رووداو ديجيتال
تحتضن أربيل، عاصمة اقليم كوردستان، المؤتمر العلمي الدولي للإبادة الجماعية ضد الكورد الفيليين، مطلع شهر نيسان المقبل.
وقال رئيس المؤتمر عبد الرحمن كريم درويش لشبكة رووداو الاعلامية ان "المؤتمر سيقام في الرابع من شهر نيسان المقبل، بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين لارتكاب مجرزة الابادة الجماعية للكورد الفيليين"، مشدداً على أن "نظام البعث شن أشرس حملة ابادة ضد الكورد الفيليين".
ولفت درويش إلى أن "المؤتمر العلمي سيقام في أربيل لمدة ثلاثة ايام، بمشاركة عدد من اساتذة الجامعات في اقليم كوردستان والعراق فضلاً عن باحثين مهتمين، وعوائل الضحايا والمهتمين بالقضية"، مبيناً أنه "ولحد الان قدّم عشرات الباحثين أسماءهم للتسجيل للمشاركة في المؤتمر".
وأعرب درويش عن أمله في أن "يكون المؤتمر ناجحاً وأن يلقى اهتماماً كبيراً، لاسيما انها قضية انسانية تخص عشرات الالف من الضحايا"، مردفاً أن "ما نحاول بحثه في المؤتمر هو من الناحية الاكاديمية وتقديم حلول للجهات المعنية من اجل اسهامها بايجاد حلول للاشكالات والتعقيدات التراكمية التي تواجه القضية".
رغم مرور أكثر من أربعة عقود على مأساة الكورد الفيليين على يد النظام العراقي السابق، المتمثلة باعتقال آلاف الأسر الكوردية الفيلية وزجهم في السجون واعدام شبابهم وإجراء التجارب الكيمياوية عليهم، فضلاً عن ترحيلهم إلى إيران ورميهم في مناطق حدودية مزروعة بالألغام، إضافة إلى مصادرة أملاكهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة، إلا أن أبناء هذه الشريحة يشكون من عدم حصولهم على استحقاقاتهم وتعويضهم بشكل يوازي ما تعرضوا له من إبادة جماعية.
الكورد الفيليين تعرضوا إلى اضطهاد وملاحقة ومظالم متكررة منذ تأسيس دولة العراق وصدور قانون الجنسية رقم 42 لسنة 1924، خاصة عام 1937 حيث جرى أول تهجير قسري جماعي للكورد الفيليين، واعوام 1969-1972 و1980-1990، اضافة الى الإبعاد بشكل فردي وبشكل مجموعات لأسباب سياسية وقومية واقتصادية.
قرار المحكمة الجنائية العراقية العليا في 29 تشرين الثاني 2010 اعتبار ما تعرض له الكورد الفيليين إبادة جماعية، لم يلق استجابة صريحة من قبل الحكومة العراقية، فهي لم تقم بتعويض الكورد الفيليين بالشكل المطلوب، ولم تؤدي واجباتها القانونية والأخلاقية تجاههم، رغم كثرة المطالبات الرسمية والشعبية، بحسب مراقبين للشأن الكوردي الفيلي.
الحكومات العراقية التي أعقبت سقوط نظام صدام حسين، تواجه انتقادات من أبناء الكورد الفيليين، حيث يعزون الانتقادات إلى إهمال مكون أصيل في العراق، ساهم أبناؤها في رفد الحضارة العراقية طوال تاريخ بلاد الرافدين وعلى مختلف العصور، عبر اسهام سياسيين واقتصاديين وأكاديميين ومفكرين ومثقفين وفنانين في بناء البلاد، وبالمقابل يتم تهميش دورهم وتغييبهم عن أخذ دورهم واستحقاقهم الطبيعي في العراق.
وتعد عمليات إبادة الكورد الفيليين المرحلة الاولى من محاولات إبادة الكورد في العراق، والتي اشتدت مع صعود حزب البعث للسلطة في نهاية الستينيات، لتتوج بترحيل 70 الف منهم في بداية السبعينيات، ومن ثم لتلحقها حملة أعنف في الثمانينيات، لتشمل ما يقارب من نصف مليون شخص من سكان العراق الاصليين، ومن ثم أعقبتها جرائم حلبجة والانفال.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد اصدرت في عام 1980 قراراً ينص على تسفير من وصفهم بـ"الإيرانيين الموجودين في القطر وغير الحاملين على الجنسية العراقية وكذلك المتقدمين بمعاملات التجنس أيضاً ممن لم يبت بأمرهم)"، والمقصود بهم العراقيين من التبعية الإيرانية، كما نص القرار على الاحتفاظ بالشباب الذين تتراوح أعمارهم من 18-28 سنة في مواقف المحافظات إلى إشعار آخر، كما أكد القرار على فتح النار على من يحاول العودة إلى الأراضي العراقية من المسفرين والذين جرى رميهم قرب الحدود الإيرانية في أوضاع بالغة السوء، بعد أن نهبت ممتلكاتهم وجرى أسر أبنائهم الذين تتراوح أعمارهم بين 18-28 عاماً وتم أخذهم كرهائن.
نظام صدام حسين أجبر الرجال العراقيين المتزوجين من كورديات فيليات على تطليق زوجاتهم مقابل مبلغ قدره 4000 دينار إذا كان عسكرياً و2500 دينار إذا كان مدنياً في حال طلاق زوجته أو في حال تسفيرها إلى خارج البلاد، وقد اشترط هذا النظام من أجل منح المبلغ المشار إليه ثبوت حالة الطلاق أو التسفير بتأييد من الجهات الرسمية المختصة وإجراء عقد زواج جديد من عراقية، كما ألزم الشخص الذي استفاد من قرار مجلس قيادة الثورة أعلاه بعدم الزواج ثانية من التبعية الإيرانية وفي حالة زواجه يسترد منه كافة المبلغ.
ويرى مراقبون للشأن الكوردي الفيلي أن معظم القرارات والقوانين التي شملت هذه الشريحة المظلومة، ومنها قانوني السجناء والفصل السياسي، ما هي سوى اجراءات ترقيعية لا ترقى الى مستوى تعويض ضحايا الابادة الجماعية عن حجم الاضرار التي تعرضوا لها، ورغم أن الحكومات بعد عام 2003 قدمت بعض التسهيلات والامتيازات والرواتب التقاعدية لآباء وأمهات ضحايا جريمة التهجير، وتسوية القضايا المتعلقة بالوثائق الثبوتية العراقية وشمول البعض من أبناء هذه الشريحة بالتعيينات في دوائر الدولة وحصول البعض على تعويضات مالية، إلا انها لا تساوي ما قدمته هذه الحكومات لضحايا مكونات أخرى، ما قد يثير اتهامات بالتمييز في التعامل مع الضحايا على اختلاف قومياتهم وأطيافهم.
وبموجب الاعلان الدولي لحقوق الانسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (الذي أصبح نافذاً من 23 آذار 1976) والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الذي صار نافذ المفعول من 3 كانون الثاني 1976) وغيرها من العهود والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق، وحسب حكم المحكمة الجنائية العراقية العليا وقرارات مجلس النواب العراقي ومجلس الوزراء، فان دولة العراق ملزمة ان تقدم معلومات موثقة عن مصير الكورد الفيليين الذين كانوا محجوزين لديها قسراً، خاصة وأن لديها الالاف من الوثائق تتعلق بقضية الكورد الفيليين، والتي أكد وجودها المدعي العام في قضية قتل وتهجير الكورد الفيليين.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً