عدنان المفتي لرووداو: صدامات في الجبل بين الحزبين منعت طالباني وبارزاني التوصل لاتفاق في لندن

26-05-2024
معد فياض
الكلمات الدالة عدنان المفتي
A+ A-
رووداو ديجيتال
 
كان الكورد في انتظار ما سيحدث..في انتظار حدث او احداث تنقلهم من حالة الصمت ..في انتظار من يرمي حجر في بركة ساكنة ليحرك مياهها. بعد اتفاقية الجزائر بين صدام وشاه ايران التي غدرت بالثورة الكوردية، بل بالكورد وسلبت حقوق العراقيين في الارض ومياه شط العرب، تصرف النظام العراقي بقسوة مبالغ بها ضد الكورد، واطمأن النظام العراقي الى انه لن يسمع صوت اطلاق رصاصة في كوردستان العراق، غافلين او متناسين الروح الثورية العنيدة التي يتمتع بها الكورد لاخذ حقوقهم.
 
وجاء الحدث من حيث لم يحسب له النظام البعثي اي حساب، وهو تأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة جلال طالباني، ورغم ذلك استخف صدام حسين بهذا الحدث واعلن مقولته الشهيرة"لو تطلع نخلة براس الطالباني ما يگدر يصعد عشرة مقاتلين للجبل"، لكن المقاتلين الكورد الذين صعدوا للجبل بعد عام على اعلان تاسيس الاتحاد الوطني لم يكونوا عشرة، ولا مئة، بل العشرات والمئات من اجل استمرار الثورة الكوردية التي كان قد اشعل فتيلها الزعيم الخالد ملا مصطفى بارزاني.
 
السياسي الكوردي عدنان المفتي، لا ينحاز لاية جهة وهو يفتح امامنا الملف الثامن في البرنامج الحواري"ملفات عدنان المفتي" الذي تعرضه رووداو عربية، متحدثا عن ظروف ما اطلق عليها(الثورة الجديدة).
 
عن استقبال الكورد لحدث اعلان تأسيس الاتحاد الوطني الكوردستاني، يقول المفتي:"الكورد ‎استقبلو عذا الاعلان بحماس كبير، لان الناس كانت تريد اي صوت يدعو الى الثورة والنضال ويرفض الواقع المفروض علينا في تلك الايام ويرفض السياسة البعثية الجديدة بعد انهيار الثورة الكوردية لان الحكومة بدأت تتصرف بقسوة مع شعبنا، حيث بدأت بتهجير السكان في المناطق الحدودية، ورحلوا جميع الذين كانوا ملتحقين بالثورة وعادو الى العراق، الى وسط وغرب وجنوب العراق، ثم افرغوا جميع المناطق من قرى وبلدات المتاخمة لحدود تركيا وايران وسوريا، كوردستان الشمالية والشرقية والغربية، بحجة قطع اي طريق امام اي تسلل او محاولة اندلاع الثورة من جديد من خارج الحدود ولم يفكروا ان الثورة ستندلع من الداخل ومن قبل الناس الذين هجروهم الذين جاءوا من جنوب ووسط العراق والتحقوا بالثورة وبدأوا يشكلون مفارز صغيرة ويبحثون عن اسلحة مخبأة هنا وهناك..لقد شكل الاتحاد الوطني امل كبير لهم". 
 
ونال البارزانيون حصتهم القاسية من العقاب بالرغم من انهم، والحزب الديمقراطي الكوردستاني لم يكونوا قد اشعلوا ثورتهم وقتذاك؟ يعلق المفتي على ذلك قائلا: "عندما اقول عاقبوا الشعب الكوردي لم يكونوا يعاقبون الاتحاد الوطني الكوردستاني فحسب بل كل الشعب الكوردي لانه كان ثائرا ضدهم واتيحت للحكومة الفرصة للانتقام من الكورد الآن، وعشيرة البارزانيين جزء من الشعب الكوردي وانتقموا منهم مرتين، مرة من خلال مقاتلتهم في الثورة الكوردية ومرة اخرى خلال الحرب العراقية الايرانية من خلال الانفال التي شملت حتى البارزانيين المسالمين الساكنين في قوش تبة في اربيل وتم تصفية ثلاثة من ابناء ملا مصطفى بارزاني، في بغداد لعدم خضوعهم لارادة صدام حسين رغم اختلافهم مع بارزاني وقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، لم يكونوا ضمن هذا التوجه لكنهم كانوا في بغداد يعيشون حياتهم بشكل طبيعي لكن هذا الاسم(بارزاني) كان ثقيلا على النظام".
 
‎يتحدث المفتي عن اولى الصدامات العسكرية التي خاضها الاتحاد الوطني بعد تاسيسه قائلا:"في آذار او ايار 1976 كانت هناك مفارز من الاتحاد اصطدمت مع الجيش العراقي، لكن بمناسبة الذكرى الاولى لتاسيس الاتحاد كانت هناك عملية في الاول من حزيرام 1976 نفذت ضد الجيش العراقي معلنة عن انطلاقة (الثورة الجديدة)، والحركة انطلقت من منطقتين، (شارباژیر) وکذلک من حاجی عمران، والمناطق الجبلية في قلعة دزة ورانية و وقرة داغ،  لا اعرف بالتأكيد من هو الذي اطلق الرصاصة الاولى لكني اعرف ان البداية كانت في الشهر الرابع او الخامس لكن رسميا اعلن ان الثورة الجديدة بدأت في الاول من حزيران 1976". 
 
وفيما اذا كان النظام العراقي كان سعيدا بانشقاق الاتحاد الوطني الكوردستاني عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني؟، يوضح المفتي:"لا لم يكن سعيدا لانهم اعتقدوا ان الحركة الكوردية انتهت ومرة قال صدام حسين عن جلال طالباني( لو تطلع نخلة براسة ما يگدر يطلع 10 مقاتلين للجبل) وهذه المقولة مشهورة، وكانت ولادة الاتحاد مفاجئة بالنسبة للحكومة العراقية التي فرغت المناطق الحدودية وسيطرت عليها حتى لا ياتي الدعم من الخارج لكن الواقع العملي هو ان المناضل دائما يجد طريقه ووسائله للوصول الى هدفه ايا كانت الاجراءات القمعية حتى لو وضعوا متفجرات على طول الحدود.. تامل غزة  من كان يتوقع ان يحفروا كل هذه الانفاق الطويلة لمقاومة اسرائيل".

 

لا يتوفر وصف.

 

‎لم يستقبل الحزب الديمقراطي الكوردستاني الاعلان عن الاتحاد الوطني الكوردستاني بصمت ، وبحسب المفتي فقد:"كانت هناك بيانات متضادة واتهامات بيننا وبين الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الاتحاد الوطني كان يتهم القيادة المؤقتة للديمقراطي بانها استمرار للنهج السابق، الذي ادى الى انهيار الثورة ، وهم كانوا يعتبرون الاتحاد استمرارية للجلالية القديمة". لكن هل كانت هناك ثمة مبادرات حكيمة لرأب الصدع بين الحزبين؟ يجيب المفتي قائلا:"كان هناك بصيص امل للعمل من اجل ان يلتقي الطرفين وفعلاً حصل لقاء بين مام جلال و كاك مسعود بارزاني في لندن عام 1976، وفي بداية 1977 تم دعوة كاك مسعود الى دمشق وصارت لقاءات بين الحزبين،  و لكن مع الاسف في داخل كوردستان صارت صدامات مسلحة بين مفارز اليكتي والبارتي واثرت على توجهات القيادتين، فعندما يحدث صدام مسلح وتروح ضحايا وشهداء تتوتر الأجواء وبدلا من ان يسود المنطق للتواصل والتفاهم، تحل لغة سلبية و وتتحول الى مواقف متشنجة وتصدر بيانات تجر الى مواقف اكثر تشنجا وهكذا لم نستطع السيطرة على الموقف للاسف".
 
‎نسال السياسي الكوردي عدنان المفتي الذي كان قريبا جدا من زعيم الاتحاد الوطني الكوردستاني فيما اذا كانت هناك بوادر لدى جلال طالباني للانفصال عن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ام ان الموضوع صار بسبب انهيار الثورة فقط؟.
 
‎يؤكد قائلا :"انا لا اعتقد بوجود اية بوادر من هذا القبيل". يستطرد بقوله:" كما أشرت سابقاً ان مام جلال وجماعة المكتب السياسي قد توحدوا مع الحرب بعد بيان أذار عام 1970 و كانت عناصرهم و مقاتليهم  مشتركة بالثورة وتنظيماتهم اندمجت  حتى في بغداد، تنظيماتهم الطلابية والحزبية ، نحن كنا نعمل سوية وما كنت اشعر باي فرق بيننا سواء من الناحية المبدأية او من ناحية الصداقة، انا لا اتصور انه كان هناك اي عداء او توجه بالرغم من ان مجموعة من الشباب التابعين لتوجه المكتب السياسي عندما حل الحزب نفسه وعادو الى الحزب الديمقراطي، فهم شكلوا العصبة الماركسية اللينينية بشكل سري على النهج الماوي قديما(نسبة الى الزعيم الصيني ماو تسي تونغ)واعتبروا ان النهج الماركسي اللينيني هو الذي يجب ان يسود في الحركة التحررية الكردستانية لكن كان تنظيما سريا ومعظمهم كان من تيار المكتب السياسي، لكن بعد 1975 مع الوضع الجديد  كان هذا التنظيم موجود لاستيعاب الشباب ، لذلك توسعت تنظيمات العصبة الماركسية اللينينية بعد تشكيل الاتحاد الوطني و إعلان الثورة الجديدة واستوعب الكثير من الشباب. والى جانب ان الحركة الاشتراكية تأسست في بغداد من مجموعة من العناصر القيادية السابقة للحزب الديمقراطي الكردستاني بشقيها ، و كانت ايضاً  رد فعل لانهيار الثورة ورفضا لسياسة النظام العراقي ، والإصرار على مواصلة النضال واندلاع الثورة من جديد من قبل جميع الاطراف".

 

 

لا يتوفر وصف.

‎لو عاد السياسي عدنان المفتي الى عام 1975 وهو يتحلى بمنطق هذا العمر لما كان قد انشق عن الديمقراطي الكوردستاني، او هكذا يوحي رده عن سؤالنا:هل شعرت بندم لتركك الديمقراطي والتحاقك بالاتحاد الوطني؟. يجيب قائلا:"الظروف كانت مختلفة ، و ما حلّ بنا كان فضيعا..  كان من الطبيعي أن نختلف و نبحث عن الحلول و كان الهم والهاجس الوحيد هو كيف ننظم انفسنا و نعيد تنظيم صفوفنا، اذا بالتفكير والمنطق الحالي ارفض كل انشقاق لانني اعتقد دائما ان هناك حلول موجودة للوصول الى تفاهم وعدم الانشقاق بما في ذلك انشقاقنا عن الاتحاد الوطني عام 1979الذي ربما حدث لأسباب غير موضوعية لكن بعد اقل من خمسة اشهر صارت عندي قناعة باننا مخطئين، صحيح ان الجانب الاخر مخطئ ايضا ولكن لو كان عندنا صبر وحكمة ربما ما يصير انشقاق، ولا يمكن الحكم بالعقلية الحالية على حدث صار في الماضي، كل حدث له ظروفه وطبيعته وعقليته".
 
‎نتسائل اليوم:الم يكن هناك حكماء من الطرفين لرأب هذا الصدع لفتح حوار بين الحزبين؟..يجيب المفتي قائلا:"قوانين الجبل غير شكل..في الجبل تشعر بنفسك انت حر ماكو غير ضميرك، تفتح عينك وتنظر الى السماء والكلاشنكوف الى جانبك ومجموعة من المسلحين برفقتك وتتصور هذه نهاية الدنيا، وطالما انت جاي مضحي بكل ملذات الحياة وصاير بيشمرگة وتارك المدينة وملذاتها فتعطي الحق لنفسك وتعتبر انت على حق وكذلك الجانب الاخر يعطي لنفسه الحق.. لم تكن هناك ضوابط تنظم هذه اللقاءات والتواصل..وفي احيان كثيرة كانت النقاشات تؤدي الى خلافات، لذلك التعصب كان ملازم لنا خاصة للانسان الكوردي والشرقي بشكل عام، التعصب لحزبه ولدينة ولمذهبه وعشيرته.. صدام حسين راح وظهر العراق على حقيقته، تجد المكونات العراقية كيف تتصارع اليوم، سابقا تحكمهم القوة وحتى قبل صدام اذا عدنا للتاريخ القديم نجد الصفويين حكموا العراق بقوتهم وكذلك الجيش العثماني جاء وهزم الصفويين وحكم بقوته، متى ما كانت القوة تغيب تظهر العصبيات العشائرية والقومية والدينية ونحن في الجبل نفس الشيء احيانا تجد شخص لا يعرف يقرأ ولا يكتب لكنه عندما يتحدث تجده افضل من حامل شهادة دكتوراة لكن لا احد يصغي اليه".
 
‎يتحدث المفتي عن مهماته في الجبل موضحا:" لم اكن اقاتل في الجبل..القتال لم يكن بحاجة لنا بل بحاجة الى المقاتلين المتدربين على السلاح وهذه مهمتهم.. معظمنا لم نكن مقاتلين، كنا نبحث عن حلول سياسية وكتابة بحوث ومقالات وادارة الاعلام واجتماعات والحوار مع بقية الاطراف والعلاقات الخارجية والمشاركة في المؤتمرات الخارجية التي تعقد عن الحركة الكوردية".
 
‎ بالرغم من كل هذا الحصار من قبل ايران وتركيا والمصاعب التي قد يدفع فيها اي قيادي في الاتحاد الوطني حياته وهو يغامر بالسفر الى خارج العراق في مهمات حزبية وطنية، يقول المفتي شارحا طرق سفرهم الخطيرة، :" كل فترة كان التنقل فيها يتم بطريقة معينة، في زمن الشاه كان ممنوع علينا نذهب الى ايران، وهناك 3 من العصبة الماركسية اللينينية ضاقت بهم الحال وقرروا السفر الى سوريا عبر ايران في أواخر عام 1975 وقبل اعلان الثورة الجديدة ، واعتقلتهم السلطات الايرانية وسلمتهم الى العراق حيث تم اعدامهم، كنا نروح ونجي عن طريق تركيا، عام 1977 عاد مام جلال عن طريق تركيا وليس بشكل معلن بل جاء عن طريق حزب كوردي تركي هو الذي نظم حركته من ديار بكر ثم وان والى حكاري والى داخل الحدود العراقية.و بعده بشهرين انا عدت مع دكتور محمود عثمان وشمس الدين المفتي ودكتور خالد و رسول مامند و عوني القلمچي بنفس الطريقة لكن باتجاهات مختلفة امضينا ليلتنا في بيت سكرتير حزب العمال، ليس  حزب العمال الحالي الـ (پ ك ك)، وانما اسمه (ده قه دة)، ايضا نقلونا الى حكاري ثم مدينة وان وعبرنا الى الحدود العراقية .. وفي وقت آخر في عام 1978 عندما عدت الى كوردستان مع عادل مراد كانت الثورة الايرانية قد بدأت ضد الشاه والوضع الامني كان ضعيفا بسبب التظاهرات والنظام الايراني والسافاك بدأوا يفقدون السيطرة  فدخلنا الى ايران باسماء مستعارة واتفقنا ان نلتقي مع عمر دبابة وفؤاد معصوم وهم كانوا قد دخلوا من تركيا بجوازات مزورة الى ايران ونحن دخلنا، عادل مراد وانا، من مطار طهران وذهبنا الى مدينة (شنو) في كوردستان ايران، وعن طريق اكراد في الحزب الديمقراطي الايراني بزعامة قاسملو، وصلنا الى مدينة زردشت وصعدنا من هناك بواسطة البغال، وعلى مدى 4 ساعات حتى وصلنا الى منطقة قيادة الاتحاد الوطني ..بعد اشهر تغير الوضع في ايران وصرنا نسافر ونعود عن طريق ايران". 
 
‎ولكن من كان يدعم ماليا وعسكرا الاتحاد الوطني وقتذاك؟ يجيب السياسي عدنان المفتي قائلا:" ‎في الداخل كانت الامور تتدبر واحيانا نعتمد على المهربين  الناشطين على الحدود مع ايران ، وفي احيان كثيرة كانت  فترات صعبة جدا خاصة عام 1977 عندما الامور كانت صعبة و مجال التحرك ضيقة جدا ، احيانا كان تامين متطلبات الحياة اليومية ليس سهلا ، وكانت تاتينا تبرعات من الداخل، لاحقاً تحسنت الأوضاع بعد سقوط نظام الشاه اضافة الى الدعم الليبي حيث دعمنا القذافي ماديا كما دعم كل فصائل المعارضة العراقية الاخرى، ومن سوريا كان ياتينا الدعم العسكري، اسلحة وغيرها".

 

تعليقات

علق كضيف أو قم بتسجيل الدخول لمداخلات أكثر

أضف تعليقاً

النص المطلوب
النص المطلوب