رووداو ديجيتال
بعشرة صواريخ بالستية، شنت ايران هجوماً على أربيل عاصمة اقليم كوردستان، في الساعة 11:30 من مساء أمس الاثنين (15 كانون الثاني 2024)، موقعة خسائر بشرية بلغت 3 قتلى، وهم رجل الأعمال الكوردي (بيشرو دزيي) وزميله التاجر المسيحي الاماراتي (كرم ميخائيل)، فضلاً عن (ژینە) ابنة بيشرو دزيي التي كان من المنتظر أن تبلغ من العمر سنة واحدة يوم الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني الجاري، اضافة الى اصابة 17 شخصاً آخرين، بينهم عاملان فلبينيان.
كرم ميخائيل، مواطن مسيحي من عائلة تنحدر من سهل نينوى، ولد في بريطانيا عام 1981 ودرس فيها، وهو متزوج وكان يقيم في دولة الإمارات. ميخائيل هو وكيل شركتي سامسونغ وسوني في العراق، وصاحب شركة الريان العراقية لاستيراد الاجهزة الكهربائية، عمل مقاولاً في مشروع البوليفارد لمدة سنتين، لكنه لقي حتفه بالقصف الايراني أثناء تواجده كضيف في منزل بيشرو دزيي في أربيل.
القصف الصاروخي الايراني، أسفر عن خسائر مادية جسيمة، حيث انهار منزل التاجر الكوردي بيشرو دزيي بعد تعرضه الى قصف بخمسة صواريخ بالستية، وانتشلت فرق الانقاذ جثة ابنته من تحت الركام، فيما أصيبت في المنزل المذكور هانا جوتيار (زوجة بيشرو دزيي)، وابنتاهما روان بيشرو دزيي، ورۆژ بيشرو دزيي، فضلاً عن اصابة عاملين يحملان الجنسية الفلبينية، وهما (آلین) و(مایکي).
ايران تتبنى قصف أربيل وسوريا
تبني ايران للقصف الصاروخي على أربيل لم يتأخر، حيث أعلن الحرس الثوري عبر عدة بيانات قصيرة عما وصفه "تدمير أماكن تجمع القادة والعناصر الرئيسية المرتبطة بالجرائم الإرهابية الأخيرة في مدينتي كرمان وراسك (جنوب شرق ايران)، في سوريا، فضلاً عن مقر تجسس للكيان الصهيوني في إقليم كوردستان العراق، بالصواريخ الباليستية"، حسب قوله.
وكان الحرس الثوري قد اعلن في بيانه الاول عن "تدمير مقرات تجسس وتجمع الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران في أجزاء من المنطقة بالصواريخ الباليستية"، في اشارة الى المعارضة الايرانية.
وجاء في البيان الصادر: "نعلن للشعب الايراني الابي والبطل انه بالتوكل على الله عز وجل وبركات ولي العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، رداً على الجرائم الإرهابية الأخيرة التي ارتكبها أعداء إيران الإسلامية، فقد تم استهداف وتدمير مقرات التجسس والتجمع للمجموعات الإرهابية المناهضة لإيران في أجزاء من المنطقة منتصف الليلة بالصواريخ الباليستية للحرس الثوري".
وفي البيان الثاني الصادر عن الحرس الثوري جاء أنه "رداً على جريمتي كرمان وراسك اللتين استهدفتا الشعب الايراني قام الحرس الثوري بتحديد اماكن تجمع القادة والعناصر الرئيسية للارهابيين الضالعين في العمليتين الارهابيتين الاخيرتين، وخاصة تنظيم داعش، في الاراضي المحتلة في سوريا ومن ثم تم تدميرها باطلاق عدة صواريخ باليستية".
بيان الحرس الثوري الايراني، أضاف أن "الحرس الثوري يطمئن الشعب الايراني العظيم أنه سيجد الجماعات الإرهابية المناوئة للشعب الايراني أينما كانت وسوف يعاقبها على أفعالها المشينة"، اما البيان الثالث الذي اصدره الحرس الثوري لاحقاً، أوضح فيه أن "مقراً لجهاز الموساد الصهيوني تم تدميره بالصواريخ الباليستية في اقليم كوردستان العراق"، وفق مزاعمه.
وجاء في البيان: "رداً على الاعمال الشريرة الاخيرة للكيان الصهيوني والتي ادت الى استشهاد قادة من الحرس الثوري ومحور المقاومة، فقد تم استهداف وتدمير احد المقرات الرئيسية للموساد الصهيوني في اقليم كوردستان العراق، وذلك بعد اشراف وسيطرة استخبارية دقيقة على مقرات وتحركات الكيان الصهيوني بالمنطقة"، لافتاً الى أن "هذا المقر كان مركزاً لتوسيع العمليات التجسسية والتخطيط للعمليات الارهابية بالمنطقة وداخل ايران على وجه الخصوص. اننا نطمئن شعبنا العزيز بأن العمليات الهجومية للحرس الثوري ستتواصل حتى الثأر لآخر قطرة من دماء الشهداء"، حسب قوله.
رصد عدد من أهالي محافظة البصرة، انطلاق الصواريخ من الاراضي الايرانية صوب الاراضي العراقية، كما أظهرت مقاطع فيديو صوّرها عدد من أهالي محافظة أربيل، لحظة وقوع الانفجارات في اربيل، فيما دوت صفارات الإنذار في القنصلية الأميركية قرب مطار اربيل الدولي، منبهة بوقوع الانفجارات.
القبض على ايراني مشتبه بالتجسس قرب منزل بيشرو دزيي
في الأثناء، ألقي القبض على رجل من أصل إيراني للاشتباه في قيامه بالتجسس في مقبرة بالقرب من منزل بيشرو دزيي، الذي راح ضحية قصف من قبل الحرس الثوري الايراني.
وقال مراسل شبكة رووداو الاعلامية رنجة جمال، إن القرويين اعتقلوا رجلاً كان متواجداً في مقبرة في منطقة ملا عمر، بالقرب من منزل رجل الأعمال الكوردي بيشرو دزيي، عندما تحدثوا معه عما كان يفعله في الساعة 11:30 مساء ادعى أنه كان يبحث عن عمل، فقام الأهالي بتسليمه إلى القوات الأمنية.
وأضاف مراسل شبكة رووداو الاعلامية أن الرجل، وهو مواطن إيراني، كان بحيازته هاتفان محمولان، ويتحدث عبر الواتساب، كما كان يحمل عدة بطاقات مصرفية من إقليم كوردستان وإيران، ولديه طعام، واشتبه به أهالي القرية بقيامه بالتجسس، لذا قاموا بالقبض عليه وسلموه إلى الجهات الأمنية.
"على الحكومة الاتحادية عدم الصمت"
مجلس أمن اقليم كوردستان، أصدر بياناً بشأن ما جرى، حيث قال إنه "في الساعة 11:30 مساء يوم 15 كانون الثاني 2024، أطلق الحرس الثوري الإيراني عدة صواريخ باليستية على عدة مناطق مدنية في أربيل، مما أدى إلى مقتل 4 مدنيين وإصابة 6 آخرين".
وأضاف مجلس أمن اقليم كوردستان أن "الحرس الثوري قال إن الهجوم استهدف عدة مواقع لجماعات معارضة لايران، وهذا العذر لا أساس له من الصحة، وننفيه، وللأسف دائماً ما يستخدمون أعذاراً لا أساس لها من الصحة لمهاجمة أربيل، وأربيل باعتبارها منطقة مستقرة لم تكن أبداً مصدر تهديد لأي طرف"، عاداً القصف الايراني "انتهاكاً صارخاً لسيادة إقليم كوردستان والعراق، ويجب على الحكومة الاتحادية والمجتمع الدولي عدم الصمت تجاه هذه الجريمة".
اسقاط صاروخين وطائرتين مسيّرتين
من جانبها، أصدرت العمليات الخاصة التابعة لوكالة الحماية والمعلومات (زانياري) بياناً رسمياً، أوضحت فيه أن قواتها "تمكنت بنجاح من إسقاط صاروخين إيرانيين باستخدام الأنظمة المضادة للصواريخ".
كما تم اسقاط طائرتين مسيرتين "درون"، واحدة فوق منطقة بحركة، والأخرى في منطقة بيرمام.
أربيل تطالب بغداد بموقف "صارم" من انتهاك السيادة
بدوره، أصدر رئيس حكومة اقليم كوردستان مسرور بارزاني، بياناً بشأن القصف الايراني، حيث أدانه وطالب الحكومة الاتحادية باتخاذ موقف صارم إزاء هذا الانتهاك لسيادة العراق وخصوصاً إقليم كوردستان.
وقال مسرور بارزاني في بيانه: "مرة أخرى تتعرض أربيل الشامخة إلى استهداف صاروخي من قبل الحرس الثوري الإيراني، وللأسف هذا الهجوم غير المبرر أسفر عن سقوط شهداء وجرحى من المدنيين"، مضيفاً: "أسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة للشهداء والصبر والسلوان لاقاربهم والشفاء العاجل للجرحى، وأدين بشدة هذه الجريمة ضد شعب كوردستان".
رئيس حكومة اقليم كوردستان، دعا الحكومة الاتحادية إلى "اتخاذ موقف صارم إزاء هذا الانتهاك لسيادة العراق وخصوصاً إقليم كوردستان، ونطلب من المجتمع الدولي عدم التزام الصمت إزاء الظلم الذي يتعرض له شعب كوردستان"، مبيناً أنه "وخلال الأيام المقبلة، سنكون على اتصالٍ دائم مع المجتمع الدولي، لأجل وضع حد لهذه الهجمات الوحشية ضد شعب كوردستان البريء".
أميركا: ضربات ايران تقوض استقرار العراق
الى ذلك، وصفت وزارة الخارجية الاميركية، الضربات الايرانية بأنها "متهورة وتقوض استقرار العراق"، مبدية دعمها لجهود الحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان لتلبية تطلعات الشعب العراقي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان له، فجر الثلاثاء (16 كانون الثاني 2024): "تدين الولايات المتحدة بشدة الهجمات الإيرانية على أربيل اليوم وتقدم تعازيها لأسر القتلى"، مضيفاً: "نحن نعارض الضربات الصاروخية المتهورة التي تشنها إيران، والتي تقوض استقرار العراق، ونحن ندعم جهود حكومة العراق وحكومة إقليم كوردستان لتلبية تطلعات الشعب العراقي".
مسؤول أميركي: على واشنطن ضرب ايران مباشرة
من جانبه، رأى المتحدث السابق باسم القيادة المركزية الأميركية أن بلاده يجب أن تستهدف بشكل مباشر القواعد العسكرية الإيرانية داخل إيران، وذلك بعد الهجمات الإيرانية على عدة مناطق في أربيل، لكنه لا يعتقد أن إدارة بايدن ستفعل ذلك.
وقال جو بوسينو، المتحدث السابق باسم القيادة المركزية الأميركية، لشبكة رووداو الاعلامية، بخصوص الهجوم الصاروخي الايراني على أربيل: "أعتقد أن إيران تريد خلق الفوضى في المنطقة، وخاصة في العراق"، مبيناً أن "العمل نفسه قامت به الفصائل الشيعية، والذي لم يكن متوقعاً في هذا الهجوم، أن ايران استخدمت القوة وجيشها في الهجوم وليس الفصائل المقربة منها".
بريطانيا وكندا تدينان قصف ايران لأربيل
بدورها، أدانت السفارة البريطانية لدى العراق، القصف الإيراني على أربيل ليلة أمس، معتبرة أنه يمثل "انتهاكاً لسيادة العراق".
وكتب السفير البريطاني لدى العراق ستيفن هيتشن، في تغريدة على منصة "إكس"، الثلاثاء (16 كانون الثاني 2024)، "إنني أدين العمل العدواني الذي قامت به إيران ضد أربيل، والذي يشكل انتهاكا لسيادة العراق ووحدة أراضيه".
بدورها، أدانت السفيرة الكندية في العراق كاثي بونكا، عبر بيان لها، القصف الايراني على أربيل.
وذكرت في بيانها، يوم الثلاثاء (16 كانون الثاني 2024): "أدين بشدة الهجمات التي وقعت على أربيل، وأود أن أتقدم بأحر التعازي لأسر الضحايا والمصابين في هذا الهجوم غير المسؤول".
يونامي: يجب أن تتوقف هجمات ايران على أربيل
كما أدانت بعثة الامم المتحدة في العراق (يونامي) القصف الصاروخي الايراني على مدينة أربيل ليلة أمس الاثنين، مشددة على ضرورة توقف هذه الهجمات.
وقالت بعثة اليونامي في بيان لها، يوم الثلاثاء (16 كانون الثاني 2024): "ندين بشدة الهجوم الإيراني الليلة الماضية على مواقع في أربيل في إقليم كوردستان العراق، والذي أدى إلى سقوط ضحايا من المدنيين".
بعثة الامم المتحدة في العراق، شددت على وجوب أن "تتوقف الهجمات التي تنتهك سيادة العراق وسلامة أراضيه من قبل أي جانب، ويجب معالجة الشواغل الأمنية من خلال الحوار وليس الهجمات".
العراق يتوعد ايران بـ"اجراءات قانونية"
في أول رد فعل من بغداد، أعربت وزارة الخارجية في بيان لها (يوم الثلاثاء (16 كانون الثاني 2024)، عن "استنكار حكومة جمهورية العراق الشديد وادانتها للعدوان الإيراني على مدينة أربيل المتمثل بقصف أماكن سكنية آمنة بصواريخ باليستية مما ادى إلى وقوع ضحايا بين المدنيين".
وأوضحت أنه "بالنظر للخراب الذي سببه القصف ووقوع العديد من الضحايا الأبرياء جراء قصف الدور السكنية بضمنها دار سكن رجل الأعمال الكوردي پيشرو دزيي وعائلته، مما ادى إلى إستشهاده واصابة أفراد عائلته، فإن حكومة جمهورية العراق تعد هذا السلوك عدواناً على سيادة العراق وأمن الشعب العراقي، وإساءة إلى حسن الجوار وأمن المنطقة".
الخارجية العراقية، أكدت أنها ستتحذ "كافة الإجراءات القانونية تجاهه بضمنها تقديم شكوى إلى مجلس الأمن ، وبهذا السياق قرر رئيس مجلس الوزراء تشكيل لجنة برئاسة مستشار الأمن الوطني للتحقيق في الهجوم وجمع المعلومات لدعم موقف الحكومة دولياً، وتقديم الأدلة والمعلومات الدقيقة، وسوف يتم الإعلان عن نتائج التحقيق ليطلع الرأي العام العراقي والدولي على الحقائق واثبات زيف ادعاءات الجهات التي تقف وراء هذه الافعال المدانة".
اللجنة تكون برئاسة مستشار الامن القومي العراقي قاسم الاعرجي، وعضوية وزير داخلية اقليم كوردستان، ووكيل رئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، وممثل من قيادة العمليات المشتركة، وممثل من وزارة الدفاع.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً