بين قياداتها، مما أدى إلى تهميش قضايا هامة، مثل تمكين النساء داخل هذه التحالفات. لقد أثبتت التجارب أن الرجال السنة في السلطة يعزلون النساء، ويتجاهلون تمكينهن، ولا يدركون أهمية تحقيق التوازن السياسي ودور كفاءات النساء في إصلاح بعض القضايا المعقدة، وهي القضايا التي قد يعجز الرجال عن إيجاد حلول لها.
خميس الخنجر: نحن كواجهة سياسية، حقيقةً نتميز باعتمادنا على الشباب، لإيماننا بأنكم عماد المستقبل. الشعب العراقي كما هو معروف، شعب شاب، حيث يمثل الشباب أكثر من 65% من الشعب العراقي. وكل أو أغلب قياداتنا في تحالف السيادة، وقبلها في المشروع العربي، كانوا من الشباب.
وعندما أُعطيت لنا وزارة التربية، لثلاث مرات رشحنا امرأة لهذا المنصب، لإيماننا بأن وزارة التربية يجب أن يكون وزيرها امرأة، لأنها الأقدر على إدارة هذه الوزارة وتحقيق طموحات الطلبة في العراق. وفي قيادة السيادة، من بين 13 شخصاً لدينا ثلاث نساء. وفي الوزارات التي نشرف عليها، أغلبية المديرين العامين المتميزين هم من النساء. وبالتالي، بالعكس، نحن متهمون بأننا نعطي حيزاً أكبر للنساء في المناصب التنفيذية والقيادية.
آرام أركان من أربيل: أنا طالب في الجامعة البريطانية الدولية، وسؤالي لكم يتعلق بالكورد، الذين يواجهون مشاكل منذ أكثر من مئة عام، تشمل المشاكل السياسية والاقتصادية، وخاصة مشكلة الأراضي. لماذا لم تتمكنوا حتى الآن من حل هذه المشاكل في كوردستان؟ أرجو أن تقدموا إجابة شاملة، خاصة فيما يتعلق بمسألة الأراضي، لأننا نعلم أن ما حدث في يوم 16 أكتوبر كان يوماً مأساوياً لنا جميعاً.
بيستون عثمان: اسمح لي أن أوضح السؤال: هل تعتقدون أن المادة 140 يجب أن تُطبق كما هي؟
خميس الخنجر: هو لم يقل ذلك، قال كلاماً مغايراً تماماً..
بيستون عثمان: بعد إجابتك على سؤاله يمكنك الإجابة على سؤالي..
خميس الخنجر: نحن مؤمنون بالعراق الواحد، ونريد العراق موحداً. وأجزم أن الجميع يريد العراق موحداً وقوياً وله دوره، فكلما كان العراق قوياً، أصبحنا جميعاً أقوى. لذلك، يجب أن نعطي الجميع حقوقهم، وألا نسمح بالتجاوز على أراضي هذا المكون أو ذاك، وألا نسمح لأي عراقي بالتجاوز على حقوق الآخرين. ولهذا، أعيد ما قلته سابقاً: نحن كجهة سياسية نؤمن بأن هناك خللاً في النظام السياسي. في كل مرة، نعود إلى نقطة الصفر في تطبيق ما نتفق عليه من فقرات، وهذا خلل في النظام السياسي. يجب أن تكون لدينا رؤية جديدة، مبنية على احترام حقوق الجميع وحقوق المكونات، وألا نسمح بالتجاوز على الآخرين. هذه المسألة تشمل القوانين التي أُقرت وتشمل القوانين الجديدة، وخاصة في مسألة الأراضي. أعتقد أن القانون المطروح الآن في مجلس النواب سيعالج هذه القضية بعدالة، وأعتقد أن الجميع سيكونون راضين في الفترة القادمة إذا ما طُبّق. لدينا مشكلة في التطبيق؛ نحن سهلون جداً في الاتفاق، لكن مشكلتنا تكمن في التنفيذ. إذا طُبّق ما نتفق عليه، فأنا مؤمن بأن هذه المشكلة ستحل ولن تتكرر في المستقبل.
المادة 140 هي جزء من هذه المواد. وأكرر أننا لدينا إشكالية في عدم تطبيق ما نتفق عليه. لكن إذا كان لدينا حوار جاد ونقاش مبني على هذه القاعدة، وهي ألا نظلم أحداً، فأعتقد أننا سنطبق هذه القوانين بكل قوة وسرعة وبما يضمن حقوق الجميع.
بيرهات دلير من دهوك: بما أن القبلية والعشائرية تلعبان دوراً حاسماً في الانتخابات وفي اختيار الممثلين بناءً على الانتماء القبلي والعشائري، كيف ترى، كسياسي وممثل عن العراقيين وعن الكتلة السنية، إمكانية تحقيق التوازن بين هذا الواقع وبين بناء حكومة مدنية مستقلة؟ وهل تتوقع أن يأتي مستقبل يتراجع فيه تأثير القبلية على الانتخابات وتشريع القوانين، بحيث يصبح القرار السياسي أكثر استقلالية ومدنية؟
خميس الخنجر: هي طبيعة العراق وطبيعة منطقتنا، العراق قبلي. إذا ذهبت إلى أي حي راقٍ في أي مكان في العراق وسألت، سيقولون لك: "هل هو من فلان عشيرة؟ من فلان قبيلة؟ من فلان فخذ؟" هذه مسألة طبيعية موجودة عند جميع المكونات، عند الكورد، عند العرب، السنة، والشيعة. فهي مسألة طبيعية، ولكن يجب ألا يكون الانتماء أو التعصب القبلي على حساب مصلحة البلد بشكل عام. هذا هو الخلل الذي يجب معالجته. أنا أعتقد أننا نستطيع معالجة هذا الأمر بشيء واحد، وهو قانون الانتخابات. المشكلة أن الفاعلين السياسيين، وأنا منهم، في كل نقاشاتنا نفكر في كيفية جعل القانون يحمي مصالحنا الفئوية أو الحزبية. أحياناً نطوّعها طائفياً، وأحياناً دينياً، وأحياناً قبلياً. لكن حقيقةً، يمكن معالجة هذه المسألة بقانون انتخابي يكون قانوناً مدنياً حديثاً معمولاً به في دول أخرى لديها تجارب ناجحة في هذا المجال.
أعطيك مثالاً: اقترحنا أن تكون القائمة مغلقة، لكن الآن أصبحت القائمة مفتوحة. هذا يتيح لي كحزب، عندما يكون لدي مؤيدون ومناصرون، أن أضع بالتسلسل الأول الشخصيات المهمة والفاعلة والأكاديمية والعلمية والفكرية التي تساعد على تطوير العمل البرلماني والتشريعي، وتجعل البرلمان فعلاً مؤسسة رقابية بالشخصيات التي نضعها كحزب. لكن لا تزال هناك معارضة شديدة لمسألة القائمة المغلقة. وهناك مطالبات جدية بأن يكون العراق دائرة انتخابية واحدة. إذا كان هناك نفس وطني وحس وطني، فأنا أعتقد أن جعل العراق دائرة واحدة هو الأفضل لكل من يؤمن بالوطنية. لكن أحياناً، من منطلق طائفي، هناك من يرفض أن يكون العراق دائرة واحدة، لأنه ربما ستزيد حصة جهة معينة أو كتلة معينة. لذلك، تبقى هذه إشكالية بين الفاعلين السياسيين في كيفية وضع قانون انتخابات يعالج هذه القضية والقضايا الأخرى.
بيستون عثمان: أي قانون انتخابات؟ كما تعلمون، يتم إصدار قانون جديد لكل انتخابات في العراق. ما رأيكم في قانون الانتخابات القادم؟
خميس الخنجر: طبعاً، نحن من المؤيدين أن نستقر على قانون واحد، أي قانون كان، المهم أن نثبت عليه. في كل مرة نأتي ونضع قانوناً جديداً حسب أهوائنا، هذا ليس صحيحاً.
بيستون عثمان: كل محافظة دائرة أم 83 دائرة لكل العراق؟
خميس الخنجر: الآن النقاش، وربما لأول مرة نقول ذلك، هو نقاش شرس بين الأطراف حول هذه المسألة. هناك أطراف سياسية تريد أن تكون كل محافظة دائرة واحدة، وهناك أطراف أخرى أو طرف سياسي يؤمن بنظام الدوائر ولكن بتقسيم جديد. هناك فكرة جديدة تقول إن المحافظة التي يزيد عدد سكانها عن مليونين تُقسم إلى دائرتين، وهذا ينطبق على خمس محافظات في العراق، بينما تكون المحافظات الأخرى دائرة واحدة. لا تزال هذه الأفكار تُطرح، ولم يتم الوصول إلى النص النهائي الذي سيتم النقاش حوله. لكن هذه هي الأجواء العامة للنقاشات.
بيستون عثمان: ما الذي يحظى بتأييدكم؟
خميس الخنجر: نحن نؤيد الاتفاق على قانون واحد لا يتم تغييره في كل انتخابات، فهذا خطأ. أياً كان هذا القانون.
بيستون عثمان: حلبجة، محافظتنا التاسعة عشرة، المدينة الشهيدة. ما رأيك في أجواء البرنامج ؟ هذه الوجوه الطيبة تجعل الإنسان يشعر بالراحة. ألا تشعر بالسعادة وأنت بينهم؟
خميس الخنجر: حتى نوعية الأسئلة التي تطرحونها، حقيقةً، تُطمئنني على مستقبل البلد بوجود هذا الجيل من الشباب والشابات. أشكركم على هذه الأسئلة وهذا الوعي المميز.
داديار من حلبجة: أنا من محافظة حلبجة، التي تُعتبر منسية في العراق وكوردستان. لقد مرت حلبجة بالعديد من المشاكل والعقبات على مر المراحل المختلفة، وحتى الآن لم يتم حل هذه المشاكل بشكل كاملل حالياً، إحدى قضايا حلبجة وصلت إلى برلمان العراق، وهي بحاجة إلى أصوات النواب لإكمال إجراءات اعتمادها رسمياً كمحافظة الـ19 في العراق. سؤالي: هل ستتفقون مع باقي الأطراف على دعم هذا المشروع وإكمال هذه الإجراءات؟ وهل سيصوت نواب كتلتكم لصالح حلبجة؟
خميس الخنجر: طبعاً، ذكرت قبل قليل أن أغلب أصدقائي في السليمانية كانوا من حلبجة، فربما عمامك أو خوالك هم أصدقائي. أتشرف بك وتحياتي لك. بلا شك، ما مرت به حلبجة كان شيئاً مؤلماً لكل العراقيين، بل ولكل من لديه حس إنساني على مستوى العالم. نحن نؤيد إنصاف حلبجة، ولكن بما يتفق عليه العراقيون، لأن هذا الموضوع، حسب اعتقادي، قد تم الاتفاق عليه بين الأطراف السياسية وسينفذ في الفترة القادمة. وأعتقد أن حلبجة ستنال الكثير من الإنصاف من قبل الجميع.
"نسعى لحل الإشكاليات بين الإيزديين والعشائر المجاورة"
كودر يوسف من محافظة دهوك: أنا شاب إيزيدي، وسؤالي لحضرتك، بصفتك زعيماً لأكبر تحالف سني: نحن كإيزيديين لم نرَ أي موقف جدي منكم تجاه قضيتنا، سواء فيما يتعلق بسنجار أو باختطاف الإيزيديين. على الرغم من احتلال داعش لسنجار عام 2014، بمساعدة بعض القبائل العربية المحيطة بسنجار، لم نلمس تحركاً جاداً لدعم قضيتنا. كيف تفسرون ذلك؟
خميس الخنجر: قبل أربعة أيام، زارني في بيتي الأخ أمير الإيزديين، والكتلة الإيزدية، وأعضاء البرلمان الإيزديين. لدينا علاقات متميزة مع السياسيين الإيزديين، مثل الأخت فيان دخيل وكثير من الشخصيات التي دافعت عن الإيزديين في تلك الفترة. نحن كواجهة سياسية، في كل مرة تتعرض فيها الطائفة الإيزيدية للأذى، كان لنا موقف واضح. لدينا أكثر من عشر بيانات بهذا الخصوص، وآخرها بيان يتعلق بسنجار. نتضامن مع الإيزديين فيما تعرضوا له من ظلم على يد تنظيم داعش الإرهابي، وفي الوقت نفسه نسعى لحل الإشكاليات بينهم وبين العشائر المجاورة بكل ما نستطيع، وكان لنا جهد متميز في هذا الاتجاه.
إبراهيم العبيدي من كركوك: بالنسبة لإعادة المحاكمة، هي أحد طرق الطعن وفق أصول المحاكمات الجزائية، ولا يمكن اعتبارها تشكيكاً في القضاء.أما سؤالي، مع تزايد الحديث عن تغييرات سياسية محتملة في العراق من قبل المحللين والسياسيين العراقيين، هل ستكون من بين القيادات الفاعلة التي ستقود هذا التغيير وتسهم في صياغة مستقبل البلاد؟ أم أنك قد تضطر للخروج بالقوة من العراق؟ شكراً لك على رحابة صدرك.
خميس الخنجر: موضوع إعادة المحاكمة أو إعادة التحقيق نهدف منه إلى إنصاف المظلومين، لأن المشكلة أنه حتى إذا تغير القاضي وتغيرت المحكمة، فإن تقديم نفس الاعترافات إلى قاضٍ آخر قد يؤدي إلى إصدار حكم مشدد. لذلك، نطالب بإعادة التحقيق ليكون التحقيق منصفاً وعادلاً، ويُقدَّم إلى القضاء بطريقة مهنية وعادلة، تسمح باتخاذ القرار العادل بشأن المتهم.
أما الموضوع الآخر، فنحن قبلنا أن نكون قادة سياسيين ومؤثرين لأهلنا ومحافظاتنا. نعلم حجم الصعاب ونعلم حجم الأمانة التي على عواتقنا. لذلك، نحن موجودون في بغداد، وبين أهلنا. وأنت تعلم، كعبيدي من كركوك، أنني كنت دائماً حاضراً في كل المشاكل التي تواجه أهلنا، سواء في التهجير أو في كل المراحل التي مروا بها. لذلك، أنا موجود في بغداد أمارس دوري بين أهلي وناسي، وأُمثّل من أمثّله. وهذه أمانة تتطلب مني أن أكون متواجداً الآن وفي المستقبل، إلى أن يأخذ الله أمانته. نحن ماضون، إن شاء الله، في طريقنا، ونعتقد أننا على طريق الحق. ما نريده هو الخير لكل العراقيين ولكل البلد. نريد أن نرى بلداً قوياً، متسامحاً، وعادلاً، يمارس دوره كأب للجميع.
"لا يجب أن نعاقب الموظف في كوردستان"
زهراء من زاخو: حضرتك تملك ثروة كبيرة وهائلة. كيف تمكنت من جمع كل هذه الأموال؟ من خلال حديثك، شعرت أنك تحب كوردستان. ونحن في الكوردية نقول: "2 في 2 يصبح 1 وليس 4". ما الذي تفهمه من هذه المقولة؟ وأخيراً، هل تؤيدون فكرة إعلان الدولة الكوردية وكوردستان المستقلة؟
خميس خنجر: أشكر الله أنك لا تعملين في دائرة الضرائب. لا شك أنني أشكر الله سبحانه وتعالى على أنني رجل أعمال ناجح في عملي. خرجت من العراق عام 1997، وعشت في أكثر من بلد، ولدي أعمال في أكثر من عشر دول حول العالم، واستثماراتي الخاصة. كانت هذه الفترة فترة مهمة، حيث كنا جزءاً من مؤسسات دولية اقتصادية رصينة تعمل على اقتناص الفرص الاقتصادية المتاحة في ذلك الوقت. الله سبحانه وتعالى وفقنا، والآن لدينا مشاريع مهمة أيضاً في العراق. هذه المشاريع كلها خاصة وليست مرتبطة بالدولة.
رغم كل ما يُقال، نحن كمؤسسة اقتصادية، سواء لي أو لعائلتي أو لابني، لم نحصل على استثناء واحد ولم نأخذ عقداً واحداً من الدولة. أنا أطالب كل النواب وكل الجهات الحكومية أن يبحثوا عن أي عقد واحد أخذناه من الدولة العراقية. أبداً، لم يحدث ذلك. ذهبنا نحو الاستثمارات الخاصة في الأراضي الخاصة والمصانع الخاصة. طرقنا الاقتصادية متميزة، ونحن الجهة الاقتصادية الوحيدة، رغم وجودنا في مؤسسات بنكية، ليس عليها قرض واحد في العراق. نحن نختلف عن الآخرين تماماً. الأموال التي لدينا هي أموال جلبناها لاستثمارها في بلدنا، بما يحقق الخير للبلد ولمجتمعنا. وفي نفس الوقت، المردود الاقتصادي في العراق متميز على مستوى العالم. لدينا طرق اقتصادية ورؤية استثمارية تسمح لنا بتحقيق أرباح، وهي ما أشرتِ إليه في سؤالك.
أما المسألة الأخرى، تحدثت قبل قليل عن أن الضغط أحياناً يدفع بعض المكونات أو الأطراف السياسية للبحث عن حلول لمشاكلها من خلال كلمات مثل "كونفدرالية" أو "دولة". نحن نقول الآن إن العراق الواحد القوي هو في مصلحة جميع العراقيين. اليوم هناك فرصة كبيرة بأن نعالج مشاكلنا فيما بيننا، بما يتيح للكوردي أن يشعر بأن وجوده في العراق هو قوة له، وفيه فائدة له، وفيه اقتصاد وأمن له. وكذلك الحال بالنسبة للعربي السني والعربي الشيعي.
ما نحتاجه هو إعادة بناء الثقة بدولة المواطنة، وإرجاع الهوية الوطنية، وتقويتها. لا يجب أن نعاقب الموظف في كوردستان عندما نختلف سياسياً مع حكومة كوردستان. لا يجب أن نعاقب الإنسان العادي في راتبه ومعيشته، ثم نطلب منه أن يؤمن بالدولة. لذلك، ما نحتاجه هو إعادة بناء الثقة، بحيث يشعر المواطن العادي أن الدولة هي "البيت الكبير"، وأن قيادة الدولة هي "الأب" لجميع العراقيين.
حسن عياد من المثنى: أنا من محافظة المثنى، ثاني أكبر محافظة في العراق من حيث المساحة. سؤالي سياسي بحت ولا يقصد الإساءة لأي أحد، في حال قررت التخلي عن السياسة وافتتاح قناة توعوية، هل سيكون محتواها متعلقاً بتعليم كيفية إدارة العراق؟
خميس الخنجر: طبعاً، لدي ذكريات جميلة في السماوة. كان والدي مقاولاً هناك عام 1978، حيث كان يعمل في الخط السريع بناحية الوركاء. عشنا هناك أكثر من سنتين، وتعرفت خلالها على المدينة وعشائرها الأصيلة وشعبها الطيب. السماوة، وخاصة ناحية الوركاء، تتميز بكرم أهلها واهتمامهم بالغريب بطريقة تجعله يشعر وكأنه واحد منهم.
أما عن دخولي السياسة، فأنا دخلتها مجبراً لا مخيراً. كنت أُدير السياسة من الخلف، ولم أكن أرغب بأن أكون في الواجهة، ممسكاً بالمقود من المقعد الخلفي. لكن اضطررت لدخول الميدان بشكل مباشر بعد مصيبة داعش وما جرى على العراق عامةً، وعلى محافظاتنا بشكل خاص. كنت أدير الأمور من بعيد، كما فعلت مع قائمة العراقية وما بعدها، ولم أنخرط في أي تحالف طائفي. لكن نتيجة الضغط الهائل والجرائم التي ارتكبت بحق أهلنا في المحافظات المتضررة، شعرت بأن عليّ واجب العودة إلى الميدان رغم كل المخاطر، لأكون بين أهلي وناسي، وأساهم بما أستطيع لتصحيح الوضع وبناء رؤية مشتركة للمستقبل.
وعن المناصب، جميع الأطراف السنية والقيادات تنافست للحصول على مناصب، لكنني الوحيد الذي لم أنافس أحداً على أي منصب، ولم أطالب بمنصب. حتى عندما طُرح اسمي لمنصب نائب رئيس الجمهورية، رفضت ذلك لأنني مؤمن بأن ما أقدمه وأنا خارج المنصب يفوق ما يمكنني تقديمه وأنا مقيد بقيود المنصب. أنا أيضاً مؤمن بأن العمر السياسي يجب أن يكون له نهاية. سأترك السياسة في الوقت المناسب وأفسح المجال للشباب ليكون لهم دور حقيقي في قيادة المستقبل. أدعم بكل طاقتي الجيل القادم، وأتمنى أن تكون هناك انتخابات حقيقية تُبرز طاقات الشباب لاستكمال المسيرة.
نور مؤيد من كركوك: يُتهم تحالفكم من قبل أغلبية المكون التركماني بتهميشهم واستخدامهم كأداة سياسية، معتمدين على دعم تركيا بدلاً من تقديم دعم حقيقي لقضاياهم. هل تعتبرون التركمان شركاء حقيقيين في العملية السياسية، أم مجرد ورقة تُستخدم عند الحاجة لتحقيق مصالحكم؟
خميس الخنجر: التركمان مكون أساسي من مكونات الشعب العراقي، وأعتقد أن الجبهة التركمانية بقيادة الأخ حسن توران تمارس دوراً متميزاً. هم أعضاء في تحالف إدارة الدولة، بالإضافة إلى الأخ أرشد الصالحي وآخرين من قيادات الجبهة التركمانية. حقيقةً، أرى أن أداءهم متميز وبعيد عن الإملاءات الخارجية. وبالتالي، عندما تكون علاقة التركمان بتركيا متميزة، فهذه مسألة طبيعية ولا تخدش الجانب الوطني على الإطلاق. بل ربما تكون علاقات هذا المكون العزيز مفيدة في تعزيز علاقات العراق وتركيا. كما أن التركمان، بطبيعة الحال، يتنوعون في انتماءاتهم المذهبية، وهذه مسألة طبيعية. ما كان ينقصهم هو وجود وزير تركماني، والآن لديهم وزير تركماني، بالإضافة إلى مدراء عامين ووكلاء. فالتركمان يأخذون دورهم في الحياة السياسية. لا شك أن لديهم، مثل بقية المكونات، منغصات ومشاكل، ولكن هذه تُحل من خلال الحوار والعمل السياسي، إن شاء الله.
بيستون عثمان: هل يمكنك أن تقول شيئاً باللغة التركمانية؟
خميس الخنجر: كلا.
بيستون عثمان: إذن الكوردية فقط؟
خميس الخنجر: أتحدثها قليلاً.
بيستون عثمان: بعض الكلمات؟
خميس الخنجر: زۆر جوانه.
سجاد كاظم من العمارة: ما هو موقفك من أبطال الحشد الشعبي الذين ساهموا في تحرير الأراضي المغتصبة من قبل التنظيم الإرهابي؟ وما هو موقفك من أبطال البيشمركة الذين دافعوا بشجاعة عن كوردستان العراق؟ وهل كان لك دور فعّال في دعمهم خلال هذه المعارك؟
خميس الخنجر: نحيي كل الأبطال الذين ساعدوا على هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، ونحيي كل الأبطال الذين أعادوا العراق واحداً وقوياً. نحيي كل الأبطال الذين لم يتعدوا على حقوق الآخرين أثناء التحرير، وكل الأبطال الذين لم يسمحوا بالتجاوز على النساء، أو الرجال، أو أملاك العراقيين. وندين كل من تجاوز على أملاك العراقيين، وعلى مدنهم، وحريتهم، وحقوقهم، ونسائهم، وأطفالهم، وكل من ارتكب جرائم في تلك المناطق بحجة التحرير. نحيي الأبطال الذين رفضوا حتى الصلاة في مساكن أهلها غير موجودين، احتراما لحريتهم وحقوقهم. لذلك، نحن مع كل المؤسسات العسكرية المعترف بها من قبل الدولة. ونكرر أننا لا نريد عسكرة المجتمع، بل نريد مؤسسات وطنية تمثل جميع العراقيين. نحن مع كل هذه المؤسسات التي ساعدت على تحرير البلد.
مصطفى ركابي من الناصرية: أنا محامٍ من مدينة العطاء، مدينة الأدب والثقافة، مدينة انبثاق الحرف الأول. الناصرية، التي انطلق منها الحرف الأول، ومدينة نبي الله إبراهيم، تلك المدينة العريقة التي يعرفها الجميع. تعقيباً على سؤال أحد الأساتذة بخصوص إعادة المحاكمة، نعلم قانونياً أنها تكون في حالة واحدة فقط، وهي التمييز خلال مدة أقل من شهر، ولا يكون التمييز بعد هذه المدة. سؤالي تحديداً: مع تزايد التحديات التي يواجهها الشباب العراقي، مثل البطالة وضعف تمكينهم في مراكز القرار، ما هي رؤيتكم لدعم الشباب بشكل فعّال؟ وهل لديكم مبادرات محددة لتعزيز مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية؟ وكيف ستعملون على ضمان تنفيذ هذه المبادرات بعيداً عن الخطابات التقليدية؟ الشباب العراقي، بشكل عام، يعاني من التهميش، خاصة في محافظات مثل ذي قار والمحافظات العراقية الأخرى، جنوباً وشرقاً وغرباً، وكوردستان. أتمنى أن يكون للشباب دور حقيقي في بناء المستقبل.
خميس الخنجر: طبعاً، لدينا مشاكل كبيرة جداً ومخاطر تهدد المجتمع العراقي وتهدد العائلة العراقية. مشكلة المخدرات هي أخطر مشكلة يواجهها البلد اليوم. العراق من بين البلدان الأكثر رواجاً للمخدرات، وأحد أسباب ذلك هو البطالة ووجود هذا الكم الكبير من الشباب في المجتمع العراقي. الشباب يجب أن يكونوا ثروة، فالثروة البشرية هي أهم من الثروة الطبيعية في كثير من البلدان. سنغافورة، على سبيل المثال، من أغنى بلدان العالم، رغم عدم امتلاكها ثروات طبيعية، لكنها تمتلك ثروة بشرية وإدارة متميزة لها. اليوم لدينا أموال طائلة وثروات مهمة جداً. لدينا ثروة مائية، وثروة نفطية، وثروة صناعية، وثروة بشرية. المشكلة ليست في وجود الثروات، بل في الخلل في إدارتها.
لا توجد بلدان في العالم تستطيع حكوماتها توفير كل الوظائف لمواطنيها. في العراق اليوم، لدينا أكثر من 10 ملايين راتب، وهو رقم لا يوجد مثله في أي دولة أخرى. نحن دولة ريعية بامتياز، وأحياناً تكون الدولة أشبه بمحاسب يبيع النفط ويوزع الرواتب. ما نحتاجه، حقيقةً، وهذا ما نقوله في كل لقاءاتنا، هو تفعيل القطاع الخاص. القطاع الخاص هو الوحيد القادر على استيعاب ملايين الشباب. بل لو فُعل القطاع الخاص في العراق بشكل صحيح، لأصبح العراق من الدول التي تحتاج إلى عمالة خارجية، حيث لا تكفيها عمالتها المحلية. اليوم، مشكلتنا أننا أهملنا هذا القطاع المهم جداً. لا توجد رؤية متكاملة لتطويره. على سبيل المثال، لا يمكن أن يكون لديك قطاع خاص ناجح إذا لم يكن هناك نظام إصلاح بنكي يدعم نمو هذا القطاع. كذلك، لا يمكن تطوير القطاع الخاص بدون نظام ضمان اجتماعي يضمن حقوق العاملين فيه. ما نحتاجه هو رؤية متكاملة لتفعيل القطاع الخاص. في دول قريبة منا، مثل تركيا وماليزيا، هناك شركات يعمل بها أكثر من 100 ألف موظف. هناك آلاف الشركات التي يعمل بها عشرات الآلاف. هذا يعني أن القطاع الخاص يمكن أن يستوعب ملايين الأشخاص. وظائف الدولة وحدها لا تكفي، بل إنها تستنزف الموارد.
نحتاج أيضاً إلى تفعيل الصندوق السيادي، الذي نسميه صندوق التنمية، بحيث يُستقطع جزء من ثروة العراق لاستثماره في مشاريع كبيرة بالتعاون مع القطاع الخاص. وأنا أعتقد أن هذا هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العراق، والخروج من هذه الدوامة.
عباس ولي من بغداد:في أحد لقاءاتك السابقة على قناة العربية، وصفت تنظيم داعش الإرهابي بـ"الثوار". يحز في قلبي هذا الوصف. فما الذي تغير اليوم في موقفك تجاه هذا التنظيم؟
خميس الخنجر: أعتقد أنني أجبت عن هذا السؤال سابقاً، وأكرر أنني أدنت هذا التنظيم وكل التنظيمات الإرهابية. لا يوجد أي تصريح في أي قناة يؤكد ما تقول، وما يُقال في هذا السياق هو كلام تسمعه في السوشيال ميديا. ما أؤكده دائماً وأستمر في قوله هو أنني أدافع عن حقوق الناس، وحقوق المظلومين، وعن حرية الرأي وحرية التظاهر. في النظام الديمقراطي، التظاهر حالة طبيعية، والمظاهرات وسيلة للتعبير عن هواجس الناس وغضبهم، ولإيجاد حلول لهم. أنا مع أهلي، مع المظلومين، مع الذين تُنتهك حقوقهم، وتُسلب بيوتهم وأراضيهم، وتُمس كرامتهم وعاداتهم وتقاليدهم. أدافع عنهم بكل قوة وصراحة، إيماناً مني بأن العدالة تنفع كل العراقيين. أؤمن أنه لا يوجد شخص واحد من العراقيين الطيبين، سواء في البصرة أو العمارة أو الأنبار أو دهوك أو السليمانية أو أربيل، يريد ظلماً لأي عراقي آخر. أنتم كشباب وشابات، لا تتأثروا بما يُقال هنا وهناك. قال الرسول (ص ): "كفى بالمرء إثماً أن يُحدّث بكل ما يسمع."
اليوم، هناك قوى سياسية تريد استمرار حالة التشرذم والانقسام، لأنها تعتمد على هذا الوضع لجذب جمهورها. هناك قوى سياسية لا وجود لها إلا بالتحريض الطائفي، ولا وجود لها إلا عندما تسمي آخرين أعداءً طائفيين. نحن نتحدث بوعي وصراحة عن مشاكل البلد وعن التجاوزات التي تحدث. أؤمن أن أهلنا في الجنوب، كما في الوسط، كما في كردستان، لا يريدون عسكرة المجتمع، بل يريدون حياة مدنية آمنة ومستقرة. يريدون استقراراً، ويريدون أن يتجولوا بحرية في جميع مدن العراق دون استفزاز. هذا هو ما نسعى إليه، وكل تصريحاتنا تصب في هذا الاتجاه.
بيستون عثمان: آخر سؤال نود سماعه من الذكاء الاصطناعي. أعزائي، أود أن أخبركم أنني أستخدم "تشات جي بي تي" كمساعدة لي. أستشيرها وآخذ رأيها، وأسألها إذا كانت ترى أن شيئاً ما مناسباً أو لا. حتى الآن، في هذا البرنامج ومع الشيخ خميس الخنجر، سأوجه لها السؤال التالي: 'إذا كنتِ موجودة بيننا الآن، يا تشات جي بي تي (نانا)، ما هو السؤال الذي كنتِ ستطرحينه على الشيخ خميس الخنجر؟ لنرَ ما الذي ستقوله.
نانا، أنا الآن في حلقة التاسعة من برنامج بيستون توك، ونستضيف فيها حوالي 200 شاب وشابة من جميع أنحاء كوردستان والعراق. وضيفنا لهذه الحلقة هو الشيخ خميس الخنجر.
نانا: حلقة رائعة ومميزة بوجود 100 شاب وشابة من جميع أنحاء كوردستان والعراق، بالتأكيد الأجواء مليئة بالحماس والنقاشات القيمة. وجود الشيخ خميس الخنجر كضيف سيضيف نكهة خاصة للحلقة بأفكاره وتوجهاته. ما هي المواضيع الرئيسية التي ستركزون عليها اليوم في النقاش؟
بيستون عثمان: أنا أسألكِ، إذا كنتِ هنا، ما هو السؤال الذي كنتِ ستوجهينه إليه؟
نانا: ربما أسأله: شيخ خميس، حضرتك تدعو دائماً للحوار والتفاهم بين الأطراف المختلفة، لكن برأيك، ما هي العوائق الحقيقية التي تمنع الشباب العراقي والكوردي من قيادة هذا التغيير؟ وكيف يمكننا خلق فرص حقيقية تجعل صوتهم مسموعاً وتأثيرهم واضحاً في بناء مستقبل العراق؟ ما رأيك بهذا السؤال؟
خميس الخنجر: طبعاً، أحد العوائق الرئيسية هو وجود الكهول الذين لا يريدون سماع الصوت الشبابي، لأن هذا الصوت عقلاني ولا يرتبط بالماضي. هو يريد تحقيق الاستقرار والرفاه للمجتمع. ولذلك، أنا أعتقد أن ما هو مطلوب من الشباب هو كسر هذا الحاجز من خلال المزيد من التواصل بين كل الشباب على مستوى العراق. أشكركم على هذه المبادرة التي تجمع كل محافظات العراق، وأنا أرى العراق الكبير القوي في هذا الشباب. أنا أشكركم، وأعتقد أننا بحاجة إلى مبادرات أخرى. إذا قمتم بمبادرة تجمعون فيها 100 أو 200 شاب وشابة في زواج جماعي، سيكون على حسابي. من جميع العراقيين، ستكون خطوة مميزة.
بيستون عثمان: هل نوثق هذا الوعد؟
خميس الخنجر: ونحتفل هنا في كردستان على حسابي. من كل العراقيين، من جميع المحافظات. وهذا التزام علني.
بيستون عثمان: وسيكون حفلهم في أربيل؟
خميس الخنجر: وأعدكم بأنني سأعاملكم كأبنائي.
بيستون عثمان: بهذه المناسبة والمبادرة يجب أن أذكر إيرم، وهي الفتاة المنسقة للبرنامج. لهذا هذه الحلقة تواصلت مع 2000 شاب وشابة من جميع أنحاء العراق وكوردستان، وأُجرت مقابلات معهم عبر الإنترنت، واختارت 200 شخص منهم، وهي من كركوك كوردستانية وعراقية. يكنون محبة لإيرم أكثر من محبتهم لكم ولي.
بيستون عثمان: بالنسبة لهذا الكرسي الذي تجلس عليه الآن، من تحب أن يكون الجالس بعدك؟ من الذي يمكن أن يأتي ليجلس هنا، يقابل الشباب، ويعقد هذه الجلسة؟
خميس الخنجر: بعد هذا الحوار الجاد والصريح، الذي أشكر فيه حتى الذين كانت أسئلتهم قوية وجريئة، لأنني أريد أن أدافع عن نفسي ضد بعض التشويه الذي يحصل من قبل بعض الأطراف المغرضة التي لا تريد للعراقيين أن يجتمعوا على فكرة واحدة ورؤية موحدة. ولكن حقيقةً، أرى أن وجود الأستاذ الأخ الرئيس نيجيرفان بارزاني على هذا الكرسي مهم للمرحلة المقبلة.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً