وزير الموارد المائية لرووداو: عدم التزام تركيا تسبب بخسارتنا 10 مليارات متر مكعب

09-02-2024
رووداو
وزير الموارد المائية عون ذياب ومقدم برنامج "حدث اليوم" نوينر فاتح
وزير الموارد المائية عون ذياب ومقدم برنامج "حدث اليوم" نوينر فاتح
الكلمات الدالة العراق تركيا إيران نهر دجلة نهر الفرات وزارة الموارد المائية
A+ A-
رووداو ديجيتال

أكد وزير الموارد المائية العراقية، عون ذياب، أن عدم التزام تركيا بالإطلاقات المائية المحددة لنهر الفرات، تسبب بخسارة العراق 10 مليارات متر مكعب من المياه.
 
وقال ذياب خلال استضافته في برنامج "حدث اليوم" الذي يقدمه الزميل نوينر فاتح، على شاشة شبكة رووداو الإعلامية، الجمعة (9 شباط 2024)، إن "هناك اتفاقية نسميها (القاعدة 500)، تنص على أنه كحد أدنى يجب على تركيا أن تطلق 500 متر مكعب في الثانية".
 
وبيّن أن الإطلاقات من الجانب التركي يجب أن تكون على "الحدود السورية التركية في منطقة جرابلس، ومن هذه الكمية يجب أن يصل إلى العراق 290 مترا مكعبا".
 
لكن في السنوات الماضية وتحديداً بداية من شهر نيسان 2022، تم تسجيل انخفاض بحجم الإطلاقات من تركيا إلى حدود متدنية وصلت إلى 290 مترا مكعبا، بحسب عون ذياب.
 
وأكد أنه من مجموع الإطلاقات بات يصل العراق 180 مترا مكعبا، ومنذ ذلك الحين وحتى نهاية السنة الحالية، شكل مجموع الخسارة التي كان يجب أن تصل إلى العراق، 10 مليارات متر مكعب، نتيجة عدم التزام تركيا بالاتفاق، وفق وزير الموارد المائية.
 
وأدناه نص المقابلة:
 
روودا: فيما يتعلق بالوضع المائي التقييم عادة يتغير بين فصل وآخر.. ما تقييمكم الحالي؟

عون ذياب: بالحقيقة الوضع المائي لا يزال صعبا، وسهل بقدر ما لدينا من خزين مائي متاح، وبقدر الوارادت التي تأتي من خارج الحدود وأيضا تأثير التغير المناخي الحاد على الوضع المائي في العراق. بالعموم السنوات الماضية كانت حادة الجفاف ووصلنا إلى مستويات منخفضة جدا بخزيننا المائي لأن هذه السنة كانت بحسب المؤشرات أن تكون رطبة، لكن تساقط المطر في الوسط والجنوب، وكانت بشكل غزير في المنطقة الشمالية، وأيضا سقوط الثلوج بكميات لم تسبق وسجلت بخاصة في حوض نهر الزاب الأعلى. السنة سجلت رقما قياسيا بكميات الثلوج الساقطة في الحوض وأيضا في السليمانية التي تساقطت الثلوج فيها بكميات غزيرة جدا، وهذا غيّر لنا المعادلة بعض الشيء، وبدأنا نتيجة كميات الأمطار في بناء الخزين المائي تدريجياً، وفعلا استطعنا أن نحقق مرحلة متقدمة نسبياً، واستثمرنا حوالي ما معدله 3 ملايين لتر مكعب إضافة إلى الخزين الذي كنا نمتلكه، ومستمرين في بناء الخزين لأن كميات المياه التي تردنا إلى سد الموصل وسد دربندخان وسد دوكان، أعلى من الكميات التي تطلق منها، بمعنى ارتفع منسوب الخزين في هذه السدود، ما يعني بدء تغير الوضع المائي بشكل إيجابي، ونأمل وفق ما نتوقعه من كميات أثناء ذوبان الثلوج في الربيع القادم أن ترفدنا بكميات مضافة، لتعزز الخزين المائي في سدودنا وخزاناتنا، وهذا يعد مؤشرا إيجابيا لمواجهة احتياجاتنا في موسم الصيف، نظرا إلى أن العراق ليس لديه أمطار بدءاً من شهر ايار وحتى شهر تشرين الثاني، فهذه المنطقة جافة وحارة وفيها تبخر عال، لذلك سنحتاج إلى خزين جيد.
 
رووداو: إذا ما قارننا الخزين المائي العراقي خلال السنوات الماضية. هل يؤشر أن الخزين المائي العام في البلاد في تقلص من عام إلى آخر؟

عون ذياب: كما تعرفون أن الخزين المائي يأتي نتيجة عوامل عديدة أهمها حدوث أمطار غزيرة وفيضانات، وتأثير التغيرات المناخية على المنطقة كان شديدا، ولم يعطي فرصة، لأنه إذا ما أجرينا مراجعة تاريخية سنجد آخر فيضان حدث في العراق كان عام 1988، ولحقه فيضان بسيط عام 2019، لكن الفيضان الأول كانا سدي أتاتورك وأليسو غير منفذين، وحتى السدود الأخرى التي تحت الإنشاء لم تكن منفذة، إذن كانت معظم كميات الأمطار التي تسقط في دجلة والفرات تأتي إلى العراق، وهذه الحالة تغيرت بعد إنشاء السدود والسدود الأخرى داخل حوضي دجلة والفرات داخل الجارة تركيا، ما أثر على الواردات المائية وأصبحت الواردات التي ترد إلى العراق مقننة ومحددة من ما يطلق من السدود وليس من الوارد الطبيعي الذي كان يأتي من الأمطار وذوبان الثلوج، وهذا بدأ يقلل لدينا كفاءة الخزين أو إمكانية الخزين في مستويات عالية، وحاليا لا نصل إلى المستويات المطلوبة من الخزين في سدودنا وخزاناتنا.
 
رووداو: إذن العراق يشهد أدنى مستوى في خزينه المائي تاريخياً؟

عون ذياب: بالحقيقة العراق شهد هذه الحالة العام الماضي الذي سجل أرقاما قياسية تاريخية بأقل خزين مائي ووارد مائي من دول الجوار، فمنذ سنة 1930 لدينا السجل التاريخي للبيانات الذي نسميه "هستو غراف"، وكانت سنة 2023 و2022 هي أقل السنوات بالنسبة للخزين المائي والواردات من دول الجوار وهذه السنة بدأ التحسن، لكن ما يزال الخزين حرجاً ونأمل أن تكون هناك واردات مضافة في الربيع القادم.
 
رووداو: في الفترة الماضية رأينا تقارير عديدة عن نهر الفرات تشير إلى أن ما يطلقه العراق من هذا النهر أكبر مما يدخل إليه من تركيا وسوريا. هل نستطيع القول إن الفرات يتقلص يوماً بعد يوم في الوقت الحالي؟

عون ذياب: نهر الفرات أشد خطورة من نهر دجلة، والسبب أن الفرات لا توجد عليه روافد، على العكس من نهر دجلة الذي توجد عليه عدة روافد داخلية فعالة، فمثلاً الزاب الأسفل الذي يغذي سد دوكان، بالحقيقة تشكل واردات الزاب بنسبة 75% من داخل العراق، وهذه نقطة إيجابية، وبالنسبة للزاب الأعلى اعتبره بالكامل هو داخل العراق، لأن ما يأتي من تركيا في منطقة هكاري، كمية محدودة ولا توجد سدود كبيرة والأراضي في حوص الزاب الأعلى في تركيا وعرة ولا توجد زراعة فيها، بالتالي كل الكمية التي تأتي من الثلوج تدخل للعراق، والفرات يختلف عن ذلك لأنه يعتمد على ما يطلق من سد أتاتورك، وهناك اتفاقية نسميها "القاعدة 500"، أنه كحد أدنى يجب على تركيا أن تطلق 500 متر مكعب في الثانية على الحدود بين سوريا وتركيا في منطقة جرابلس، ومن هذه الكمية يجب أن يصل إلى العراق 290 مترا مكعبا، لكن في السنوات الماضية بداية من شهر نيسان 2022 سجلنا انخفاضا إلى حدود متدنية وصلت إلى 290 مترا مكعبا بدل الـ500 متر، وما يصل للعراق 180 متراً مكعباً، بدل الـ290 متراً مكعباً، وهذه الفترة منذ ذلك الحين، وإلى حد نهاية السنة الحالية، شكل مجموع الخسارة التي كان يجب أن تصل إلى العراق 10 مليارات متر مكعب، لأن تركيا لم تلتزم بهذا الاتفاق ولم تطلق الكمية المطلوبة على الحدود السورية التركية، وحاليا الجارة سوريا حبست المياه علينا في سد الطبقة، لأن السد انخفض منسوبه وباشروا بملئه، ونحن أرسلنا رسائل إلى وزارة الخارجية التي تكتب عبر القنوات الدبلوماسية، واتصلنا هاتفيا مع بعض المسؤولين في وزارة الري السورية، وقلنا لهم أن هذه ظاهرة غريبة لأن سوريا لا تحبس المياه عنا، ونتوقع أن يكون هناك رد فعل، وأنا خططت للقاء المسؤولين السوريين لبحث هذه النقطة.

رووداو: عموما كم ما يستحقه العراق من إطلاقات من تركيا لنهر دجلة؟ وما هو حق العراق؟ وما حجم الكميات التي تصب في العراق حالياً؟

عون ذياب: حاولنا ونحاول بشكل مستمر أن نصل إلى اتفاقية ثنائية مع تركيا لتحديد الكميات والأرقام التي تسألون عنها.
 
رووداو: ليس هناك رقم محدد إلى الآن؟

عون ذياب: حتى الآن لا توجد. وبالحقيقة نحن لدينا اتصالات جيدة مع الجانب التركي عن طريق ممثل الرئيس التركي، وهو الوزير الأسبق، فيصل أوغلو، المعني بملف المياه، ودائما يتحدثون عن أنهم لن يضروا بأشقائهم في العراق، وهم مستعدين لتأمين المياه بشكل دائمي، لكن عندما نتطرق إلى موضوع أن نتفق على رقم أين كان، هنا يتوقفون.

رووداو: خلال السنوات الماضية رأيناك تذهب إلى تركيا وإيران عدة مرات لمناقشة مشكلة المياه. هل توصلت إلى نتائج مع الجانب الإيراني؟

عون ذياب: نعم، بالحقيقة في الجانب الإيراني هناك نقطة واقعية يجب أن نكون فيها واقعيين؛ إن إيران ليست لها علاقة بالفرات، إذ إن وارداتنا إلى الفرات بحوالي 90% هي من تركيا، وفيما يخص دجلة إيران ليست لها علاقة به، فهناك مجموعة من الروافد تأتي من الجانب الشرقي منها وديان موسمية ودائمية، وتشكل نسبة الورادات من إيران إلى دجلة 18% عن طريق هذه الروافد، والباقي من تركيا والداخل العراقي، لكنها (إيران) تؤثر بشكل مباشر على محافظة ديالى، إذ أن نهر سيروان الذي يغذي دربندخان، ومجموعة الروافد التي تغذي حمرين جنوب دربندخان، هي روافد بالحقيقة تغيرت حيث جرى استغلالها من خلال غلق بعضها وتحويل مجاريها، وقد أثرت هذا الموضوع مع الجارة إيران خلال لقاءاتي أكثر من مرة مع وزير الطاقة ومسؤول شؤون المياه في إيران، وكانت اللقاءات إيجابية، حيث كان هناك تفهم، لأن الرجل علي أكبر محربيان، صاحب اختصاص ومتفهم لواقع العراق وظروفه، وتمكنا أن نصل إلى بعض التفاهمات، حيث ذكرت له كأن يفترض الأخذ بعين الاعتبار حصة العراق من هذه الأنهر التي تحولت مجاريها، وقال نعم، كما أخبرته لم تكن لدينا فرصة أن نصل موقعيا إلى مشاهدة هذا الموضوع، وكان رده يمكن في أي وقت أن يأتي وفد فني لزيارة المنطقة، وأشرنا خلال العامين الماضيين موقفا إيجابيا بأن واردات دربندخان كانت جيدة، وحاليا الخزين في دربندخان أفضل من العامين الماضيين، وهذا يمثل ايجابية، ودليل على أنهم يحسبون ما يصل إلى دربندخان لتأمين احتياجات ديالى، فبالحقيقة ديالى مرت بأزمة حادة، ووصل لدينا الخزين في دربندخان وحمرين إلى مستويات متدنية جدا، لكن الصيف الماضي تمكنا من تأمين المياه إلى بساتين ديالى، وكان الشتاء الماضي جيدا بسقوط الأمطار، وحاليا أيضا الخزين المتاح في سد دربندخان أكثر من العام الماضي بحوالي 500 مليون متر مكعب، وفي سد حمرين الخزين المائي فيه أكثر من 200 مليون متر مكعب عن العام الماضي، وهذا يعطينا اطمئنان في استكمال الريات في الشتاء الحالي وتأمين المياه في الصيف القادم، إضافة إلى ذلك هناك نقطة حيوية طرحت مع الجانب الإيراني، تتمثل بنهري الكرخة والكارون، حيث أنه وفق اتفاقية الجزائر عام 1975، تحول النهران إلى صالح إيران بالكامل من المنبع وحتى المصب، لأن الحدود كانت أعمق نقطة في شط العرب وأيضا في الحويزة داخل إيران، إذن لربما في صيغة جدلية إننا لا نستطيع الضغط على إيران بأن تعطينا المياه لهذه المنطقتين، لأن الأنهر وطنية بالنسبة لها، لكننا ذهبنا باتجاه أن بيئة شط العرب كنهر مشترك، تقع عليه مدن إيرانية، كالمحمرة وعبادان، ومدن عراقية مثل الفاو والسيبة والبصرة، إذن يجب أن نحافظ على هذا النهر كتكوين طبيعي يحتوي مياه عذبة، وليس مياه من الخليج، ومن هذا المنطلق كان لإيران دور جيد، حيث فتحوا نهر الكارون، وبدأت تتدفق المياه بشكل مستمر خلال الصيف الماضي، وهذا ساعدنا كثيرا في استقرار بيئة شط العرب واستقرار نوعية المياه داخل مدينة البصرة التي عانت في عام 2018 من أزمة حادة شديدة بسبب تقدم المد الملحي إلى مديات كبيرة في شط العرب مما تسبب بحالات تسمم كبيرة وصلت إلى 160 ألف حالة، وتسببت في إندلاع تظاهرات مما أثر على الحكومة في ذلك الوقت، ونحن في هذه السنة التي مضت كان لدينا الخزين أقل بكثير من عام 2018، بحدود 10 مليارات متر مكعب، لكن هذه الحالة لم تتكرر لدينا نتيجة فتح الكارون من جهة والإدارة الصحيحة للمياه بإطلاق كميات من نهر دجلة إلى منطقة شط العرب.
 
رووداو: جنابك مهني وتعمل في مجال المياه منذ 56 عاماً والآن أنت ترأس الحقيبة الوزارية للموارد المائية في العراق ولم تكن سياسياً. لكن خلال مفاوضاتك مع الجانبين الإيراني والتركي ما مدى تدخل السياسة في هذه الأمور الفنية؟

عون ذياب: أنا أتحدث مع فنيين دائماً، لكن القرار لدى أصحاب القرار، والفنيون يقدمون وجهة نظرهم فنياً، والحديث معهم سهل لأنهم أصحاب اختصاص ومتفهمين لطبيعة الحالة، وهناك تفهم، وبلا شك هناك جوانب سياسية، لكن أنا لا استطيع أن أقدرها كما يمكن أن يقدرها المحللون السياسيون، وأصحاب الرأي السياسي، بالتالي هناك جنبة سياسية لأن المياه هي سلاح سياسي مهم جداً يرتبط بحياة الناس، وممكن أن تتحقق الصراعات سواء الخارجية أو الداخلية، نتيجة نقص المياه.
 
رووداو: هل تحظى بالدعم السياسي الذي تتمناه من الدولة العراقية؟

عون ذياب: لا أخفيك أن ملف المياه في كل دول الجوار هو بيد أعلى مستوى في الدولة، بدءاً من تركيا وإيران وسوريا وحتى في مصر، وأنا بالحقيقة ذهبت باتجاه أن يكون ملف المياه بيد رئيس الوزراء، ومن حسن الحظ أن وزير الجمهورية كان وزيراً للموارد المائية ومتفهم لهذه الحالة، إضافة إلى أنه لنا لقاءات مع أغلب القيادات السياسية المؤثرة في الدولة العراقية، ونحاول أن نوصل لهم رسالة حول خطورة ملف المياه، ويجب أن يكون هذا الملف سيادياً لأن بالحقيقة خطورته عالية جداً، ويؤثر على حياة الناس، وكما أسلفت أن هناك احتمال بنشوء صراعات داخلية في مناطق متعددة، فعندما يقل المورد يصبح هناك تنافس على الاحتياجات المائية يضطرنا إلى التوجه للعمل بحكمة لكي لا تتوسع هذه الصراعات التي ربما تحدث بين محافظتين، أو في مناطق داخل محافظة واحدة.

رووداو: هل يمكن أن نشهد صراعات على نطاق محافظة كاملة أو محافظتين بسبب المياه؟

عون ذياب: صحيح، أن هذا النوع من الصراع محتمل، لاسيما في ظل تزايد أعداد السكان، وهذه حقيقة من الضروري أن تصل إلى الناس، يرافق ذلك محدودية المورد، وبقائه على وضعه وربما أقل نتيجة التغيرات المناخية، لاسيما في ظل الحاجة للمياه التي ليست للشرب فقط، وإنما لكافة الاستعمالات البشرية وللزراعة، فالأمن الغذائي ارتبط بالمياه، إذن نحن إزاء مورد محدود وزيادة بالطلب، ما يخلق تبايناً بين الطلب والعرض، مما يخلق حالة تنافس تتسبب ببعض النزاعات في مناطق مشتركة، وهناك أنهر مشتركة، ومثال على ذلك شط الحلة، الذي يمر في ثلاث محافظات هي بابل، ثم الديوانية، وبعدهما السماوة، ولهذه الحالات لدينا نظام توزيع لها وفق نسب معينة، تكون 45% للحلة، ومثلها للديوانية، و10% للسماوة، ولدينا محطات قياس للسيطرة على هذا الأمر، لكن أحيانا هناك تجاوزات، وإن كانت هذه التجاوزات بسيطة قد لا تؤثر، لكن إذا ما تطورت قد لا استطيع تغذية شط الحلة بكمية 100 متر مكعب في الثانية، وقد أغذي بكمية 50-60 مترا مكعبا، بالتالي سنشهد نزاعا كبيرا، لأن الكمية التي ستصل إلى السماوة قليلة جدا، وفي هكذا حالة يصبح هناك استحواذ على الكمية في الحلة وفي الديوانية، وما يصل للسماوة سيكون قليلا، فيخلق نوعا من الصدام، وهذا أحد الأمثلة، ومثال آخر شط الغراف الذي تعتمد عليه 4 محافظات، وهي ذي قار وواسط والبصرة وميسان أيضا. إذن هناك احتمالات للصراع، لكن نحن هنا يجب أن نعتمد أسلوب الإدارة الحكيمة وتغيير الأنماط التي نعمل بها، حتى من كميات قليلة من المياه نذهب إلى تطوير طرق الارواء، وطريقة استغلال هذه الكميات بشكل حكيم.
 
رووداو: في ضوء التقارير الدولية العديدة التي تتحدث عن الصراعات التي ربما تحدث في العراق على مصادر المياه ومنها صراعات ربما سياسية لأن الأمر سيستغل سياسياً ومنها الهجرة الداخلية، هل هناك تفهم سياسي في العراق من قبل القادة السياسيين لخطورة هذا الوضع؟

عون ذياب: موضوع المياه في العراق خطير ولا أخفي ذلك، وهذا الأمر أوصلته لجميع المسؤولين وجميعهم يدركون خطورته، ونحن يجب أن نمضي في اتجاهات عديدة. حاليا هناك دعم من رئيس الوزراء لتوجه جاد في تغيير نظام الري، وقد منح الدعم الكبير لوزارة الزراعة، بحيث حاليا كان مجموع ما لدينا من مرشات في العراق لا تتجاوز الـ400 مرش، لكن في هذه السنة فقط تم استيراد 12 ألف مرش، وهناك زيادة في هذه الرقعة وستلاحظ المناطق الصحراوية في العراق عبارة عن دوائر إذا ما نظرت لها من الجو أو على الخارطة. هذه طرق استعمال الري الحديثة للري المحوري بهذه المرشات، وهناك دعم كبير من رئيس الوزراء في هذا الاتجاه، وفعلا كان له تأثير إيجابي، فحاليا هناك رغبة من الناس باستخدام هذه الطرق، لأنهم شعروا بالمردود، لأنها تعطيهم زيادة في كميات الانتاج وجهد أقل، وأحيانا في الشتاء أذا ما سقط المطر مرة واحدة أو مرتين لن يحتاج إلى تشغيل المرشات، وعندما يتم تشغيل المرش كما نسميه الري التكميلي في أوقات محددة، ما يسبب لنا وفرة في المياه.
 
رووداو: كثيراً ما نتحدث عن المياه السطحية في العراق لكن ما لا يقل أهمية هو المياه الجوفية ونلاحظ هناك توجه أكثر بعد شح المياه السطحية للمياه الجوفية في العراق. ما مستويات المياه الجوفية في العراق؟

عون ذياب: هذا سؤال مهم جدا، لأن المياه الجوفية في العراق أيضا تخضع إلى تهديد إذا ما أهلمنا التعامل معها بشكل جدي ومدروس، وهذا أيضا أعطيناه حيزا، لأننا لا نريد أن نخسر المياه الجوفية كما حدث مع بعض دول الجوار مثلا في السعودية، التي استغلتها بشكل كبير وباستنزاف عال، بحيث أعلنت في أحدى السنوات، بأنهم اكتفوا من محصول الحنطة ذاتيا، لكن بعد عام بدأت المياه الجوفية تنخفض وأصبحت هناك تخسفات، ولهذا السبب أوقفوا العملية بالكامل وحتى الأجهزة التي تم استيرادها للري أعادوا تصديرها وبيعها، وأيضا هناك تجربة خاطئة في إقليم كوردستان في سهل أربيل، لأنا ذهبنا باستنزاف المياه الجوفية بشكل حاد، بحيث تحول الحفر من 180 مترا إلى 300 متر، ولا نجد مياه جوفية، لذلك يجب أن نكون حذرين في العراق، وحاليا لا نعطي أي موافقة للاستثمار في الأراضي الزراعية الصحراوية التي تعتمد على المياه الجوفية باستخدام الري السطحي، شرط أن تكون طرق الري بالرش المحوري، لنحافظ على المياه الجوفية، وأيضا لدينا توجه بشأن إيقاف بعض الآبار التدفقية في مناطق النجف وكربلاء، لأن هناك آبارا تدفقية وهذه الآبار غلقنا العديد منها وحاليا نتحكم بها من خلال إنشاء صمامات وعدادات محددة على فوهاتها لنتحكم بكميات المياه التي نعطيها لمستخدميها في هذه المناطق، فهناك توجه جاد في هذا الجانب، ونحن نعمل بالحفاظ على هذه الثروة، لأن المياه السطحية والجوفية ومياه الصرف الزراعي المتمثلة بالمبازل، كلها تدخل ضمن الموازنة المائية للعراق.
 
 
رووداو: هل المخاطر التي تقع على المياه السطحية في العراق تقع ذاتها على المياه الجوفية؟

عون ذياب: توجد مخاطر لكن نحن مهمتنا كيفية الحد من هذه المخاطر، لاسيما وأن المخاطر موجودة على الشقين.
 
رووداو: إذن تجاوزنا مرحلة التخلص من المخاطر التي باتت تحيطنا والآن علينا التعامل معها؟

عون ذياب: بالحقيقة مصدر المياه يأتي من السماء سواء من المطر أو الثلوج أو المياه الجوفية، ومهمة هذه الوزارة إدارة هذا المصدر، وإذا كانت الإدارة حكيمة وبشكل عقلاني بدون إسراف أو هدر، وتوعية المزارع والمواطن، ونفهم أن هذا المورد معرض إلى النضوب، ومن هذا المنطلق يجب أن نتعامل معه بذكاء ونمدد عمره زمنياً إلى أطول مدة ممكنة، وهذا ما نعمل عليه هو الاستخدام الآمن للمياه.
 
رووداو: لديكم مشاريع عديدة خاصة فيما يتعلق بالسدود حيث تفكرون بإنشاء 36 سداً 3 منها داخل الحدود الإدارية لإقليم كوردستان التي ستدخل حيز التنفيذ هذا العام؟

عون ذياب: بالحقيقة الدراسات لربما ستكون خلال هذا العام، لأن هذه تعتمد على ما يوضع في الموازنة الاستثمارية للدولة، وهذه السنة نحن بصدد الدراسة لأكثر من هذا العدد من السدود التي نسميها سدود حصاد المياه، وليست لخزن المياه، أي نعمل من خلالها على إجبار المياه على خزنها في أماكن معينة لنحسن نوعية وكميات المياه الجوفية وكمياتها، وهذه عندنا في المناطق الشرقية وفي إقليم كوردستان، والمناطق الغربية في الصحراء، ولدينا عدد كما ذكرتم يصل إلى 36 سداً تقريباً مخططاً لها، وبدأنا تدريجياً باستكمال دراسات البعض منها وتنفذ تباعاً حسب إكمال الدراسة وإدراجها ضمن وزارة التخطيط كمكون، ثم تنفيذها.
 
رووداو: ميزانية السدود كم ستكون تقريباً؟

عون ذياب: نطمح بأن تكون ميزانية عالية لكن هذا يعتمد على ميزانية الدولة، نحن وضعنا مبالغ كبيرة لهذا الموضوع واقترحنا أكثر من 400 مليار دينار لها، لكن هذا يعتمد على ما تخصصه الدولة سنويا لإنشاء هذه السدود، وهذا يعتمد على الموازنة الاستثمارية في البلاد.
 
رووداو: كثيراً ما نسمعك تقول إن ظروف وزارتي صعبة. لماذا؟

عون ذياب: الصعوبة تأتي من ندرة المادة التي نمتلكها، بمعنى لو كانت هناك وفرة بالمياه لكان وضعنا سهل، لكن هناك ندرة ومن هذه النقطة تتمثل الصعوبة، فهناك زيادة بالطلب على الحاجة نتيجة زيادة السكان وقلة بعرض المورد، وهذه التحديات تنتج مخاطر. 
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب
 

آخر الأخبار

بغداد تستضيف مؤتمرها الدولي السابع

بغداد تستضيف مؤتمرها الدولي السابع لمناقشة التنمية والاستقرار الإقليمي

تنطلق في بغداد يومي السبت والأحد 22 و23 شباط 2025، أعمال مؤتمر حوار بغداد الدولي السابع تحت شعار "التواصل من أجل التنمية والاستقرار الإقليمي"، بمشاركة نخبة من صناع القرار، الأكاديميين، والخبراء الدوليين، لمناقشة قضايا استراتيجية تمس مستقبل المنطقة.