رووداو ديجيتال
استمرار قطع الاشجار في محافظة النجف (جنوب غرب العاصمة العراقية بغداد) أدى بالحكومة المحلية الى اتخاذ اجراءات مشددة، تصل الى حبس والغرامة بحقهم، جراء تنامي هذه الظاهرة التي تتسبب بارتفاع الرقعة الصحراوية في المحافظة.
تقع مدينة النجف على حافة الهضبة، أي عند الحافة الشرقية للصحراء الغربية، التي تفصل العراق عن حدود المملكة العربية السعودية، حيث يحدها من الغرب بحر النجف والهضبة الغربية، ومن الجنوب قصبة الحيرة وأبو صخير، ومن الشمال هضبة النجف، ويحدها من الشرق مدينة الكوفة، وبذلك تشغل بحكم موقعها الجغرافي الطبيعي المنطقة الانتقالية ما بين السهل الرسوبي والهضبة الغربية، اللذين يشكلان أنواع السطح في وسطها وجنوبها، ويكون بحر النجف كحد فاصل بين المنطقتين.
تقوم مدينة النجف على رابية مرتفعة فوق أرض رملية فسيحة ترتفع عن سطح البحر حوالي 70 متراً، وتبعد عن كربلاء 85 كيلومتراً، وهذا الموقع يجعلها ضمن إقليم المناخ الصحراوي، وترتفع درجات الحرارة في فصل الصيف، ويرجع ذلك إلى بعد المسطحات المائية عنها، فضلاً عن كونها منطقة عارية من الغطاء النباتي في العديد من مناطقها.
ايداع المخالفين التوقيف وتغريمهم
ثلاثة أشخاص، أتخذت الحكومة المحلية في النجف عقوبات بحقهم مؤخراً، بسبب قيامهم بقطع الاشجار، وفقاً لعدي عبد الصاحب، مدير بلدية النجف، الذي قال لشبكة رووداو الاعلامية، إنه "يتم تشكيل فريق عمل بالتعاون بين مديرية بيئة النجف وقيادة الشرطة والبلدية بحال وجدنا شخصاً قام بقطع شجرة، حيث يتم ايداعه التوقيف".
بخصوص الاجراءات التي يتم اتخاذها بهذا الصدد، يوضح عدي عبد الصاحب، أنه "يتم تقدير عمر الشجرة، ويغرم قاطعها على عدد سنوات عمر الشجرة والمبلغ المصروف عليها، كما يتم تكليفه بزراعة أكثر من نخلة بدلاً منها في أماكن نحن نختارها".
ويشير مدير بلدية النجف الى أنه "يتم تحديد الغرامة على المخالفين وفق الضرر الذي أحدثوه، حسب اللجنة التي تقوم بالكشف عن الاضرار"، مؤكداً أن ظاهرة قطع الأشجار تكررت ثلاث أو أربع مرات في الآونة الأخيرة.
ويلفت عدي عبد الصاحب، الى أنه "وفي بعض الأحيان تتم عملية تشذيب الأشجار من قبل فرق البلدية، ليكون شكلها هندسياً أو في سبيل عدم عرقلتها لخطوط نقل الطاقة الكهربائية".
النخلة تتحمل أجواء النجف
كما يقول مدير بلدية النجف أن "النجف مدينة صحراوية وتربتها جبسية رملية ومصادر مياهها بعيدة وتعتمد على الآبار، لذا قمنا بزيادة زراعة النخيل فيها، والتي تتحمل درجات الحرارة العالية كما بالامكان نقلها".
بشأن مكافحة التصحر، ينوّه عدي عبد الصاحب الى أن "اشجار الكاربس منتشرة في النجف وهي سريعة النمو وتتحمل التفاوت في درجات الحرارة لدينا، ومنذ سنتين توجهنا لزراعة بعض الاشجار مثل الاكاسيا وبعض الاشجار الافريقية".
"جزراتنا الوسطية مزروعة، ولدينا متنزهات كانت مهملة اعدناها الى العمل خلال السنتين الماضيتين، كما أن هنالك مشروع متنزه النجف الكبير الذي تبلغ مساحته نحو 300 دونم، لذا هنالك عمل باتجاه المناطق الخضراء وديمومتها في المحافظة"، وفقاً لمدير البلدية في المحافظة.
ويؤكد حصول قطع للأشجار بوتيرة كبيرة في النجف سابقاً، مستدركاً أنه "وخلال هذه السنة ضغطنا كثيراً بهذا الاتجاه"، منوهاً الى "حصول قطع للأشجار في بعض الأماكن بسبب انشاء مشاريع، لذلك اضطررنا الى نقلها الى مناطق أخرى".
دعوة للاستفادة من الدراسات الحديثة
مدير بلدية النجف، وجّه دعوى الى كل من لديه دراسة حديثة تخص الأجواء في النجف وطبيعة النباتات التي تتحمل قساوة الظروف في المحافظة، "في ان يزودنا بهذه المعلومات، من أجل الاستفادة منها".
العام الماضي (2023) حذّر مدير شعبة التغيرات المناخية في مديرية البيئة في محافظة النجف، حيدر فليح، في تصريحه لشبكة رووداو الاعلامية، من أنّ نسبة التصحّر في البلاد بلغت نحو 70%، بسبب نقص الإمدادات المائية القادمة من إيران وتركيا.
وقال فليح وقتها إنّ "نسبة التصحّر في محافظة النجف ازدادات عن السنة الماضية بواقع 5% بسبب شحّ المياه التي أثّرت على الأراضي الزراعية والتي تمّ تركها جرّاء ذلك"، موضحاً أنّ نسبة التصحر في النجف وصلت إلى 35%، فيما وصلت في العراق بشكلٍ عام إلى 69.7%، مشيراً إلى أنّ مشكلة نقص المياه باتت أزمة يعاني منها الفلّاحون بشكلٍ لافت.
العراق حمّل جارتيه تركيا وإيران مسؤولية خفض منسوبات المياه بسبب بناء سدود على نهري دجلة والفرات، وطلب من البلدين أكثر من مرّة زيادة الحصّة المائية للعراق من النهرين، دون أن يتلقّى استجابة.
وكان العراق، البلد شبه الصحراوي، والذي يبلغ عدد سكّانه أكثر من 43 مليون نسمة، قد أعلن أنّ المشروعات المائية التركية أدّت لتقليص حصّته المائية بنسبة 80%، بينما تتّهم أنقرة بغداد بهدر كمّيات كبيرة من المياه.
وزارة الزراعة حذّرت في وقت سابق، من أنّ شح المياه بات يهدّد بانهيار أمن العراقيين الغذائي.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً