رووداو ديجيتال
أثارت الأنباء التي تحدثت عن احتمالية سحب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لقواته من العراق مخاوف بعض السياسيين العراقيين، وارتياح فريق آخر منهم، لا سيما وأن هناك أحزاباً وفصائل تضغط على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني وتطالبه بمغادرة القوات الأجنبية، الأميركية في مقدمتها، للأراضي العراقية.
رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، الأكاديمي إحسان الشمري، أستاذ النظم السياسية في جامعة بغداد، نفى في حديث لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الأربعاء، 13 تشرين الثاني 2024، أن يكون الرئيس الأميركي القادم سوف يترك العراق لإيران وأن يكون ساحة للنفوذ الإيراني.
وكان المتحدث السابق باسم القيادة المركزية للقوات الأميركية (سينتكوم) قد توقع أن يعمد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى سحب قوات بلاده من العراق وسوريا، مبدياً تخوفه من أن هذا قد يزيد من مخاطر استعادة تنظيم داعش لقوته.
في تصريح أدلى به لشبكة رووداو الإعلامية، اليوم الأربعاء (13 تشرين الثاني 2024)، قال المتحدث السابق باسم سينتكوم، جوي بوتشينو: "أتوقع وأعتقد أن الرئيس ترمب يفكر بإمعان في إعادة القوات الأميركية من سوريا وشمال شرق سوريا والعراق، وكان قد أشار إلى هذا فيما مضى".
الأكاديمي إحسان الشمري، وهو أيضاً كاتب وخبير ومحلل سياسي في الشؤون العراقية، ومحاضر في الدراسات العليا للفكر السياسي والدول الكبرى، قال: "مع تسلم دونالد ترمب الرئاسة الأميركية لفترة ثانية، فنحن أمام (ترمبية جديدة) وهذه الترَمبية الجديدة ستختلف جداً في تعاطيها مع قضايا منطقة الشرق الأوسط، خاصة إيران والعراق، باعتبار أن ما أسميته بالترمبية الجديدة ستركز على حسم الملفات، وهذا الحسم سيختلف، قد يكون الذهاب نحو التسويات أو عقد الصفقات أو حتى قد يكون من خلال فرض العقوبات أو ما يعرف بسياسة الضغوط القصوى، أو حتى الاشتباك". منوهاً إلى أن "ترمب يريد شرق أوسط مستقل لا يتسبب بقلق لإدارته، لذلك سيقدم مقاربة جديدة للمنطقة وفق هذا السياق، مقاربة إلغاء الحروب وفق الاشتراطات الأميركية وليس إبداء المزيد من التنازلات مثلما يتوقع عدد من المحللين والخبراء.. العراق وإيران سيكونان ضمن هذه المقاربة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط".
وبخصوص احتمالية سحب ترمب للقوات الأميركية من العراق، قال الشمري: "ترمب لن يتردد في سحب القوات الأميركية من العراق إذا طلب العراق ذلك مجدداً، لكن هذا الانسحاب سيكون وفق الاشتراطات الأميركية وليس وفق الاشتراطات العراقية، وحتى في حال البقاء، فإن الولايات المتحدة لم تقدم في عهد ترمب خدمات مجانية. الأمر اختلف حالياً، خاصة وأن ترمب ينظر إلى الحكومة العراقية والمعادلة السياسية باعتبارها تابعة أو جزءاً من النفوذ الإيراني، لذلك لن يقدم مرونة في هذا الجانب". معبّراً عن اعتقاده "بأنه من الممكن النظر إلى ملف سحب القوات الأميركية باعتباره يأتي في صالح إيران والفصائل العراقية المسلحة، وهذا في الإطار العام، لذلك ستكون هناك ردود فعل عنيفة جداً في إطار استراتيجية الضغوط القصوى وفرض عقوبات تؤدي إلى شلل قد يؤثر على العراق بشكل كامل، بحيث أن سحب القوات الأميركية لن يكون ذات فائدة.. ومن وجهة نظري، إن انسحاب القوات الأميركية قد يصطدم بفكرة حماية المصالح الأميركية، ولكنه جزء من عملية تدعيم الأمن القومي لإسرائيل، لذلك ستعتمد المقاربة على عدة معطيات، وأولها أن ترمب لن يترك العراق لإيران وأن يكون ساحة للنفوذ الإيراني".
وعبّر رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، الأكاديمي إحسان الشمري، عن انقسام الساحة السياسية العراقية بين مؤيد للجمهوري ترمب ومناصر لسياسة الرئيس الأميركي السابق، الديمقراطي جو بايدن، واعتبر ذلك حالة طبيعية، باعتبار أن هناك من يرى أن إدارة بايدن لم تكن فاعلة في الملف العراقي بشكل مؤثر وأبدت مرونة كبيرة في عدد من الملفات. في المقابل، هناك من يعتقد أن انخراطاً أكبر في إدارة ترمب الجديدة بالعراق يمكن أن يغير في العديد من موازين القوى، ولهذا اعتبر هذا الانقسام طبيعياً خاصة في ظل وجود إيديولوجيات وبنية عقائدية منقسمة تجاه الولايات المتحدة الأميركية، بالتالي الانقسام السياسي في العراق بين الديمقراطيين والجمهوريين يبدو طبيعياً من وجهة نظري". مضيفاً "وبما لا يقبل الشك، نحن أمام حالة عراقية جديدة تتمثل بوجود أنصار لترمب الجمهوري مقابل أنصار لسياسة الديمقراطيين، وهذا يعكس، من وجهة نظري، تأثير السياسة الأميركية على الداخل العراقي وخارجه أو اعتقاد الطبقة السياسية الأميركية بأنها الفاعل الأكبر في توجيه السياسة الداخلية العراقية وحتى الخارجية".
وأوضح الشمري، الذي شغل سابقاً منصب مستشار في هيئة المستشارين بمكتب رئيس الوزراء، إضافة إلى مهامه الأكاديمية في جامعة بغداد، أن "الولايات المتحدة هي دولة مؤسسات وتسير وفق برامج هذه المؤسسات، والتسريبات التي تتحدث عن تشكيل ترمب لإدارته على مستوى رئاسة الوزراء أو الوزارات والمؤسسات المهمة مثل الدفاع (البنتاغون) والخارجية والمخابرات الأميركية (CIA) والأمن القومي والخزانة وغيرها، تفيد بأنه (ترمب) يختار شخصيات قيادة لهذه المؤسسات قريبة من أفكاره أو انعكاساً لأفكاره، وقد تكون قراراته غير واضحة في الأشهر الستة الأولى، لكن فيما بعد ستتضح الرؤية، وأعتقد أنه سيعتمد على قرارات طاقمه وليس على قرارات فردية كما يعتقد البعض". وقال: "نعم، ترمب معبأ اتجاه إيران وحلفائها، لكن هذه التعبئة، بذات الوقت، ستأخذ مساراتها بالشكل الذي يمكن أن يحدث فارقاً، وحتى طاقمه الذي يختاره حالياً أو تم اختيار غالبيته هم من المتشددين في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط مقارنة بإدارة الرئيس السابق جو بايدن، لهذا هناك بعض دول المنطقة تهيأت لقرارات ستبدو مفاجئة جداً".
وحول توقعاته بشأن وضع ترمب العراق ضمن أولويات برامجه، أو ما إذا كانت الأوضاع الداخلية في أميركا، خاصة الاقتصادية والحرب الروسية الأوكرانية، ستبعد العراق عن خارطة اهتماماته، قال الأكاديمي إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي: "العراق ليس الأول في سلم أولويات ترمب، الذي سيهتم منذ أول لحظة دخوله للبيت الأبيض بالسياسات الداخلية، خاصة موضوع توحيد الولايات المتحدة ومعالجة الانقسام الحاصل بعد الانتخابات، وأيضاً ترميم صورته التي شُوهت من قبل ما يسميهم الإعلام الأصفر وما فعلته المنصات الإعلامية للديمقراطيين. سيركز على تطبيق وعوده في برنامجه الانتخابي مثل قضايا الهجرة والمثليين والإجهاض وتوفير فرص العمل.. وخارجياً، ستكون في مقدمة أولوياته الحرب الروسية الأوكرانية وضرورة حسم حرب إسرائيل ضد غزة وفق اشتراطات أميركية". مضيفاً "قضايا العراق ستكون بعيدة في هذا التوقيت، وعندما يصل الملف العراقي إلى واجهة الاهتمام، ستكون حكومة محمد شياع السوداني منتهية، وسيكون التعامل مع الملف العراقي على أساس ردود الفعل وممارسات الفصائل المسلحة من باب حماية المصالح الأميركية وإسرائيل".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً