رووداو دیجیتال
من أصل حدود العراق مع الدول المجاورة البالغ طولها 3689 كم، هناك مشاكل على 2694 كم من هذه الحدود، فهناك مشاكل على الحدود المائية مع الكويت وأخرى على الحدود البرية مع إيران وسوريا وعلى الحدود الجوية مع تركيا.
يأتي هذا بينما ألغت المحكمة العليا الاتحادية العراقية اتفاقية حدودية أبرمها العراق قبل عشر سنوات، والقسم الأكبر من مشاكل حدود العراق مع تركيا وإيران يطال إقليم كوردستان، ما تسبب في العقود الأربعة الأخيرات في إخلاء أكثر من 250 من قراه الحدودية.
للعراق 3631 كم من الحدود البرية مع ست دول، و58 كم من الحدود المائية مع إيران والكويت، أي ما مجموعه 3689 كم من الحدود، لكن لديه مشاكل في 2694 كم من حدوده أقلها مع الكويت وأكثرها مع إيران، ما يعني وجود مشاكل حدودية في أكثر من ثلثي حدوده.
الكويت.. مياه أشعلتها نيران الصراع
من المسائل التي تشهد نقاشاً محتدما مشكلة الحدود المائية مع الكويت، وذلك بعد أن نشرت المحكمة العليا الاتحادية العراقية في (14 أيلول 2023) توضيحاً على قرار بعدم دستورية الاتفاق بين العراق والكويت حول حركة الملاحة في خور عبد الله الذي يمثل الحدود المائية بين البلدين في الخليج.
حيث أعلنت المحكمة الاتحادية أن رفض القانون في 4 أيلول جاء على أساس الفقرة رابعاً من المادة 61 من الدستور، وتقول هذه الفقرة إن المصادقة على الاتفاقيات الدولية بحاجة إلى أصوات ثلثي عدد أعضاء البرلمان، وتضيف المحكمة أن الدستور لا يجوز تعطيله من أجل قانون محلي يتعارض معه.
وحسب المحكمة الاتحادية، فإن الاتفاقية التي صادق عليها مجلس النواب العراقي في العام 2013، عندما كان نوري المالكي رئيساً للوزراء، باطلة دستورياً.
ولم يكن هذا الإبطال بالأمر اليسير، حيث أنه أعاد إلى السطح مشكلة حدودية قديمة بين العراق والكويت التي كان لها رد فعلها الفوري عليه.
فبعد قرار المحكمة الاتحادية، صدرت ضده ثلاثة بيانات من وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي، والتي وجهت إلى العراق رسالة مفادها أن عليه الالتزام بالاتفاقية المذكورة.
إيران.. أمن الحدود لقاء المواد المخدرة
في (19 أيلول 2023) انتهت المهلة المحدد لتنفيذ الاتفاقية الأمنية المبرمة في 19 آذار بين إيران والعراق، وكان أهم نقاطها القضاء على التهديدات الحدودية لإيران وإبعاد القوى المعارضة لها (المقصود بها قوى وأحزاب شرق كوردستان المتواجدة في إقليم كوردستان) عن حدودها، وفي المقابل تمنع إيران بموجب الاتفاقية تهريب المواد المخدرة والأيدي العاملة الأجنبية إلى العراق عبر حدودها.
طول الحدود بين العراق وإيران هو 1458 كم وهي أطول حدود برية للعراق مع دولة مجاورة وتعادل تقريباً ثلث طول الحدود العراقية، وتمتد من البصرة إلى إقليم كوردستان، والمسافة الأكبر من هذه الحدود هي تحت سيطرة الحكومة الاتحادية العراقية، والسيطرة الكاملة على هذه المسافة صعبة للغاية وخاصة عندما يتعلق الأمر بتهريب العمال والمواد المخدرة المشكلتان الكبريان اللتان يعاني منهما العراق على حدوده مع إيران.
مشكلة الحدود بين العراق وإيران ليست جديدة، فقد تم في العام 1937 التوقيع على المعاهدة الأولى بين العراق وإيران لترسيم الحدود لتستمر المشكلة وخاصة فيما يخص حدود شط العرب.
في العام 1975، وفي إطار اتفاقية الجزائر بين الجانبين كانت واحدة من الفقرات والأهداف تتمثل في حل المشاكل الحدودية وتم التنازل عن نصف شط العرب لإيران.
المشكلة نفسها كانت السبب أو على الأقل واحداً من الأعذار لإشعال فتيل حرب الثماني سنوات بين الدولتين والتي استمرت من مطلع ثمانينيات القرن الماضي إلى آب 1988.
تركيا.. مشكلة حدودية من الجو
في (18 أيلول 2023) تعرض مطار عربت في محافظة السليمانية إلى عملية قصف، وفي اليوم التالي تم توجيه أصابع الاتهام إلى تركيا واجتياحها للحدود عندما قال المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية، اللواء يحيى رسول، إن المسيرة التي قصفت مطار عربت الزراعي دخلت الأجواء العراقية قادمة من تركيا.
في نفس اليوم، اتهم رئيس جمهورية العراق عبداللطيف رشيد بصورة غير مباشرة تركيا بالمسؤولية عن قصف مطار عربت عندما قال: "أوضحنا لتركيا مراراً بأن العراق مستعد للجلوس مع الجهات الأمنية ذات العلاقة لسد الفراغ الذي تعتقد تركيا أنه يستخدم لتسلل العناصر التي تريد إلحاق الضرر بأمنها، لكنهم لم يقدموا أي رد حقيقي".
غالبية مشاكل العراق مع تركيا تكمن في خرق الحدود الجوية لقصف مواقع PKK إلى جانب الحدود البرية بين البلدين والبالغ طولها في إقليم كوردستان 331 كم.
إقليم كوردستان ينال حصة الأسد
يبدو أن الاتفاقيات والتفاهمات بين العراق وإيران من جهة وبين إيران وتركيا من جهة أخرى، لا يلتفت إليها كثيراً، وأن واقع وجود قوات عسكرية هو الذي يقرر مصير المسألة أكثر مما تفعل تلك الاتفاقيات.
مدير مكتب حقوق الإنسان في منظمة (سي بي تي) الأميركية، كامران عثمان، أشار أثناء مشاركته في بودكاست رووداو إلى أن الحدود بين العراق وإيران وتركيا لا تقوم على اتفاقيات دولية والاتفاقيات المبرمة بين هذه الدول جرى تطبيقها لفترة، مضيفاً: "تنفذ تلك الاتفاقيات عند وجود توازن بين القوى الموجودة في هذه المناطق والعراق يعاني الضعف منذ 2003".
نيران بقاء هذه المشاكل الحدودية للعراق مع تركيا وإيران، تصيب إقليم كوردستان الذي يحادد الدولتين المذكورتين.
وكشف كامران عثمان النقاب عن أن العمليات العسكرية التركية على الحدود أسفرت منذ العام 1983 عن إخلاء 158 قرية بالكامل مع وجود 600 قرية مهددة بالإخلاء، وعمليات جمهورية إيران الإسلامية تسببت في إخلاء نحو 100 قرية في إقليم كوردستان.
سوريا.. اختراق الحدود مع حمولات كبتاغون
الحدود السورية تمثل مشكلة أخرى للعراق تحمل في ثناياها مشكلة أكثر تعقيداً، فطول هذه الحدود يبلغ 605 كم، ويعاني العراق مشكلتين شائكتين وخطيرتين مع الحدود السورية، كل واحدة أشد خطراً من أختها، وهما تسلل بقايا تنظيم داعش وتهريب مادة كابتاغون المخدرة.
وتعمل وزارتا الدفاع والداخلية العراقيتان علىضبط هذه الحدود، لكنهما لم تتمكنا بعد من ضبطها بالكامل رغم اتخاذ إجراءات من قبيل نصب أبراج المراقبة والمصدات الكونكريتية والأسلاك وحرس الحدود.
وقد قرر مجلس الوزراء العراقي في جلسته يوم 17 أيلول تخصيص 15140400000 دينار من ميزانية الطوارئ لنصب مصدات كونكريتية على الحدود بين العراق وسوريا.
يتم إنتاج الكابتاغون في سوريا ليعاني منه العراق ودول المنطقة، وتتم يومياً مصادرة كميات متفاوتة من هذه المادة (من 250 حبة إلى الملايين منها) يتم تهريبها إلى العراق ليوزع قسم منها داخل العراق ويتم تهريب الباقي إلى دول الخليج.
وتقترب العائدات السنوية لتجارة هذه المادة المخدرة في سوريا نحو أربعة مليارات دولار.
ثمة مشكلة أخرى يعانيها العراق من حدوده مع سوريا، حيث أن الحكومة السورية لا تسيطر على الجزء الأكبر من حدودها مع العراق، فيجري الاتفاق رسمياً على تأمين الحدود بين البلدين، فمنفذ البوكمال هو الوحيد الذي تسيطر عليه الحكومة التركية وبقية الحدود تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية وتسيطر القوات الأمريكية على جزء آخر منها.
كيف وأين تسجل الشكاوى؟
الخبير في القانون الدولي، يادكار كمال، قال لدى مشاركته في بودكاست رووداو العراق، إنه قبل رفع شكوى يجب اتباع كل السبل الأخرى من حوار واتفاقيات حول الحدود المشتركة بين دولتين وأن تصل تلك الخطوات إلى طريق مسدود، عندها ترفع الشكوى على أساس وجود اتفاقيات ومعاهدات بين الدولتين.
وأضاف د. يادكار كمال: "يجب تسجيل الدعوى في محكمة تحكيم دولية أو محكمة العدل الدولية، ومن حيث الإجراءات فإن البت في مثل هذه الدعاوى أسهل من غيرها، من قبيل الدعوى التي رفعها العراق لدى محكمة التحكيم في باريس ضد تصدير نفط إقليم كوردستان".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً