رووداو ديجيتال
أحداث كركوك الاخيرة دقت جرس الانذار لائتلاف ادارة الدولة، الذي تشكلت بموجبه الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، في وقت تحوم الشبهات حول بعض الاطراف داخل ائتلاف ادارة الدولة التي تقف وراء عدم تنفيذ المنهاج الحكومي الذي قرره السوداني وتلاه امام مجلس النواب العراقي، منها ملفات تخص الكورد.
الكورد اعترضوا على الممارسات الاخيرة، المتمثلة بالسماح لجهات عربية، مدعومة من فصائل مسلحة، شوهد العديد منهم يحملون اسلحة أمام أنظار القوات الأمنية، بالتظاهر وقطع طريق أربيل – كركوك، ورفض تطبيق قرار رئيس الوزراء العراقي القاضي بتسليم الحزب الديمقراطي الكوردستاني مقراته في كركوك، وبالمقابل تم اطلاق النار الحي على المحتجين الكورد والحاق الاذى بهم، والتي اسفرت الرصاصات عن مقتل أربعة أشخاص واصابة أكثر من 15 آخرين.
هذا التباين بالتعامل مع القضية، ولّد موجة غضب داخل الاطراف الكوردية على الصعيدين السياسي والشعبي، والتي ازدادت بقيام القوات الامنية بشن حملة داخل الاحياء الكوردية في كركوك أسفرت عن اعتقال 40 شاباً كوردياً.
الموالون للأطراف العربية والتركمانية التي قطعت الطريق الرئيس الرابط بين مدينة كركوك وأربيل ، ونصبوا الخيم على الشارع منذ يوم 27 آب الماضي، بحجة أنهم يعارضون إعادة مقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني في كركوك والتي استولت عليها القوات العراقية خلال أحداث (16 أكتوبر 2017)، لم يتعرضوا لأي محاسبة من الحكومة المحلية او السلطات الامنية.
هذه التوترات التي حدثت السبت أدت إلى إعلان حظر للتجوال لمدة 24 ساعة، ليرفع الحظر صباح الاحد 3 من أيلول الجاري، لكن القوات الأمنية لاتزال متمركزة في الأحياء الكوردية بمدينة كركوك.
الخوف من العودة للمربع السابق
بهذا الصدد، يرى عضو تيار الحكمة فهد الجبوري، في تصريحه لشبكة رووداو الاعلامية انه "ليس صحيحاً انهيار ائتلاف ادارة الدولة، فهنالك اختلاف في وجهات النظر، وهنالك خلاف على بعض النقاط التي هي أصلا خلافية ووجودها خلافي قد يكون في الدستور"، مبيناً أن "هذه الجوانب لا يمكن ان نقول عليها انها هددت بانهيار تحالف ادارة الدولة والذي شكّل هذه العملية السياسية الموجودة حالياً بحكومة ووزراء، وجوانب اخرى تحت مسمى الحصص الانتخابية لكل كتلة سياسية معينة".
فهد الجبوري، يعتبر "التهديد من قبل بعض القوى بهذا الشأن هو اجراء غير صحيح وغير مقبول"، موضحاً أن "كل القوى السياسية الموجودة حالياً هي مشكّلة لهذه الحكومة، وبالتالي حصلت على وزارات وحصلت على وكلاء ودرجات خاصة، وهذا هو العرف السياسي الموجود في الحكومة العراقية".
"بالنسبة لأحداث كركوك هنالك قانون وهنالك دستور وهنالك قضاء، كما أن هنالك جهة رسمية في كركوك وهي المحافظ والحكومة المحلية في كركوك والقضاء المستقل الذي له الكلمة الأعلى والفصل، وأيضاً رئيس الوزراء باعتبار ان له القرار والرأي وهو من يحدد المصلحة العراقية العليا"، حسب قوله، مشيراً الى ان "على الجميع دعم رئيس الوزراء وقراراته ودعم الحكومة المحلية في كركوك لغرض الحفاظ على الاستقرار في هذ المحافظة".
وينوه الى أنه "ومن بعد 2016 لاحظنا ان هنالك استقراراً كبيراً حصل في المحافظة، وأن ادامة هذا الاستقرار هو بدعم الحكومة المحلية والمحافظ والحفاظ على المكونات الاجتماعية في كركوك وعدم الانجرار وراء الرغبات الشخصية والتظليل والكذب وغيرها من الجوانب الاخرى التي ترجعنا الى مربع سابق، وندخل في ازمة خصوصاً واننا مقبلون على انتخابات"، معتقداً أنه "لن ينهار هذا الائتلاف، واذا انهار فإن الخارج منه سوف يخسر بهذا الشأن".
ويضيف فهد الجبوري ان "الحكومة ماضية والسوداني يمضي بطرق دبلوماسية وهدوء وصياغة جوانب مهمة خلال الفترة المقبلة، وسوف تظهر على الساحة السياسية والمجتمعية"، معتقداً أن "هذا الرضا الموجود في الشارع لا يمكن ان يقتصر على وجود خلافات سياسية ونترك الرأي الشعبي، الذي يرى جزءاً كبيراً منه ان هذه الحكومة هي الأكثر استقراراً منذ سنوات".
وفد حكومي يزور عوائل الضحايا
وفد يمثل القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني، زار كركوك يوم الاثنين (4 أيلول 2023)، والتقى فور وصوله إلى كركوك بقيادة شرطة المحافظة، وزار عوائل الشهداء وشارك في مجالس العزاء على ارواحهم.
الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، يحيى رسول، أعلن لشبكة رووداو الإعلامية، اطلاق سراح جميع المتظاهرين المعتقلين في كركوك، واصفاً ما يحدث في كركوك بأنه "مؤلم ومؤسف"، مشيراً إلى أن القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني "شكل لجنة تحقيقية عليا ستكون مسؤولة عن فحص كل الملفات والفيديوهات و(افادات) الشهود" فيما يخص أحداث كركوك.
الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الذي يمارس نشاطه السياسي العلني في المحافظة منذ تغيير النظام عام 2003 كان قد بنى مقراً له من امواله عام 2012، تمت السيطرة عليه من قبل قيادة العمليات المشتركة التابعة للجيش العراقي في أعقاب أحداث 16 تشرين الأول 2017.
لكن المحكمة الاتحادية العليا، قررت إيقاف قرار القائد العام للقوات المسلحة العراقية، محمد شياع السوداني، بإخلاء مقرات العمليات المشتركة في كركوك، إلى حين حسم الدعوى المقامة، حيث جاء في نص القرار يوم الأحد (3 أيلول 2023)، إنه "بناءً على الدعوى المرقمة (213/اتحادية/2023) والطلب الذي تضمنته، المحكمة الاتحادية العليا تقرر اليوم الاحد المصادف 3/9/2023 ايقاف تنفيذ امر السيد رئيس مجلس الوزراء /القائد العام للقوات المسلحة المؤرخ 25 /8/2023 المتضمن (إخلاء البناية المشغولة حالياً من قبل المقر المتقدم لقيادة العمليات المشتركة في محافظة كركوك والاثار التي ترتبت عليه)، لحين حسم الدعوى آنفة الذكر المطالب بموجبها الحكم بإلغائه".
المحكمة أوضحت أنها بقرارها تهدف إلى "الحفاظ على الأمن في محافظة كركوك وتغليب الوحدة الوطنية والتعايش السلميين والمصلحة العامة، قراراً باتاً وملزماً لكافة السلطات".
الحلول بحاجة الى وقت من الزعماء
الى ذلك، يقول عضو ائتلاف دولة القانون حيدر اللامي لشبكة رووداو الاعلامية، ان "الاختلافات تقع بين البلدان داخلياً، وهذا الأمر شهدناه في عدة بلدان متقدمة، لذلك من الطبيعي ان تكون هنالك اختلافات، كون هذه الاختلافات هي من ترسم النظام الداخلي للبلد".
ويوضح حيدر اللامي أن "ائتلاف ادارة الدولة ائتلاف قوي ومتين، وبقائه هو بقاء الحكومة العراقية، والتي قدمت منهاجها وبرنامجها وهي مستمرة في تقديمه، واذا تأخر فليس معناه انها لا تطبق، وذا كان هنالك تأخير فإن التأخير مرحلي، لذلك اعتقد ان كل الخلافات الموجودة في كركوك سوف تحل من خلال الحكومة والمحكمة الاتحادية والزعامات السياسية".
عضو ائتلاف دولة القانون يشير الى ان "الكل خاسر في الاختلاف في كركوك، وعندما تحل المسألة وتكون هنالك طاولة حوار سيفوز الكل بذلك"، مردفاً أن "كركوك هي مدينة التعايش السلمي والمتفق عليها وليس المتنازع عليها، وفي الايام القادمة ستكون هنالك حلول".
ويؤكد حيدر اللامي ان "ائتلاف ادارة الدولة قادر على حل المشكلات ويحتاج الى وقت لحلها، وباستطاعة ائتلاف ادارة الدولة العبور بالمسألة الى بر الأمان، لذلك بعض الأطراف تريد في الاعلام بث الفرقة بين الأخوة جميعاً"، لافتاً الى أن "ائتلاف ادارة الدولة موحد وقوي، والحكومة تعمل على حل هذه الأزمات"، حسب قوله.
في وقت سابق، اعترضت أطراف سنية عديدة على عدم قيام الحكومة بحل قضية المعتقلين والمغيبين، فضلاً عن تنصل الاطراف السياسية الشيعية المتنفذة في الدولة، حسب قولهم، عن حل ملف العفو العام، في ظل أحاديث عن عشرات الالاف من المغيبين والمسجونين داخل الزنزانات من ابناء المكون السني.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً