رووداو ديجيتال
أفاد المتحدث باسم المفوضية السابقة لحقوق الإنسان علي البياتي، بأن جرائم "غسل العار" منتشرة في كل مناطق العراق، وتشهد البلاد انتشاراً واسعاً في زيادة هذه الجرائم، وفيما أشار الى ان الارقام الظاهرية تعلن ان هنالك ما لا يقل عن 150 فتاة او امرأة تقتل سنوياً بسب جرائم الشرف، استدرك أن "العدد اكثر من ذلك".
وقال البياتي لشبكة رووداو الاعلامية ان "جرائم غسل العار هي من الانتهاكات التي تعتبر من أسوأ انواع التمييز ضد المرأة، وهي متعلقة بالاساس بثقافة مجتمع يربط شرف العائلة بسلوك المرأة"، عاداً اياها "ثقافة سيئة موجودة في المجتمع، والتي لاتزال تعيش في ظروف بعيدة عن المدنية، وايضاً معتقدات بعيدة كل البعد عن الثوابت الدينية الاصيلة".
وأوضح البياتي أن "المرأة موجودة في كل جوانب الحياة، في التعليم والسياسة والامن وغيرها، وهذا الوجود يتطلب حرية اكثر وحقوقاً وحماية اكثر، بفعل الانفتاح في مواقع التواصل الاجتماعي"، لافتاً الى أن "المرأة ستكون عرضة للاستهداف والابتزاز والاستغلال بسبب الجهل في قلة الوعي في استخدام الانفتاح التكنولوجي".
يذكر ان ان المادة (409) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل تنص على: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات من فاجأ زوجته او احدى محارمه في حال تلبسها بالزنا او وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال او قتل احدهما او اعتدى عليهما او على احدهما اعتداء افضى الى الموت او الى عاهة مستديمة ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي ضد من يستفيد من هذا العذر ولا تطبق ضده احكام الظروف المشددة".
"الرجل يتواجد كمراقب ومحاسب لها في اي انحراف عن السلوك الذي يعتبر تجاوزاً على شرف العائلة في نظر الذكر، واعتماد قضية القضاء على حياة هذه الانسانة كأساس لانهاء هذا السلوك، وبالتالي الحفاظ على شرف العائلة سواء كان هذا الشخص طبيعياً او يعاني من مشاكل نفسية او غيرها"، وفقاً للبياتي، الذي نوه الى ان "وجود هذه الثقافة وهذا السلوك الاجرامي كأساس لمعالجة هذه القضية هو الذي يدفع بالموضوع الى الاستمرار".
أما بخصوص المدن التي تنتشر فيها جرائم "غسل العار" ذكر البياتي ان "كل مناطق العراق فيها انتشار واسع في زيادة في هذه الجرائم، والارقام الظاهرية تشير الى أن هنالك ما لا يقل عن 150 فتاة او امرأة تقتل سنوياً بسبب جرائم الشرف، لكن العدد الحقيقي أكثر من ذلك"، كاشفاً عن "وجود قبور خاصة بجرائم الشرف في محافظات، تخص عوائل معينة أو عشائر معينة، فيما الدولة عاجزة عن اداء اي دور رادع في هذا الموضوع".
البياتي، رأى أن "قانون العقوبات العراقي يحمي من يقوم بقتل انسانة بدافع حماية شرف العائلة، وبدلاً من ان تكون العقوبة مدى الحياة تكون العقوبة 3 سنوات، وهذا دافع للمجرم مهما كان نوع الجريمة التي تخص المرأة او اي مشاكل عائلية، وبمجرد تسجيل ان الجريمة هي تحت ذريعة حماية الشرف يتم تخفيض العقوبة".
بحسب إحصاءات منظمات غير حكومية، سجل العراق في العام الماضي 2021 نحو 72 حالة قتل بحق نساء، وجدت جثث بعضهن ملقاة في الشارع، فيما يعتقد أن جزءاً منها مرتبط بجرائم الشرف.
المتحدث باسم المفوضية السابقة لحقوق الإنسان علي البياتي، أردف ان "جريمة غسل العار مرتبطة بالاساس بجرائم العنف الاسري، وهي حالة متفاقمة من العنف الاسري، وعندما لا نكون قادرين على تقليص هذه الجرائم، لا نكون قادرين على حماية المرأة من جرائم غسل العار او جرائم الشرف، لذا فالموضوع متعلق بثقافة وتقاليد المجتمع ووجود قوانين تشجع على تأديب المرأة".
وشدد البياتي على ان "الموضوع يحتاج الى تشريعات قانونية تحمي المرأة، والى اصلاح اجتماعي وثقافي وخلق مصدات وردع اجتماعي لهكذا جرائم، من خلال رجال العشائر ومنصات الدين والمدارس والجوامع"، منتقداً "سيطرة العقلية الذكورية ونظرة المجتمع التي لم تتغير تجاه المرأة".
ولا توجد إحصائيات بعدد جرائم الشرف في العراق والدول العربية بأجمعها، بسبب عدم الإبلاغ عن معظمها أو بسبب التحايل على القانون، كأن يتم قتل المجني عليها عن جريمة شرف، ويتم الإبلاغ فيما بعد عن أنها حالة انتحار، فضلاً عن وجود جرائم قتل تقع بسبب الميراث، ويتم الادعاء من ذوي المجني عليه بان الوفاة كانت نتيجة انتحار أو تم قتلها بدافع الشرف.
البياتي، طالب بـ"تعديل وتشريع قوانين ووضع خطة وطنية لمعالجة ومناهضة العنف الاسري والحالات المتفاقمة من جرائم الشرف والعنف الاسري، من خلال اشراك منظومات المجتمع المدني ورجال العشائر ورجال الدين والمنابر والاعلام في مناهضة هذا العنف والابلاغ عنه للقصاص من الجناة".
وعلى الرغم من قراءة مشروع قانون العنف الأسري في مجلس النواب أكثر من مرة، لكنه تعثر بسبب عدم الاتفاق على بنوده وظل حبيس أروقة البرلمان، وكان يُؤمل أن يضمن القانون إنشاء دار لإيواء المعنفات.
وبحسب تقرير سابق نشره مجلس القضاء الاعلى، فإن "جرائم الشرف تعد من اشد الجرائم خطورة على المجتمعات، لكونها تمس الأسرة التي هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع وبوقوعها يؤدي إلى تفكك الأسرة وانهيار بناء الدولة".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً