عارف الساعدي لرووداو: انطلاق اعمال تطوير شارع الرشيد والسوداني يستلم مفتاح بغداد عاصمة السياحة العربية

رووداو ديجيتال

كان التمشي في شارع الرشيد، اول شارع ببغداد وفي العراق عامة، يشكل متعة ودهشة، حيث افضل محلات الملابس، في طليعتها اسواق (اورزدي باك)، ثم اسواق حافظ القاضي التي كانت تعرض احدث ماركات الاليكترونيات والسيارات، وارقى المقاهي الثقافية، البلدية والزهاوي وحسن عجمي والبرلمان، والمكتبات وابرزها مكتبة (ماكنزي) التي تعد وقتذاك مصدرا مهما للباحثين عن الكتب والمجلات الغربية، مثل مجلة (ناشيونال جغرافيك)، واستوديوهات الموسيقى والغناء، في مقدمتها اسطوانات (جاقمقجي).

بدأت فكرة إنشاء شارع الرشيد منذ نهاية الحكم العثماني في العراق سنة 1908، وتم فتح جزء بسيط منه عام 1916 من قبل الوالي العثماني خليل باشا وسمي الشارع باسمه (جادة خليل باشا). وبعد الحرب العالمية الأولى 1918 عند دخول الجيش البريطاني تم فتح الشارع كليا ليمتد إلى الباب الشرقي حيث مرَّ الشارع بعدة مراحل ولفترات زمنية طويلة لحين استكماله وابدع المعماريون الغربيون والعراقيون ببناء العمارات المتكئة على الاعمدة، وهذه ميز الشارع المعمارية، والبالكونات التي تطل عليه، ودور العرض السينمائي المتطورة آنذاك، حيث ما تزال سينما الزوراء في منطقة المربعة قائمة رغم الخراب الواضح على بنايتها، ليكون واحدا من اجمل الشوارع عراقيا وعربيا، بل كان يُطلق عليه شانزليزيه بغداد.

متعة التمشي في شارع الرشيد والجلوس في مقاهيه والتسوق من محلاته بدأت تنقرض منذ نهاية التسعينيات حيث حل الخراب بابنيته ومرافقه وهجرة اصحاب محلاته وغلق اشهر علاماته التجارية وصالاته السينمائية، وكان أخر من ودعه مصور الملوك والرؤساء (جان)، وغزو مهن وورش تصليح السيارات والادوات الاحتياطية وخراب ابنيته والازقة المتفرعة عنه، ثم هجوم اصحاب (البسطيات) بدءا من منطقة الميدان حتى الشورجة، وتحولت هذه المتعة الى مشاعر تثير الاسى والحزن لكل من عرفه في السابق. وساهم اهمال الحكومات، خاصة بعد 2003، وتقصيرهم بحماية تاريخ وتراث شارع الرشيد بتحويله الى مجموعة من الخرائب.

 

لكن بقي هاجس البدء باعمار شارع الرشيد ضاغطا على المسؤولين العراقيين عامة وعلى رئيس الوزراء خاصة الذي اهتم كثيرا بهذا الموضوع إذ تم تكليف الشاعر الساعدي بالاضطلاع بمهمة الاشراف على اعادة اعمار شارع الرشيد بمناسبة اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025.وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد تسلم مفتاح بغداد عاصمة السياحة العربية خلال احتفال اقيم بالمناسبة في بغداد مساء اليوم الاحد.

الساعدي، الذي غالبا ما نراه يتجول في شارع المتنبي وبغداد القديمة المرتبطة بالشارع، السراي الحكومي، كل ما سنحت له الفرصة، قال لشبكة رووداو الاعلامية اليوم الاحد، 2 شباط 2025:" بعد ان تم افتتاح المرحلة الثانية من مشروع تطوير بغداد القديمة، في شهر تموز الماضي، من قبل رئيس الوزراء، حيث كان التأهيل رائعا واصبح زقاق السراي الرئة الثانية، سياحيا وآثاريا، بعد شارع المتنبي، اطلق رئيس الوزراء المرحلة الاولى لتأهيل شارع الرشيد".

ونبه الساعدي الى اننا :" واجهنا المشاكل من قبل بعض اللجان التي اخرت عمل لجنتنا ومن ثم تم تذليل كل هذه الصعوبات بعد اجتماعاتنا مع رئيس الوزراء وامين العاصمة وانا كنائب لرئيس اللجنة".

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اكد خلال الاجتماع الخاص لبحث الإجراءات النهائية لإطلاق المشروع، على ضرورة أن تعكس عملية التأهيل الوجه المشرق لمدينة بغداد. وقال :"يجب أن يتم تأهيل المناطق التاريخية في بغداد بالشكل الذي يليق بمكانتها، مع توفير الخدمات الأساسية للسائحين لتعزيز النشاط السياحي ودعم الاقتصاد الوطني".

 

البغداديون تفاجأوا وهم يشاهدون المهندسين والمهنيين وهم يقودون آلياتهم للعمل باعادة اعمار شارع الرشيد  ضمن المرحلة الثالثة مما يعرف بمبادرة نبض بغداد التي بالتزامن مع إعلان بغداد عاصمة للسياحة العربية لعام 2025، بهدف استعادة الوجه الحضاري للعاصمة وتطوير أبرز معالمها التراثية.

الشاعر عارف الساعدي اوضح ان:" التأهيل في هذه المرحلة للابنية الواقعة ما بين ساحة الميدان وحتى تمثال الشاعر معروف الرصافي". مشيرا الى ان :" المرحلة الرابعة ستكون من ساحة الرصافي وحتى جسر الاحرار".

 

تأهيل شارع الرشيد تعد واحدة من أهم المحاور التي يشملها مشروع اعادة الاعمار، نظرًا لمكانتها التاريخية ودورها في تشكيل ملامح العراق الحديث.

 الروائية العراقية ميسلون هادي كتبت اليوم على صفحتها، مع نشرها لصور عن شارع الرشيد التقطتها بنفسها " اليوم كنت أنوي نشر صورة مؤسفة لشارع الرشيد التقطتها البارحة، لكي أعبر من خلالها عن ألمي لما آل إليه وضع الشارع من جهة الميدان ولكني ترددت في ذلك، لأني أصبحت أخشى بعض التعليقات التي تقول إن اسمه هو السبب في ذلك الإهمال".

 

واضافت الكاتبة ميسلون هادي التي عرفت بحرصها على بغداد وجمالية الابنية التراثية والمعاصرة للمدينة " لكن ما كتبه الشاعر عارف الساعدي حسم ترددي عن البدء بحملة تأهيل الشارع في خاصرته الأضعف، وهي المنطقة الممتدة بين الميدان وتمثال الرصافي تحديداً. فقلت لنفسي سأقدم الخبر الحلو على الخبر السيء، وشعرتُ أن الغُمة سترفع فعلاً عن هذا الشارع التراثي العريق. واننا سننظر أخيراً إلى رشيد جديد وعمران مديد".