رووداو – أربيل
دعت الحكومة السورية عدداً من الأطراف الكوردية لزيارة دمشق للتفاوض بشأن حل المسألة الكوردية، كما دعت الإدارة الذاتية إلى الحوار مع دمشق بعيداً عن العرب والمكونات الأخرى. لكن مسؤولاً عربياً في الإدارة الذاتية يستبعد قبول الإدارة دعوة دمشق.
رغم ابتعاد الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا عن دمشق في السنوات الأخيرة، فإن الحوار والاجتماعات بين الجانبين لم تنقطع، وتصاعدت وتيرة الاجتماعات بين الطرفين منذ هزيمة داعش بغية التوصل إلى حل للمسألة الكوردية ومصير الإدارة الذاتية، لكن بدون نتائج.
وقبيل الهجوم التركي على رأس العين وتل أبيض، كان نائب الرئيس المشارك للإدارة الذاتية، بدران جيا، في دمشق. كما كان السكرتير السابق للحزب التقدمي الكوردي، حميد الحاج درويش، قبيل وفاته في زيارة إلى دمشق على رأس وفد للحزب.
وتشير معلومات حصلت عليها شبكة رووداو الإعلامية إلى أن المكتب الخاص لنائب الرئيس السوري ورئيس جهاز الأمن الوطني السوري، علي المملوك، وجه دعوات في الأسبوع الأول من الشهر الماضي إلى كل من الحزب التقدمي والأحزاب الخمسة المنضوية في الائتلاف الديمقراطي الكوردي لزيارة دمشق.
أكد المدرس بجامعة الفرات في الحسكة، د. فريد سعدون، هذه المعلومة لشبكة رووداو الإعلامية وقال: "بعد عجز النظام عن تأجيج العشائر العربية ضد قوات سوريا الديمقراطية، وجد نفسه مضطراً للتقرب إلى الأحزاب الكوردية، وخلا الأحزاب التي تشكل المجلس الوطني الكوردي في سوريا، وجه دعوات إلى كل الأحزاب الكوردية لزيارة دمشق. كما وجه دعوات مماثلة إلى شخصيات أكاديمية واجتماعية كوردية".
وتشير المعلومات إلى أن الأحزاب الخمسة في الائتلاف، وقبل توجهها إلى دمشق، طلبت الإذن من مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية والحزب التقدمي، ومع أنها لم ترفض دعوة دمشق فإنها لم تجد تلبيتها في هذا التوقيت مناسبة. كما أشارت المعلومات إلى أن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، طلب من الأحزاب الستة عدم زيارة دمشق حالياً والانتظار حتى تشكيل وفد موسع يضم كل الأحزاب والأطراف لزيارة دمشق.
وأعلن عضو المكتب السياسي للحزب التقدمي، أحمد سليمان، لشبكة رووداو الإعلامية: "وجهت إلينا وإلى الائتلاف دعوة قبل نحو شهر. لم نرفض الدعوة، لكن الظروف الحالية ليست مناسبة للذهاب إلى دمشق والدخول في حوار. نفضل تأجيل الزيارة، فروسيا متواجدة في المنطقة وتحاور الأطراف، وربما سيؤدي ذهابنا إلى دمشق إلى خلط الأوراق".
من جهة أخرى، تدعو روسيا والنظام السوري قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية إلى المشاركة في المحادثات باسم الكورد. الطلب الذي يحتمل أكثر من تفسير ويثير الشكوك عند الجانب الكوردي.
وقال رئيس حزب كوردي رفض الكشف عن اسمه: "دخلت روسيا على الخط بصورة أكثر جدية من ذي قبل، ولديها مشروع لحل القضية الكوردية، لكن إيران تريد إفشال المسعى الروسي، ويتولى علي المملوك المقرب من إيران هذه المهمة".
وعن سعي إيران لإجهاض المشروع الروسي قال عضو المكتب السياسي للحزب التقدمي، أحمد سليمان: "لا يستطيع المرء تأكيد هذا ما لم يطلع على ما في جعبة روسيا. لكن عدم توفر إرادة وأرضية لمحادثات جادة فإن الشكوك تحوم حول دعوات النظام".
وصرح نائب الرئيس المشارك للإدارة الذاتية، بدران جيا، لرووداو بالقول: "لم تصدر عن دمشق حتى الآن دعوة رسمية للحوار، لكن روسيا تعقد اجتماعات وتجري محادثات مع كل من الإدارة الذاتية ودمشق، تمهيداً لحوار بين الطرفين. خطاب دمشق موجه باستمرار إلى الكورد عموماً وليس إلى الإدارة الذاتية، وهو مسعى لحل هذه الإدارة وزرع روح الانقسام بين مكونات المنطقة".
إضافة إلى الشكوك التي تحوم حول دعوة الأحزاب الكوردية وإصرار النظام على رفض الحوار مع الإدارة الذاتية والتأكيد على الحوار مع ممثلي الكورد وحدهم، هناك مشكلة تحديد عناوين الحوار بين الطرفين.
تتملص الإدارة الذاتية من تسمية "حل القضية الكوردية" وتسمي القضية "قضية شرق الفرات"، لكن الدولة السورية ترفض ذلك وتقول أنتم كورد وعليكم أن تمثلوا الكورد فقط وتتركوا العرب والمكونات الأخرى وشأنها.
يقول د. فريد سعدون: "الاختلاف في تسمية القضايا حال دون أي تقارب بين الإدارة الذاتية والنظام. فالإدارة الذاتية تعد نفسها حاكم منطقة شرق الفرات، لكن النظام يعدها إدارة كوردية".
وينتقد سعدون الكورد: "الكورد لا يعرفون ما الذي يطالبون به. ليس هناك حتى الآن هدف كوردي مشترك تجمع عليه الأحزاب. كما أن الخلاف بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكوردي لا يسمح بالتوصل إلى اتفاق. الأمر الذي يجعل حل القضية الكوردية في سوريا أمراً عسيراً".
أما أحمد سليمان فيرى أن الأرضية ليست مهيأة للحوار الجاد لا من جانب النظام ولا من جانب الكورد. فعندما يريد النظام الحوار، يدعو إليه الكورد، والكورد ليسوا طرفاً واحداً أو اثنين، أما عن عنوان القضية التي من المقرر التفاوض بشأنها، فيقول: "في حال العثور على حل للقضية الكوردية، يجب الأخذ برأي المكونات الأخرى، وتساوي الإدارة الذاتية بين أهمية حل القضية الكوردية وأهمية سلطتها التي أصبحت أمراً واقعاً في المنطقة، وهذا إجحاف بحق القضية الكوردية"، ولم يخف المخاوف من عمل النظام على التفريق بين الكورد وبقية المكونات.
ويرى رئيس المجلس التشريعي في مقاطعة الجزيرة، حسين عزام، وهو عربي، أن دعوة الأحزاب الكوردية وإصرار النظام على الحوار مع ممثلي الكورد وحدهم، ضمن الإدارة الذاتية، محاولة لاستغلال الكورد لن تثمر.
وقال عزام لرووداو: "يريد النظام شق صف المكونات، وإبعاد الكورد عن الأطراف الأخرى داخل الإدارة الذاتية، لكن لا أعتقد أن يتوجه الكورد إلى دمشق لوحدهم، لذا فإن هذا المسعى من النظام لن يأتي بشيء".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً