انتخابات 2021 الاكثر نزاهة.. تصويت مبكر ونتائج واقعية تهدد كيانات الاحزاب الولائية

01-12-2021
معد فياض
الكلمات الدالة الانتخابات العراقية التيار الصدري الاطار التنسيقي الحزب الديمقراطي الكوردستاني العد والفرز اليدوي
A+ A-
 

رووداو ديجيتال

قصة الانتخابات العراقية من 2005 حتى 2021

لم تسلم اية دورة لانتخابات مجلس النواب، ومنذ 2005، وحتى 2021 من اتهامات التزوير والخروقات ومطالبة الكتل الخاسرة بالعد اليدوي، ومن ثم ادخال البلد في دوامة الصراعات والازمات لتنتهي هذه العملية بتوافقات وتوزيع المناصب الحكومية حسب المحاصصات الدينية والطائفية.
 
كنت قد شهدت، بحكم عملي الصحفي، أحداث جميع الانتخابات العراقية ميدانيا، مع تفاصيل الصراعات بين الاحزاب والكتل المرشحة للانتخابات خلف الكواليس، وبمناسبة تجدد الخلافات بين الاحزاب والكتل السياسية على نتائج التصويت في انتخابات 10 تشرين الاول 2021، أدون هنا مشاهداتي ومعايشتي كمحايد، وعلى حلقات، وسأكشف بعض هذه التفاصيل في قصة الانتخابات العراقية.
الحلقة (16) الاخيرة
 
انتخابات نزيهة
 
نستطيع القول ان الانتخابات النيابية التي المبكرة التي اجريت في العاشر من تشرين الاول 2021، بالرغم من تدني نسبة المصوتين ومقاطعتهم لصناديق الاقتراع، كانت هي الاكثر نجاحا منذ انتخابات 2005، فقد اوفى رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي بوعده وبتحقيق احدى مطالب التشرينيين بإجراء انتخابات مبكرة، وهيأت الحكومة لها وبالتعاون مع الامم المتحدة كل وسائل النجاح والحد من امكانيات تزوير النتائج والتلاعب بها عن طريق استخدام اجهزة التصويت الاليكتروني والاستعانة بمراقبين موثوقيين محليين وعرب وامميين، والذين اشادوا بنزاهة الانتخابات ونجاحها.
مطالب صادمة
 
انتخابات 2021 كشفت عن افلاس الاحزاب والمرشحين التقليديين الذين سيطروا على مقاليد الحكم لاكثر من 18 سنة، وجاءت النتائج مخيبة لمخططاتهم، اذ تدنت نتائج بعضهم بصورة صادمة، مثلا حصل تيار الحكمة وتحالف النصر لعمار الحكيم وحيدر العبادي على 4 مقاعد فقط في البرلمان الجديد، واقصيت بعض الائتلافات من العملية الانتخابية والسياسية، مثل ائتلاف الوطنية بزعامة اياد علاوي الذي أثار جدلا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي بعد دعوة أطلقها لتعويض الخاسرين في الانتخابات، ومنحهم مقاعد في مجلس النواب. وقال علاوي خلال مقابلة تلفزيونية، في 14 تشرين الثاني 2021، إن "جزءا من الحل (هو) عقد مؤتمر مصغر لمناقشة مخرجات الانتخابات الأخيرة وطرق حلها وتعويض الخاسرين من المشاركين في الانتخابات النيابية"، مشيرا إلى أن الانتخابات تركت العراق على "كف عفريت"، وأن من بين الحلول التي يقترحها إجراء انتخابات أخرى بعد 9 أشهر، أو إضافة نواب آخرين لكتل خاسرة في بعض المناطق، والهدف من ذلك هو الابتعاد عن الحرب الأهلية هذه المقترحات جاءت بسبب عدم حصولهم على اي مقعد برلماني، في الوقت الذي حقق فيه التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، انتصارا واضحا بحصوله على 73 مقعد، وعلى مستوى اقليم كوردستان حاز الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة مسعود بارزاني على 31 مقعد.
 
احتجاجات غير مشروعة
 
هذه النتائج دفعت بما يطلق عليهم بالاحزاب الولائية، التي نظمت انفسها ضمن (الاطار التنسيقي)، ونتيجة الصدمة التي تلقوها من جمهور الناخبين، بالاعتراض والمطالبة، كالعادة، بالفرز والعد اليدوي، ومن ثم زج منتسبي الحشد الشعبي والميلشيات المسلحة في احتجاجات هددت السلم الاهلي، ومطالبة بمقاعد تعويضية بالرغم من خسارتهم. حيثأعلن الإطار التنسيقي، الذي يضم كل من: تحالف قوى الدولة الوطنية بزعامة عمار الحكيم وحيدر العبادي، وائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، وتحالف فتح بزعامة هادي العامري، وحزب الفضيلة الاسلامي بزعامة محمد اليعقوبي، وحركة حقوق، الجناح السياسي لميليشيا كتائب حزب الله، والموالية لايران، وحركة عطاء بزعامة فالح الفياض، وصادقون، الجناح السياسي لميليشيا العصائب بزعامة قيس الخزعلي والمتحالفة مع فتح،  رفضه للنتائج النهائية للانتخابات البرلمانية المبكرة، والتي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات، مشيرة إلى أن المفوضية قامت بإعداد النتائج بشكل مسبق، وأن الإطار مستمر بدعوته المقامة امام المحكمة الاتحادية لإلغاء الانتخابات. بينما هدد تحالف الفتح، بزعامة هادي العامري بالرد على اي "استفزازات" أو "مصادمات" من قبل اي جهة على المحتجين على نتائج الانتخابات، وفيما عدّ النتائج النهائية التي أعلنتها مفوضية الانتخابات "متوقعة" أكد ان المفوضية "أصرت على هذه النتائج منذ البداية".
 
مشاركة متواضعة
 
رسميا، بلغ عدد العراقيين الذين يحق لهم التصويت 25 مليون شخص، يتوزعون على 83 دائرة انتخابية و8273 صندوق اقتراع.  أما عدد الناخبين الذين يمكن لهم نظريا التصويت فهو 23 مليونا كونهم أصدروا البطاقات الانتخابية البيومترية، لانتخاب 329 نائبا في البرلمان العراقي القادم، بينها 83 مقعدا تمثل 25 بالمئة من المجموع الكلي خصصت للنساء، بالإضافة إلى  تسعة مقاعد للأقليات موزعة بين المسيحيين والشبك والصابئة والأيزيدين والكورد الفيليين.
 
 وبلغت نسبة مقاطعة التصويت في الانتخابات التشريعية العراقية التي جرت في العاشر من تشرين الاول 2021، نحو 59%، حيث أعلنت المفوضية العليا للانتخابات أن نسبة المشاركة "الأولية" تقدر بـ41%، ووفق هذه الأرقام فإن نسبة المقاطعة تجاوزت تلك التي سجلت عام 2018. من جانبها اعتبرت رئيسة بعثة المراقبة الأوروبية فايولا فون كرامون أن نسبة التصويت الضئيلة "إشارة سياسية واضحة، وليس لنا إلا أن نأمل بأن تلتفت النخبة السياسية إلى ذلك". ولن يصوت العراقيون المقيمون خارج البلاد خلال الانتخابات هذه المرة. وصوت في الثامن من تشرين الاول 2021، ضمن الـ"تصويت خاص" عناصر قوى الأمن والنازحين والمساجين. وتنتخب كل دائرة بين ثلاثة إلى خمسة نواب، قياسا بعدد سكانها. 
 
اعتراضات مفخخة
 
ويجري انتخاب النواب لدورة من أربع سنوات، فيما نظام الاقتراع أحادي ويصوت الناخبون وفقه لمرشح واحد. وبلغ عدد المرشحين أكثر من 3240 بينهم نحو 950 امرأة، أي أقل بالنصف من عدد النساء اللواتي ترشحن في انتخابات 2018.اضافة الى 789 مرشحا مستقلا، فيما توزع الباقون ضمن قوائم أحزاب وتحالفات سياسية.
 
زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد اعلن، مبكرا، رفضه لأي تدخل إقليمي أو دولي في الشؤون العراقية، وخاصة في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي فاز فيها التيار الصدري بعدد كبير من المقاعد مقارنة بعدد تلك التي حاز عليها تحالف فتح الممثل للحشد الشعبي المدعوم من إيران.
 
كان على المفوضية العليا المستقلة اعلان نتائج التصويت بعد 24 ساعة من اغلاق صناديق الاقتراع، لكنها اعلنت عن النتائج بعد اسبوع من الموعد المحدد، وحال الاعلان عن النتائج الاولية، ثارت ثائرة الاحزاب التي خسرت عدد كبير من مقاعدها، وصدمت بهذه النتائج، وقدمت اعتراضاتها المدججة بالتهديدات، وطالبت بالفرز والعد اليدوي، وبالفعل باشرت المفوضية بعمليات العد والفرز اليدوي، وقد انتهت من هذه العمليات في 26 تشرين الثاني 2021، حيثأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق انتهاء جميع عمليات إعادة العد والفرز اليدوي، التي كان آخرها في محافظة نينوى، بناء على قرار الهيئة القضائية للانتخابات، وبحضور ممثلي المرشحين الطاعنين والمراقبين الدوليين والإعلاميين المخولين.
 
وكانت نتيجة العد والفرز اليدوي، متطابقة مع نتائج العد والفرز الإلكتروني بنسبة 100 بالمئة، وفقا لمصادر المفوضية.
 
وحسب بيان اعلامي للمفوضية فإن "المحطات التي خضعت للتحقيق والتدقيق بناء على قرارات الهيئة القضائية للانتخابات بلغ عددها 978، وكانت تابعة لمحافظات بغداد والنجف والمثنى ونينوى وذي قار".
 
وأضاف البيان، ان الاصوات "أحصيت وفرزت مجددا والنتائج كانت متطابقة للفرز الإلكتروني، وأكملت محاضرها وسترفع لمجلس المفوضين الذي سيدون توصياته حولها ويرفقها مع الطعون ويحيلها للهيئة القضائية للنظر فيها نهائيا. على الأرجح سيبت فيها منتصف الأسبوع المقبل، وبذلك تنتهي مرحلة الطعون".
 
وعلى إثر ذلك سترسل الهيئة القضائية للانتخابات قراراتها الباتة النهائية للمفوضية حول مجمل الطعون، التي كان عددها 1436 طعنا، منها 6 طعون موضوعية.
 
نتائج واقعية
 
انهت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات سجالات النتائج النهائية للانتخابات المبكرة التي إجريت في العاشر من تشرين الاول 2010، واعلنت عن النتائج النهائية يوم الثلاثاء، 30 تشرين الثاني، اي بعد 20 يوما من اغلاق صناديق الاقتراع، بما في ذلك معالجة الاعتراضات واجراء عمليات الفرز والعد اليدوي، وتعد هذه الفترة قياسية بالنسبة لكل الانتخابات النيابية التي جرت منذ 2005.
 
وبموجب النتائج النهائية المعلنة، فقد فازت الكتلة الصدرية بـ 73 مقعداً، وتحالف تقدم بـ 37، ودولة القانون بـ 33، والحزب الديمقراطي الكوردستاني بـ 31 مقعداً، بينما حاز تحالف كوردستان على 17 مقعداً، وتحالف الفتح 17، والاحزاب الفائزة بمقعد واحد 16، وتحالف عزم 14 مقعداً، والجيل الجديد 9، وامتداد 9، واشراقة كانون 6، وتصميم 5، وبابليون 4، والعقد الوطني 4، وقوى الدولة الوطنية 4، وحركة حسم للاصلاح 3، وتحالف جماهيرنا هويتنا 3، وجبهة تركمان العراق الموحد 1، بينما كان عدد مقاعد الافراد الفائزين 43 مقعداً.
 
وقال رئيس المفوضية، جليل عدنان، خلال مؤتمر صحافي "هناك تغيير في مقعد واحد" في خمس محافظات، مقارنة بالنتائج الأولية التي أعلنت في الثامن من الشهر الحالي، تشرين الثاني، مشددا على أن المفوضية التزمت بأقصى درجات المهنية، موضحاً أن كافة النتائج النهائية نشرت على موقع المفوضية.
 
و بينت النتائج أن التغيير طال 5 مقاعد نيابية فقط، في محافظات بغداد والبصرة وأربيل وكركوك ونينوى.
 
وعلى ضوء النتائج الجديدة بقي التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، في المرتبة الأولى، حاصداً 73 مقعداً برلمانياً، تلاه تحالف تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان السابق، بـ37، فيما حل تحالف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، في المرتبة الثالثة بـ 33 مقعداً، والحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، بواقع 31، تلاه تحالف كردستان بـ18 مقعداً، في حين أصبح عدد مقاعد تحالف الفتح بزعامة هادي العامري 17 مقعداً فقط، ثم حل بعده تحالف عزم، بزعامة خميس الخنجر بـ14 مقعداً، والجيل الجديد بتسعة مقاعد وحركة امتداد بتسعة مقاعد، ثم إشراقة كانون بستة مقاعد، وتحالف تصميم بخمسة مقاعد، وتحالف العقد الوطني بأربعة.
 
تجدر الإشارة إلى أن مجموع عدد مقاعد المستقلين في البرلمان الجديد بلغ 30 مقعدا، وهي نتيجة جيدة في ظل الاستقطاب الحاصل في البلاد، وسطوة الأحزاب.
 
وكانت الفصائل المنضوية تحت جناح الحشد الشعبي، الممثل في تحالف الفتح، أعلنت أكثر من مرة في السابق تشكيكها بنزاهة الانتخابات، طالبة إلغاءها. ما أدى عدة مرات إلى اشتباكات في العاصمة بغداد، بين القوات الأمنية وأنصار تلك الفصائل الذين تظاهروا لأسابيع أمام المنطقة الخضراء، كما نصبوا خياما للتعبير عن رفضهم لنتائج الانتخابات التي أظهرت إصابتهم بخسارة مدوية وتراجعهم إلى المرتبة الثالثة تحت قبة البرلمان المقبل.
 
حتى إن الأمر وصل في الكثير من الأحيان، بالتهديد بما لا تحمد عقباه، اذ اعتبر زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي أن الانتخابات والاعتراضات والإشكالات ستنقل البلد إلى "الأسوأ".
 
حكومة اغلبية.. أم توافقية
 
المراقبون العراقيون والغربيون يتوقعون دخول العملية السياسية في نفق سيطول الخروج منه لتشكيل الحكومة القادمة والتي قد يعلن عنها بعد اشهر. اذ يصر مقتدى الصدر، زعيم الكتلة الفائزة الاكبر، على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بينما تدفع الاحزاب الاخرى بما فيها الخاسرة نحو تشكيل حكومة توافقية (محاصصة) كما جرى في الانتخابات السابقة.
 
وقد عاد الخلاف يتمحور مُجدّدا حول تفسير مفهوم الكتلة الأكبر في البرلمان التي يحق لها تشكيل الحكومة الجديدة بعد الإعلان عن النتائج الأولية لانتخابات الدورة الخامسة لمجلس النواب العراقي.
 
وأظهرت النتائج الأولية فوزا كبيرا للتيار الصدري بـ73 مقعدا، لتُطرح عدة سيناريوهات بشأن الآلية التي سيُعتمد عليها في تشكيل الحكومة المقبلة.
 
وبعد وقت قصير من إعلان النتائج، وصف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الانتخابات بأنها "يوم النصر على المليشيات"، مؤكدا أن الأوان قد آن لحل المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة، داعيا الشعب للاحتفال بهذا النصر بالكتلة الأكبر.
 
ويتوقع ان يتحالف التيار الصدري مع الحزب الديمقرطي الكوردستاني وتحالفي تقدم وعزم السنيين لتشكيل الكتلة البرلمانية الاكبر التي ستتصدى لتشكيل الحكومة القادمة.
 
ويرى المراقيون ان هناك احتمالية كبيرة لترشيح مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة القادمة، فيما يبرز السياسي الكوردي، هوشيار زيباري، القيادي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني، كمرشح قوي لرئاسة الجمهورية، والحلبوسي لرئاسة مجلس النواب لولاية ثانية.
 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب