الاقامة في أربيل.. والعمل الاعلامي.. أفضل خيارات الكاظمي بعد مغادرته منصبه

19-10-2022
معد فياض
A+ A-

معد فياض

يعود رؤساء الحكومات عادة، في العالم، بعد مغادرتهم لمناصبهم نتيجة لأسباب انتخابية، ومنافسات سياسية، إلى مدنهم ووظائفهم السابقة، أو مهنهم التي كانوا يمارسونها قبيل تسلمهم لمناصبهم الحكومية. يحدث هذا في دول العالم الديمقراطي المتحضر، لكن ما حدث ويحدث في العراق فإن غالبية السياسيين يتشبثون بمواقعهم ومناصبهم، سواء بطرق مشروعة أو غير مشروعة، ومن يجبر على مغادرة منصبه فإنه يغادر إلى الخارج ليمارس أعمالاً تجارية أو حرة.

لكن هذا لا ينطبق بأي حال من الأحوال على رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، فهو لم يتم ترشيحه من قبل حزبه أو أي حزب معين نتيجة فوز الحزب، كما لم يفز بأي انتخابات ليصل إلى أهم منصب تنفيذي وأمني في البلد، بل جاء نتيجة فراغ سياسي بعد أن أجبرت احتجاجات تشرين رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي على الاستقالة، وساهمت الظروف بتنصيب الكاظمي رئيساً للحكومة، بعد اتفاق الأحزاب المسيطرة على السلطة حوله كونه مستقلاً وشخصية غير مثيرة للجدل.

ترى هل سيعود الكاظمي، بعد مغادرته رسمياً لمنصبه كرئيس للوزراء، من حيث جاء؟ ونعني المهنة والمكان، أم سيواصل عمله السياسي في بغداد، مع أنه لا ينتمي لأي حزب سياسي يدعمه او دعمه، بل لم يرشح للانتخابات التشريعية السابقة التي جرت تحت مسؤولية حكومته في العاشر من تشرين الأول 2021، وهذه سابقة في تاريخ رؤساء الحكومات منذ 3003 وحتى اليوم، كما أنه بالتأكيد، وحسب الأعراف السياسية العراقية والمنافسات بين الأحزاب المسيطرة، لن يعود إلى منصبه السابق كرئيس لجهاز المخابرات الوطني، كما أنه من المستبعد أن يرجع إلى لندن، حيث كان يقيم.

تعرفت على مصطفى الكاظمي في عام 1997 في لندن حيث كان يعمل في صحيفة المعارضة العراقية (المؤتمر) التي كانت تصدر أسبوعياً عن المؤتمر الوطني في منطقة برافيل غرب العاصمة البريطانية، وهي صحيفة فقيرة مهنياً، تنقل أخبار المعارضة وتقارير غالبيتها مفبركة ضد النظام السابق، وهكذا بدأ مع الصحافة المعارضة وأسس علاقاته مع بعض قوى المعارضة العراقية متحرراً من ارتباطاته بحزب الدعوة الإسلامي قبل سفره من أربيل إلى إيران وصولاً إلى السويد.

وعرف بعلاقاته الثقافية أيضاً، خاصة مع المفكر العراقي كنعان مكية الذي بدأ معه منحى آخر عمّق من اهتماماته الفكرية والسياسية ونشأته السياسية الليبرالية، ومن ثم اهتماماته الصحفية وكتابة المقالات السياسية عن الوضع العراقي، التي كان ينشرها في الصحافة العربية المرموقة في لندن، مثل صحيفتي (الحياة) و(الشرق الأوسط)، وفيما بعد في المونيتور (Al-Monitor)‏ وهو موقع إخباري حول الشرق الأوسط ينشر باللغات العربية والإنجليزية والفارسية والعبرية ويقع مقره في الولايات المتحدة.

بعد تغيير النظام العراقي في 2003، ساهم الكاظمي مع آخرين لاقامة مؤسسات ليست حكومية في الغالب، وفي مقدمتها شبكة الإعلام (العراقية) التي سيطرت عليها الجهات الإسلامية (حزب الدعوة) ولم يتبوأ فيها منصباً مهماً، لهذا لم يبق بها طويلاً. ثم أسس مع المفكر العراقي كنعان محمد مكية مؤسسة (الذاكرة العراقية) وهي تعني بأرشفة سجلات حالات التعذيب والتغييب والإعدامات التي مارستها الأجهزة الأمنية في عهد نظام صدام حسين، واتخذت المؤسسة من منزل المعماري الراحل محمد مكية في كرادة مريم، التي سميت بالمنطقة الخضراء، على ضفاف نهر دجلة، مقراً لها ومسكناً للكاظمي الذي بذل جهوداً كبيرة لترسيخ هذه المؤسسة المهمة بالرغم من أن العمل في غالبيته كان تطوعياً تقريباً، ثم عمل مع آية الله حسين إسماعيل الصدر لتأسيس (مؤسسة الحوار الإنساني) في بغداد وافتتح لها فروعاً باسم (بيت السلام) في لندن ونيويورك.



لكن تفكير الكاظمي، الذي لم يعرف عنه وقتذاك الاستقرار في بلد معين بالرغم من أن إقامته كانت في لندن، كان يبحث عن منصب حكومي يتوج ما قدمه خلال سنوات عمله مع المعارضة، ويضمن له دخلا مريحا خاصة وان غالبية الأعمال التي مارسها كانت تطوعية تقريباً وهذا ما دفعه للإقامة ما بين السليمانية وبغداد، حيث كلفه برهم صالح، عندما كان رئيساً لحكومة إقليم كوردستان، بإدارة تحرير مجلة (الاسبوعية) والتي لم تستمر طويلاً لأسباب مهنية ومالية، ثم قرر الاستقرار مع عائلته في أربيل "لأسباب اقتصادية وأمنية" حسب إيضاحه وقتذاك.



وفي سيناريو البحث عن أفضل الخيارات للأماكن التي يمكن للكاظمي الإقامة بها، بعد مغادرته لمنصبه رسمياً، تبرز أربيل عاصمة إقليم كوردستان، كأفضل الخيارات المتاحة له بعد مغادرته بغداد، لأسباب أمنية وحياتية بالدرجة الأولى ولطبيعة العلاقات التي أقامها مع السياسيين الكورد، البارزانيين خاصة، ولأن ظروف الحياة فيها توفر له حركة أوسع وخيارات أكثر. ومن المستبعد عودته إلى لندن التي لم يكن متعوداً على البقاء بها طويلاً حيث سيعيش منعزلاً فيها لشحة علاقاته مع العراقيين هناك، التي تقطعت منذ أن عمل في جهاز المخابرات مروراً برئاسته للحكومة، كما أنه من الصعب عليه اختيار الإقامة في لبنان لأسباب أمنية بحتة، مع أن إمكانياته الاقتصادية تمكنه من الاقامة بترف في أي بلد في العالم، وفي مقدمتها إمارة دبي.

أما مهنياً، فليس من المتوقع أن يعمل الكاظمي كأستاذ جامعة أو محاضر أو خبير في أحد مراكز الدراسات، بسبب شحة إمكانياته الأكاديمية والمهنية، وربما يعود إلى مهنته الأولى، الإعلام، والتي في الغالب لم يحقق فيها سابقاً نجاحات تذكر، لكنه بالتأكيد لن يعجز عن إيجاد مجالات واسعة في مجال الاستثمار الاقتصادي الذي قد يكون برع فيه خلال رئاسته للوزراء.

 

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب