رووداو ديجيتال
نهر أبو لحية هو أحد الأنهار المهمة في العراق، لكن ورغم هطول الأمطار في فصل الشتاء هذا العام، الا أن منسوب المياه انخفض فيه إلى درجة أنه لا يزال جافاً في بعض الأماكن، مما يجعله أشبه بلوحة فنية.
يقع النهر في قضاء الإصلاح التابع لمحافظة ذي قار في جنوبي العراق. كان في السابق مصدر الرزق الرئيس للمنطقة، لكنه الآن يتجه نحو الجفاف بسبب تغير المناخ، مما أثر سلباً على الحياة في المنطقة.
الهجرة الداخلية، وانقراض الماشية، وانخفاض الزراعة والثروة السمكية هي أبرز آثار انخفاض وجفاف مياه النهر.
يقول الناشط البيئي أبو حسن المسافر لشبكة رووداو الاعلامية: "بالفعل كان (نهر أبو لحية) ممتلئاً تماماً في السابق، لكنه الآن يعاني من الجفاف الشديد. نحن في فصل الشتاء، والأيام القادمة ستكون سيئة للغاية بالنسبة لسكان هذا القضاء، لأنها ستحرمهم من سبل العيش. السبب هو سوء إدارة مصادر المياه والإفراط في استخدام النهر، في حين كان هذا النهر مليئاً بمربي الجاموس وقوارب صيادي الأسماك الذين كانوا يعتمدون عليه في كسب رزقهم".
يعتمد أكثر من 60 ألف شخص على نهر أبو لحية في معيشتهم، لكنه الآن يبدو وكأنه جدول صغير أو قناة.
بسبب ندرة وتلوث المياه، كان له تأثير مباشر على الحيوانات وتسبب في مرضها وتناقصها في هذه المنطقة.
وفقاً لإحصائية صادرة عن مستشفى ذي قار البيطري، يوجد الآن 297 ألف رأس من الماشية في المنطقة، وهذا الرقم أقل بمرتين مقارنة بالعامين الماضيين.
الإحصائية خطيرة وتظهر أن أعداد الجاموس على وجه الخصوص تتجه نحو الانخفاض، لأن هذه الحيوانات تحتاج إلى الكثير من الماء والبرك العميقة.
في عام 2023، بلغ عدد الجاموس 78 ألفاً و 500 رأس، انخفض منها 31 ألفاً و 500 رأس خلال عامين، ولم يتبق سوى 47 ألف جاموس.
يقول مدير مستشفى ذي قار البيطري علي حمود لشبكة رووداو الاعلامية إن "تغير المناخ له نتائج سلبية عديدة على هذه المنطقة، أولها يتعلق بالبيئة، وثانيها يتعلق بالثروة الحيوانية. هذا التغيير تسبب في انخفاض الغطاء النباتي والمراعي الطبيعية ونقص مياه الشرب الصالحة للحيوانات، وقد أدى ذلك إلى نزوح عدد كبير من أصحاب الحيوانات وجعل الجاموس، الذي نفخر به في جنوب العراق وفي الأهوار، يتجه نحو المحافظات والمناطق الأخرى".
هذا النزوح بسبب نقص المياه، وكذلك الأعلاف التي تعتمد على القصب والنباتات البرية التي تكاد تختفي من هذه المناطق. وقد أدى انخفاض القصب والنباتات البرية إلى حالات مرضية على الحيوانات، بسبب تعرضها للجفاف.
العراق، هو واحد من خمس دول في العالم تتأثر بشدة بتغير المناخ.
ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض هطول الأمطار والجفاف، والعواصف الترابية، التي نتجت عن تغير المناخ، كان لها تأثير سلبي على البيئة العراقية وحياة سكانها، وخاصة في القرى.
أدى انخفاض وجفاف نهر أبو لحية ونقص مصادر المياه إلى هجرة سكان القرى، ومنذ عام 2020 نزحت أكثر من 10 آلاف أسرة من المناطق المائية والأهوار في ذي قار.
إحدى القرى التي هاجر جزء من سكانها هي القرية الكوردية.
يقول سيد هاشم، وهو أحد سكان قرية الكوردية في ذي قار، إن "القرية الكوردية قرية قديمة وتعرضت للنزوح. لم يبق أحد حولنا، وجفاف النهر تسبب في تعطيل الزراعة ومن يتقاضى راتباً لا يبقى هنا، ومستقبلنا هو النزوح. على يميننا ثلاث عائلات وعلى يسارنا أربع عائلات؛ هنا يتجه نحو الخراب".
يعتبر إنشاء البحيرات وسحب فروع المياه بشكل غير قانوني من قبل الناس سبباً آخر لجفاف النهر.
يقول مدير الموارد المائية في ذي قار لشبكة رووداو الاعلامية إن "هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى نقص المياه في الأنهار. ومنها التجاوز على الأنهار وحصص المياه من قبل المستخدمين، وكذلك إنشاء بحيرات غير قانونية لتربية الأسماك".
ويوضح: "نعمل على إزالة هذه التجاوزات، مثل هدم البحيرات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين. لتقليل نقص المياه وتوصيل المياه إلى نهاية القنوات"، لافتاً الى أن "كوادرنا مستمرة في العمل حتى في الليالي والعطلات الرسمية، وسنواصل العمل في جميع الأوقات لتوصيل حصص المياه إلى الأنهار وتوصيل المياه بشكل عادل، وكذلك العمل بنظام الرش من قبل كوادرنا في حوضي الغراف والفرات".
ذي قار، نالت نصيب الأسد من تغير المناخ في العراق، في حين أنها كانت قبل 5 سنوات، بسبب وفرة المياه فيها مكاناً لزيارة السياح.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً