وكيل وزارة الثقافة العراقية لرووداو: 8% فقط من أصل 18 ألف موقع أثري مكتشف في البلاد

09-06-2024
رووداو
فاضل البدراني ونالين حسن
فاضل البدراني ونالين حسن
الكلمات الدالة وزارة الثقافة العراقية الآثار العراقية السياحة إقليم كوردستان
A+ A-
رووداو ديجيتال

في مقابلة خاصة لشبكة رووداو الإعلامية، تحدث وكيل وزارة الثقافة العراقية، فاضل البدراني، عن واقع حال الآثار في البلاد وما تعرضت له من سرقات وجهود لاستردادها، مشيرا إلى أن الوزارة والحكومة مهتمة باستثمار الكم الهائل من المواقع الأثرية اقتصاديا من خلال السياحة.
 
وقال البدراني، إن هناك 18 ألف موقع أثري في البلاد، لا يصل عدد المكتشف والمخدوم منها إلى 8%، مبينا أن الوزارة أدخلت خلال العام الحالي 2024، 400 ألف سائح أجنبي إلى إقليم كوردستان والمحافظات العراقية.
 
وأدناه نص المقابلة:
 
رووداو: لنبدأ من الآثار؛ هناك تنقيبات غير نظامية وسرقة مستمرة للآثار في المناطق العراقية.. هل لديكم خطة لوقف هذه السرقات؟

فاضل البدراني: بداية شكرا لهذه الاستضافة وقناتكم الكريمة التي طالما تكون مساندة لتقديم المعلومة والدفاع عن كل الأمور التي من شأنها أن تصب في صالح المواطن والمجتمع.
 
ما يتعلق بوزارة الثقافة ربما أنها في المفهوم السياسي لم تصنف وزارة سيادية واعتبرت ثانوية، لكن وفي الواقع وفي كل بلدان العالم هي الواجهة الثقافية للبلد والواجهة التي تحفظ تاريخ وإرث وحضارات البلدان، وفي العراق ربما يجب أن تكون وزارتي الخارجية والثقافة متلازمتين في هذا الموضوع، لأن الخارجية تدافع عن العراق في المحافل الدولية، لكن وزارة الثقافة تدافع عن الواقع الثقافي العراقي وبناء مشهد ثقافي بمعنى صناعة الوعي للإنسان والمجتمع، ومن ثم تشع مثل الشمس على دول العالم، خصوصا نحن بلد حضارات البعض يقول أنها تعود لـ7 آلاف سنة، لكنها مثبته في اليونسكو منذ العام 2001 إنها تمتد إلى 9 آلاف سنة قبل الميلاد، إذن هي أقدم حضارات البشرية موجودة في بلاد وادي الرافدين، وهذا المشروع والمسؤولية الكبيرة ربما لا تتمكن وزارة الثقافة لوحدها بحماية كل الآثار العراقية من السرقات والنهب. نحن تعرضنا إلى نكبة تاريخية إبان الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 والمتحف العراقي تمت سرقة معظم موجوداته من كنوز عظيمة.

رووداو: كم يبلغ العدد؟

فاضل البدراني: أعداد كبيرة لا يمكن ذكر رقم معين، لكنها بمئات الآلاف.
 
رووداو: خلال سيطرة داعش سرقت الكثير من الآثار والمخطوطات القديمة. هل استطعتم استعادة بعضا منها؟

فاضل البدراني: النكبة الأولى بدأت عام 2003 بالنسبة للآثار العراقية، والنكبة الثانية عام 2014 عندما سيطر داعش على الموصل التي تمثل الحضارة الآشورية، وكما تعرفون أنه سيطر على المتحف وعلى العديد من المواقع الأثرية وبدأ ينبش ويحطم واستهتر أمام هذه الحضارات الإنسانية عميقة المعنى، وباعها في سوق النخاسة كما تم بيعها عام 2003 في بلدان عديدة، بحيث تجار الآثار انتعشت أسواقهم في تلك الحقبتين، وحتى داعش أيضا باع الآثار الثمينة والأصلية رغم تحطيم البعض منها والتي هي مستنسخة، هناك ارتباطات دولية في هذا الموضوع، ونحن في وزارة الثقافة وجهودها ووزارة الخارجية وكل وزارات الدولة، تم اعتماد استراتيجية عودة الآثار العراقية لأنها حق إنساني ينبغي إعادته، والمجتمع الدولي في العديد من دول العالم تعاطفت مع العراق بجانب إنساني واستردينا معظم هذه الآثار.
 
رووداو: ما هو عدد الآثار والمخطوات التي تمت استعادتها؟

فاضل البدراني: لا يمكن أن أعطي رقما كم سرقت من الآثار وما تم استرداده، ولكن أقول معظم هذه الآثار تمت استردادها وجهودنا مستمرة باتجاه استردادها، ووزير الثقافة أحمد الفكاك، كانت له زيارات إلى واشنطن وبريطانيا وألمانيا وسويسرا، وفي كل سفراته يذهب إلى استرداد القطع الأثرية، وكذلك رئيس الجمهورية استرد العديد، بالإضافة إلى ما استرده وزير الخارجية. إن جهود الدولة العراقية ماضية في هذا الاتجاه.
 
رووداو: ذكرت العديد من البلدان. هل لديكم علاقات وتنسيق مع تركيا وإيران لاستعادة هذه الآثار؟

فاضل البدراني: تركيا وإيران لم يكونا موطنا لتهريب هذه الآثار، لأنها هربت إلى دول أوروبية، لأن مافيات وتجار الآثار الأقوياء موجودون في أوروبا، في الدول الغربية، فهي هربت إلى تلك المناطق، وبعض الآثار حظينا بها. الدول العربية جميعها مثل لبنان والأردن وحتى سوريا في وقت من الأوقات، علاوة عن تركيا وإيران، سلمونا بعض القطع، ولكنها قليلة جدا بحيث أرقامها لا تكاد تذكر أمام أرقام قطع الآثار التي هربت إلى بلدان غربية.
 
رووداو: هل لدى وزارتكم خطة مسح ميداني جديدة لتحديد الأماكن الأثرية في العراق؟

فاضل البدراني: اليونسكو لديها مقولة، تنص على أنه لا ينبغي أن تطلق رصاصة واحدة في بلاد الرافدين، لأنها حتما ستحطم شاخصا أثريا، إذن من أين ما تلتف وتتحرك هناك آثار العراق منتشرة في كل مكان. هذه جغرافية العراق من أربيل إلى السليمانية والبصرة والأنبار وديالى وواسط (الكوت) كلها مواقع أثرية، وعملية التنقيب عنها جارية، لكن الحروب وما مر به العراق عطلت هذا المشروع، ومع ذلك لدينا ما يقارب 18 ألف موقع أثري في العراق، المكتشف والمخدوم منها لا يصل إلى 8%.
 
رووداو: هل يتم المسح في المناطق الأخرى التي ذكرتها؟

فاضل البدراني: الآن البعثات التنقيبية نشطة جدا في العراق بعدما هدأت أوضاع الحروب والعنف الذي كان يضرب في كل مكان من العراق، حاليا البعثات الإيطالية والألمانية والبريطانية والأميركية والفرنسية، ورغم أنها حركة جيدة، ولكن هذا ليس طموح وزارة الثقافة، فكلما يعم الهدوء أرجاء البلاد؛ لأن الفرق التنقيبية العالمية تبحث في البيئة الآمنة، وعندما تكون أي هزة في أي مكان تنسحب، وفي السنوات الأخيرة الوضع آمن وجيد فبدأت الفرق التنقيبية تعمل.
 
رووداو: هل لديكم خطة للاهتمام بكهف شاندر؟

فاضل البدراني: هذا الكهف وغيره من الكهوف لدينا خطة لرصد مبالغ من خلال موازنة الدولة العراقية التي أطلقت وستصلنا قريبا هذه الأيام، لدينا خطة لإعادة تأهليها وترميمها، واستراتيجية الوزارة اليوم وفلسفة الدولة العراقية والحكومة لا تريد التركيز على النفط الذي يمكن أن ينضب في أي لحظة، ويمكن استبدالها بمصادر الطاقة بحيث يمكن أن تتحول من النفط والغاز إلى مصادر أخرى مثل الطاقة النظيفة أو الطاقة الشمسية، بالتالي من حقنا أن نبحث عن البدائل فيما يتعلق بالموارد وتعظيمها للبلاد، ولدينا الآثار والمواقع الأثرية والتراث الشعبي العراقي غير موجود في كل بلدان العالم، لذلك لدينا خطة تحتاج إلى مبالغ، لتأهيل هذه المواقع الأثرية والكهوف وتحويلها إلى مراكز سياحية.
 
رووداو: متى سيتم تحويل كهف شاندر حسب الخطة لديكم؟

فاضل البدراني: لكي أكون دقيقا معكم، نحن الآن فقط تصلنا الموازنة، بالتأكيد لدينا أولويات سنبدأ بها، ويمكن أن تكون الخطة عام 2025.

رووداو: هل كهف شاندر من أولوياتكم؟

فاضل البدراني: من أولوليات وزارة الثقافة ودائما يجري الحديث في اجتماعات الوزارة وهيئة الرأي، وهي من أولويات وزير الثقافة وحتى رئيس الوزراء الذي يمتلك سياسة تنص على أن الاقتصاد العراقي يجب أن يتحول لاقتصاد سياحي من خلال السياحة الترفيهية والسياحة الآثارية.

رووداو: في كل الأوقات كانت وزارة الثقافة العراقية تهتم في اللغة والنشر باللغة الكوردية. لماذا لا نرى هذا الاهتمام الآن؟

فاضل البدراني: اللغة الكوردية، وأقولها بصراحة، منتعشة وجيدة، ولمعرفة معطيات نجاح أو انتشار أي لغة في العالم، فهو يكون من عدد متحدثيها، والآن الاندماج الذي حدث بين المحافظات الغربية وحتى الجنوبية في أربيل والسليمانية ودهوك وفي المناطق الكوردية، صار هناك اندماج وفهم وتعاطي معها، من ثم أنها موجود على صعيد رسمي وفي كل الكتب الرسمية للدولة العراقية، وحتى في الرئاسات الثلاث، لذلك أي شخص يضع نظره على أي كتاب سيفهم كلمة ومن ثم أخرى. أمس كنت في مؤتمر دولي في أربيل وتحدث أحد المسؤولين في إقليم كوردستان باللغة الكوردية، وبالرغم من أني لا أجيدها، لكني فهمت بالمجمل ما تحدث به، وهذا قبل سنوات لم أكن أعرفه، ولكن هذا الاندماج في السنوات الأخيرة ولد حالة انتعاش للغة الكوردية، ونحن في وزارة الثقافة بما أننا معنيون في التراث والهوية العراقية التي منها اللغات الموجودة المحلية الحية، مثل اللغة العربية والكوردية والتركانية، فهي لغات مهمة لدينا في الوزارة ونركز عليها.
 
رووداو: ما هي اهتماماتكم باللغتين السريانية والتركمانية؟

فاضل البدراني: اللغة التركمانية جيدة، وأي لغة تنتعش عندما يكون عدد متحدثيها جيدا وكبيرا، والسريانية كما تعرفون أن المسيحيين هاجروا البلاد، لذلك تراجعت أعدادهم، وهذا يحزننا، لأن هذا ما نسميه في وزارة الثقاقة هو التنوع الثقافي ونعمل عليه كواحد من الأقسام المهمة التي نعمل عليها بفعاليات مستمرة على صعيد الأسبوع، ومن التنوع الثقافي هذه اللغات وإحيائها، لأن مسألة التنوع بالنسبة للوزارة وقياداتها تعد قضية ذات أولوية، واللغة التركمانية لا بأس وهي أيضا منتشرة وأخذت أبعاد، لكن كلما يقل عدد المتحدثين يكون الانتشار أخف.

رووداو: إقليم كوردستان لديه العديد من المواقع السياحية. ما هي خطتكم لجلب أعداد أكثر من السياح الأجانب؟

فاضل البدراني: في وزارة الثقافة الاتحادية لدينا تنسيق كبير مع هيئة السياحة في إقليم كوردستان، ورئيسة الهيئة منذ مدة كنا في ورشة عمل داخل أربيل وحضرها وزير الثقافة وكنت معه، والتواصل معهم على قدم وساق، والعمل جيد، فكما تعرفون إقليم كوردستان خلال السنوات الأخيرة بدأ فيه النشاط السياحي واضحا، وهناك سياحة محلية داخل محافظات إقليم كوردستان، وهناك سياحة محلية وطنية من المحافظات العراقية الأخرى إلى إقليم كوردستان، وهناك السياحة الخارجية، وهذه الأخيرة بدأت تشكل رقما كبيرا.
 
رووداو: ما هو الرقم؟

فاضل البدراني: لا استطيع أن أعطي رقما بالشكل الدقيق، ولكن الأعداد كبيرة جدا وتصل إلى مئات الآلاف، وأذكر فقط وزارة الثقافة أدخلت إلى إقليم كوردستان والمحافظات العراقية الأخرى خلال هذه العام الحالي 2024 قرابة 400 ألف سائح أجنبي، وهذا رقم كبير جدا.
 
رووداو: إلى أي مناطق كانوا أكثر؟

فاضل البدراني: أكيد أربيل والسليمانية ولدينا الأهوار وأور في محافظة ذي قار، وفي بغداد هناك بعض المواقع، وهذه الأعداد مقسمة بين سائح ترفيهي وإلى زائر للمشاركة في المؤتمرات والفعاليات، ولكن بعد الحضور إلى المؤتمر هناك برنامج سياحي.
 
رووداو: ختاما نود السؤال عن الفيلم الوثائقي "إخفاء صدام". سيتم عرض الفيلم في 14 دولة عربية من بينها العراق ومخرج الفيلم هلكوت مصطفى تقدم بطلب إلى وزارة الثقافة العراقية مطالبا بالموافقة على عرض هذا الوثائقي في صالات السينما ببغداد. ما هو ردكم على هذا؟

فاضل البدراني: يدنا مفتوحة، وأعدكم أمام المشاهدين أن استقبله في مكتبي ببغداد، ووزير الثقافة لا أريد الدفاع عنه، لكن مكتبه دائما يعج بالفنانين والأدباء والمثقفين والكتاب، وأي فلم يركز على نشاط ثقافي عراقي وعلى شيء من تأسيس ذاكرة عراقية ستكون وزارة الثقافة تواقة لهذا الجانب. نحن دائما نركز على أن العراق بلد حضارات، والحضارات تعني الثقافة ومن الواجب علينا أن تنتعش الثقافة العراقية من خلال الفيلم والمسلسل والأعمال الدرامية المتعددة والفنون التشكيلية والفن الغنائي والموسيقى وغيرها، والآن المسارح والصالات الفنية تعج بحركة ثقافية غنائية رائعة جدا، ونستبشر خيرا في هذه السنة.

رووداو: نفهم من إجابتكم أنه لا مانع لديكم من عرض هذا الفيلم في صالات السينما ببغداد؟

فاضل البدراني: لا مانع بالتأكيد، وأنتظر أيضا صاحب المشروع، ليأتي عندي وسيلاقي تقديرا. مع العلم أن كل سيناريو يقدم إلى الوزارة سيأخذ إجازة، وهذه الإجازة فرصة لحماية التنوع الثقافي العراقي وعدم التجاوز على أي فئة من فئات المجتمع، وعدم إبراز جهة على جهة أخرى، بالتالي يولد تأثرا بالمشهد السياسي العراقي، كما لا نريد استفزاز المزاج الاجتماعي العراقي، لذلك دائما النصوص التي تعرض على الوزارة تحال إلى اللجان المختصة، وهذه اللجان هناك مسؤولون حياديون جدا عنها، أي لا نريد فيلما فقط من بغداد أو من البصرة والأنبار والموصل وتترك أربيل أو النجف، فنحن نحرص على هذا الجانب.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

نوينر فاتح وصالح المطلك

المطلك لرووداو: السوداني يحظى بقبول شعبي أوسع ممن سبقوه لكن أحزاباً ستعارضه

أكد نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق، صالح المطلك، أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يمتلك "قبولاً شعبياً أوسع بكثير من كثير من القادة الذين سبقوه"، لكنه أشار إلى أن بعض الأحزاب السياسية "ستُعارض وتُشاكس محاولته للعودة إلى رئاسة الوزراء في المرحلة المقبلة".