معد فياض
تجتذب أربيل، عاصمة إقليم كوردستان، غالبية من العراقيين المقيمين خارج العراق، هذا بالإضافة إلى العراقيين في الداخل، ويعزو عدد من المغتربين ذلك إلى أنهم، وبعد سنوات طويلة من إقامتهم في اوربا أو الولايات المتحدة أو بعض البلدان العربية، ينشدون الاستقرار بوطنهم، العراق، لكن "سوء الأوضاع الأمنية والحياتية وغياب الخدمات وفرص الاستثمار في بغداد وباقي المحافظات العراقية" تجعلهم يختارون إقليم كوردستان، أربيل خاصة، كمكان للإقامة ومزاولة أعمالهم التجارية أو الاستثمار بالمجالات الصناعية والزراعية والطبية والهندسية والتعليمية والسكنية، حسب تصريحاتهم لشبكة رووداو الإعلامية.
أربيل بعد 30 سنة من الغربة
غالب الحيدري المقيم في مدينة مانشستر، إنكلترا، ، قال: "أنا مقيم في إنكلترا لأكثر من 30 عاماً، وصلت إلى لندن لأغراض دراسة الهندسة الكهربائية، وعملت في إحدى الشركات المتخصصة بالصناعات الكهربائية لأكثر من 15 عاماً، قبل أن افتتح مشروعي الخاص، بالرغم من صغره، في مدينة مانشستر التي استقريت بها".
يضيف الحيدري قائلاً: "أنا أصلاً من مدينة الكاظمية ببغداد، وخلال سنوات الغربة سافرت مرتين إلى العراق، وفي المرة الأخيرة قبل 3 سنوات قررت أن أعود إلى مدينتي بغداد، لكنني وجدت أن الأوضاع الأمنية والحياتية لا تناسب مع الإقامة فيها، ولا مع عائلتي وأبنائي، كما أن فرص الاستثمار صعبة للغاية بسبب الفساد الإداري والمالي المستشري بالبلد والذي حول العراق إلى بيئة طاردة للمستثمرين". منوهاً إلى "اني قمت بزيارة إلى أربيل حسب نصيحة أحد أصدقائي القدماء المقيم هناك، وبالفعل قمت بزيارة أربيل وأعجبت بحجم التطور المديني والالتزام بالقوانين وأسلوب الحياة المتطور، وسهولة الحصول على إجازة الاستثمار التي تشجع عليها حكومة الإقليم، وهذا ما جعلني وعائلتي نتخذ القرار في عاصمة إقليم كوردستان".
مشاريع تعليمية
رجل الاعمال العراقي، حسان الحديثي، المقيم في لندن، زار اربيل مؤخرا، وقرر الاستثمار في المجال الاكاديمي، يقول:" انا اهتماماتي ثقافية وتعليمية بحتة، لهذا عندما زرت اربيل بعد سنوات طويلة من الاقامة خارج العراق، وادهشتني هذه المدينة بتنظيمها وقوانينها وطبيعتها الجميلة وبناسها الطيبين، لهذا قررت الاستثمار في الجانب التعليمي".
واشار الحديثي الى انه كان يبحث عن مدينة "بهذا التنظيم الدقيق وقوانينها المشجعة على الاستثمار في اقليم كوردستان، ووجدت في اربيل النموذج الرائع لاقامة مشروعي الذي يتلخص بمساعدة الطلبة للسفر الى انكلترا والدراسة في جامعاتها المتطورة، ومساعدة الطلبة على اجتياز كافة الاختبارات والحصول على تاشيرة الدخول، وفي ذلك نكون قد خدمنا طلبتنا للحصول على شهادات متطورة في كافة العلوم"، لافتا الى ان" الاستقرار الذي لمسته في مدينة اربيل شجعني لافتتاح شركتنا هنا ومن يدري قد نفكر بالاستقرار في اربيل".
أربيل هي العراق
رشا النعيمي، عراقية مقيمة في مونتريال بكندا منذ 22 عاماً، لكنها، وحسب قولها: "قررت الإقامة في أربيل لأن ظروفها الحياتية متطورة"، مضيفة:" لي ولدان درسا في مونتريال ويعملان هناك، وشعرت بالوحدة والحنين إلى أهلي وبلدي، لهذا عدت قبل سبعة أشهر إلى بغداد لافتتاح مركز صحي لتجميل النساء، لكني فوجئت بأنه من الصعوبة افتتاح أي مشروع مهما كان بسيطاً بدون تقديم الرشاوي لهذا وذاك، كما أن السكن حتى في المناطق الراقية صعب بسبب سوء الخدمات البلدية والكهرباء، والأهم من كل ذلك شعوري بالأمان هنا، لهذه الأسباب اخترت أربيل، وهي مدينة عراقية وتقيم فيها أعداد كبيرة من العراقيين العرب وغيرهم، ثم أن الكورد ناس طيبون وكرماء ويرحبون بالآخرين، وهكذا أكون قد حققت حلمي بالعودة إلى العراق من خلال عاصمة إقليم كوردستان، حيث اشتريت شقة في مجمع سكني آمن وتتوفر فيه جميع الخدمات، وقررت أن افتتح مشروعي في ذات المجمع".
مدينة حضارية
الكاتبة والصحفية منى سعيد، أقامت لما يقرب من 18 سنة في دولة الإمارات العربية، وقررت أن تمضي سنوات تقاعدها في مدينتها بغداد، لكنها فوجئت بسوء الخدمات البلدية والصحية وظروفها لا تشجع على الاستقرار، لهذا، وحسبما قالت: "بعت شقتي في دبي واشتريت بثمنها بيتاً جميلاً في مجمع سكني متطور في أربيل يضمن جميع الخدمات"، مشيرة إلى أن "حالة العيش في مدينة حضارية نتمناها جميعاً ونسعى لها بشتى السبل، ورغم إقامتي القصيرة التي لم تزد على بضعة أشهر في أربيل لكني تلمست فيها المدينة المنشودة بأغلب سماتها بين الناس وفي كل تفصيلات الحياة".
وتنبه منى سعيد إلى ملاحظة في غاية الأهمية تتعلق "بالأمان الذي منح حرية كافية لأولادنا التجوال حتى في ساعات متأخرة من الليل دون الخشية عليهم من الإساءة أو الفقدان، سيارات الشرطة تحرس المكان ليل نهار بجهد دؤوب، ولا أحد يجرؤ على تجاوز القوانين الصارمة التي تحمي حرية الناس وكرامتهم، وبالتالي كل البلد محكوم بقبضة أمنية قوية، فلا مكان للسارق أو للمسيء"، لافتة إلى أن "هذه هي جوانب مهمة للمعيشة تلبي حاجة أي فرد بالمجتمع عامة، والمثقف خاصة، لفسحة من الحرية تسمح له التعبير عن أفكاره بهدوء وعقلانية بعيداً عن مهاترات النزعات الطائفية والعرقية المتشددة".
من البصرة إلى أربيل
مها السعد، فنانة تشكيلية تنحدر من مدينة البصرة، كانت مقيمة في أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية وعملت هناك في شركة للتصاميم الداخلية "interior design"، تقول: "كنت أستوحي تصاميم من جمال مدينتي البصرة وشناشيلها ونخيلها، حتى أني نقلت هذه الأجواء إلى لوحاتي التشكيلية، وكنت دائماً أتحدث عن البصرة وحياتها الجميلة"، مضيفة "لكنني بعد 23 سنة من الغربة قررت أن أحقق حلمي بشراء بيت في البصرة قريباً من بساتين النخيل، لكنني، وبعد زيارتي لمدينتي، فوجئت أن بستان عائلتي قد تحول إلى أرض جرداء بسبب عدم صلاحية المياه وزحف التصحر إلى البساتين، يضاف إلى ذلك غياب الخدمات التي حولت البصرة إلى خراب، وتهديم بيوتها التراثية التي كانت مبنية وفق عمارة الشناشيل، لهذه الأسباب ولعدم شعوري بالأمان هناك قررت، وحسب نصيحة لابنة عمي المقيمة مع عائلتها منذ سنوات في أربيل، أن استقر هنا، وأنا في بداية تأسيس مشروعي الشخصي في مجال التصاميم الداخلية، وسيساعدني بالترويج لعملي انتشار المجمعات السكنية الحديثة والمتطورة وفق المواصفات الحضارية العالمية".
أرقام ومشاريع
حسب إحصائيات رسمية في إقليم كردستان تجاوز عدد المواطنين العرب المقيمين حالياً في الإقليم أكثر من مليون نسمة، الغالبية منهم يسكنون العاصمة أربيل، من أصل 6 ملايين و171 ألفاً و83 نسمة هم مجموع عدد سكان إقليم كوردستان حسب إحصائية وزارة التخطيط في حكومة الإقليم في بيان صدر العام الماضي. فيما أصبح الاندماج في المجتمع الكوردستاني واقعاً بالنسبة لهم، وعقب قرار حكومة إقليم كوردستان عام 2016 السماح للعراقيين العرب بتسجيل العقارات بأسمائهم زاد إقبالهم على شراء البيوت والشقق السكنية، والحصول على إقامة دائمة، خاصة وان القرار كفل لهم تسجيل السيارات بأسمائهم والتجوال بها في جميع مدن الإقليم.
وكانت حكومة إقليم كوردستان، قد أعلنت عن حجم المشاريع الاستثمارية التي تم تنفيذها خلال عمر الكابينة التاسعة، خلال الفترة ما بين 28/7/2019 ولغاية 5/4/2022، مشيرة إلى أن مجمل رؤوس الأموال المخصصة لتلك المشاريع التي تم تنفيذها من قبل الشركات الأجنبية والمحلية والمختلطة تجاوز 11 مليار دولار. وشكل القطاع العقاري ثلث حجم الاستثمار في إقليم كوردسان، حيث ان السوق العقاري يعدّ من أنشط الأسواق في الإقليم، كما تعدّ أربيل مركز التجارة العقارية في إقليم كوردستان.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً