أكاديمي بيئي لرووداو: بغداد والبصرة ملوثتان وأربيل الافضل بهذا المجال

13-10-2024
معد فياض
الكلمات الدالة البيئة بغداد البصرة أربيل
A+ A-
رووداو ديجيتال

مع حلول مساء أول أمس الجمعة وأمس السبت، انتشر في فضاء العاصمة بغداد ضباب ثقيل يحمل رائحة الكبريت التي شعر بها البغداديون بقوة، وهذه هي ليست المرة الأولى التي تغزو فيها سحابة الكبريت فضاء الاحياء البغدادية.
 
وقال الاكاديمي محمد ابراهيم الظفيري، استاذ البيئة في جامعة بابل لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاحد (13 تشرين الثاني 2024) إن "الكثافة السكانية في مدينة بغداد عالية جداً وكذلك ارتفاع اعداد السيارات التي تستخدم وقود البنزين، الذي يضم نسبة عالية من الكبريت وتبعث عوادمها أكاسيد الكبريت، فضلاً عن الزحامات ووجود مصفى الدورة وحرق النفايات التي تنتج ملوثات مختلفة، ومولدات الكهرباء الاهلية، وكل هذه تبعث غاز ثاني أوكسيد الكبريت (SO2) ".
 
وأشار الظفيري الى "غياب الحلول الستراتيجية في العراق لمواجهة التلوث البيئي حيث انحسار غالبية، إن لم تكن جميع المناطق الخضراء، التي تحولت الى مجمعات سكانية وابنية كونكريتية". 
 
وقال أيضاً إن "مدينة نيودلهي، التي انهيت فيها دراساتي العليا في اختصاص البيئة، مرت بهذه الحالة وعمدوا الى تغيير وقود السيارات واللجوء  الى الغاز"، منبها الى أن "هناك مركبات كاربوهايدرونية، نتيجة احتراق الوقود، وهي مركبات مسرطنة، وهذه تطفو في فضاء بغداد مثل طبقة ضبابية عند المساء بسبب هدوء حركة الرياح، لهذا تنفس الناس رائحة الكبريت مساء".
 
وشخّص أستاذ البيئة في جامعة بابل عوامل أخرى تتسبب بتلوث البيئة، وقال: "هناك ايضاً الغبار وهذه مشكلة كبيرة وخطيرة، وانا عندي عدد من البحوث في هذا المجال، حيث يبلغ وجود الغبار في الهواء 2.5 مايكرون، هذه تبقى عالقة بالهواء ولها قدرة ان تدخل الى الدورة الدموية من خلال التنفس وتتسبب بمخاطر صحية، حيث من الممكن جداً أن تحمل دقائق الغبار هذه معادن ثقيلة بضمنها الرصاص وكلها تشكل خطورة على صحة الانسان".
 
ونوه الى "اننا لا نرى اي صفاء في الهواء او في الفضاء ببغداد، ونحن عندما اجرينا بحوثاً عن الغبار وجدنا نسبة وجوده أكثر باضعاف عن المحددات الطبيعية، وابرز اسباب انتشار الغبار بنسبة خطيرة هي التصحر وغياب المساحات الخضراء، ووجود معامل الطابوق في النهروان، والسموم التي تطلقها عوادم السيارات والمولدات والدراجات النارية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية، كل هذه مصادر تلوث تولد اكاسيد الكبريت، والبنزين عندنا اصلاً يحتوي ثاني اوكسيد الكبريت لأن تصفيته غير جيدة".

 

 
وحذّر الاكاديمي محمد ابراهيم الظفيري من ان "بيئة بغداد خطرة وملوثة وتهدد صحة الانسان والبحوث العلمية الدولية اثبتت ذلك. البيئة العراقية اصبحت ملوثة وهذا ما ناقشته وبحثته في كتابي (البيئة والسرطان)، مفردة البيئة لا تعني فقط الجمال والحدائق والانهار بل هي تتعلق بصحة الانسان وبالامراض السرطانية والجهاز التنفسي وامراض الربو وامراض القلب، ولا بد من العمل بجد على محاربة التلوث البيئي". 
 
ولفت الى ان "محافظة البصرة اكثر تلوثاً بسبب شركات النفط الكبرى التي تحرق كميات كبيرة من النفط وتتحول الى مدخنة ضخمة قطرها 25 متراً"، مؤكداً أن "مدن اقليم كوردستان افضل بكثير خاصة اربيل التي نظمت شوارعها واهتموا بالمساحات الخضراء حيث سبقونا بمسافات طويلة".
 
وخلص الاكاديمي محمد ابراهيم الظالمي الى ان "الظروف التي يمر بها العراق والمشاكل انعكست سلبياً على موضوع التلوث البيئي، وللاسف لا توجد جهود حقيقية لمعالجة هذا الملف الاهم"، موضحاً أن "المؤسسات الخدمية لا تتعاون مع الجامعات في هذا المجال، فقد كنت قد فاتحت امانة بغداد وابلغتهم بأن عندي دراسة كاملة عن ادارة الفضلات (القمامة) لكن لم يهتم احد بذلك. هم لا يريدون التعامل مع المؤسسات الاكاديمية والجامعات تزخر بالعقول والمفكرين ودول العالم المتقدم تعتمد على الدراسات والتجارب والافكار التي تنتجها الجامعات، الا في العراق حيث همشوا الجامعات مع انني قدمت دراستي مجاناً لخدمة البلد والناس".
 
وكانت وزارة البيئة العراقية، قد كشفت اليوم الأحد (13 تشرين الاول 2024) عن سبب رائحة الكبريت التي تؤرق أهالي العاصمة العراقية بغداد منذ أيام، مشيرة إلى أنه يعود إلى "حرق الوقود الثقيل المتمثل بالنفط".
 
وأعلنت الوزارة في مؤتمر صحفي مشترك مع لجنة الصحة والبيئة النيابية، أن النفط العراقي يحتوي على نسبة عالية من الكبريت، وعند حرقه يولد "غازات سامة".
 
أما مصدر هذه الرائحة في بغداد، فهو مصفى الدورة ومحطة الطاقة الحرارية بالدورة ومحطة القدس في شمال بغداد والمحطات الكهربائية الأخرى، إضافة لمعامل الإسفلت والطابوق وعددها أكثر من 250، واستخدام بعض الكور لصهر منتجات النحاس وغيرها، وحرق النفايات في النهروان ومعسكر الرشيد.

 

 
من جهتها، عزت وزارة البيئة العراقية على لسان المتحدث الرسمي باسمها، لؤي المختار، انتشار رائحة مشابهة لرائحة الكبريت وارتفاع في مستويات بعض الملوثات خلال فترات الليل والفجر، الى "تغيرات في جودة الهواء المحيط بسبب الاحتراق غير التام للوقود عالي المحتوى الكبريتي لعدد من الأنشطة وحرق النفايات في المطامر غير النظامية".
 
وأضاف أن هذه الحالة زادت مع بدء انخفاض درجات الحرارة وزيادة التفاوت بين درجات الحرارة في الليل والنهار، حيث تندفع غازات الاحتراق الى الأسفل بدلاً من ارتفاعها الى الأعلى وتخفيفها، موصياً المواطنين بتقليل التواجد في الهواء الطلق إذا كانت الروائح مزعجة، وإغلاق النوافذ لضمان جودة الهواء داخل المنازل.
 
وكان رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، قد وجه أمس السبت، بتشكيل لجنة متخصصة لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها.
 
وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان، أن السوداني "وجّه بتشكيل لجنة متخصصة برئاسة مستشار وزارة البيئة، وعضوية كل من مستشار وزارة النفط وممثلين عن وزارة الكهرباء، والوكيل الفني لأمانة بغداد، ومدير عام دائرة حماية وتحسين البيئة في المنطقة الوسطى، لدراسة حالة التلوث وتكرار انبعاث رائحة الكبريت المنتشرة في بغداد والمحافظات المجاورة وبيان أسبابها ومعالجتها.
 
وشدد السوداني، بحسب البيان، على وجوب وضع حلول جذرية للمشكلة، ودراسة الأمر من جميع جوانبه، على أن تقدم اللجنة تقريرها الخاص بالموضوع خلال يومين اثنين.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب