رووداو ديجيتال
تحيي مدينة بيت لحم ليل الأحد عيد ميلاد السيد المسيح بحزن وصمت في ظل استمرار الحرب في غزة، حيث كثّفت إسرائيل عملياتها العسكرية في جنوب القطاع مع إقرار رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو بـ"الثمن الباهظ" الذي تتكبده في مواجهة حركة حماس.
وغابت مظاهر العيد في كنيسة المهد حيث تمت الاستعاضة عنها بالصلوات والدعوات لحلول السلام بعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب الأكثر حصدا للأرواح في تاريخ الحروب بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبعد مقتل أكثر من 20 ألف شخص في قطاع غزة وفق أرقام حكومة حماس، أكد الرئيس الأميركي جو بايدن الداعم لإسرائيل أنه حضّ الكيان على بذل جهود إضافية لحماية المدنيين لكن دون أن يطلب منها وقفا لإطلاق النار.
وأكد الجيش عزمه على مواصلة عملياته في جنوب القطاع بحثا عن قياديي حركة (حماس) التي تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" عليها بعد الهجوم الذي شنّته على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الاول الماضي.
وأقر الجيش الإسرائيلي بتكبّد مزيد من الخسائر البشرية، وأعلن الأحد أنّ حصيلة قتلاه في القطاع بلغت 154 عسكريا، إثر مقتل عشرة السبت في واحدة من أفدح الخسائر اليومية التي يتكبّدها منذ بدأ هجومه البرّي في 27 تشرين الأول.
وقال نتانياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته الأحد "ندفع ثمنا باهظا للغاية في الحرب، لكن ليس أمامنا خيار سوى مواصلة القتال"، مضيفا "نحن مستمرون بكل قوتنا، حتى النصر، حتى نحقق جميع أهدافنا: تدمير حماس واستعادة الرهائن وضمان أن غزة لن تشكل أي تهديد مستقبلي لإسرائيل"، مضيفاً: "لنكن واضحين: هذه حرب طويلة وسنقاتل حتى النهاية، حتى يعود المختطفون ويتم القضاء على حماس ونستعيد الأمن في الشمال والجنوب".
يأتي ذلك بينما يستعد المسيحيون في الأراضي الفلسطينية لإحياء عيد الميلاد في غياب مظاهره عن مهد المسيح، مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.
وألغت بلدية بيت لحم الاحتفالات على خلفية الحرب في غزة. وغابت شجرة الميلاد ومظاهر الفرح في المدينة التي كان العيد يجذب إليها الآلاف سنويا.
وقال البابا فرنسيس خلال قداس الميلاد في الفاتيكان "قلبُنا الليلة في بيت لحم، حيث ما زال أمير السلام يرفضه منطق الحرب الخاسر، مع زئير الأسلحة الذي يمنعه حتى اليوم من أن يجد له موضعا في العالم".
من جهته، وصل بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا الى باحة كنيسة المهد واضعا الكوفية الفلسطينية حول عنقه.
وتقدم البطريرك أطفالا من الكشافة الذين استعاضوا عن الآلات الموسيقية الاحتفالية، بلافتات كتب فيها "فلتتوقف الحرب الآن" و"طوبى لصانعي السلام".
وقال البطريرك "قلوبنا مع غزة، الى كل الناس في غزة، لكن على وجه الخصوص الى رعيتنا المسيحية في غزة التي تعاني، لكننا نعرف أننا لسنا الوحيدين الذين نعاني"، مضيفاً: "نحنا هنا لنصلّي ونطلب ليس فقط وقفا لإطلاق النار، وقف إطلاق النار ليس كافيا، علينا أن نوقف هذه الأعمال العدائية وأن نطوي الصفحة لأن العنف لا يولّد إلا العنف".
وغير بعيد من كنيسة المهد، وضعت حاضنة أطفال وفي داخلها الطفل يسوع ممدداً على كوفية بيضاء وحمراء.
وفي غزة، قالت الأخت نبيلة صالح (47 عاما) الموجودة في كنيسة العائلة المقدسة بدير اللاتين بالبلدة القديمة وسط مدينة غزة، لفرانس برس "تم إلغاء كافة الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيدة واقتصارها على الصلوات".
أضافت "كيف نعيد وبلدي مجروح؟ كيف نعيد وبلدي مدمر وأهلي مشردين وإخوتي في الوطن حزانى، وشهداؤنا لم تدفن في الشوارع وآخرين منهم تحت الأنقاض؟".
وتابعت "كيف بنا نعيد وقلوبنا تعتصر حزنا على بيوتنا المدمرة وأطفالنا مشردة؟ كيف نعيّد والكثير منا لم يجد خبز ولا دواء ولا حتى أقل مقومات العيش البسيط؟ كيف بنا نعيد ونحن متعبين ومهمومين وفي آذاننا بدلا من صوت الأجراس صوت الدبابات والقصف؟".
وكانت بطريركية اللاتين أعلنت في وقت سابق هذا الشهر، أن امرأة وابنتها من المسيحيين قتلتا برصاص إسرائيلي في باحة كنيسة العائلة المقدسة.
وأعلن قصر الإليزيه الأحد أن الرئيس إيمانويل ماكرون أعرب في مكالمة مع بيتسابالا السبت عن "قلقه العميق" إزاء "الوضع المأسوي" للمسيحيين في غزة حيث قُتلت المرأتان "بطريقة جائرة" في 16 من هذا الشهر.
وكغيره من المسيحيين، يمضي الفلسطيني فادي صايغ (20 عاما) عيد الميلاد هذا العام في مدينة خان يونس عوضا عن زيارة الأراضي المقدسة.
وقال "في هذه الأوقات من كل عام نكون في القدس، بيت لحم ورام الله نحتفل مع عائلاتنا وأقاربنا"، مضيفا "كان يجب أن نكون نصلي الآن ونزور الأماكن المقدسة لكننا تحت القصف والحرب، لا يوجد فرحة للعيد، لا شجرة ميلاد، لا زينة، لا عشاء عائلي ولا احتفالات".
وتابع "أصلي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت".
ولا تجد هذه الدعوات آذانا صاغية، إذ يتواصل القصف بلا هوادة على قطاع غزة، وهو طال الأحد جباليا ومدينة غزة بشمال القطاع، وكذلك خان يونس.
وبلغت حصيلة القتلى جراء القصف والعمليات الإسرائيلية 20424 معظمهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس التي أعلنت مقتل 166 شخصا في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وكان هجوم حماس أودى بنحو 1140 شخصا في إسرائيل. كما خُطف خلال الهجوم 250 شخصا لا يزال 129 منهم محتجزين في قطاع غزة، وفق سلطات الكيان الإسرائيلي.
ونزح 1,9 مليون من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2,4 مليون، بحسب الأمم المتحدة.
وإلى جانب الدمار الهائل الذي سوّى عددا ضخما من الأبنية والأحياء السكنية بالأرض، فإن الأوضاع الإنسانية كارثية في قطاع غزة حيث باتت غالبية المستشفيات خارج الخدمة، فيما تتخوّف الأمم المتحدة من مجاعة تهدّد مجمل السكان.
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي لحماس دول العالم "بالضغط على الاحتلال من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية التي مازال يرتكبها بحق المدنيين والأطفال والنساء في قطاع غزة".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً