رووداو ديجيتال
أكد مستشار رئيس الوزراء العراقي للشؤون الاقتصادية مظهر محمد صالح، أن هنالك 11 مليون عراقي لا يتقاضون دخلاً، مشيراً إلى أن الدين العام الداخلي بلغ نحو 70 تريليون دينار عراقي.
صالح قال في مقابلة لشبكة رووداو الإعلامية إنه "يجب أن تكون هناك تفاهمات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان بشأن حصة الإقليم، ويصدر فيها قانون، مثل قانون الادارة المالية بين المركز واقليم كوردستان وعلى أن يشرع في البرلمان".
وأدناه نص المقابلة:
رووداو: كيف ترى مفهوم الخصخصة لدينا وما هي نسب نجاحها في العراق؟
مظهر محمد صالح: الخصخصة عندما تكون الشركة العامة خاسرة، وحسب قانون الشركات رقم 22 لسنة 1967 المعدل، اذا استمرت الشركة بالخسارة لـ3 سنوات، من حق مجلس الوزراء ان يصفيها او يبدلها. وهي على عدة أشكال، المشكلة ليست في ملكية الشركة بل بكفاءة انتاجيتها سواء كانت عامة او خاصة. وهناك حلول كثيرة كشراكة الدولة في القطاع الخاص وهو جزء من الخصصة.
رووداو: هناك انتقادات كثيرة من قبل مجلس النواب على مشروع قانون الموازنة، هل هي مزايدات سياسية أم انتقادات علمية؟
مظهر محمد صالح: الموازنة فيها قضية هيكلية فهي جاءت على انقاض واقع سيء لسنة 2020، ففي هذه السنة تراجع الناتج المحلي الإجمالي العراقي بحوالي 11%، والعجز في الحساب الجاري لميزان المدفوعات نسبة للناتج المحلي الإجمالي (وهذا مؤشر مهم) بلغ حوالي 20% تحت الصفر. والبطالة وصلت الى 27% ومعدلات الفقر وصلت الى 35% ورجعت الان الى 25%، بسبب الانغلاق الاقتصادي الداخلي وهبوط أسعار النفط، والنفط يشكل 50% من الناتج المحلي الإجمالي، لكن الموازنة وصلت عمليا الى 93%، فعندما نريد تنفيذ الموازنة نرى بأنها تتكون من النفط، والايرادات الاخرى ضعيفة. تأثيرات النفط على الاقتصاد غير المباشرة تصل الى 83%، (ايرادات النفط على النشاط الاقتصادي) نراه مع الناتج المحلي الاجمالي حوالي 40%، لكن بالحقيقة اثاره ممتدة. كل هذا انكمش في 2020 بما يعني خسارة 66% من عائد البرميل مقارنة بعام 2019، الايرادات النفطية ضعيفة، ولا يوجد حل سوى الاقتراض، الذي معظمه داخلي، وصلت الى اكثر من 20 ترليون دينار عراقي، بعضها من البنك المركزي.
رووداو: كم بلغ الدين العام، سواء الداخلي أو الخارجي؟
مظهر محمد صالح: الدين العام الداخلي بلغ 70 تريليون دينار، بما يقارب 45-46 مليار دولار، 20 تريليون منها في 2020، والباقي متراكم، قسم منه في وقت حرب داعش. المواطن لم يتحمل هذا الدين، الدولة هي التي مولّت نفسها داخل الحكومة، لا يعني ان المواطنين يحملون سندات ويريدون أموالهم، هذا الامر غير موجود في العراق، لكن بين مصارف الرافدين والرشيد والمصرف العراقي التجاري والبنك المركزي محصورة، وآثارها قليلة، وهي بمثابة تسويات صعبة على الحكومة. النقطة الاساسية في 2020 هي أن الايرادات والنفقات انخفضت والاقتصاد انغلق، وهناك 11 مليون انسان عراقي من حوالي 2.5 مليون عائلة عراقية، هؤلاء ليس لديهم دخل حكومي، او تقاعد او رعاية اجتماعية، هؤلاء كسبة، هم من تضرروا، لكن مساحة الفقر اتسعت عندما اصبحت 35% معناها ثلث سكان العراق، اصيب بالفقر، في موازنة 2021 كبرت الموازنة حتى يعالجوا انكماش عام 2020، فأتت بسقف عال بلغ 164 ترليون دينار، لكن العجز كان كبيراً وبلغ 71 تريليون دينار، وهذا العجز يتم تمويله نقداً من البنك المركزي. الان الموازنة تقلصت، فالبتأكيد الانفاق يقل ومصادر العجز تقل، وتعديل سعر برميل النفط في الموازنة من 42 الى 45 دولاراً للبرميل الواحد، رغم ان العراقي يبيع البرميل ضمن حدود الستين دولاراً، لكن الموازنة تحسب على متوسط سعر النفط للسنة كلها، لا أيام. ومتوسط سعر برميل النفط في 2020 كان 39 دولاراً، ورغم انخفاض سعره وصعوده عام 2019 كان متوسط سعره 62 دولاراً للبرميل الواحد.
رووداو: أيهما اقرب للواقع، مشروع موازنة الحكومة أم ملاحظات البرلمان العراقي عليها؟
مظهر محمد صالح: دستورياً للبرلمان الحق بتخفيض النفقات، لكن البرلمان ليس له الحق بزيادة العجز، لأنه يحمل الحكومة المسؤولية، بشرط أن لا يحمل الحكومة أعباء مالية. حدثت دائرة تفاوض بين الحكومة والبرلمان، لكن بصراحة بسبب التعديلات الكثيرة لم تتم السيطرة عليها. المناقلة بين الحكومة والبرلمان ينبغي ان لا تشكل أضراراً على قطاعات معينة، ممكن ان تكون تفاهماً مع الحكومة، فالخطورة تكمن في اتخاذ قرارات تزيد من العجز.
رووداو: وما مصير التعيينات في مشروع قانون الموازنة؟
مظهر محمد صالح: اذا وضع البرلمان درجات وقام بزيادة سقف الانفاق، لكن عندما خفّض الانفاق ممكن ان يقترح بعض الاشياء، مع ذلك من حق الحكومة اذا رأت ان البرلمان أضاف أموراً خارج صلاحياته، ان تشتكي للمحكمة الاتحادية، علماً أن هذا الأمر حدث في السنوات السابقة.
رووداو: هل لتأخير إقرار قانون الموازنة تأثير على ارتفاع نسبة الفقر والبطالة؟
مظهر محمد صالح: هناك برامج لمكافحة الفقر، كالرعاية الاجتماعية التي تسجل اعداد الفقراء، وحتى تسجلهم تحتاج الى تخصيصات، معناها تأجلت مسألة الفقر في هذه الحالة، مشاريع اسثمارية مهمة تتوقف الى أن تقر الموازنة، ولا ننسى أن مشروعاً استثمارياً واحداً من شأنه ان يوظف ألف شخص، وبالتالي يعيل 1000 عائلة، بالتأكيد عندما تتأجل الموازنة تكثر البطالة ويزداد الفقر.
رووداو: هل هناك تضارب بين الورقة البيضاء ومشروع القانون، فنسبة ميزانية وزارة الزراعة والصناعة مثلاً تعد قليلة؟
مظهر محمد صالح: هم انطلقوا من منطلق أن وزارة الصناعة لا تصنع ووزارة الزراعة لا تزرع، فوظيفتاهما الاشراف، سياسات قوية لتنشيط الزراعة في القطاع الخاص، هكذا هو الهدف. 85% من البنى التحتية الزراعية حكومية ري وبزل وسدود واستصلاح الأراضي، فاذا لم نعط للزراعة بناها التحتية الحكومية واستثمارتها تنعكس على الزراعة، كذلك الحال على الصناعة. القطاعات المنتجة لدى الحكومة جداً ضعيفة بالخصوص الزراعة، فيجب ان تلاقي الاهتمام، فالمزراع اذا لقي أرضاً صالحة وبزلاً وارواء جيداً، يقوم بالزراعة، اذا كل هذه الامور معوقات كيف يزرع؟، صعب جدا.
رووداو: ما رأيك بالمفاوضات التي تحصل بين إقليم كوردستان وبغداد، فيما يخص الموازنة وحصة النفط؟
مظهر محمد صالح: تقديري الشخصي ان المفاوضات يجب ان لا تزج في الموازنة، قضية الموازنة بين المركز واقليم كوردستان قضية كبيرة ليست هينة، لا ان تأتي قبل الموازنة وتريد ان تحلها، الموازنة لا تستطيع ذلك، يجب ان تكون هناك تفاهمات ويصدر فيها قانون، مثل قانون الادارة المالية بين المركز واقليم كوردستان يشرع في البرلمان، في ذلك الوقت ينعكس على الموازنة، لكن انك تريد ان تجعله في سنة واحدة، هذا الشيء غير صحيح، مثلما انت تريد فرض ضرائب ورسوم في سنة واحدة، تريد تعظيم ايرادات الموازنة. انتهت السنة المالية، هل ينبغي ايقافها؟ لم تتوقف، واذا لم توقفها تتصاعد المشاكل، فهي مربوطة بسنة مالية، وهذا الشيء غير صحيح، الرسوم والضرائب بقانون ولكن ليس قانوناً وقتياً، الموازنة قانون وقتي. لقمة الانسان في اقليم كوردستان تصبح عرضة للمساومات للموظف والعاطل، بتقديري ان يبنى قانون صحيح بين المركز واقليم كوردستان يشرع في البرلمان يعتمد في كل سنة.
رووادو: هل يشمل هذا القانون مثلاً المسائل النفطية أم المالية فقط؟
مظهر محمد صالح: ممكن أن يستوعب هذا القانون المسائل النفطية، بالطريقة التي يتم التفاهم بها، فعندما يحصل تفاهم بين المركز واقليم كوردستان في كل القضايا، تتشرع بإطار عام. عندما تتأخر الموازنة، كأنما اقليم كوردستان يتحمل السبب، وهو ليس السبب، وتصبح هناك ذرائع بسبب هذا الموضوع، ينبغي ان يحسم بشكل صحيح وعقلاني.
رووداو: ما رأيك بمقترحات تسليم واستلام النفط؟
مظهر محمد صالح: ليس عندي علم بذلك من مستوى الانتاج والحقول والتطوير، هذه قصة كبيرة.
رووداو: هل تم طرح مقترح الادارة المالية بين المركز واقليم كوردستان سابقاً؟
مظهر محمد صالح: لم يطرح هذا المقترح سابقاً، انما طرحته عليكم فقط، هذه وجهة نظري الشخصية، حتى نبعد الموازنة عن الجدل السنوي والمساومات، وتنتظم العلاقات بشكل صحيح، ويصدر قانون منظم، والكل راض عنه.
رووداو: أي الامور أفضل بالنسبة للايرادات النفطية بين المركز وحكومة اقليم كوردستان من الناحية الاقتصادية؟
مظهر محمد صالح: طالما انت في نظام سياسي اتحادي ينبغي ان تكون مالية اقليم كوردستان جزءاً من مالية البلد، قسم يتمتع بها هو، والقسم الاخر يسهم به في الفيدرالية الكبيرة، هذه فقط في النظم الكونفيدرالية هناك ارتباط سياسي، والارتباط المالي منفصل. العراق ليس هكذا، العراق بلد فيدرالي ضمن الدستور، وبما انه فيدرالي يجب ان تنتظم العلاقات المالية بشكل صحيح وفق الفيدرالية، فإقليم كوردستان له حقوقه، وبما يستطيع المساهمة، تتنظم هذه الأمور بقانون وتفاهم بين جميع الاطراف، لاضرر ولا ضرار، هي لعبة تعاونية يتعاون الجميع من أجل مصلحة الجميع، فالغبن يولد مشكلة، وينبغي أن يكون نوع من توازن المصالح والعلاقات المالية المتوازنة، وهي قابلة للتفاهم وليست صعبة اذا كانت هناك ارادة.
رووداو: بعد 2003 هل يعد قانون الموازنة هذا هو الاضعف في كل السنوات؟
مظهر محمد صالح: لا اعرف هذا الشيء، كُتب القانون بشكل، ومرت به تغييرات في البرلمان، لكن لم اطلع على التغييرات، لم اشترك بها، هذه بين البرلمان ووزارة المالية، الذي عرفته أن سعر برميل النفط اصبح بـ45 دولاراً، وتخفيض العجز، وقاموا بتأجيل الكثير من الاجزاء.
رووداو: يقول البرلمان أن سعر الصرف من صلاحية البنك المركزي وليس من صلاحيتنا، ما صحة ذلك؟
مظهر محمد صالح: هذه من صلاحية السياسة النقدية في البلاد، البنك المركزي العراقي المستقل هو الذي يقرر، لأنه المسؤول عن الاستقرار الاقتصادي، لا تضخم ولا انكماش، لذلك هو المسؤول، لذلك في المادة 103 من الدستور العراقي، يوجه السؤال الى البنك المركزي من قبل مجلس النواب عن سياساته، فاذا تدخلت في سياساته، على ماذا تسأله؟، لا تسأله بعدها اذا انت رفعت وخفضت عن طريقك، لا تستطيع مساءلته، حتى نعطي الاستقلالية له، لكن احاسبك عن اهدافك، عندما اعطيتك استقلالية، ينبغي ان تحقق اهدافك.
رووداو: ما دور وزارة المالية في السياسة النقدية؟
مظهر محمد صالح: وزارة المالية ليست لها علاقة بالسياسة المالية، البنك المركزي لا يتلقى أوامر من الحكومة بشكل مباشر، لكن ينسق مع الحكومة وهو المستشار المالي لها، ووكيلها المالي.
رووداو: هل للنفط علاقة بارتفاع سعر صرف الدولار؟
مظهر محمد صالح: النفط هو اللاعب الاساسي، ان النفط له علاقة تمثل 90% من هذا القرار، فميزان مدفوعات العراق هو الذي يؤشر، من هي القوة في ميزان المدفوعات العراقي، هي الايرادالت النفطية، فهي انخفضت بنسبة ثلثين 66%، انخفضت، فايرادات الدولة بالعملة الاجنبية انخفضت ايضا، واحتياطات البنك المركزي انخفضت ايضا، صارعجزا بميزان المدفوعات نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 20% ، فالنظرية تقول اذا صار عجزا بنسبة 4% يجب على العملة ان تتعدل، نحن صار عندنا العجز 20% فمن حق السياسة النقدية ان تجري تعديلات، ايضا تعدل بالاتجاه الصحيح.
رووداو: هل جاء قرار تغيير سعر صرف الدولار لمنع تهريب العملة الصعبة أم لتسديد قيمة العجز؟
مظهر محمد صالح: فيها عوامل كثيرة، أولاً الدينار أصبح هو العملة الصعبة، صار الدينار من القوة أن تحصل على الدولار بسهولة، وهذا لا يتناسب مع الواقع الاقتصادي، التعديل يأتي بايرادات الموازنة. هل تبيع الحكومة دولاراتها بشكل رخيص أو ثمين؟ اذا تبيع بشكل رخيص تحصل على دنانير أقل، واذا تبيع بشكل غال، تحصل على دنانير أكثر، فالحكومة بالتخفيض حصلت على ايرادات 12 تريليون، 8 منها صافي ولأن الحكومة لديها التزامات خارجية ينبغي ان تزيد التخصيصات، ان تجعل دفع الديون 10 تريليون، فاذا خفضت سعر الصرف سوف يصبح 12، المسألة حسابية، لذلك صافي من التخفيض 8 ترليونات، و4 هي التعويضات التي صارت، فهو يخفض ويساعد العجز.
رووداو: هل يمكن مستقبلاً في حالة تجاوز العراق الازمة المالية أن يرجع البنك المركزي سعر صرف الدولار؟
مظهر محمد صالح: نعم ممكن. وهذا متروك للسياسة النقدية للبنك المركزي، ممكن أن يزيد من سعر الدينار العراقي.
رووداو: هل هذه سياسة واقعية كل سنة ممكن أن تتغير؟
مظهر محمد صالح: البلدان النفطية بشكل عام لديها سعر صرف ثابت، مثلا الخليج كله يعتمد على سعر صرف ثابت، ليس مثل تركيا. هذه البلدان كلها تصدر سلعة واحدة، وهي السلعة النفطية، ليست لها علاقة بسعر الصرف، بينما تركيا تصدر الاف السلع، فعند تخفيض الليرة تصبح السلعة تنافسية، تقلل من سعر الليرة، يكون هناك رواج لسلعهم، يشجع الصناعة، نحن هنا لدينا مشكلة، نحاول في هذا التخفيض أن نشجع بعض النشاطات الاقتصادية التي ممكن أن تتأثر، هو فيه آثار ايجابية، لكن اتصور أنها ليست كبيرة.
رووداو: ما هي توقعاتكم لأسعار النفط في عام 2022؟
مظهر محمد صالح: التوقعات تقول أن سعر برميل النفط حتى في عام 2022 سوف يبقى في تصاعد.
رووداو: هل ستستمر هذه السياسة النقدية حتى 3 أو 4 سنوات؟
مظهر محمد صالح: ممكن أن تستمر، واذا رأت السياسة النقدية لرفع سعر الدينار، ممكن ان ترفعه.
رووداو: لنتحدث عن حجم الكتلة النقدية؟
مظهر محمد صالح: الكتلة النقدية زادت بالطبع، اتصور أن آخر رقم هو 66 تريليون دينار، 90% من الاصدار النقدي في البيوت.
رووداو: هل تستطيع السياسة النقدية استخراج هذا الكم من العملة من المنازل؟
مظهر محمد صالح: من المفترض في العراق أن الجهاز المصرفي هو الذي يجلبها، لكن الجهاز المصرفي غير قادر على جلب مدخرات الناس، لأسباب مؤسساتية، أولاً هو ليس لديه قدره، وهناك نزعة عند الناس تخاف على مدخراتها. ممكن الدولة تدخل عن طريق الاسواق المالية، مثلاً اصدار سند شعبي عليه فائدة جيدة قابل للتحول للعملة الاجنبية في أي وقت، يكون اداة قابلة للتصفية والبيع حالاً في حالة احتياجك لنقدك، كل هذه الامور ممكن ان توفرها وزارة المالية باصدار سند وطني او شعبي فيه امتيازات عالية، هذا يجلب كثيراً من الأموال، فبدل أن ندخر مليون دينار على سبيل المثال ونخاف عليه، نأخذ وثيقة سند حتى لو كانت رقمية، وينبغي ان يكون ارجاعه والحصول على نقودك في أي وقت، هذه مهمة جداً. نحتاج الى سوق ثانوية للبيع والشراء، هناك دعوة بأن تصبح سوق العراق للاسواق المالية هي السوق الثانوية، كي تحصل على نقودك في أي وقت تريد، هذه وسيلة جيدة لامتصاص السيولة الموازية للجهاز المصرفي.
رووداو: هل من الممكن أن تلجأ الحكومة في ضوء الارتفاع الاخير لطبع فئات نقدية أعلى؟
مظهر محمد صالح: الفئات الأعلى هي للمعاملات الاعلى، يعني المعاملات الكبيرة، الفئات الكبيرة رافقت التضخم لكن لم تتسبب به، تطبع فئة 250 دينار أو 50 الفاً هي نفس الكمية، لكن عندما تستمر بطباعة فئات كبيرة يعني أصبح لديك تضخماً وصارت لديك ارقام كثيرة، في التسعينيات من القرن الماضي،تمت اضافة رقمين على العملة، صارت السلعة ذات 3 دنانير من 30 الى 300 الى 3000 دينار، ما ولد فئات كبيرة، فلذلك حتى ترفع الاصفار ينبغي أن تبدأ بالعملة، لأن التضخم أضيف على العملة، هذا لتحسين نظام المدفوعات بشكل عام، الناس تتخوف في ظنها عندما تكون فئة كبيرة، لكن اعتقد انه ليس فيها شيئاً مخيفاً.
رووداو: ما هي رؤيتكم لاحتمالية عودة العملة الحديدية؟
مظهر محمد صالح: اختفت العملة الحديدية في العراق بسبب التضخم، صارت هذه التجربة قبل عدة سنوات، لكن لم يتقبلها المجتمع.
رووداو: هل نحن بحاجة الى اصدار فئات صغيرة أم كبيرة لتطوير السياسة النقدية؟
مظهر محمد صالح: الفئات الصغيرة للمعاملات الصغيرة، وهي معاملات شعبية، مثل شراء الخبز أو ركوب المواصلات، فرغم استخدام كل العملات الرقمية لكن في بعض البلدان بقيت الفئات الصغيرة مثل السنت تعمل لديهم، المشكلة ان المعاملات الصغيرة لا يغطيها سوى 250 ديناراً، فصارت أصغر معاملة بـ250 ديناراً، والطبقات الفقيرة تهمها الفئات الصغيرة، أما الطبقات الغنية فكلما تكبر لديها العملة تفيدها حتى تكتنزها، فعادة ما نرى ان الفئات الكبيرة مختفية لا تحصل عليها، تكون للمكتنزين، فالعملات الصغيرة عمرها الزمني سنة واحدة وتتلف.
رووداو: ما هي آخر ارقام الاحتياطي النقدي في البنك المركزي العراقي؟
مظهر محمد صالح: عام 2019 بلغت قرابة 67 مليار دولار، لكن الازمة المالية قللتها، فصارت مبيعات البنك المركزي أكثر من ايراداته، الان تحسنت، في تقديري ليس اقل من 57 ملياراً، من ذهب واسترليني وأوراق مالية، انت تحولها الى اشباه النقود، تعطيك فائدة وبنفس الوقت مضمونة 100% وتسمى استثمارات، بأحسن الاوراق المالية يجب ان يكون تصنيفها الائتماني تربل A، (A A A)، ليست في العراق وانما في الدول التي نستثمر بها، العراق دخل في التصنيف الائتماني لاول مرة في تاريخه منذ عام 2015 بدأ وحصل على تصنيفB- على الامد القصير، وللامد الطويل B، حسب فيتش وSNP.
رووداو: هل لديك معلومات عن القروض الخارجية للعراق؟
مظهر محمد صالح: العراق ليست لديه الكثير من القروض الخارجية الان، لديه قروض ملتزم بها لدى مؤسسات التمويل الدولية، لدى البنك الدولي للمناطق المحررة، لدى جايكا اليابانية، بعض القروض الطويلة تنفذ فيها المشاريع مع الاتحاد الاوروبي.
رووداو: ما نسبة القروض الخارجية؟
مظهر محمد صالح: لم أرى الدين الخارجي هذه السنة، صارت القروض داخلية، الدين الخارجي فيه لغز، ففي اتفاقية نادي باريس عام 2004 اسقط العراق 100 مليار دولار من اصل 128 تسمى ديون النظام السابق ما قبل عام 1990، كنت جالسا مع عادل عبد المهدي عندما وقع الاتفاق، حينها كان وزيراً للمالية، وتمت جدولة البقية الـ20% ومعظم الدول قبلت بهذا الموضوع، ولما دخل تنظيم داعش صارت في العراق أزمة مالية وأمنية، اقترض فيها العراق أيضاً بحدود 13 مليار دولار، ومع الديون القديمة الباقية من نادي باريس، صارت كلها بحدود 23 ملياراً، لا أكثر، لكن هناك دين من نادي باريس الى هذه اللحظة لم تكن له تسوية، معلق، لا تلك الدول تطالب به ولا نحن، بحدود 41 مليار دولار.
رووداو: من هي هذه الدول؟
مظهر محمد صالح: 4 من هذه الدول خليجية، لم يطالبوا بها، هذه الدول تطلب هذا الدين من الحرب الايرانية العراقية، وبعض الدول الاخرى كبولندا، مصر، حوالي ثمانية بلدان أو تسعة، أربعة منها خليجية وهذه لم تطالب بها. لكن المبلغ كبير وإذا كان الدين صحيحاً، أنا لا أعرف ذلك، لأنها يجب أن تدقق من شركة عالمية.
رووداو: ألا توجد حتى الآن شركة عالمية تقوم بتسوية هذه الأمور؟
مظهر محمد صالح: هي موجودة منذ 2004.
رووداو: لكن هناك تحديثات مستمرة على هذه الديون وأرقام مختلفة.
مظهر محمد صالح: هذه الشركة وظيفتها تتعلق بالديون التي كانت قبل التسقيط. هي شركة عالمية ماسكة بكل الديون وتقوم بالتدقيق، فإن طالب أحدهم بدين تقوم الشركة بالتدقيق. هي شركة عالمية وشركة تدقيق دولية.
رووداو: وماذا عن ديون الكويت؟
مظهر محمد صالح: هي ضمن الديون الباقية، وديون الكويت قليلة وليست كثيرة وتدخل ضمن الأربعين ملياراً مع التعويضات، وهذه مسألة قائمة بذاتها وستنتهي. لم يبق مما للكويت شيء يذكر فهو أقل من مليارين ونصف المليار. هي الآن أقل من 2.5 مليار لأن الدفع يجري بصورة يومية حيث يتم استقطاع 3% من كل برميل نفط لهذا تظهر الأرقام كل ثلاثة أشهر، وأنا أقدرها بأقل من 2.5 مليار دولار.
رووداو: ما هي تفاصيل الاتفاقية الاقتصادية مع الصين؟
مظهر محمد صالح: أنا عملت شخصياً على الاتفاقية مع الصين لمدة سنتين، حيث كنت رئيس الفريق الفني مع عدد من المختصين والخبراء رفيعي المستوى، والاتفاق هو أقرب الى النفط مقابل الاعمار، فالعراق يصدر الى الصين نحو 900 الف برميل يومياً، 100 ألف منها تخصص للاعمار وفق الاتفاق. الاتفاق على مدى 20 سنة الاتفاق لتنفيذ مجاري وسدود وطرق من ضمن الـ 100 ألف برميل وقابلة للزيادة حسب الاتفاق، هم يفتحون سقفاً ائتمانياً لحد 10 مليارات دولار، وتكفل وكالة صينية حكومية ضخمة المصارف الصينية، وأيضاً المبلغ قابل للزيادة.
رووداو: كم يبلغ حجم الاتفاق مع الصين؟
مظهر محمد صالح: ما نصدره ونستورده من والى الصين نحو 30 مليار دولار سنوياً، وبالتالي فخلال 20 سنة يصبح الرقم نحو 600 مليار دولار.
رووداو: هل تم اخذ الموقف الاميركي بنظر الاعتبار من الاتفاقية مع الصين؟
مظهر محمد صالح: هنالك توزانات ستراتيجية ومصالح وصراعات، لكن العراق بلد مسالم لم يدخل في محاور، فالمشروع بسيط وهو كيف تأتي الشركات الصينية لتنفيذ مشاريع في العراق، لكن التنفيذ في العراق أصبح صعباً بسبب عوامل كثيرة منها تكاليف المشاريع، فالشركات عندما تقوم بتنفيذ مشاريع في العراق يكلف الأمر كثيراً، تسمى مخاطر العراق، وقد تصل في بعض الاحيان الى 40% وكذلك هنالك فساد فيها، لذلك تكون الاتفاقية من حكومة الى حكومة، كي نتجنب هذه التعقيدات والحلقات الزائدة وتقل التكاليف وتصبح هنالك مشاريع بالجملة.
رووداو: هل تم فعلياً البدء بتنفيذ الاتفاقية مع الصين؟
مظهر محمد صالح: موازنة 2021 فيها تخصيص مبلغ من المال كتخصيصات للعراق في الصندوق الصيني لبدء الاتفاق المذكور.
رووداو: هل الاتفاق مع الصين ساري المفعول إلى الآن؟
مظهر محمد صالح: نعم لمدة 20 سنة، والصينيون ليست لديهم مشكلة في أي وقت، وهنالك مشاريع في الاتفاقية تتعلق ببناء مدارس ومشاريع كهرباء وغيرها.
رووداو: هل تتضمن الاتفاقية الصينية تنفيذ مشاريع محددة؟
مظهر محمد صالح: الصينيون يلبون ما تقترحه الحكومة العراقية من مشاريع، حيث تتنافس على الاقل 3 شركات صينية كبرى لتنفيذ أي مشروع، من ناحية السعر أو النوعية وربما يتم اللجوء إلى شريك أجنبي لكن هذا ضمن الموازنة السنوية التي يقرها البرلمان.
رووداو: كيف ترى حجم الفساد في العراق، من ناحية المشاريع الوهمية؟
مظهر محمد صالح: الفساد هو إرث متراكم مع ضعف الدولة العراقية، منذ 50 سنة نزلت الدولة العراقية ومع نزولها توسعت دائرة الفساد والفقر، وهو فساد منظومة وجزء من التركيب السياسي، مشكلة مشخصة والدولة تسعى الى محاربته.
رووداو: ما هو عدد المشاريع التي نفذت في ميزانيات العراق منذ 2003 ولحد الان؟
مظهر محمد صالح: منذ 2008 ولحد الان أدرج 6000 مشروع، بعضها نفذ وبعض الاخر توقف، وتبلغ قيمها 230 مليار دولار، هنالك نحو 20 الف عقد مع المقاولين وفيها ضياعات كثيرة، الآن تم التركيز على أن نسبة منها تستمر وتكون قابلة للتنفيذ وأعيد برمجتها. تأجيل المشاريع واعادة تنفيذها مكلف جداً بسبب سوء التخطيط.
رووداو: هل هنالك أرقام حقيقية لحجم الفساد في العراق؟
مظهر محمد صالح: هنالك مفهوم يسمى الفساد الأصغر، مثل موظفين يقومون بأخذ رشاوى لتنفيذ واستكمال معاملات لكن المشكلة في الفساد الأعظم وفساد المقاولات في كل القطاعات، ولا توجد أرقام محددة بشكل قطعي.
رووداو: كم يبلغ عدد الموظفين في العراق؟
مظهر محمد صالح: عدد الموظفين الفعليين في العراق اقل من 3 ملايين، لكن يضاف اليهم نحو مليون شخص للشركات المملوكة للدولة وأجراء يوميين ومحاضرين وحراس ليليين وغيرهم، أما المتقاعدين فعددهم يبلغ نحو 3 ملايين و250 ألف، ومع المستفيدين من الرعاية الاجتماعية يصبح عددهم نحو 8 ملايين. هنالك 11 مليون عراقي لا يتقاضون دخلاً يشكلون نحو مليونين ونصف المليون عائلة.
رووداو: ما هي آخر الاحصائيات بشأن البطالة في العراق؟
مظهر محمد صالح: بشكل عام بين صفوف الشباب تبلغ مستويات البطالة نحو 27% أي نحو 60% من القوى العاملة، وبشكل عام لا تقل عن 23% أما الفقر فتبلغ نسبته حوالي 25%، أي أن البطالة تساوي الفقر تقريباً.
رووداو: ما هي تفاصيل صندوق التنمية العراقية وما هو مصيره في ظل الاوضاع الحالية؟
مظهر محمد صالح: صندوق التنمية العراقية تأسس في السبعينات على أساس تقديم العراق مساعدات للدول الفقيرة، وهو صندوق مستقل لازال في وزارة المالية، وجزء من عمله مساهمات في شركات عربية، وقيمته نحو تريليوني دينار في الوقت الحاضر، كرأس مال، وتأتي منه عوائد نحو 90 مليون دولار تقريباً. أحد وزراء المالية قبل نحو 15 سنة قال إنه بدلاً من أن تذهب الى الصندوق تذهب كإيراد الى الخزينة. الان هنالك نظرة لإعادة النظر في هذا الصندوق من خلال الورقة البيضاء. قدمت مقترحاً يتضمن انه بعد انتهاء تعويضات حرب الكويت هذا الاستقطاع 3% يبقى في صندوق سيادي يتضمن استثمارات ويدر عائداً للموازنة.
رووداو: كيف ترى تعقيدات تمرير الموازنة لعام 2021؟
مظهر محمد صالح: ليس من مصلحة العراق ومن العيب على العراق عدم تشريع الموازنة، معناها هنالك مشكلة ويجب تمريرها ولم يحدث بتاريخ العراق سنتين بدون موازنة، فقط حدث في عام 2014 واتوقع انها ستسير كتقدير شخصي.
رووداو: هل قامت الحكومات بعد عام 2003 باستقطاب واجتذاب العقول الاقتصادية من الخارج واعادتهم الى العراق؟
مظهر محمد صالح: حدث على مستوى فردي وليس جماعي، على سبيل المثال هنالك عقول اقتصادية تأتي الى البلاد لمدة، ومن ثم تعود الى الخارج، لكنهم على تواصل مع الأوضاع في داخل العراق.
رووداو: كيف ترى خبرة وزير المالية علي علاوي؟
مظهر محمد صالح: جاء في وقت صعب وضوضاء، وبالتالي هو شخصية علمية وعالمية وعمل مستشاراً لأرقى الاقتصادات في العالم في سنغافورة وماليزيا، لكن الظرف القاسي في العراق يتسبب الكثير من الاقاويل.
رووداو: كيف تقيّم تحديد سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي؟
مظهر محمد صالح: الظرف كان قاسياً وتطلبت الظروف، لا يمكن الاستمرار بدينار قوي في ظل اقتصاد منهار، والا فان احتياطات البنك المركزي تذهب كلها، وحينها يتم التساؤل للبنك المركزي أين ذهبت هذه الاحتياطات. وكل شيء قابل للتعديل مستقبلاً في حال استقرت الاوضاع واصبحت جيدة.
رووداو: هل من الممكن بعد تجاوز الازمة المالية الحالية الغاء الاصفار من العملة العراقية؟
مظهر محمد صالح: هنالك مفهوم يسمى تحسين نظام المدفوعات النقدية من خلال رفع الاصفار يتحقق ذلك الشيء من خلال توفير شرطين، الأول هو وجود استقرار اقتصادي عالي، وكذلك استقرار سياسي عالي، وهذان الشرطان غير متوفران باستمرار للأسف، وكانت افضل فترة للعمل بالغاء الاصفار في عام 2012 لكنها تأجلت. وقتها سافرت الى انقرة لعدة مرات للاطلاع على تجربة تركيا في حذف الاصفار من عملتها، وقامت الحكومة التركية بحذف 6 اصفار وكانت تجربة رائعة وكتبنا الكثير عن هذا الموضوع، ومن ثم في عهد رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي تم طرح هذا المشروع، لكن ظروف جائحة كورونا وانخفاض اسعار النفط حدّت من هذه العملية.
تعليقات
علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر
أضف تعليقاً