رووداو ديجيتال
يحذّر المسؤولون عن مصادر المياه في إقليم كوردستان من انخفاض مستوى المياه الجوفية وخطر الجفاف، حيث يقول المسؤولون في رابرين وكرميان إن وضع المياه في كلتا المنطقتين مقلق، وفي دهوك، انخفض مستوى المياه الجوفية إلى 33 متراً.
سرهد شيخة، مدير إحصاءات موارد المياه في الإدارة المستقلة لرابرين، أعلن لشبكة روداو الإعلامية أنه "إذا لم تكن لدينا خطة لتجميع المياه السطحية، فسيستمر مستوى المياه الجوفية في الانخفاض".
بالإضافة إلى قلة هطول الأمطار، فإن واحداً من أسباب انخفاض مستوى المياه الجوفية هو الآبار غير القانونية، وفقاً لمعلومات رووداو، فقد زاد حفر الآبار غير القانونية بنسبة 110% بشكل عام.
5 آلاف بئر غير قانوني
وأوضح سرهد شيخة: "كان هناك سابقاً حوالي خمسة آلاف بئر غير قانوني في منطقة رابرين، لكن بجهود مديريتنا في عام 2024 انخفض عددهم إلى حد ما."
بحسب مدير إحصاءات موارد المياه في رابرين، تم القبض على أكثر من 26 جهازاً غير قانوني لحفر الآبار في العام الماضي فقط، "بعضها تجاوز الإجراءات القانونية، والبعض الآخر لايزال مصيره غير محسوم".
ولفت سرهد شيخة الى أنه وفقاً للقوانين النافذة في إقليم كوردستان، هناك إجراءات متنوعة لمواجهة من يحفرون آباراً غير قانونية، "لكن أبرزها هو مصادرة أجهزة الحفر، وكذلك هناك غرامات وعقوبات السجن".
غالبية المياه تذهب لوسط وجنوب العراق
بخصوص برامجهم ومشاريعهم لمواجهة شح المياه، أضاف مدير إحصاء موارد مياه رابرين: "لدينا خطة لإنشاء عدة سدود صغيرة واتخاذ إجراءات علمية لاستخدام المياه السطحية للري والشرب؛ للأسف، في كوردستان تم استخدام أقل المياه السطحية وتذهب بشكل أكبر إلى وسط وجنوب العراق."
في نطاق إدارة رابرين المستقلة، هناك خطة لإنشاء مجموعة من السدود، بما في ذلك سد دلكة على نهر الصغير في قضاء بشدر، حيث تم إصدار قرار لبناء السد، لكن لم يتم البدء بتنفيذه بعد.
وفقاً لإحصائية وصلت شبكة رووداو الاعلامية، لا تتم الاستفادة من 63.83% من المياه السطحية سنوياً في إقليم كوردستان.
وبيّن سرهد شيخة أنه "كان من المقرر تخصيص تكلفة بناء سد دلكة في إطار الميزانية العامة للعراق للأعوام 2023-2024-2025 والبدء بأعماله، لكن للأسف لم يتم العمل عليه بجدية حتى الآن."
يمتلك السد قدرة تخزين 120 مليون متر مكعب من المياه، كما قال مدير إحصاء موارد مياه رابرين: "حتى الآن لم يتم العمل عليه بشكل كافٍ، والحكومة العراقية أيضاً كانت مقصرة في هذا الصدد".
وأردف: "هذا في الوقت الذي إذا أخذت مشكلة شح المياه في كوردستان، فإنها ليست مؤثرة علينا فقط، بل ستؤثر عليهم أيضاً".
الاستفادة من 17 مليار متر مكعب من أصل 47
وفقاً لإحصائية قدمها رئيس منظمة المياه في إقليم كوردستان لشبكة رووداو الاعلامية، يتدفق 47 مليار متر مكعب من المياه سنوياً إلى إقليم كوردستان، لكن يتم الاستفادة من 17 مليار متر مكعب فقط.
أشار سرهد شيخة أيضاً إلى أنه بالإضافة إلى سد دلكة، لديهم مشاريع وخطط لإنشاء العديد من السدود الصغيرة التي "إذا دخلت حيز التنفيذ، يمكننا حل جزء من مشاكل شح المياه في المنطقة."
وشدد مدير إحصاء موارد مياه رابرين على أنه إذا لم يتم تجميع المياه السطحية، فبالتأكيد سينخفض مستوى المياه الجوفية أكثر مما هو عليه الآن، خاصة في المواسم ذات الهطول المطري القليل.
منذ عام 2017، أنشأت إيران سد كوليسه في مدينة سردشت في كوردستان ايران، وتقوم من حين لآخر بالسيطرة على مصدر المياه، مما قلل من نسبة المياه في اقليم كوردستان وكان له تأثير على مستوى مياه سد دوكان أيضاً.
خطر الجفاف في كرميان
يقول المتحدث باسم مديرية مياه كرميان سالار عزيز إن مستوى المياه الجوفية انخفض بسبب قلة هطول الأمطار وهناك خطر الجفاف، مضيفاً: "إذا لم تسقط الأمطار، سيتعرض مزارعو المنطقة هذا العام لأضرار كبيرة."
انخفض مستوى المياه الجوفية في معظم مناطق إقليم كوردستان بسبب قلة هطول الأمطار.
سالار عزيز، أوضح لشبكة رووداو الاعلامية: "الآن في كرميان، هناك احتمال حدوث جفاف مرة أخرى."
وبيّن أن الخطر لايزال محتملاً حتى الآن، "أي أن وضع المياه أفضل إلى حد ما، لكن إذا استمر نقص هطول الأمطار بهذا الشكل، فإن خطر الجفاف سيحيط بمنطقتنا."
كرميان أكثر سخونة مقارنة بالمناطق الأخرى في إقليم كوردستان وفي حال عدم سقوط الأمطار، سينخفض مستوى المياه الجوفية بنسبة أعلى.
مستوى المياه الجوفية في كرميان متوسط
وأشار المتحدث باسم مياه كرميان إلى أن "لدينا خطة سنوية لمواجهة نقص المياه، والآن لجأنا إلى نهر سيروان الذي يمر بجانب قضاء كلار ومديرية مياه منطقة كرميان".
بحسب سلار عزيز، فإن مستوى المياه الجوفية في كرميان متوسط حالياً، "في السنوات الماضية كنا نعاني من انخفاض مياه الشرب، وكانت القرى في منطقة كرميان تواجه مشاكل، لكننا رغم جفاف الآبار، تمكنا من إيصال المياه إلى القرى عبر الصهاريج لمنع تركها خالية."
يضطر بعض المزارعين بسبب قلة المياه إلى حفر الآبار للأعمال الزراعية، كما يقول سالار عزيز إن "المزارعين في كرميان يشعرون بنوع من اليأس، لقد زرعوا ولم تسقط الأمطار، وأصحاب الأراضي يقولون إذا لم تسقط الأمطار في المنطقة، سيتعرضون لخسائر كبيرة."
في السنوات الماضية، أنشأت وزارة الزراعة عدداً من السدود الصغيرة (برك) في إقليم كوردستان، وخاصة في منطقة كرميان، حيث يصل العدد الإجمالي حالياً إلى أكثر من 100 سد.
أشار سلار عزيز إلى "استخدام السدود الصغيرة لتوفير مياه الشرب والزراعة، لكن مياه السدود بسبب الجفاف وقلة هطول الأمطار لم تكن في المستوى المتوقع للإدارة منذ عدة سنوات."
ولفت الناطق باسم إدارة المياه في كرميان الى أن مستوى المياه في السدود الصغيرة حتى الآن لم يرتفع بما يكفي، لاستخدامها في توفير مياه الشرب والزراعة.
أدى تغير المناخ إلى انخفاض هطول الأمطار في إقليم كوردستان، حيث لم تصل حتى الآن عملية تجميع مياه الأمطار في السدود إلى المستوى المطلوب.
سد بستورا على وشك الجفاف
أحد السدود في إقليم كوردستان الذي يظهر عليه تأثير قلة هطول الأمطار هو سد بستورا في شمال محافظة أربيل، والذي رغم قدرته على تخزين 20 مليون متر مكعب من المياه، يوجد به حالياً كمية قليلة من المياه وهو على وشك الجفاف.
57% من مياه اقليم كوردستان في محافظة دهوك، لكن فقط 10% منها يتم الاستفادة منها.
حفر بئر بتكلفة 25 ألف دولار
مزارع في منطقة ناڤكۆر بدهوك، وبسبب عدم وجود مشروع ري مهم، يحفر بئراً بتكلفة 25 ألف دولار لـ 62 دونماً من الأرض، ورغم هذه التكلفة الكبيرة، لايزال غير متأكد من ظهور المياه من عدمه.
صادق عبد الرحمن، مالك الأرض، قال لشبكة رووداو الاعلامية إنه "في السابق في منطقتنا سهل ناڤكۆر، كانت الآبار تُعد على أصابع اليد لقلتها، أما الآن فهي كثيرة بالفعل".
وأضاف أنه "لدينا بديل وهو سد إسماوا، لو تم إنشاؤه لقلت الآبار، ولم أكن كمزارع مضطراً لدفع 25 ألف دولار لحفر البئر".
انخفاض مستوى المياه الجوفية
خلال العقد الماضي، تضاعفت معدلات حفر الآبار في محافظة دهوك مرتين، وتم حفر أكثر من ألف بئر في سهل نافكور وحده.
تتراوح تكلفة كل بئر بين 15 ألف إلى 40 ألف دولار، وأدى العدد الكبير من الآبار إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية في بعض المناطق بمقدار 33 متراً.
قال عبد المجيد عبد الله، مدير المياه الجوفية في دهوك لشبكة رووداو الاعلامية إنه "في عام 2013، كان هناك حوالي 2.468 بئراً مائياً. في عام 2024، ارتفع العدد إلى 4.508 آبار".
وأوضح أنه "وبسبب زيادة الطلب على الآبار والجفاف، انخفض مستوى المياه الجوفية في منطقة زاوا بمقدار 33 متراً وفي حوض أكري بمقدار 16 متراً."
وفقاً لبيانات المديرية العامة للزراعة في دهوك، 55% من مياه السطح في إقليم كوردستان تقع في محافظة دهوك، لكن فقط 10% من المياه يتم الاستفادة منها.
بدوره، قال مصلح حسن صالح، نائب المدير العام للزراعة في دهوك، لشبكة رووداو الاعلامية إنه "وبسبب التغيرات المناخية السنوية، نحتاج إلى ري تكميلي، لذا يجب إنشاء مشاريع ستراتيجية، خاصة في المناطق التي تعتمد على مياه الأمطار."
أحد هذه المشاريع الستراتيجية للري أنشئ حول سد دهوك في أوائل الثمانينيات، وكانت آلاف الدونمات من الطماطم تروى بالمشروع، وكانت 6 شاحنات من الطماطم تصدر يومياً من دهوك إلى دول الخليج. بينما الآن، دُمر المشروع وبنيت منازل وطرق في موقعه.
الاعتماد على المياه السطحية بدل الجوفية
من جانبه، قال الأكاديمي صلاح سندوري، بخصوص نقص المياه إنه "لا يجب الاعتماد على المياه الجوفية، بل يجب الاعتماد على المياه السطحية ويجب أن يكون لديك محطة تنقية خاصة. على سبيل المثال، إذا كان المشروع المنشأ على نهر دجلة للمياه يخدم سهل سليفان وقرن دهوك، فسيكون مثالاً للمنطقة بأكملها. ولو أكتمل هذا المشروع، لوفر 50% من مياه الشرب في دهوك."
وفقاً لمنظمة مياه كوردستان، يمر سنوياً 47 مليار متر مكعب من المياه في إقليم كوردستان، ومن هذه الكمية يتم الاستفادة من 17 مليار فقط، بينما تضيع 30 ملياراً من المياه.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً