صلاح الدين دميرتاش.. قصةُ سياسيٍّ اتخذ من "مجزرة حلبجة" منطلقاً لعمله النضالي

23-06-2018
رووداو
الكلمات الدالة صلاح الدين دميرتاش مرشح الرئاسة التركية مجزرة حلبجة
A+ A-

رووداو – دياربكر

بدأت قصة مرشح الرئاسة التركية، صلاح الدين دميرتاش، من مسقط رأس المناضل الكوردي "شيخ سعيد"،  في منطقة "بالو" التابعة لمدينة "العزيز".

أطلق جده اسم صلاح الدين عليه، تيمناً بالقائد الكوردي، الناصر صلاح الدين الأيوبي، إلا أنه لم يكن يعي شيئاً عن كورديته خلال مرحلة الصبا، وبحسب دميرتاش، فإن الإبادة الجماعية في حلبجة، واغتيال رئيس فرع دياربكر "آمد" لحزب الكادحين الشعبي، وداد آيدن، وغيرها من العوامل، حركت في نفسه انتماءه الكوردي، ويعتبر دميرتاش أول مرشح رئاسي داخل السجن في تاريخ تركيا.

في قرية "هاتك" بمنطقة "بالو" التابعة لمدينة "العزيز"، التي تتوسط سلسلةً جبلية، وُلد طفلٌ تتوجه أنظار الكورد، الأتراك، والعديد من دول العالم نحوه اليوم، وهو صلاح الدين دميرتاش، الذي أطلق عليه جده هذا الاسم تيمناً بالقائد الكوردي، الناصر صلاح الدين الأيوبي.

وفي هذا السياق قال فكري دميرتاش، وهو عمُّ صلاح الدين، لشبكة رووداو الإعلامية: "حتى عندما كان صلاح الدين طفلاً، كنتُ أرى فيه هذه الخصال، لم يكن يلعب في الشوارع كباقي أقرانه الأطفال أبداً، لقد كان طفلاً فضولياً مختلفاً عن البقية ويقرأ كثيراً، وعندما كان شقيقه نورالدين، طالباً جامعياً في مدينة (موغلا)، اعتُقل وسُجن لـ12 عاماً، وحين كان صلاح الدين يذهب لزيارة شقيقه في السجن، كان يتعرض للإهانة والاعتداء من قبل القائمين على السجن، ومنذ ذلك الحين قرر أن يصبح محامياً".

وبعد أن انتقلت عائلته إلى مدينة دياربكر "آمد"، ترعرع دميرتاش في حيِّ "شهيتلك"، وبدأ بالعمل في محل تمديدات المياه العائد لوالده، طاهر دميرتاش، حيث كان يمضي نصف اليوم مع والده في المحل، والنصف الآخر في المدرسة، فامتزجت فيه ثقافتا العمل والتعلم.

من جهته قال سيف الدين جاغلايان، وهو صديق دميرتاش منذ أيام الطفولة، لرووداو: "أعمل في مهنة الحلاقة منذ 25 عاماً، أنا ودميرتاش من نفس المواليد، وكنا أصدقاء، وقد كان يعمل مع والده في محلٍ لتمديدات المياه، كان طفلاً حينها، وهو من أنجز تمديدات المياه في صالون الحلاقة الذي أعمل فيه، كما كان يحب كرة القدم كثيراً، وكان يشجع فريق (غلاتة سراي)، وكنا نلعب كرة القدم معاً مرتين أسبوعياً على الأقل، كما كنا نذهب إلى بحيرة (هزار)، ولم يكن يسمح لأحد بأن يدفع شيئاً، وكان هو من يدفع أجرة الذهاب والإياب، وكذلك ثمن الطعام والشراب، لقد كان شخصاً رائعاً".

درس صلاح الدين دميرتاش، مراحل الابتدائية، الإعدادية، والثانوية، في مدينة دياربكر "آمد"، ومن ثم حصل على إجازةٍ في الحقوق من جامعة أنقرة، وكان بعيداً عن العمل السياسي خلال مرحلة الصبا.

ويقول دميرتاش، إن الإبادة الجماعية في حلبجة، واغتيال رئيس فرع دياربكر "آمد" لحزب الكادحين الشعبي، وداد آيدن، وغيرها من العوامل، حركت في نفسه انتماءه الكوردي، وبعد أن أصبح دميرتاش محامياً، تولى مهمة رئيس جمعية حقوق الإنسان بمدينة دياربكر "آمد" عام 2006.

أما رفيقه في النضال، محرم أربي، فقال لرووداو: "عملنا معاً ليلاً ونهاراً طيلة 4 أعوام، لقد كان شخصاً ذكياً، وكان يعمل دون كلل، ولم يكن يتذمر أبداً، كما كان ينصت للغير، ولم يكن يفرض رأيه أبداً بوصفه رئيساً لجمعية حقوق الإنسان".

في عام 2007 أصبح دميرتاش برلمانياً مستقلاً عن دياربكر "آمد" للمرة الأولى، وفي 2010 أصبح الرئيس المشترك لحزب الأقاليم الديمقراطية، ليلمع نجم دميرتاش بعد ذلك، ويصبح مرشح الرئاسة التركية عام 2014، ويحقق نسبة 9.76% من الأصوات، وفي نفس العام أصبح الرئيس المشترك العام لحزب الأقاليم الديمقراطية، وفي الرابع من شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2016 اعتُقل في مدينة دياربكر "آمد"، وهو موجود في سجن "أدرنة" حالياً.

يمضي دميرتاش غالبية وقته داخل السجن في القراءة والكتابة، وقد ألَّف من داخل سجنه مجموعةً قصصيةً بعنوان "سهر"، والذي طُبع باللغة الكوردية، باللهجتين الكورمانجية والسوريانية.

وفي هذا الإطار يقول ريدور دجلة، وهو الذي ترجم كتاب دميرتاش إلى اللغة الكوردية "اللهجة الكورمانجية"، لرووداو، إن "السجن لم يمنع دميرتاش من الاستمرار في عمله، ورغم قلة الفرص المتوفرة داخل السجن، إلا أنه لا يزال شخصيةً سياسيةً مهمةً في تركيا".

ويتحدث رفيق دميرتاش داخل السجن، وحيد كوزل، لرووداو قائلاً: "لقد فصلونا عن بعضنا البعض، وكنا نلتقي خلال التوجه إلى غرفة الفحص الطبي أو إلى المستشفى، وكنا نتبادل الحديث لوقت قصير، إلا أن القائمين على السجن كانوا يمنعوننا من التحدث إلى بعضنا البعض، وكانوا يقولون لنا: لماذا تتحدثون وتلقون التحية على بعضكم؟".

يشار إلى أن صلاح الدين دميرتاش هو المرشح الكوردي الوحيد في الانتخابات الرئاسية التركية التي تنطلق يوم غدٍ الأحد، كما يعتبر دميرتاش أول مرشح رئاسي داخل السجن في تاريخ تركيا.

ترجمة وتحرير: أوميد عبدالكريم إبراهيم

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب