رووداو – أربيل
يعاني الكورد الذين يعتمدون على تربية المواشي في معيشتهم، الأمرين للإبقاء على حياة مواشيهم، فيما يتواصل القتال في المناطق المحيطة بهم، فالحرب ضد تنظيم داعش والمشكلات الاقتصادية التي لا تنتهي تدمر سبل عيشهم.
وتعمل هذه الأسرة الكوردية دون كلل، غير أن الحرب القريبة الدائرة منذ ثلاثة أعوام تقريباً ضد تنظيم داعش، جعلت مسألة رعي الأغنام في بعض المناطق أمراً بالغ الصعوبة.
لم تتوقف المأساة عند هذا الحد، فالأزمة الاقتصادية الناجمة عن تدني أسعار النفط أضرت بأسواق اللحوم والصوف، والتي تعد مصدر رزقهم الوحيد.
الأسرة تمتلك نحو ثلاثمائة رأس من الماشية، واعتادت النزوح كل عام من بردرش عند سفوح جبال زاغروس بإقليم كوردستان نحو أطراف سهول نينوى للرعي.
غير أنهم أجبروا خلال السنوات الثلاث الماضية على قضاء الصيف في الوديان المحيطة بمحافظة السليمانية على بعد مئات الكيلومترات من مراعيهم الأساسية.
لكن رغم نمط الحياة البسيط ذلك، فإنهم يعجزون عن حماية أنفسهم، ويقول الراعي، غازي جميل: "صحيح أننا نعيش هنا، لكننا ما زلنا على اتصال بالسوق، إذا لم نتمكن من بيع منتجاتنا في السوق فسوف نتضرر، وإذا لم تكن هناك أموال في السوق فسيكون لذلك أثاره على أسعار الماشية واللحوم والحليب والصوف، ولن يكون البيع ممكناً، فاللحوم وأي شيء آخر سيكون عديم القيمة، وعندما نهاجر إلى منطقة أخرى لا نتمكن من دفع ثمن الرعي".
في هذا العام عادوا أخيراً إلى أراضي رعيهم القديمة، لكن عليهم الآن أن يتحركوا بين التلال بحذر زائد، فالقتال خلّف الكثير من القنابل التي لم تنفجر هنا وهناك، بعضها انغرس في الأرض إلى حد ما، وبعضها الآخر اختبأ تماماً عن الأعين.
حالياً هم يواجهون أيضاً منافسة من النازحين من الموصل، والذين يعيش الآلاف منهم في مخيمات شاسعة حول التلال شرقي المدينة.
ويشرح غازي جميل الأمر قائلاً: "إذا احتاج شخص ما إلى راعٍ يمكنه استئجار شخص من المخيمات الواقعة بالقرب من هنا مقابل مئة ألف دينار (86 دولاراً) شهرياً، أو بدون مقابل، وكل هؤلاء النازحين محلياً ليس لديهم شيء يقومون به سوى العمل كرعاة، لأنه لا توجد وظائف أخرى".
وبعيداً عن الحرب والاقتصاد المتداعي، ثمة تغيرات أكبر تهدد أصحاب المواشي، فنوبات الجفاف باتت أكثر تواتراً وأشد وطأةً في هذا الإقليم خلال السنوات العشر أو الخمس عشرة الأخيرة، ربما نتيجة التغير المناخي.
خلال عام 2008 قلت الأمطار إلى حد الندرة، لدرجة أن مواشي غازي جميل هزلت جراء الجوع واضطر لبيعها جميعاً تقريباً لتجار في تركيا القريبة، ولم يُبقِ إلا على ثلاثين رأساً منها.
وبعد تحسن المناخ ربى غازي جميل قطيعاً جديداً، ويقول جميل إن "أصحاب المواشي سيعانون ضغوطاً أكبر إذاً ما عادت نوبات الجفاف".
وأضاف: "إذا كان هناك جفاف فلن تتمتع الأغنام بما يكفي من الحليب واللحوم، وبشكل عام ستكون نحيفة للغاية، وهذا يعد خسارة لنا، كما أنه إذا كان هناك جفاف، فلن يكون هناك أي حقول للقمح والشعير حولنا، وفي الشتاء نعاني أكثر لأنه ينبغي علينا إطعامهم شعيراً، ولكن هذا مكلف جداً".
مشيراً إلى أنه "إذا ما وجد نفسه مجبراً مرة أخرى على بيع مواشيه، فقد يترك حرفة الرعي نهائياً".
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً