رووداو ديجيتال
ببشرته السمراء المميزة، ووجهه الخجول البريء، يواظب الطالب عبد الله كنكاري، من دولة مالي، دراسته في قسم اللغة العربية في كلية الآداب بجامعة كركوك، عبر منحة برنامج (إدرس في العراق).
عبد الله كنكاري (تولد 1998) جاء الى كركوك للدراسة فيها، قادماً من بامكو، عاصمة مالي، مسافراً عبر إسطنبول وبغداد، ومن ثم حط الرحال في كركوك ابتداء من العام الدراسي 2023-2024 طالباً في المرحلة الأولى.
يقول عبد الله كنكاري، لشبكة رووداو الإعلامية، إنه يلقى الدعم والتعاون من رئاسة الجامعة وعمادة كلية الآداب، فضلاً عن التدريسيين والطلاب، ويؤكد أنه لا يشعر بالغربة "لاسيما في بلد إسلامي يتحدث اللغة العربية، وهو السبب الذي جئت من أجله الى العراق".
انتشال اللغة العربية في مالي
ويضيف: "أحببت اللغة العربية لأنني أريد تعلمها من أجل المساعدة في انتشال اللغة في بلادي، والتي هي لغة الإسلام، ولغة ديننا".
ويلفت عبد الله كنكاري الى أن "الكثير من الماليين يقومون بالسفر الى الخارج لدراسة اللغة العربية، ومن ثم يعودون الى الدولة لينشروا ذلك".
توفي أبوه قبل سنوات، وبعد ذلك قام بيت جده برعايته، ولديه من الأخوة والأخوات 4، وهو خامسهم.
"المجتمع الكركوكي متعاون"
عبد الله كنكاري، يرى أن "المجتمع الكركوكي متعاون معي، وأنا هنا كأنني أفي بلدي وواحد من أبناء هذا البلد. لم أجد اي اختلاف أو مشاكل سواء مع التدريسيين أو الطلاب، كما لا توجد صعوبة بالدراسة في كركوك".
بخصوص أوضاع بلده مالي، يقول عبد الله كنكاري أن "هنالك مساعي جدية لرفع نسبة المتحدثين باللغة العربية في مالي، حيث تتحدث قبائلنا اللغة العربية باللهجة الحسانية وخاصة في شمال البلد، كما ندرس الحسانية في الجامعة"، حيث تعد الحسانية من أقدم اللهجات العربية التي يتحدث بها عرب الصحراء الكبرى في عدة دول بشمال وغرب أفريقيا.
ويبين: "لدينا 16 لغة رسمية، وبإمكان أي شخص أن يختار من هذه اللغات ما يريد ويدرسها"، مؤكداً: "سأكمل الدراسة في كركوك ان شاء الله".
بشأن كيفية تدبير دراسته في كركوك، يوضح عبد الله كنكاري: "لدينا منحة جزئية، حيث تتكفل الحكومة العراقية بالسكن والدراسة، بينما تكلفة السفر من مالي والى العراق ذهاباً واياباً والقوت اليومي على الطالب".
عبد الله كنكاري يتعلم اللغة الكوردية
أما بخصوص تعايشه مع اللهجات المحلية في كركوك، يقول: "بدأت اتعلم بضع كلمات كوردية، مثل (كيف حالك) و(اذهب) و(تعال)، وكذلك اللهجة المحلية العراقية مثل (شلونك)، لكن للأسف لا يوجد قربي من يتحدث اللهجة التركمانية".
ويلفت الى أنه يقضي أغلب وقته في الدراسة، مؤكداً: "وجدت في كركوك الاحترام والحب، ولم يزعجني أحد في كركوك على الاطلاق".
بشأن مستقبل الخريجين في مالي بعد الدراسة، يقول: "بعد التخرج في مالي هنالك تنافس وسباق بين الخريجين، واذا فاز الشخص سيحصل على وظيفة".
غالبية مسلمة
أما بخصوص التركيبة السكانية في بلده، يبيّن عبد الله كنكاري أن "نحو 98 بالمائة في مالي مسلمون بشكل عام، والباقين أغلبهم مهاجرين ومن أديان أخرى بنسبة قليلة، كما لدينا من المسيحيين".
ويضيف أن "الدين الاسلامي جاء الى مالي عن طريق التجارة، حيث كانت دولتنا امبراطورية واخذت اللغة العربية، لكن الاستعمار الفرنسي حوّل اللغة الرسمية في بلادي الى فرنسية، ويوماً بعد يوم تضعف اللغة العربية، وهو ما لا نريده، لذلك نذهب الى الخارج ونتعلم اللغة ونعود لتعليمها في مالي".
ويشير الى أن "اللغة البامبارية هي اللغة الرسمية في بلادي، وقبلها كانت اللغة الفرنسية هي الرسمية".
مالي تعول على الذهب والزراعة
بشأن الوضع الاقتصادي في مالي، يقول عبد الله كنكاري إن "مالي تعتمد على عدد من الموارد الاقتصادية، منها الثروة المعدنية كالذهب، ولدينا النفط، وكذلك هنالك الزراعة كزراعة القطن والذرة".
وينوّه الى أن "مناطق شمال مالي تعتمد على تربية المواشي، بينما مناطق جنوب البلاد تعتمد على زراعة الذرة".
ويضيف أن "هنالك مناطق سياحية تشتهر بها مالي، وخاصة في 3 اقاليم مثل تومبكتو"، منوهاً الى أن "دولة الي تتألف من 18 اقليماً، بعد أن كانت في السابق تتألف من 8 أقاليم، لكن وبسبب النمو السكاني أصبح لدينا 18 اقليماً".
كما يقول أن عدد سكان مالي تقريباً 24 مليون نسمة.
انتشار الديانة الاسلامية في مالي
بخصوص انتشار الدين الإسلامي في مالي، يقول عبد الله كنكاري إن "مالي كانت امبراطورية، وأول امبراطور هو منسا موسى، الذي سافر الى الحج وأخذ بالعلماء من مكة والمدينة ومصر ومن هناك الى تومبكتو وبنى مسجداً".
ويؤكد أنه "في ذلك الوقت لم يكن هنالك علماء، لكن منسا موسى قدّم للعلماء الذهب من أجل تعليم الدين واللغة لشعب مالي"، مردفاً أن "جامعة تومبكتو القديمة لازالت موجودة".
ذكر الكثير من المؤرخين، وعلى رأسهم العلامة "ابن خلدون"، أن شعب مالي صار يتدين بالإسلام بحلول القرن السابع الهجري، لاسيما في عهد ملكها الشهير "منسا موسى" (1337م)، أشهر وأغنى ملوك الإسلام في غرب أفريقيا، وهو صاحب أعظم كنوز العصور الوسطى، وهو أيضا أشهر ملك أفريقي أدى فريضة الحج منطلقا من عاصمة مالي "تمبكتو" ماراً بالصحراء الكبرى حتى وصوله إلى القاهرة بصحبة الآلاف من أتباعه وأهل مملكته.
في رحلته تلك، صرَف "منسا موسى" أطناناً من الذهب الخالص ابتغاء وجه الله، وتحمل نفقات الآلاف من أبناء مملكته في مسيرة حجِّه تلك، فضلاً عن هداياه السخية، حتى إنه اضطر في عودته من مكة إلى الاقتراض من بعض أغنياء التجَّار في مصر، وعلى رأسهم "سراج الدين بن الكويك الإسكندري".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً